توقعات بتنشيط دورة الإنتاج وخلق فرص عمل عقب إنطلاق مبادرة «دعم المستهلك المصرى»

انطلقت رسمياً أول أمس –الأحد- متضمنة 4231 منتجاً و1178 تاجراً

توقعات بتنشيط دورة الإنتاج وخلق فرص عمل عقب إنطلاق مبادرة «دعم المستهلك المصرى»
أحمد علي

أحمد علي

6:55 ص, الثلاثاء, 28 يوليو 20

«ما يغلاش عليك» بهذا الإسم إنطلقت أول أمس مبادرة رئيس الجمهورية لدعم المستهلك المصرى بخصومات كبيرة على قطاعات متنوعة من السلع، من أبرزها الأجهزة الكهربائية والتى تتضمن التكييفات، والتليفزيونات، والثلاجات والديب فريزر، والغسالات، والسخانات.

واشتملت قائمة السلع على قطاع الإلكترونيات والذى يتضمن موبايلات وتابلتات، بجانب قطاع أدوات الكهرباء والإضاءة بالإضافة الى قطاع المنزل و قطاع المواد الكيميائية والذى يتضمن البلاستيك، بجانب الأدوات الصحية وقطاع الأثات و قطاع الماكينات والمعدات.

يُّذكر ان محمد معيط وزير المالية، صرح بأن المبادرة تأتى فى اطار حرص القيادة السياسية على توفير السلع للمواطنين بأسعار مخفضة؛ وتخفيف الأعباء عن كاهلهم خاصة محدودى الدخل؛ بما يُسهم فى الحد من تداعيات فيروس كورونا المستجد.

ولفت الى ان نسبة الخصومات تصل إلى %20 بجانب دعم كل فرد بالبطاقات التموينية بمبلغ 200 جنيه بحد أقصى ألف جنيه للبطاقة بتكلفة إجمالية 12.25 مليار جنيه تتحملها الخزانة العامة للدولة.

وتوقع الوزير، حركة شراء تقدر بـ120 مليار جنيه خلال فعاليات المبادرة، لافتا إلى أنها ستتيح فرص عمل نتيجة لنشاط المصانع المشاركة فيها، والتى ستحتاج إلى عمالة إضافية لسد احتياجات الطلب والتصنيع

وأشار معيط، إلى أنه تم بالفعل تسجيل 4231 منتجًا، و1178 تاجرًا بعد اعتماد بياناتهما من اتحاد الصناعات، واتحاد الغرف التجارية، لافتًا الى تسجيل بيانات 22 مليون بطاقة تموينية يستفيد أصحابها من الخصم الإضافى المقرر بنسبة %10.

ناقشت «المال» مع خبراء سوق المال ومحللى الاقتصاد الكلي، مستقبل مبادرة الرئيس لدعم المستهلك المصرى وتحفيز الاستهلاك والأثار المترتبة عليها فى مؤشرات الاقتصاد الكلى وأبرزها معدلات النمو الاقتصادى.

من جانبهم تنوعت أراء ومشاركات الخبراء حول تقييمهم للمبادرة الرئاسية لدعم المستهلك المصري، مؤكدين بشكل جماعى على أهميتها الكبرى نظرًا لمساهمة الطلب المحلى الكبيرة فى الناتج المحلى الاجمالي، مشيرين إلى أنه فى ظل تأثر الطلب الخارجى بقطاعات السياحة والعقارات والصادرات فإن السبيل الوحيد لتحريك مياه الاقتصاد والدورة الانتاجية مجددًا هو تحفيز الاستهلاك المحلى.

وأضافوا ان أبرز مكاسب المبادرة تكمن فى اعادة تنشيط العملية الانتاجية مجددًا، اذ سيساهم ارتفاع معدلات الطلب المحلى على السلع المتضمنة بالمبادرة فى ضخ استثمارات جديدة توسعية مما يؤدى الى خلق فرص عمل جديدة ومن ثم ارتفاع آخر لمعدلات الطلب.

وأوضحوا ان مبادرة دعم المستهلك المصرى قد لا تساهم فى تغيير جوهرى فى واقع مؤشرات الاقتصاد الكلية وتحديدًا معدلات النمو الاقتصادي، لإرتباطه بعوامل أخرى خارج إطار المبادرة ذاتها.

شروط السداد أبرز أولويات المستهلك المصري

من جانبه قال شريف سامى، الخبير المالى والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، إن المبادرة كما أعلنتها الحكومة تسعى لتحقيق غرضين، الأول تخفيض أسعار السلع والثانى تيسير السداد من خلال التمويل الميسر.

