عرفت بريطانيا بأنها صاحبة الخبرات فى السياسة، وأن منها ينبع فهم الشرق الأوسط، وأن عنها تلقت جماعة الإخوان دعمها الأول، ولا تزال تنعم بشىء منه يحير المراقبين من توجهات السياسة البريطانية.
وخلاف الخط المألوف؛ أعطى قصر باكينجهام من عشر سنوات، بالتناغم مع الحكومة البريطانية التى لا تترك للقصر التصرف وحده ــ أعطى وسام « فارس » للمدعو سلمان رشدى، فى الوقت الذى جرّد فيه «موجابى» من ذات الوسام ـ وسام فارس ـ السابق لذات الملكة إليزابيث الثانية منحه إياه عام 1994!
التجريد الملازم هنا للمنح، دال بذاته على خيبة اختيارات المنح، وإن أصابت هنا فى التجريد. لست أعرف ماهى حيثيات منح الوسام الهلامى للكاتب الهندى الأصل سلمان رشدى، فلا هو فارس، ولا صدر عنه ما ينتمى إلى شجرة الفروسية، ولا المانحة احتفظت بتقاليد الفروسية التى كانت للمملكة فى الزمن الغابر!
حملت إلينا الأنباء من عشر سنوات أنه فى احتفال بقصر باكينجهام، تلقى سلمان رشدى تكريم ملكة بريطانيا مـن أجـل « خدماته فى مجـال الأدب ». ولم تحفل الملكة والحكومة البريطانية المتناغمة معها، بمشاعر المسلمين الذين أساء إليهم الممنوح « وسـام الديكـور » فى روايته «آيات شيطانية» (1988)، ولا بما فيها من غثاء وتهجم جهول على الإسلام ولا ينتمى أو يحسب على الأعمـال الأدبية بمقاييسها التى يعرفها الأدباء والنقاد، ولا حفلتا ـ الملكة وحكومتها ـ بما أنذر به الإعلان عن نيّة منح هذا الوسام من احتقان شديد، ومظاهرات عمت الدول الإسلامية والعربية، احتجاجاً على هذا التصرف الضرير الذى لا معنى ولا سبب له اللهم إلاّ أن يكون مقصوداً به إغاظة المسلمين واستفزازهم وتكريس التوتر بينهم وبين العالم الغربى!
لم تمنح ملكة الإنجليز هذا الوسام ( الديكور ) لكثيرين من كتاب وأدباء الغرب والإنجليز الحقيقيين، ولم تمنحه كتاباً كباراً من أصول هندية أو عربية، ولم تنعم به على كثيرين من أدباء نوبل الذين شهد لهم العالم بأنهم أدباء حقيقيون قدموا للإنسانية والأدب والفكر أعمالاً عظمى!
فلماذا سلمان رشدى؟!
هل صحيح أنه قدم ـــ غير التهجم الغشوم على الإسلام ! ـــ « خدمات فى مجال الآداب» ؟! جواب هذا السؤال يكشف « تحرش » قرار المنح بالإسلام والمسلمين، ويعريه من أى غاية يفهمها العقلاء إلاّ هذا المأرب الضرير بإخراج اللسان وإغاظة المسلمين ! ولكن هل فى هذه الإغاظة الضريرة أى مسحة من عقل ؟! ما العقل فى افتعال منح وسام ديكور لشخص خالٍ من المواهب استعدى بتهجمه الغشوم بليون ونصف البليـون من المسلمين ؟! وما العقل فى إلهاب المشاعر والاحتقانات وإثارة الحروب الضارية العمياء بين أبناء الأديان ؟! ماذا لو تمنطق المسلمون كما تمنطقت ملكة الإنجليز، ومنحوا وسام أو لقب فارس لمن يشن حملة ــ مثلاً ! ــ على العهد القديم يكشف ما به من عنصرية وتعديات صريحة على الإنسانية ومخالفات جسيمة فى الخطاب والتعاليم لا تتفق بأى حال من الأحوال مع الرسالات السماوية ؟! ماذا لو تخير المسلمون إرهابيا فأسبغوا عليه فروسية متنطعة لا تنتمى إلى عالم الواقع أو دنيا العقل التى يلتزم بها العقلاء؟!
www. ragai2009.com