توقع عدد من قيادات سوق التأمين المصرية مواجهة تشدد من شركات إعادة التأمين العالمية خلال العام المقبل بسبب أزمة فيروس كورونا، وبينما رأى فريق أن أسواق المنطقة تعتبر «هامشية» بالنسبة للشركات العالمية، رجح آخرون أن الخسائر التى منيت بها شركات الإعادة ستدفعها للتساهل أو المرونة بغرض الحصول على حجم أعمال يعوض الفاقد من جميع عملائها بتنوع فئاتهم.
واتفق الجميع على حتمية مواجهة موجة التشدد لكن بنسب أو على بعض الفروع بعينها والتى ترتفع فيها نسب المخاطر مثل السفر وتأمين الائتمان والهندسى والحريق، بجانب إضفاء الوضوح على التعاقدات التى ستتم بين كل الأطراف تفاديا لأى ارتباك متوقع بين أسواق التأمين والإعادة خاصة بعد الخبرة التى بدأت تكتسبها من المشكلات التى تواجهها فى العقود التى تغطى الأوبئة بشكل معقد أو بصياغات غير محددة بوضوح.
صابر: التشدد سيكون وفقا لتقبل مؤسسات الـ«reinsurance» للخسارة
وقال مدحت صابر العضو المنتدب لشركة “أروب” للتأميات العامة إن تشدد معيدى التأمين العالميين سيتوقف على مدى ما تكبدوه من خسائر مالية بسبب جائحة كورونا والتى تغطيها غالبية وثائقهم خاصة توقف الأعمال الذى استمر لأكثر من شهرين، بالإضافة إلى شدة المنافسة بين شركات الإعادة فى الأسواق المتقدمة نظرا لضخامة حجم الأعمال التى يتم التحصل عليها من كبريات شركات التأمين هناك.
وأضاف أن السوق المصرية على سبيل المثال لم تر أى تغيير فى تجديدات الإعادة لاتفاقات التأمين الخاصة بها فى أول العام أو فى شهرأبريل الماضى لكن هناك بعض الاختلاف سيطرأ على إبرام اتفاقات يوليو الحالى وسيكون مرهونا باستفحال أزمة كورونا .
وأبدى تخوفه من ارتفاع نسب الحرائق فى الفترة المقبلة بسبب توقف إنتاج بعض المصانع أو العمل بها بنسبة 50% مما يمكن أن يرفع أسعار تأمينات الحريق، لافتا إلى زيادة الطلب على وثائق توقف الأعمال والمخاطر التكنولوجية بعد الإسراع الملحوظ فى الاعتماد عليها فى الأونة الأخيرة وكذا الحوادث الشخصية والطبى.
وأشار إلى أن معيد التأمين يعتمد فى رؤيته للتساهل أو التشدد فى الأسواق التى يتعامل معها على عدة عناصر أبرزها تقبل الخسائر المالية لشركة الإعادة ذاتها أولا، ثم ربحية السوق التى تبرم اتفاقاتها معه ومدى جودة نتائجها.
ونفى أن تكون القضية الأساسية لمعيدى التأمين هى التشدد فى حد ذاته أو التساهل مع بقية أسواق المنطقة ولكن الأساس يكمن فى حجم الأعمال الذى ستحصل عليه من أسواقها –داخل بلدانها – أولا والذى يصل إلى مليارات الدولارات من الأقساط وإسناد أعمال من شركات التأمين للإعادة ثم التفكير فى التعامل مع الأسواق ذات المكاسب المتكررة خلال السنوات الأخيرة .
وتابع إن ترتيب أولويات شركات إعادة التأمين يأتى بسبب ضخامة أرقام التعويضات التى سددتها شركات التأمين والمتوقع سدادها خلال العام الحالى والمقبل والتى بالتبعية تدفع الأولى حصتها منها مع الثانية.
وأكد تراجع أقساط إعادة التأمين فى السوق المصرية و أسواق منطقة الشرق الأوسط بسبب جائحة كورونا التى أثرت بالسلب على كل اقتصادات العالم جراء توقف الطيران والسياحة العالمية وتباطؤ المشروعات التى كانت تقام أو تستكمل مما يمكن أن يدفع بعض شركات التأمين للنزول عن الأسعار الفنية فى اكتتاباتها بغرض الحصول على عمليات جديدة مما يعرضها لمواجهة التشدد وارتفاع الأسعار والشروط لعدم قدرة معيدى التأمين على تحمل أى ضغوط جديدة غير محسوبة.
