استعرضت وكالة “شينخوا” تسلسلا زمنيا لمعركة الصين في مواجهة تفشي فيروس “كورونا”.
وقالت الوكالة: إنه في يوم 10 مارس عام 2020، ومن داخل مستشفى هوهشنشان في ووهان، تحدث الرئيس الصيني شي جين بينغ — وهو يرتدي قناعا طبيا — عبر دائرة الفيديو المغلقة إلى مريض يرقد في سريره.
وقال شي للمريض “ما عليك فعله الآن هو أن تظل واثقا. حري بنا جميعا أن نكون واثقين بأننا سننتصر في هذه المعركة”، مضيفا “النصر لووهان، النصر لهوبي، النصر للصين”.
في ذلك الوقت ظهر شي، وهو أيضا الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، في مكان حرج — ووهان، المدينة الأشد تضررا من تفشي كوفيد-19.
وبعد ثمانية أيام من زيارة شي، لم تسجل المدينة لأول مرة أي حالات إصابة جديدة. وفي 26 أبريل، باتت مستشفيات ووهان خالية من أي حالات إصابة بكوفيد-19.
ومنذ تفشي الوباء، مرت الصين — أكبر دول العالم من حيث عدد السكان — بأوقات استثنائية. فقد أصيب أكثر من 80 ألف صيني بالفيروس وقضى قرابة 4700 شخص. وأضحت مكافحة الوباء في مقدمة أولويات البلاد.
وخلال مهرجان عيد الربيع الذي بدأ في أواخر يناير، تخلى مئات الملايين من السكان عن خططهم للعطلة. وظلوا في البيوت لأسابيع متتالية. وأُغلقت المدن وأوصدت الشركات أبوابها وأُلغيت التجمعات العامة.
ونظرا لحالة الطوارئ الصحية العامة، تم للمرة الأولى إرجاء الدورتين السنويتين للهيئة التشريعية الوطنية والهيئة الاستشارية السياسية الوطنية — وهو حدث هام في الأجندة السياسية للبلاد يعرف باسم “الدورتان السنويتان”.
وقال شي إن الوباء يمثل حالة الطوارئ الصحية العامة الأسرع انتشارا والأوسع نطاقا والأكثر تحديا التي تواجهها البلاد منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949.
وقال شي “الحياة لها أهمية قصوى”، وأطلق “حربا شعبية”، وتولى شخصيا مسؤولية الاستجابة، وحشد الموارد الطبيعية لمكافحة “العدو الخفي”.
وخلال ما يزيد بقليل عن شهر، تم احتواء الانتشار المتزايد للفيروس، وفي قرابة شهرين، تراجعت الزيادة اليومية في حالات الإصابة المحلية بفيروس كورونا إلى رقم أحادي، وخلال نحو ثلاثة أشهر، تم إحراز نصر حاسم في معركة الدفاع عن مقاطعة هوبي وحاضرتها مدينة ووهان — وهو إنجاز كبير ذو أهمية استراتيجية في معركة البلاد بأسرها ضد كوفيد-19.
ورغم ظهور عدد قليل من بؤر التفشي المتقطعة على مدار الأشهر القليلة الماضية، إلا أن الحكومة الصينية تمكنت — من خلال خبرتها وإجراءاتها الموجهة — من قطع طرق انتقال العدوى على وجه السرعة.
ومن منظور عالمي، كانت الصين ضمن أوائل الدول في استئناف العمل وإعادة فتح المدارس والشركات. وتُسابق البلاد الزمن حاليا للظفر بمعركتها في مكافحة الفقر وتحقيق بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى الجوانب.
وتابعت الوكالة: غير وباء كوفيد-19 جدول أعمال شي. ويقول مطلعون على عمله إن شي كرس نفسه لقيادة جهود مكافحة الوباء وأعطى تعليمات كل يوم في ذروة تفشي الوباء.
وصاغ شي مجموعة من المبادئ العامة لتوجيه المعركة ضد الفيروس، مؤكدا على “البقاء على الثقة، والتضامن معا، وتبني نهج يقوم على العلم، واعتماد تدابير موجهة”.
وفي 7 يناير، عندما ترأس شي اجتماعا للجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، شدد على أهمية التعاطي الملائم مع الوباء — الذي كان يعرف حينئذ باسم “وباء الالتهاب الرئوي مجهول السبب”.
وفي 20 يناير، أصدر شي تعليمات مهمة بشأن مكافحة الوباء، مؤكدا على أن حياة الشعب وصحتهم تأتي في المقام الأول، وأنه يتعين بذل جهود حازمة لكبح تفشي الفيروس. كما دعا إلى النشر الفوري للمعلومات المتعلقة بالوباء وتعزيز التعاون الدولي.
وفي 22 يناير، أمر شي بفرض قيود فورية صارمة على حركة الناس وقنوات الخروج في هوبي و ووهان. وقال شي إن اتخاذ هذا القرار تطلب شجاعة سياسية كبيرة، مضيفا “لكن الوقت يستدعي تحركا حازما، وإلا فستكون هناك مشكلة”.
وفي 23 يناير، علقت ووهان كافة وسائل النقل العام الحضري وألغت كافة رحلات الطائرات والقطارات المنطلقة من المدينة. كان وضع مدينة كبرى تضم ما يربو على 10 ملايين نسمة، تحت الإغلاق أمرا غير مسبوق، لكنه ضروري.
ومنذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012، أكد شي مرارا أنه يتعين على الكوادر التحلي بإحساس قوي بالمسؤولية. “حافظ على ولائك للحزب، واجتهد من أجل رفاهية الشعب، واعمل بجد …” تلك هي المبادئ الثابتة التي يتعين التمسك بها في مختلف مساعي الحزب.
لم ينم شي جيدا عشية العام الصيني الجديد، إذ كان يضطلع بالمسؤولية الجسيمة لمكافحة الوباء.
وفي اليوم التالي الموافق 25 يناير، عقد شي اجتماعا مع اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن مكافحة الوباء. وأخبر ستة من زملائه في اللجنة الدائمة أن الوضع مُلح وأنهم بحاجة إلى دراسة الأمر معا.
وأخذ شي زمام المبادرة بتقديم تبرع لدعم جهود مكافحة الوباء. وأوضح أنه يجب أن نراعي بحزم مبدأ التبكير في الرصد والإبلاغ والحجر الصحي والعلاج.
ودعا إلى حماية الأرواح من خلال زيادة معدلي الاستقبال بالمستشفيات والعلاج وتقليل نسبتي العدوى والوفيات.
واضطلع شي بطلبات استجابة محددة في مراحل مختلفة من المعركة. فمنذ تفشي الوباء، ترأس شي عددا كبيرا من الاجتماعات الرفيعة المستوى لوضع تدابير الاحتواء. وشملت تلك الاجتماعات 17 اجتماعا للجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وأربعة اجتماعات للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني واجتماعات قيادية بشأن الحوكمة القائمة على القانون، وشؤون الفضاء السيبراني، والشؤون الخارجية، وتعميق الإصلاح وسط الوباء.
كما أمر الجيش بالانضمام للمعركة وترأس سلسلة من الندوات، شملت ندوة مع أشخاص ليسوا أعضاء بالحزب الشيوعي الصيني للاستماع لمقترحاتهم، وندوة أخرى مع خبراء حول بناء نظام قوي للصحة العامة.
وعقد مؤتمرات افتراضية كبرى، كان أحدها هو الأكبر الذي يعقد في الصين منذ عام 1949، وحضره 170 ألف مسؤول بدءا من القيادة المركزية وحتى الوحدات على مستوى المحافظات في جميع أنحاء البلاد.
وقام شي أيضا بتسع جولات تفقدية داخل البلاد لإرشاد أعمال مكافحة الوباء والتنمية الاقتصادية وأعمال أخرى: جولتان منها في بكين وواحدة في ووهان والست جولات الأخرى في مقاطعات تشجيانغ وشنشي وشانشي وجيلين وآنهوي وكذلك منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي.
وخلال “الدورتين السنويتين” المؤجلتين، انضم شي إلى مستشارين سياسيين ومشرعين في أربع نقاشات جماعية لتخطيط تدابير مكافحة الوباء ودفع التنمية الاقتصادية.
وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما كان في بكين، رأى الرئيس شي يقود مساعي الصين لحشد الحكومة والمجتمع قاطبة وجعل الاستجابة عمل كل مواطن.
وكتب المراقب السياسي إريك لي مقالا نشره الموقع الإلكتروني لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، قال فيه إن قرار إغلاق ووهان وهوبي كانت له تداعيات وخيمة كان من المرجح أن تحيط بالرئيس شي وحده. لكنه اتضح انه القرار الذي أنقذ الأمة من كارثة مدمرة.
وقال الرئيس الناميبي هاجي جينجوب إن شي قاد الشعب الصيني في شن معركة فعالة ضد كوفيد-19، وهو ما أظهر قيادة متميزة وحظي بإشادات كبيرة من قبل دول العالم، بما في ذلك الدول الإفريقية.
وفي خطاب إلى شي قال 18 رئيسا تنفيذيا من المجلس العالمي للرؤساء التنفيذيين، إن الصين، تحت القيادة القوية لشي، احتوت سريعا وباء فيروس كورونا الجديد وأخذت زمام المبادرة في استئناف العمل والإنتاج، واضطلعت بدور إيجابي في دعم المعركة العالمية ضد كوفيد-19 والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
وأضافت الوكالة: شدد شي على أنه من الضروري تنسيق تدابير الاستجابة الوطنية لمكافحة تفشي الوباء، مضيفا أن تركيز القوة لإنجاز المهام الكبيرة هو ميزة للنظام الاشتراكي الصيني.
وتم استدعاء الدعم من جميع أنحاء البلاد. وأسرع الجميع إلى العمل بعد أن أصدر شي أوامره، بوصفه نواة قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والحزب.
وتأسست مجموعة قيادية مركزية للاستجابة للوباء في 25 يناير. وقادت سون تشون لان، نائبة رئيس مجلس الدولة وعضوة المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، مجموعة إرشاد مركزية للإشراف على العمل على الأرض في هوبي لمدة ثلاثة أشهر.
وقال شي، الذي قدم أكثر من 100 توجيه للمجموعة: “مهما كانت المواقف التي تواجهها أو أي احتياجات لديها، يمكن للمجموعة الاتصال بي مباشرة.”
وتحت قيادة شي، انضم أكثر من 90 مليون عضو بالحزب الشيوعي الصيني و4.6 مليون منظمة حزبية قاعدية إلى المعركة.
وقال شيا جيان، سكرتير فرع الحزب في مستشفى تشونغنان بجامعة ووهان: “يقول الأمين العام إن مصالح الشعب تأتي قبل كل شيء. يجب أن نكون، كأعضاء بالحزب، في الجبهة الأمامية.”