وأشار إلى أن تخفيض سعر بيع سلعة ما يعتمد على عدة عناصر فى مقدمتها التكلفة، وهو لا يتم بقرار إلا للجهات التابعة للمال العام مثل شركات قطاع الأعمال العام، مشيرًا الى ان الأهم فى تلك المبادرة فهو تيسير التقسيط وضمان المخاطرة كما أعلن، موضحًا أن المستهلك المصرى بصفة عامة، تأتى فى مقدمة أولوياته شروط السداد المتعلقة بالسلع المعمرة أكثر من حساسيته للتغير فى سعر السلعة.

شريف سامى: يجب أن تسعى لتيسير التقسيط وضمان المخاطر

وشدد سامي، على ضرورة إتاحة المشاركة فيها بصورة ميسرة للمواطنين، ولكن من جانب آخر من الأفضل تطبيقها من خلال الكيانات القائمة حالياً وذلك لتحقيق الكفاءة وعدم الإزدواجية وللاستفادة من خبراتها وقدرتها على تقييم العملاء وتحصيل مستحقاتها.

وتابع موضحًا أن مصر تمتلك العديد من البنوك التى تقدم تمويل استهلاكى،  فى ظل صدور أول قانون لتنظيم التمويل الاستهلاكى فى مصر منذ عدة أشهر، بدأت الشركات فى التقدم للهيئة العامة للرقابة المالية للحصول على ترخيص بممارسة النشاط، ومن ثم فهى تمثل القنوات المثلى لتنفيذ تلك المبادرة من خلالها، مشددًا على ضرورة عدم إغفال الحركة التعاونية ودورها فى هذا المجال، لاسيما جمعيات التعاون الاستهلاكى والانتاجى المنتشرة فى مختلف المحافظات والتى ينظمها القانون رقم 109 لسنة 1975 و110 لسنة 1975.

ولفت الخبير المالى والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، الى أنه يجب مراعاة حماية المستهلك المقترض من نفسه، بمعنى مراعاة عدم تحميله بأقساط تزيد عما يمكن لدخله الشهرى أن يتحمله فى ضوء التزاماته المعيشية الأخرى وفى ظل أية قروض أو تسهيلات أخرى يكون سبق له الحصول عليها.

وأكد سامي، أن المبادرة مهما ارتفعت قيمتها، تظل جزءا من إجمالى حجم سوق التمويل الاستهلاكى والتقسيط فى مصر، وعلينا أن نراعى أن يكون تسعيرها متوازناً وغير مخل بآليات السوق مما يربك أوضاع عشرات البنوك وشركات البيع بالتقسيط العاملة فى السوق وفقاً لتكلفة التمويل المتعارف عليها.

وأوضح سامى، أن هناك بدائل لكيفية تنفيذ تلك المبادرة يمكن النظر فيها، إما تخفيض تكلفة الإقراض لدى الجهات المشاركة، أو من خلال آلية التخصيم وحوالة الحق، من خلال شراء الحقوق المستقبلية (أى الأقساط) من البائعين بالتقسيط بتكلفة أو معدل خصم أقل.

وتابع أنه انه يمكن ضمان نسبة من الديون المشكوك فيها لديهم من خلال مثلاً شركة ضمان مخاطر الائتمان، بما يخفض من الخسائر المحتملة، بشرط إلتزام جهات التقسيط والتمويل بالقواعد الموضوعية المتعارف عليها فى تقييم مخاطر العميل ومنح الائتمان.

وأكد الخبير المالى أن التنفيذ المحكم لتلك المبادرة وفى ضوء الاعتبارات السابق الإشارة لها، يعمل على تحفيز الاستهلاك فى مرحلة مطلوب فيها تنشيط الطلب والحركة التجارية، إضافة إلى تعزيز الشمول المالى من خلال منظومة مالية رسمية وزيادة الوعى الائتمانى لدى مختلف الأطراف.

استهلاك القطاع العائلى محرك رئيسى للاقتصاد عانى فى الفترة الماضية

من جهتها قالت منى بدير، محلل الاقتصاد الكُلى بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، ان أهمية اطلاق مبادرة لتحفيز الاستهلاك تأتى لعدة أسباب، من بينها أن استهلاك القطاع العائلى يساهم بنحو %80 من الناتج المحلى الاجمالى او الطلب المحلى.

وأضافت ان مصر شهدت انخفاضاً فى معدلات الاستهلاك العائلى لعدة أسباب من بينها أثار قرار تعويم الجنيه، وتغيير الاستثمارات الخاصة و نظيرتها الحكومية، ومن ثم تراجعت مساهمة استهلاك القطاع العائلى فى الصادرات والاستثمارات.