ولفت إلى أن اتفاقيات إعادة التأمين من جانب الأسواق العالمية ستكون حذرة وواضحة ومتجنبة للغموض بسبب أن أغلب وثائقها كانت لاتستثنى الأوبئة من وثائقها، إضافة إلى فقد الإيراد أو مايعرف بتبعات توقف الأعمال “Business interruption” موضحا أن صناعة التأمين فى العالم كله تتحسس الطريق لعدم وجود خبرة سابقة فى التعامل مع مثل هذه الأزمات، علاوة على أن الموقف يتغير كلما طرأت مستجدات أخرى.
جودة: مرونة محتملة مع الوحدات للحصول على حجم أعمال يعوض الفاقد
من ناحيته، قال عمر جودة المدير الإقليمى للشركة “الأفريقية لإعادة التأمين” سابقا إن شكل اتفاقات إعادة التأمين سيتغير وفقا لترتيب أولويات معيد التأمين العالمى بعد تفشى وباء كورونا خاصة بسبب قلة الأقساط المحصلة من جانب شركات التأمين وبالتالى نقص حجم الأعمال التى كان يسند إليها من الأخيرة
وأشار إلى أن التأمين البحرى والنقل أبرز الفروع التى ستتأثر بالسلب بسبب تأثر حركة الاقتصاد العالمى وكذا الهندسى نظرا للإغلاق الذى تم لفترة وبالتبعية إغلاق بعض الشركات والمصانع واحتمالية إفلاس البعض والخروج من السوق مما يحدث تراجعا فى التأمين باعتباره “مرآة الإقتصاد” لضخامة أزمة كورونا.
وأوضح أنه بالرغم من كل السلبيات التى يتم حصرها على شركات التأمين فإن معيدى التأمين العالمى من واقع الخبرة فى ذلك المجال سيفكرون فى الحصول على حصص أكبر من الحالية لتعويض الخسائر التى تكبدوها لكن من أى أسواق فهذا هو الفيصل.
وتوقع أن تبالغ شركات إعادة التأمين فى الاهتمام بالحصول على حجم أعمال كبير من شركات التأمين فى أسواقها الأساسية لضخامة حجم الاكتتابات التأمينية التى تتم فعليا فى الدول المتقدمة أولا وكذا الأسواق الخليجية مثل العمانية والسعودية ستهتم بدولها ثم باقى أسواق المنطقة مما يعيد ترتيب الأوراق بالنسبة للجميع فى تلك المرحلة التى وصفها بالمختلفة والصعبة.
واعترف بصعوبة فصل أسواق الإعادة عن بعضها وذلك لكونها سوقا متداخلة ومتشابكة – سواء كان إعادة تأمين أو إعادة الإعادة – لكن الحسم سيكون أولا للدول الأم ثم أهم أسواق المنطقة وتكون الأولوية لشركات التأمين ذات النتائج الجيدة أما السيئة فستواجه تشددا فى الأسعار والشروط والتحملات بنسب كبيرة
وأكد أن ردود أفعال إعادة التأمين العالمية ستُحدد بحسب ما إذا كانت هذه الأسواق هامشية أم أساسية ثم توجهات الدول مثلما قررت حكومة الولايات المتحدة أن تدفع شركات التأمين تعويضات توقف الأعمال.
وأوضح أن شركات إعادة التأمين العالمية فى أمس الحاجة للحصول على مبالغ تأمين ضخمة نتاج اكتتاباتها من شركات التأمين العالمية للحفاظ على التصنيف الائتمانى لها من التراجع لارتفاع تكلفته ودوره الهائل فى جلب الأعمال لذا فرد الفعل على حسب المحيط الحيوى لها والذي يمثل النسبة الأكبر لإجمالى أقساط الإعادة لوجودها فى وضع تنافسى قوى للغاية.
وفيما يتعلق بالسوق المصرية قال إنه لايتصور حدوث تشدد على أنواع معينة مثل التأمينات التقليدية وتأمينات الحوادث الشخصية والهندسى بالرغم من تراجعه لأن التعويضات التى تدفعها الشركات فى ذلك الشأن معتادة مما يؤثر على رغبة معيدى التأمين فى الاكتتاب بالإيجاب.