وفقد البعض حياتهم بعد أن أصيبوا في الخطوط الأمامية أثناء رعاية المرضى. وكان ليو تشي مينغ، رئيس مستشفى ووتشانغ، ولي ون ليانغ، طبيب عيون في مستشفى ووهان المركزي، من بين الأبطال الذين سقطوا وتم تكريمهم كشهداء، وهو اللقب الذي يُمنح للمواطنين الذين ضحوا بأرواحهم بشجاعة من أجل الوطن والشعب.
كما تولى الموظفون من أعضاء الحزب زمام المبادرة للعمل على مدار الساعة في المجالات المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمكافحة الوباء مثل بناء المستشفيات وإنتاج الأقنعة.
واستجابة لأمر شي، أرسل الجيش أول مجموعة من عامليه الطبيين إلى ووهان عشية رأس السنة الصينية الجديدة. وفي المجمل، تم إرسال ثلاث مجموعات تضم أكثر من 4000 جندي. وتم نقل الإمدادات جواً إلى ووهان بواسطة طائرات نقل كبيرة.
وقال شي خلال “الدورتين السنويتين” إن الصين حشدت أفضل الأطباء وأحدث المعدات وأهم الموارد اللازمة للمساعدة في المكافحة الشاملة ضد الفيروس في هوبي وووهان، مع تغطية الحكومة جميع نفقات العلاج.
ووصف روبرت كوهن، الباحث الأمريكي البارز في دراسات الصين ورئيس مؤسسة كوهن، تعبئة الصين بأنها “غير مسبوقة” في تاريخ الصحة العالمية.
ومن جميع أنحاء الصين، تم إرسال أكثر من 42000 عامل طبي، بما في ذلك أكاديميون وخبراء بارزون، إلى هوبى، حيث كابدوا إرهاقًا وتوترًا هائلين ودفعوا ثمناً باهظاً، وأصيب أكثر من 2000 عامل طبي، وتوفي العشرات أثناء أداء واجبهم.
وفي ووهان، تم تحويل 16 قاعة عرض ومكانًا رياضيًا إلى مستشفيات مؤقتة. وتم تغيير طبيعة عمل عشرات المستشفيات. وجرى استخدام أكثر من 600 مكان كمواقع للحجر الصحي. وساعدت كل هذه الإجراءات على إضافة حوالي 3000 سرير يوميًا، مما أدى إلى تخفيف الضغط على أسرّة المستشفيات في المدينة.
“إن أهم ما نتعلمه من الصين هو السرعة”، هذا ما قاله بروس إيلوارد، عالم الأوبئة الكندي الذي ترأس فريقا من الخبراء الدوليين شكلته منظمة الصحة العالمية لزيارة الصين في مهمة مشتركة بشأن كوفيد-19 استمرت 9 أيام في فبراير الماضي.
وفي خارج المنطقة المتضررة بشدة جراء الوباء، تسارعت أعمال تصنيع الإمدادات الطبية وفُتحت “ممرات خضراء”. وفي فترة قصيرة، تم جمع ونقل جميع الأشياء، من أقنعة الوجه إلى أجهزة التنفس الاصطناعي، إلى الخطوط الأمامية.
وفي أوج تفشي الوباء، اجتمع في مقاطعة هوبي أكثر من 100 جهاز للأكسجة الغشائية خارج الجسم (ECMO)، وهو ما يعادل حوالي ربع إجمالي هذه الأجهزة المتطورة لدعم الحياة في البلاد.
وأصدر شي أمرا باستغلال القوة المؤسسية للبلاد المتعلقة بدعم “التوأمة”. وتم إرساء روابط “توأمة” بين 19 منطقة على مستوى المقاطعات و 16 مدينة وولاية في مقاطعة هوبي لمساعدتها على احتواء تفشي الوباء.
وقال شي إن العلم والتكنولوجيا هما مفتاح “الانتصار على الوباء في نهاية المطاف”. وطالب بتسريع البحوث لحل المسائل الرئيسية مع تلبية جميع معايير السلامة.
وتضافرت جهود الجامعات والمؤسسات البحثية والشركات في شتى أنحاء البلاد لتطوير لقاحات وأدوية وعلاجات. وكان لقاح طوره باحثون صينيون هو الأول من نوعه في العالم الذي يدخل المرحلة الثانية من التجارب السريرية في 12 ابريل. وبحلول 23 يوليو، بدأت 9 شركات في الصين التجارب السريرية على لقاحات لكوفيد-19. كما بدأ الاستخدام الطارئ للقاحات كوفيد-19.
وفي دولة عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، عمل الناس بشكل منتظم، وأخذوا نصائح الحزب الشيوعي الصيني والحكومة على محمل الجد، وبقوا في المنازل لأسابيع ومارسوا التباعد الاجتماعي.
وتمت تعبئة أكثر من 4 ملايين عامل بالمجتمعات السكنية ليقوموا بشكل دوري بتطهير الأماكن العامة وفحص درجات حرارة الأجسام وتسجيل معلومات الزوار واصطحابهم إلى الحجر الصحي إذا ما دعت الحاجة لذلك.
كما تم إطلاق إدارة شبكية وتعزيز أعمال المراقبة والوقاية في المجتمعات السكنية ببعض المدن لرصد وعزل الحالات المشتبه بإصابتها والمخالطين لها في أسرع وقت ممكن. وتقدم العديد من المتطوعين لمد يد العون.