منى بدير: لا بديل عن تحفيز استهلاك القطاع العائلى عقب تأثر السياحة والصادرات بكورونا

وأوضحت بدير، أن أزمة انتشار وباء فيروس كورونا المستجد أثرت بالسلب على الصادرات والسياحة والعقارات، بالإضافة إلى أن التعافى فى القطاع الخارجى «الطلب الخارجي» سيتطلب وقتًا ومن ثم فلا مجال سوى عودة مساهمة استهلاك القطاع العائلى مجددًا لطبيعتها فى الناتج المحلى الاجمالى.

وأشارت محلل الاقتصاد الكُلى بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إلى أن مبادرة تحفيز الاستهلاك «مايغلاش عليك» ستساهم بشكل ايجابى فى زيادة معدلات الطلب المحلي، موضحة ان %1 نمواً فى الطلب المحلى ستؤدى الى مضاعفة فى ذلك الأثر، بمعنى أن ضخ 2 مليار جنيه على سبيل المثال ستؤدى الى ضخ 2 مليار جنيه أخرى وهكذا، ستساهم فى توسعات جديدة للشركات ومن ثم توظيف عمالة جديدة وزيادة الطلب مرة أخرى.

وأكدت بدير، أن مبادرة تحفيز الاستهلاك تضم نقطة هامة تتعلق بتخفيض معدلات الفائدة على استهلاك اليضائع مثل «السيارات و غيرها» والتى تقوم على توظيف عدد كبير من العمالة، لافتة الى ان قطاع السياحة على سبيل المثال يوظف نحو 500 الف الى 1.5 مليون موظف.

ووصفت الأزمة التى تعانى منها السوق المحلية إنهاء ازمة طلب وليست أزمة عرض، ومن ثم فإن مبادرة تحفيز الاستهلاك ستؤثر فى معدل النمو.

وشددت محلل الاقتصاد الكُلى بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، على ان المرحلة الحالية هى مرحلة التركيز على القطاع العائلى ومعدلات استهلاكه، إذ تأثر بفقدان العديد لوظائفهم بجانب المخاوف المستقبلية التى أثرت على معدل الاستهلاك، إضافة إلى العمالة الوافدة من الخليج.

وتوقعت بدير، ان تساهم المبادرة فى احداث تغيير وأثر ايجابى، ألا أن معدل النمو الاقتصادى قد لا يتغير ايجابًا لانه مرتبط بعوامل عدة أبرزها شهية الاستهلاك، والوضوح وعدم اليقين بالمستقبل، و صدمة سوق العمل، وحجم التحديات امام القطاعات المختلفة.

ورجحت محلل الاقتصاد الكُلى بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية،  تسجيل مصر معدل نمو اقتصادى بنهاية العام المالى الحالى فى حدود %2.3.

خطوة فى طريق التعافى من جائحة «كورونا»

من جانبه قال ياسر عمارة، رئيس مجلس ادارة شركة ايجل للاستشارات المالية، ان مبادرة تحفيز الاستهلاك فى مجملها تعد خطوة على الطريح الصحيح نحو تعافى الاقتصاد من الأثار السلبية لجائحة فيروس كورونا.

وأضاف ان المبادرة ستساهم فى تنشيط دورة الانتاج مجددًا والمبيعات، لافتًا الى ان تشجيع الاستهلاك سيساهم فى زيادة عمليات الانتاج ومن ثم عودة ضخ الاستثمارات و التوسعات الخاصة بالشركات، مع مساهمته فى تخفيض التكاليف الثابتة.

وأوضح رئيس مجلس ادارة شركة ايجل للاستشارات المالية، ان الاقتصاد المحلى فى حاجة الى دورة بيع كبيرة تساعد الصناعة فى التعافى من أثار كورونا، مطالبًا بمنح الصناع تسهيلات إئتمانية وقروض ميسرة على ان يتم ضخها فى توسعات انتاجية.

ياسر عمارة: ضخ دماء جديدة فى شرايين دورة الانتاج.. وضخ الاستثمارات التوسعية والتوظيف أكبر المكاسب

ولفت عمارة، إلى أن تخفيض الأسعار عبر خصومات أو تقليل معدلات الفائدة سيعزز من فرص نجاح المبادرة، فى الوقت ذاته أكد أن تأثير المبادرة فى زيادة معدل النمو الاقتصادى سيكون محدوداً لعدة أسباب أهمها ضعف القوى الشرائية للمواطنين فى ظل الظروف الراهنة.