وتوقع زيادة الطلب على وثائق الأعمال وتأمين مخاطر الإلكترونيات “Cyber Risk” لكن ليس بالصورة التى تعوض الخسائر الضخمة التى تحملتها لكوننا كسوق مصرية وأسواق فى المنطقة مبتدئين بالنسبة لأسواق مثل اليابان وأمريكا وأوروبا لذا لن نمثل نسبة تذكر.
ولفت إلى احتمالية حدوث تشدد فى السوق المصرية فى الحرائق نظرا لدخول فصل الصيف ثم إقفال بعض المصانع والشركات والتى ينتج عنها افتعال أو حدوث حرائق للحصول على تعويضات والذى من الصعب وقتها حصر مبالغ توقف الأعمال وما إذا كانت عن ناتجة عن حريق أم كورونا .
وأكد حدوث تشدد خلال العام المقبل بالتبعية مع إغلاق بعض الفنادق وشركات سياحة وفقد إيراد ضخم من تأمين الطيران عدا الأرضى – تأمين الطائرات فى أراضى المطار- الذى يمثل %20 فقط مما يشير إلى تراجع كبير فى الأقساط التأمينية.
نامى: ارتفاع الأسعار متوقع واستغلال «الإقليمية» منها بشروط ملزمة للأطراف
وبدوره قال خالد نامى مدير إعادة التأمين للشركة المصرية للتامين التكافلى ممتلكات إن أسواق المنطقة تسمع عن التشدد منذ 30 عاما لكنه لم يحدث ويعد الوضع الحالى فرصة لرفع الأسعار بالنسبة للشركات ذات النتائج السيئة وبالتالى ضبط إيقاعها وبالتبعية السوق كله.
وأكد أن شركات الإعادة ذات التصنيف الأول” First Class” محل اهتمام كل أسواق التأمين فى المنطقة خاصة السوق المصرية لوجود ضوابط دقيقة فى التعامل وضمان الحصول على التعويض عند تحقق الخطر أو الحادث وكذا الشركات العالمية تستغل هذه الفرصة لتحقيق اكتتابات مربحة لتنامى حجم أعمالها تعويضا لانخفاض العائد على استثمارتها .
وأضاف أن أبرز الفروع التى ستتأثر بارتفاع أسعاره خلال الفترة المقبلة هى السفر والحياة والطبى وتأمين الائتمان خاصة وأن شركات التأمين إلى الآن لم تستطع حصر حجم التأثير السلبى على محافظها بسبب تأجيل سداد الأقساط لها أو للبنوك على خلفية قرارات الرقابة المالية والبنك المركزى لمواجهة تداعيات أزمة كورونا.
ولفت إلى أن التأثر الإيجابى يتوقف على وعى الفنيين نفسهم بالإيجاب من خلال مناقشة العميل بأهم احتياجاته فى الفترة المقبلة وإقناعه بالحصول على وثيقة تأمين تغطى أهم متطلباته.
وأشار إلى أن أسواق التأمين الأخذة فى النمو أو مايعرف بالناشئة تنتظر دوما رد فعل معيدى التأمين باعتباره صاحب القرار بالنسبة لهذه النوعية من الأسواق بخلاف التعامل مع الأسواق النامية التى يتم الحصول منها على حجم أعمال ضخم يساعد فى استمرار الشركة بقوة كبيرة تمكنها من المنافسة.
ورأى أن تأمين توقف الأعمال والمخاطر الإلكترونية سيلاقى طلبا لكن بشكل مؤقت تبعا للخطر الحالى، مشيرا إلى أنه بعد عودة الأمور لطبيعتها سيقل الطلب عليه.
ولفت إلى أن تشدد شركات إعادة التأمين بوضوح سيتضح خلال تجديدات العام المالى المقبل، مشيرا إلى ضرورة استغلال أسواق الإعادة الإقليمية لكن بحذر والاعتماد بنسبة متواضعة وبشروط محددة وباتفاقات ملزمة لكل الأطراف تخوفا من حدوث مخاطر مالية أو سياسية يمكن أن توقف صرف التعويض أو تؤخره وهو ليس فى صالح شركات التأمين بجانب الشركات العالمية ذات التصنيف الأول.
وطالب شركات التأمين بإعادة النظر فى أسعار التغطيات التأمينية لها على أساس فنى سليم فى ظل تراجع الأقساط التأمينية بسبب أزمة كورونا وبالتالى تراجع العائد على الاستثمارات حتى تتفادى عاصفة التشدد.