وقال شي لعمال بالمجتمعات السكنية أثناء نشاط لزراعة الأشجار في بكين “إن المجتمعات السكنية قدمت مساهمات ضخمة في أعمال الاستجابة للوباء”، مضيفا أنه “باستشراف المستقبل، لا تزال هناك مهام شاقة تنتظرنا”.
وبحسب تقرير أعدته البعثة المشتركة بين منظمة الصحة العالمية والصين حول كوفيد-19، فإن التقديرات تشير إلى أن نهج الصين، المتمثل في التعبئة الشاملة للحكومة والمجتمع، أنقذ مئات الآلاف من التعرض للإصابة بكوفيد-19.
وذكرت مجلة “ذا لانسيت” الطبية الدولية، أن هناك دروسا مهمة يمكن أن يتعلمها الرؤساء ورؤساء الوزراء من تجارب الصين، مؤكدة على دور تدابير الصحة العامة، مثل المراقبة والتعقب الوثيق للمخالطين، في إبطاء تفشي العدوى.
وحسب مجلة “ذي ايكونميست” التي مقرها لندن، تقدم معركة الصين ضد كوفيد-19 ثلاثة تجارب مهمة للعالم: التحدث إلى الجمهور، وإبطاء انتقال المرض، وإعداد أنظمة صحية قادرة على مواجهة ارتفاع الطلب بشكل حاد.
إن ما يقوده شي في الأساس هي “حرب شعبية”. وبشكل عام، هي حرب يشنها الشعب من أجل الشعب، وتجسد الهدف الأساسي للحزب الشيوعي الصيني، أكبر حزب سياسي حاكم في العالم – والمتمثل في خدمة الشعب بإخلاص.
إن كلمة “الشعب” هي الكلمة الأبرز التي تكررت في الاجتماعات التي ترأسها شي والتعليمات التي أصدرها.
وشدد شي على وضع حياة الشعب وصحته في المقام الأول ووضع مصالحه فوق أي شيء آخر. وطالب بالاعتماد بشكل وثيق على الشعب لكسب الحرب. وقال أيضا إن جميع إجراءات الوقاية والسيطرة التي اعتمدتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني قد طبقت مع إيلاء الاهتمام الأساسي للوقاية من العدوى بين الشعب وإنقاذ الأرواح.
جعلت الصين علاج كوفيد-19 مجانيًا، في الوقت الذي تعهدت بمعالجة كل مريض وعدم ترك أي شخص دون رعاية.
ويبلغ عمر أكبر مريض تم إنقاذه من كوفيد-19 في الصين 108 أعوام.
وقال شي: “أنقذنا الأرواح بأي ثمن. ولم نستسلم أبدًا مهما كان عمر المريض أو مدى خطورة حالته”.
وقالت جياو يا هوي، مسؤولة بلجنة الصحة الوطنية، إن المصابين من كبار السن كانوا بين المرضى الأصعب في العلاج واحتاجوا موارد طبية أكثر من غيرهم.
وأوضحت “لكن الصين تعاملت مع كل مريض بشكل متكافئ، بغض النظر عن أعمارهم أو ثرواتهم”، مضيفة أن هذا يعكس الفضائل الصينية التقليدية التي شدد شي على أنها تضع الناس في المقام الأول في حوكمة الدولة.
وأضافت جياو أن الصين لديها عدد أقل بكثير من حالات الإصابة والوفيات بكوفيد-19 مقارنة بالدول المتقدمة الرئيسية في أوروبا وأمريكا الشمالية.
وطور شي علاقات وثيقة مع الشعب في وقت مبكر من حياته. ففي سن الخامسة عشرة، ذهب إلى قرية ليانغجياخه في مقاطعة شنشي، وأمضى سبع سنوات هناك يعمل ويعيش مع الفلاحين في هضبة اللوس.
وقال شي خلال لقائه مع الصحافة بعد المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، “إن تطلعات الشعب إلى حياة أفضل هي ما يجب أن نكافح من أجله”.
وجعل شي صحة الشعب محط اهتمام رئيسي. وبعد فترة وجيزة من انتخابه أمينًا عامًا للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012، سافر إلى عيادة قرية للتعرف على النظام الطبي التعاوني الريفي الجديد.
ولطالما شدد شي مرارًا وتكرارًا على أنه بدون صحة جيدة للجميع، لن يكون هناك مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى الجوانب.
وفي يوم 10 فبراير، عندما بلغ العدد التراكمي لحالات الإصابة المؤكدة بكوفيد-19 في بكين 342 حالة، ارتدى شي قناعه الطبي وزار مجتمعًا سكنيًا ومستشفى ومركزا للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها بأحد الأحياء. ومد معصمه لفحص درجة حرارة جسمه عند دخوله كل مكان.
تحدث شي مع السكان في أحد الشوارع، وسألهم عن سعر الخضار.
وقال شي: “دعونا لا نتصافح في هذا الوقت غير العادي”، مضيفاً: “علينا أن نتحلى بالثقة أنه بإمكاننا التغلب على الوباء”.
وردد السكان: “بإمكاننا حتماً التغلب عليه”.
بعد شهر واحد، زار شي مجتمعاً سكنياً في ووهان. في هذه المرة، كان العدد اليومي للحالات المؤكدة الجديدة في البر الرئيسي قد انخفض إلى 24 حالة، لكن لا تزال في ووهان 14514 مريضاً مصاباً بكوفيد-19. وظلت مهمة الاحتواء شاقة.
