سباق شرق أوسطي نحو البيت الأبيض

سباق شرق أوسطي نحو البيت الأبيض
شريف عطية

شريف عطية

8:07 ص, الخميس, 3 سبتمبر 20

على غير المعتاد من تصدر الأولويات الداخلية الأميركية عما عداها من مسائل مجتمعية تشغل اهتمامات الناخب الأميركى، سواء فى الانتخابات التشريعية أو الرئاسية- الحالية- إذ تحتدم ويعلو السجال لحسمها- بدرجة أكبر- لكل من العوامل الخارجية والداخلية معاً.. من بينها انعكاس التحديات الإقليمية المتجددة فى على فرص دعم الوضع الانتخابي من عدمه لأى من المرشحين الرئاسيين الأميركيين.. إذ تجتاح المنطقة أزمات وحروب فى إيقاع متسارع يكاد يسابق الأوضاع الداخلية الأميركية بما فيها- ورغمًا عن- الآثار الداهمة للجائحة الفيروسية على الاقتصاد.. والصحة العامة، ذلك حيث تبرز الصين- مثالا- كخصم عنيد للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط من منظور التقدم الجارى لتحالفها مع إيران، ما يمثل متغيرًا فى موازين القوى الإقليمية يقارب ما فعلته مصر من إتاحة الفرصة للروس منتصف خمسينات القرن الماضى فى الدخول إلى المياه الدافئة، ليثير القلق آئنذ لدى الولايات المتحدة (وإسرائيل) مثلما تثير الشراكة بين بكين وطهران اليوم حالة من الانزعاج لدى الدوائر السياسية والعسكرية والأمنية فى واشنطن تدفعها ضمنًا إلى إجراء محادثات استراتيجية مع الحكومة العراقية الجديدة بغرض تحجيم النفوذ الإيرانى المتصاعد فى العراق.. مهددًا بأن تذهب التضحيات الأميركية فى هذا البلد منذ العام 2003، سُدى، مرورًا بسوريا التى يتواجه على مسرح عملياتها قوات من الجيشين الروسى والأميركى- لأول مرة- منذ انتهاء الحرب الباردة، ما بين محاولاتهما تجنب الوقوع فى خطأ التصادم بينهما.. أو من حيث سعيهما باعتبار تواجدهما المشترك على الأرض السورية عاملًا مشجعًا من عدمه لإعادة تجريب سابق حالة الانفراج المحدود بينهما فى الثمانينات، لولا التعقيدات التى يفرضها تواجد إيران ووكلائها المحليين على الحدود الشمالية الإسرائيلية، سواء من حيث الحرب الأهلية فى سوريا منذ2011 أو من حيث لبنان النازف من 2005.. والذى تعرضت عاصمته فى الشهر الماضى لرابع أكبر تفجير عالمي، ناهيك عن تجاوز تركيا (الأطلسية) الحدود الاستراتيجية المسموح لها أميركيًّا منذ 2011، إذ باتت تهدد فى سبيل طموحاتها التوسعية.. الاستقرار فى دول شرق البحر المتوسط مع اليونان وقبرص، ثلاثتهم من حلف «الناتو» بقيادة الولايات المتحدة التى تتباين رؤيتها مع الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن (أوروبية وشرقية) سواء بالنسبة لانحياز الطرف الأميركى إلى عرّابها التركى فى الشرق الأوسط.. كما لرفضهم مقترح المشروع الأممى الأميركى لمد العقوبات على إيران والمنتهية فى أكتوبر المقبل، ذلك دون استثناء الوضعية المركزية للمسألة الفلسطينية – الإسرائيلية فى الشرق الأوسط.. التى تمثل ملمحًا رئيسيًّا لمجريات المعركة الانتخابية الرئاسية فى الولايات المتحدة، سواء من حيث تحالف اليمين الشعبوى للجمهوريين (إنجيليي المسيحية الصهيونية) مع اليمين التوراتى الإسرائيلى (من حزب الليكود ومن على يمينه)، أو سواء من حيث انحياز المرشح الديمقراطى «بايدن» إلى جانب اليسار (الراديكالى) من أنصار المرشح الاشتراكى السابق «ساندرز»، إضافة إلى الجناح «الأوبامى» الذى سبق له فى 2016 مطالبة العرب بـ«اقتسام النفوذ» مع إيران فى المنطقة، ذلك فيما يمثل التطبيع العربى مع إسرائيل (بشروطها) مساحة استباقية بين المرشحين الرئاسيين الأميركيين لحصد أصوات اللوبى اليهودى.. فى الوقت الذى لا يبدو أن هناك سياسة عربية مشتركة قادرة على التأثير فى الداخل الأميركى سواء بالنسبة لقرارات الإدارة الحالية أو الإدارة القادمة إذا فاز الديمقراطيون بالاستحقاق الرئاسي، الأمر الذى يقابله من الجانب الأميركى حالة من اللامبالاة تعود إلى التراجع التدريجى، لأسبابها، عن الاهتمام بالشرق الأوسط.. إلا من حيث تأمين كنزها الاستراتيجى فى إسرائيل.. كما من حيث تثبيت قواعدها المنتشرة فى أرجاء المنطقة، ذلك بالتوازى مع اتجاه استراتيجتها الدفاعية منذ 2010 نحو آسيا والمحيط الهادى، وهى المنطقة- من وجهة نظر أميركية- «الأهم استراتيجيًّا واقتصاديًّا فى العالم خلال القرن 21»، إلا أن هذا لا يعنى السماح بأن يكون الشرق الأوسط فى أيد غير صديقة للولايات المتحدة، سواء نجح «ترامب» فى التجديد لشعبويته أو أتى «بايدن» بزمرته اليسارية لسياسية إلى البيت الأبيض عبر سباقه الشرق أوسطى.