وأشار عمارة، الى ضرورة التفاعل الايجابى مع المبادرة من كافة الأطراف المرتبطة بها سواء الشركات أو البنوك أو الجهات المسئولة عن التسويق، او المواطنين عبر شرائ احتياجاتهم الفعلية دون الفكر التخزينى.

وأوضح أن المبادرة لها أوجه استفادة أخرى، مثل تطوير معدلات الرقمنة، بما يعنى دخول شريحة جديدة من العملاء لقاعدة بيانات التمويل الاستهلاكي، بجانب تحسن النمو ومعدل الاستهلاك.

وتوقع عمارة، ان يسجل معدل النمو الاقتصادى لمصر بنهاية العام المالى الحالى نحو %2.5 رغم توقعات ايجابية فى مطلع العام كانت تدور حول مستويات 5.2 إلى 5.8 %.

عدم قدرة الدولة على رفع الأجور كان سبب التوجه نحو تحفيز الاستهلاك

وفى سياق متصل، قال نعمان خالد، محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار  سى آى كابيتال القابضة للاستثمارات المالية، ان هدف مبادرة تحفيز الاستهلاك الأساسى يدور حول تحسين الانتاج وتشجيع المنتج المصرى.

وأضاف ان الدولة أطلقت عدة مرات مبادرات و برامج لتحفيز الاستهلاك من قبل، مشيرًا الى ان المبادرة الراهنة ليست الأول من نوعها، لكن الدولة تسعى كل فترة الى اطلاق مبادرة مماثلة لتحفيز الاستهلاك.

نعمان خالد : ستفيد شريحة من المواطنين لكنها لن تُغير النمط الاستهلاكى جوهرياً

وأوضح خالد، ان الاستهلاك هو المحرك الرئيسى للإقتصاد خلال الفترة الراهنة، ومن ثم فإنه فى ظل عدم قدرة الدولة على زيادة الأجور والمرتبات نتيجة عجز الموازنة، فإن تحفيز الاستهلاك هو السبيل الوحيد للحكومة لتحريك مياه الاقتصاد خلال الفترة الراهنة.

وأشار محلل الاقتصاد الكلى بشركة سى اى كابيتال القابضة للاستثمارات المالية، إلى أن المبادرة لن تُحدث تغييراً جوهرياً فى النمط الاستهلاكى للمواطنين، مؤكدًا أن ذلك النمط سيظل متأثرًا بالأثار السلبية لجائحة كورونا، وأبرز تلك القطاعات المتأثرة هى السياحة و الأغذية والفنادق.

وأوضح ان عرض السلع والمنتجات بنسب تخفيض سواء فى السعر او الفوائد فى حالة التقسيط، لن يحدث أثرًا كبيرًا فى عملية الاستهلاك خلال الفترة المقبلة، نظرًا لإنخفاض حجم الشريحة المعرضة للبيع عبر التقسيط بجانب انخفاض عدد المتعاملين مع قطاع التمويل الاستهلاكي.

وأكد خالد، ان المبادرة ستعود بالنفع على عدد كبير من المواطنين والشركات، لكنها لن تؤثر فى المؤشرات الكلية للإقتصاد المحلي، لافتًا إلى أن حجم المبادرة – قيمة السلع المعروضة الـ 100 مليار جنيه، تمثل رقماً بسيطاً من الناتج المحلى الاجمالي.

وتوقع تسجيل معدل نمو اقتصادى للعام المالى المالى 2020 / 2021 نحو 4%، مشيرًا الى أن مصر استفادت من عدم الإغلاق الكامل فى مواجهة جائحة كورونا مقارنة بدول أخرى تأثرت سلبًا فى معدلات نمو اقتصادها.

السوق بحاجة الى سيولة ومبادرات تحفيزية

من جهته قال محمد الفقي، الرئيس التنفيذى بشركة «فاليو» لخدمات البيع بالتقسيط، التابعة للمجموعة المالية هيرميس، ان أية خطوة سواء عبر ضخ مباشر للسيولة فى السوق، او عبر مبادرة تحفيز الاستهلاك ستساهم فى تحريك السوق المحلية والاقتصاد بشكل عام.

وأضاف ان القوة الشرائية للمواطنين تأثرت سلبًا بالأحداث الأخيرة المصاحبة لإنتشار وباء فيروس كورونا، الا ان المبادرة ستساهم فى تشجيع شريحة من المواطنين الذين لا يستطيعون الشراء من الأساس فى ظل الأسعار العادية، اذ ستساهم الخصومات الممنوحة وتخفيض معدلات الفائدة على زيادة اقبالهم على شراء السلع خلال الفترة المقبلة.