أثناء تجوله بين المباني السكنية، نظر شي إلى الأعلى ولوّح للسكان الخاضعين للحجر الصحي في بيوتهم الذين أطلّوا برؤوسهم من نوافذهم وشرفاتهم لتحيته.
وقال شي: “لنستمر في ذلك! لنتماسك لفترة أطول قليلا!”
وخلال حديثه بندوة في ووهان، طلب شي من المسؤولين بشكل خاص العمل على توفير المزيد من الأسماك الحية، وهي طعام مفضل لأهالي ووهان.
وقال أندري أوستروفسكي، نائب مدير معهد دراسات الشرق الأقصى في الأكاديمية الروسية للعلوم، إن زيارة شي التفقدية في ووهان كانت شهادة واضحة على مبدأ الحزب المتمثل بوضع حياة الشعب وصحته على سلم الأولويات.
ويهتم شي اهتماماً بالغاً بالعاملين في المجال الطبي. وطالب ببذل أقصى الجهود لتقليل الخسائر في الأرواح ووجّه الكوادر بضرورة تخفيض حجم الضغوط عن العاملين الطبيين وتوفير احتياجاتهم الأساسية ومنحهم الراحة والتشجيع اللازمين.
في مستشفى هوهشنشان، تحدث شي عبر وصلة الفيديو مع أطباء يرتدون بالكامل ملابس واقية. وقال: “لا أستطيع رؤية وجوهكم بالكامل لأنكم جميعا ترتدون ملابس واقية وأقنعة، لكن في قلبي، أنتم أكثر الناس المحبوبين”.
وقالت تشن جينغ، الممرضة الرئيسية في وحدة العناية المُركزة بالمستشفى، إنها تأثرت بزيارة شي وشعرت بأنها أقوى من أي وقت مضى مع وقوف القيادة والشعب بحزم إلى جانب العاملين الطبيين.
وفي يوم العمال العالمي، كتب شي إلى موظفي شركة خاصة كبيرة في وسط الصين. وأشاد بمجموعة واسعة من العاملين وهم من عمال الصرف الصحي، وعمال التوصيل إلى العمال الذين ينتجون إمدادات لمكافحة الوباء. وقال شي إن عملهم الشاق وإسهاماتهم حشدت قوة هائلة للتغلب على الوباء.
وفي يوم الممرضين العالمي، أشاد شي بالممرضين الذين تحدوا الخطر لإنقاذ الأرواح خلال المعركة ضد كوفيد-19. وفي يوم الأطباء في الصين، أشاد شي مرة أخرى بالعاملين الطبيين الذين قاتلوا بعناد ضد الفيروس في الخطوط الأمامية.
وأعرب شي عن قلقه بشأن سلامة المواطنين الصينيين في الخارج، وطلب من السفارات والقنصليات إضافة إلى الجمعيات الصينية واتحادات الطلاب خارج البلاد العمل على زيادة الدعم. رتبت الحكومة رحلات جوية لإعادة الطلاب الصينيين وغيرهم من المحتاجين من إيران وإيطاليا وبريطانيا ودول أخرى.
وقال شي إن على الكوادر الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه الشعب. كما سيتم معاقبة أولئك الذين يخالفون الأوامر أو يخدمون أنفسهم أو يفشلون في تحمل المسؤوليات أو يقومون بسلوك غير مرغوب فيه. وقال شي إنه في الحالات الخطيرة، سيتم مساؤلة المشرفين على المخالفين أيضاً.
وفي 4 أبريل، قاد شي الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة إلى الحداد صمتاً لمدة ثلاث دقائق على الأرواح التي فُقدت بسبب فيروس كورونا. كما افتتحت أعمال “الدورتين السنويتين” هذا العام بالحداد على من قضوا، ما يدل مرة أخرى على الروح المتمثلة في “الشعب أولاً”.
وأضافت الوكالة الصينية: لا يعرف الفيروس حدودا. فمن سفينة سياحية فاخرة ترسو في اليابان إلى منتجع للتزلج في جبال الألب الفرنسية، ومن مدينة الدار البيضاء القديمة إلى وسط مدينة مانهاتن وغابات الأمازون المطيرة، انتشرت الجائحة في جميع أنحاء العالم.
وحتى 6 سبتمبر، تجاوزت حالات الإصابة بكوفيد-19 على الصعيد العالمي 26 مليون حالة في أكثر من 210 دول ومناطق، ما أدى إلى وفاة حوالي 870 ألف شخص، وفقا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية.
وقال شي إن أمن الصحة العامة يمثل تحديا مشتركا للبشرية، ويتطلب جهودا مشتركة من جميع الدول.
وهذا ما تنطوي عليه روح بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وهي الرؤية التي طرحها شي في عام 2013. وعلى مدى السنوات السبع الماضية، ما برح شي يعمل على دفع هذه الرؤية على الساحة الدولية. وفي خضم المعركة العالمية ضد الفيروس، باتت أهمية هذه الرؤية واضحة للجميع.
وفي 7 يناير، نجح العلماء الصينيون في عزل أول سلالة من فيروس كورونا الجديد. وفي 12 يناير، اعترفت منظمة الصحة العالمية باستلام تسلسل الجينوم الكامل لفيروس كورونا الجديد من الصين.
وقال تيدروس إن الصين حددت العامل الممرض في وقت قياسي وتقاسمت التسلسل الجيني مع منظمة الصحة العالمية ودول أخرى، الأمر الذي وفر وقتا لا يقدر بثمن للمناطق الأخرى في العالم للتأهب والاستجابة.
