في قرية “جراح” بمحافظة الدقهلية بشمال مصر، تغلب السكان منذ فترة طويلة على البطالة من خلال العمل في مجال صناعة الزجاج وزخرفته.
وأكد عبد اللطيف البحيري العامل في احدى ورش الزخرفة في القرية لوكالة أنباء ((شينخوا))، أنه “من الصعب العثور على أي شخص عاطل في جراح”.
وقال البحيري، الذي يعمل في هذا المجال منذ 20 عاما، إن “صناعة الأواني الزجاجية وزخرفتها يكاد يكون العمل الوحيد في القرية”.
وأضاف أن سكان القرية تغلبوا بالفعل على البطالة منذ عقود بفضل العمل في هذا المجال.
صناعة الزجاج وزخرفته
وأوضح العامل بينما كان يرسم فراشة حمراء على إبريق زجاجي مستخدما فرشاة صغيرة، أن أكثر من 100 ورشة زخرفة وعددا من مصانع الأواني الزجاجية تعمل في القرية.
وبدأ نشاط صناعة الزجاج والزخرفة في القرية في ثمانينات القرن الماضي عندما افتتح مصنع كبير في ضواحي القرية.
توظيف أعداد كبيرة
ومع تزايد عدد المصانع وورش الزخرفة في القرية، تم توظيف أعداد كبيرة من السكان العاطلين عن العمل، بحسب البحيري.
وتابع قائلا وهو يجلس أمام طاولة خشبية قديمة اصطفت عليها كؤوس زجاجية، “لازلت أذكر كيف بدت القرية قبل ازدهار صناعة الزجاج هنا، كان الناس فقراء جدا والشباب هاجروا إلى العاصمة (القاهرة) أو غيرها من المدن الكبرى بحثا عن وظائف جيدة”.
وبالنسبة للبحيري، تعد صناعة الأواني الزجاجية وزخرفتها أشبه بالفن أكثر من كونها مهنة.
وفي الورشة، يقوم عمال الزخرفة برسم وتلوين الأواني الزجاجية لتتحول إلى قطع فنية.
التصدير إلى الخارج
وتباع منتجات القرية في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة الى أن بعض الشركات والورش تقوم بتصدير منتجاتها إلى الخارج.
وبحسب المجلس التصديري المصري لمواد البناء، بلغت خلال عام 2019 نحو 370 مليون دولار، مقابل 345 مليون دولار في 2018.
وبفعل تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19)، تراجعت صادرات الزجاج بنسبة 22 بالمائة في الأشهر الستة الأولى من عام 2020 إلى 154 مليون دولار، مقابل 199 مليون دولار في نفس الفترة من عام 2019.
وكانت مصر تستورد نحو 50 بالمائة من احتياجاتها من الزجاج حتى عام 2010، قبل أن تتحول في العقد الماضي إلى دولة مصدرة لجميع أنواع الزجاج.
وفي مكان غير بعيد عن ورشة الزخرفة التي يعمل فيها البحيري، انخرط عشرات الأشخاص في صناعة الأواني الزجاجية في أكبر مصنع في قرية “جراح”.
وقال ماهر رزق مدير الجودة والتسويق في مصنع عبد الله الشريعي للأواني الزجاجية، إن هذا المصنع يعد من بين الأقدم في القرية، حيث بدأ العمل منذ أكثر من 30 عاما.
صناعة الزجاج بشكل يدوي
وأشار رزق لـ ((شينخوا))، إلى أن المصنع يستخدم بعض الآلات، مثل الأفران، ولكن معظم مراحل صناعة الزجاج تتم بشكل يدوي.
وأضاف أن سكان القرية البالغ عددهم نحو 7800 نسمة يتمتعون بدخل مستقر ومعقول منذ عقود وذلك بسبب عملهم في ورش ومصانع الزجاج المنتشرة في القرية.
وبلغ معدل البطالة في مصر 9.6 في المائة في الربع الثاني من 2020، مقابل 7.7 في المائة في الربع الأول من نفس العام، وذلك بفعل تفشي فيروس كورونا، بحسب إحصاء رسمي.
وفي ركن من أركان المصنع، كان محمود كراكيش، وهو عامل يبلغ من العمر 48 عاما، يساعد زملاءه في تعبئة الأكواب الزجاجية التي سيتم تسليمها إلى مدن أخرى.
وقال كراكيش، وهو أب لثلاثة أطفال، انه يعمل في المصنع منذ 25 عاما، مضيفا انه تعلم كل ما يخص صناعة الزجاج خلال هذه السنوات.
وقال الرجل وهو يرسم ابتسامة على وجهه المتعب، “كل شخص لديه الآن وظيفة ودخل جيد وجميع سكان القرية يمكنهم تلبية جميع احتياجات أسرهم”.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.