كما أبلغت الصين الولايات المتحدة بتفشي المرض في أوائل يناير. وجاء صائد فيروسات أمريكي إلى الصين في أواخر يناير للمساعدة في مكافحة الوباء.
وعندما كانت الصين تحت وطأة كوفيد-19 بشدة، أعرب قادة لأكثر من 170 دولة و50 منظمة دولية وإقليمية عن دعمهم. وقدمت 77 دولة و12 منظمة دولية المساعدة.
وكافحت الصين الفيروس بانفتاح وشفافية، حيث عُقدت مؤتمرات صحفية يوميًا، وأحيانا عدة مرات في اليوم، بدءا من 26 يناير.
وفي ظل الوباء، التقى شي مع تيدروس، ورئيس الوزراء الكمبودي سامديتش تيكو هون سن، والرئيس المنغولي خالتما باتولغا، والرئيس الباكستاني عارف علوي في بكين. بينما التقى شي عبر دائرة الفيديو مع كل من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
ورد شي على رسالة من كل من تيدروس وبيل غيتس، وتبادل الرسائل مع الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز، ورئيس بيرو مارتن فيزكارا، ورئيس الوزراء الكمبودي سامديتش تيكو هون سن، ورئيس الوزراء المنغولي أوخنا خوريلسوخ.
وتبادل شي رسائل شفوية مع كيم جونغ أون، رئيس حزب العمال الكوري ورئيس لجنة شؤون الدولة في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية. وبعث شي برسالة شفوية إلى الرئيس الباكستاني عارف علوي وتبادل الرسائل مع بونهانغ فوراشيت، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الثوري الشعبي اللاوسي ورئيس لاوس.
كما بعث شي برسالة تهنئة إلى الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني-العربي، داعيا فيها إلى بذل جهود لدفع التعاون في مختلف المجالات بما في ذلك الاستجابة للجائحة.
ومنذ بداية تفشي كوفيد-19، أجرى شي “دبلوماسية الهاتف” على نحو غير مسبوق، حيث أجرى أكثر من 60 محادثة هاتفية مع أكثر من 50 من القادة الأجانب، وكان بينهم من هم من الدول الغربية مثل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن هم من دول الأسواق الناشئة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، ومن هم من الدول النامية مثل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي والرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل.
وخلال المحادثات، قال شي إن حالة الطوارئ بالصحة العامة العالمية برهنت على الحاجة الملحة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، مشيرا إلى أنه فقط من خلال العمل معا يمكن للبلدان في جميع أنحاء العالم التغلب على الجائحة.
وجراء انتشار الفيروس، تضررت بعض البلدان والمناطق بشدة بشكل خاص. وأرسل شي رسائل إلى قادتها، معربا فيها عن تعاطف الصين معهم.
وتضمنت رسائله إلى العالم عبارات مثل “الاتحاد قوة” و”بناء مجتمع الصحة للجميع”.
في أواخر مارس، وخلال قمة استثنائية لمجموعة العشرين عُقدت عبر دائرة الفيديو، دعا شي إلى خوض حرب عالمية شاملة ضد تفشي كوفيد-19 بحزم، ووضع استجابة جماعية للسيطرة والعلاج على المستوى الدولي، ودعم المنظمات الدولية وتعزيز التنسيق الدولي بشأن سياسات الاقتصاد الكلي لمنع الركود.
وقال كوهن، الباحث الأمريكي، إن مقترحات شي لتمكين البشرية ككل من الفوز في المعركة ضد هذا المرض المعدي الرئيسي تعطي معنى لرؤية مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
أصبح كوفيد-19 أسوأ حادث صحة عامة على مستوى عالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وفي مايو، وخلال افتتاح جمعية الصحة العالمية التي عقدت عبر دائرة الفيديو، نعى شي كل روح فقدت بسبب كوفيد-19 وأعرب عن تعازيه للعائلات الثكلى. وأعلن عن إجراءات الصين الخمسة لدعم المعركة العالمية ضد كوفيد-19.
وقال شي إن الصين ستجعل لقاحها ضد كوفيد-19 منفعة عامة عالمية حال توفره، مما يساهم في إتاحة اللقاح والقدرة على تحمل تكاليفه في البلدان النامية.
وفي يونيو، ترأس شي قمة استثنائية افتراضية بين الصين وإفريقيا حول التضامن ضد كوفيد-19، ودعا إلى الحفاظ على الالتزام بمكافحة كوفيد-19 معًا، وتعزيز التعاون الصيني الإفريقي، ودعم التعددية، ودفع الصداقة بين الصين وإفريقيا.
وقال شي: “نحن نعارض تسييس ووصم كوفيد-19، ونعارض التمييز العنصري والتحيز الأيديولوجي. وندافع بحزم عن الإنصاف والعدالة في العالم”.
وقال شي في رسالة إلى مؤتمر افتراضي رفيع المستوى حول التعاون الدولي لمبادرة الحزام والطريق، إنه سواء كان الأمر يتعلق بترويض الفيروس أو تحقيق انتعاش اقتصادي، فلن يكون النجاح حليف العالم بدون التضامن والتعاون والتعددية.
وأضاف شي أن النهج الصحيح لمواجهة الأزمات العالمية وتحقيق التنمية طويلة الأجل هو من خلال زيادة الاتصال والانفتاح والشمولية، موضحا أن هذا هو الميدان الذي يمكن للتعاون الدولي لمبادرة الحزام والطريق تحقيق مساهمة كبيرة فيه.
في بداية تفشي المرض، ساعدت الصين دولا مثل الولايات المتحدة واليابان على إجلاء مواطنيها من ووهان. ومع تمدد الجائحة، تبرعت الصين بأموال لمنظمة الصحة العالمية بلغت قيمتها الإجمالية 50 مليون دولار أمريكي وأرسلت 33 فريقًا من الخبراء الطبيين إلى 31 دولة على الأقل في الفترة من أواخر فبراير إلى نهاية أغسطس.
وأرسلت الحكومة الصينية الإمدادات الطبية التي تشتد الحاجة إليها إلى أكثر من 150 دولة ومنظمة دولية وسهلت المشتريات الأجنبية في الصين. كما قدمت المنظمات غير الحكومية والشركات يد المساعدة.
وقال حسن أحمديان، الأستاذ المساعد لدراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بجامعة طهران، إن تبرعات الصين وتبادلها للخبرات مع البلدان المتضررة، بما في ذلك إيران، يبرز ما ليس فقط كبادرة إنسانية ولكن أيضًا كسلوك مسؤول من جانب بلد كبير.
وتبادلت الصين وثائق فنية حول بروتوكولات العلاج واستراتيجيات الاحتواء مع 180 دولة وأكثر من 10 منظمات دولية وإقليمية. وابتداء من شهر مارس، عقد الخبراء الصينيون مؤتمرات افتراضية مع نظرائهم الأجانب كل يوم تقريبا. كما تم اعتماد استخدام الصين الرائد للمستشفيات المؤقتة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حديقة سنترال بارك الشهيرة في نيويورك.
وأجرى شي أربع مكالمات هاتفية مع بوتين خلال عدة أشهر. وقال بوتين إنه من خلال تقديم المساعدة في الوقت المناسب للدول الأخرى المتضررة من كوفيد-19، فإن الصين قد أرست نموذجًا للمجتمع الدولي وردت بصوت عالٍ وواضح على الاستفزاز والوصم من قبل بعض الدول. كما قال بوتين إن روسيا ستقف بحزم إلى جانب الصين.
وقال شي إن إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية لن يأتي بسهولة ويجب خوض نضالات كبيرة لتحقيق الحلم العظيم.
وجلب الوباء تحديات خطيرة لأكبر دولة نامية في العالم، لكنه أظهر أهمية اتباع مسارها الخاص والالتزام بالإصلاح والانفتاح.
وفي البداية، أدى النقص في امداد المواد الطبية والروابط الضعيفة في حماية المستشفيات الى إصابات بالعدوى بين العاملين الطبيين. واكتُشفت ممارسات البيروقراطية والرسميات من أجل الشكليات على المستويات المحلية.
وأثناء محاربة فيروس كورونا باعتبارها المهمة الأكثر إلحاحا، دفع شي باتجاه بناء مؤسسي ذي تأثير طويل الأجل.
وفي العام الماضي، اعتمدت الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني قرارا بشأن البناء المؤسسي. وقال شي إنه يتعين على الصين استخدام قواتها المؤسسية لمواجهة المخاطر والتحديات.
وقال شي بوضوح “إن الوباء كان اختبارا كبيرا لنظام الصين وقدرتها على الحوكمة”، مضيفا أنه “يجب علينا أن نستخلص الخبرة ونتعلم من دروسنا”.
وقال إن أوجه القصور المكتشفة أوضحت الحاجة إلى تحسين نظام إدارة الطوارئ الوطني وتعزيز قدرة الدولة على التعامل مع المهام العاجلة والصعبة.
وفي فبراير الماضي، وأثناء ترأسه لاجتماع للجنة المركزية لتعميق الإصلاح الشامل، طالب شي ببذل جهود لتعزيز تشريع الصحة العامة وإصلاح نظام الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها وتحسين خدمات الصحة العامة.
وبعد شهرين، اعتمد اجتماع اللجنة وثائق بشأن توفير إمدادات الطوارئ للصحة العامة ومراقبة صناديق التأمين الطبي.
وخلال “الدورتين السنويتين”، وأثناء مشاركته في مداولات مع مشرعين من هوبي، شدد شي على تقوية شبكة حماية الصحة العامة.
وتم تسليط الضوء على عدة أولويات: إصلاح نظام الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها وتعزيز رصد الوباء والإنذار المبكر والقدرة على الاستجابة للطوارئ وتطوير نظام العلاج للأوبئة الخطيرة وتحسين قوانين ولوائح طوارئ الصحة العامة؛ وتنظيم حملات وطنية للصحة العامة.
وتوجه جائحة كوفيد-19 ضربة شديدة للاقتصاد العالمي، حيث تأثر أكثر من أربعة من كل خمسة أشخاص في القوى العاملة العالمية البالغ عددها 3.3 مليار شخص بالإغلاق الكامل أو الجزئي لأماكن العمل، وفقا لتقرير أصدرته منظمة العمل الدولية خلال وقت مبكر من ابريل الماضي.
وقال شي في ندوة حول العمل الاقتصادي والاجتماعي إن الجائحة ستسرع التغييرات العميقة التي يمر بها العالم وهي تغييرات لم تطرأ منذ قرن.
وانكمش الاقتصاد الصيني بنسبة 6.8 بالمائة خلال الربع الأول. وفي اليوم الذي صدرت فيه الإحصاءات، ترأس شي اجتماعا مركزيا أشار إلى أن الربع الأول من عام 2020 كان “غير عادي للغاية”. وأتى تفشي كوفيد-19 المفاجئ بتأثير غير مسبوق على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين.
وحول التعامل مع تأثير الوباء على الاقتصاد، قال شي “يجب أن نبقى واثقين وألا نكون خائفين من المشاكل والصعوبات”.
وأضاف “لقد قلت مرات عديدة إن الصين دولة كبيرة تتمتع بمرونة هائلة وإمكانيات ضخمة ومرونة كبيرة في التنمية”.
وقال شي خلال “الدورتين السنويتين” إن الصين لم تحدد هدفا محددا للنمو الاقتصادي لهذا العام، اذ أدى تفشي كوفيد-19 المفاجئ إلى تعقيد عمليات الخطة الخمسية الـ13 في عامها الأخير.
وأكد على أهمية الحفاظ على أداء اقتصادي مستقر وسليم على المدى الطويل، وطرح سلسلة من الإجراءات الاستراتيجية، بما فيها خلق نمط تنموي جديد تعزز فيه الأسواق المحلية والأجنبية بعضها البعض مع اتخاذ السوق المحلي كدعامة أساسية.
ومنذ أوائل فبراير، ما برح الرئيس شي يصدر تعليمات حول استقرار الاقتصاد.
وفي الفترة من مارس إلى أغسطس، زار شي القرى والأسر الريفية والشركات التجارية خلال جولات تفقدية للتنسيق بين المكافحة المنتظمة للوباء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي مقاطعة تشجيانغ، تحدث شي مع العمال بجانب خط تجميع، وسألهم عما إذا كانت عودتهم إلى العمل قد سارت بسلاسة، ولا سيما إذا كانوا قد تلقوا رواتبهم. وطالب بالحفاظ على استقرار أسعار الضروريات اليومية ودخل المزارعين.
وفي مقاطعة شنشي، شجع شي الشركات على التغلب على التأثير السلبي لكوفيد-19 وتوسيع الأسواق بنشاط . وفي قرية جينمي، أشاد شي بصناعة الفطر الأسود المحلية. وانتشر هذا الأمر على الإنترنت على نطاق واسع، واشترى 20 مليون شخص أكثر من 20 طنًا من الفطر الأسود عبر مواقع التجارة الإلكترونية.
وفي مقاطعة شانشي، دعا شي الشركات إلى تعويض الوقت الضائع واتخاذ الاجراءات الاحتياطية المناسبة للسلامة.
وفي منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي، قال شي إنه في عملية بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي، لا يمكن ترك أي أقلية عرقية. كما حث على بذل الجهود للحفاظ على اجراءات مكافحة الوباء مع الإسراع في إعادة حياة الشعب اليومية إلى طبيعتها.
وفي مقاطعة جيلين، أولى شي اهتماما خاصا بتوظيف خريجي الجامعات والعمال المهاجرين وأمر لجان الحزب والحكومات على كافة المستويات بتهيئة ظروف مواتية لحصول خريجي الجامعات على فرص عمل.
واستأنف الاقتصاد الصيني نموه في الربع الثاني من عام 2020، حيث توسع بنسبة 3.2 في المائة على أساس سنوي. وشهدت المؤشرات الرئيسية عودة للنمو، وانتعش الأداء الاقتصادي بشكل مطرد وكانت توقعات السوق إيجابية بشكل عام.
كما ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، المستخدمة فعليا، في البر الرئيسي الصيني بنسبة 8.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني، مما يشير إلى تزايد ثقة المستثمرين الأجانب في السوق الصيني.
وبحلول منتصف ابريل، كان قد تم إعادة فتح أكثر من 99 في المائة من الشركات الصناعية الرئيسية في الصين، ومن بينها شركات أجنبية وموردوها المحليون مثل أبل وتسلا وفولكسفاجن.
وفي رسالة ردا على ممثلي أعضاء مجلس الرؤساء التنفيذيين العالمي في يوليو، قال شي إن هؤلاء الرؤساء التنفيذيين اتخذوا الخيار الصحيح من خلال البقاء متجذرين في الصين.
وبعد ستة أيام، وخلال حضوره ندوة مع رواد الأعمال قال شي: “يجب علينا تعزيز الثقة ومواجهة التحديات والعمل جاهدين لتعويض الخسارة التي سببها وباء كوفيد-19، والسعي وراء التنمية الاقتصادية الجيدة للعام بأكمله”.
ويمثل ربيع وصيف عام 2020 فصلاً غير عادي في رحلة الأمة الصينية نحو إحياء النهضة العظيمة.
وتحت قيادة شي، يتحد الشعب الصيني لاحتواء تفشي وباء كوفيد-19. وفي ظل تطبيق تدابير مكافحة الوباء، حصلت الصين على محصول صيفي وفير من الحبوب، وتغلبت على الفيضانات، وحققت تقدما ثابتا نحو القضاء على الفقر. وفي الوقت نفسه، وبوصفها بلدا كبيرا ومسؤولا، تعمل الصين بنشاط على تعزيز التعاون العالمي في مكافحة الوباء. وخلال هذه العملية، أظهر نظام الصين الاشتراكي قوته.
وفي هذا العام الاستثنائي، اضطلع شي بمسؤولية كبيرة ووفى بحزم بالتزامه تجاه الشعب، وعمل جاهداً للقضاء على الفقر وتحقيق بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي.
وقال شي “إن الأمة الصينية قد عانت الكثير من المصاعب على مر تاريخها، بيد أنها لم تثقل كاهلها أبدا. بل على العكس من ذلك، أصبحت أقوى وأقوى من خلال الاختبارات والمحن”.