أكد خبراء مصريون اليوم (الخميس)، أن قرارات الحكومة بإلغاء حظر التجوال وفتح الأنشطة المختلفة أمام الجمهور في إطار خطة مصر للتعايش مع كورونا (كوفيد – 19) سوف تنعش الاقتصاد وترفع المعاناة عن كاهل العمال.
مخاوف زيادة الإصابات
وحذروا في الوقت نفسه من أنها قد تؤدي إلى زيادة أعداد الإصابات بالفيروس.
وقررت الحكومة المصرية، أمس الأول (الثلاثاء) رفع حظر التجوال الجزئي وتخفيف الإجراءات الاحترازية اعتبارا من (السبت) المقبل.
وشملت قرارات الحكومة إعادة فتح كل من المطاعم والمقاهي، والنوادي الرياضية ومراكز الشباب، والمحال التجارية، ودور العبادة لأداء الشعائر اليومية، والمنشآت الثقافية كالمسارح ودور السينما والمراكز الثقافية وغيرها، بنسبة 25% من طاقتها الاستيعابية.
وتضاف هذه القرارات إلى أخرى تنفذها الحكومة بالفعل، مثل السماح للفنادق والمنتجعات السياحية الحاصلة على شهادات السلامة باستقبال السياحة الداخلية بنسبة 25% من طاقتها الاستيعابية، وتم رفعها إلى 50%.
كما تقرر إعادة حركة الطيران والسياحة الخارجية اعتبارا من أول يوليو المقبل.
قرارات ستحرك الاقتصاد بالكامل
وفي هذا الصدد، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله، أن “هذه القرارات طبعا سوف تحرك الاقتصاد بالكامل، وسترفع المعاناة عن العمالة اليومية بشكل كبير، وتزيد مستويات التشغيل”.
وأضاف جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن “أهم شق فى القرارات هو الخاص برفع حظر التجوال المسائي، لأنه كان يسبب مشكلة كبيرة خصوصا أن هناك عمالة كبيرة جدا تعمل فى محافظات أخرى غير التي تعيش فيها.
والانتقال من محافظة لأخرى كان صعبا جدا خلال المرحلة الماضية، ورفع الحظر سيساهم فى سهولة الانتقال وتحسين التباعد الاجتماعي، وسيكون له دور كبير فى عودة النشاط الاقتصادي”.
زيادة معدلات البطالة
وأشار إلى أن “الاقتصاد المصري فقد نحو 125 مليار جنيه من الناتج القومي منذ ظهور فيروس كورونا في البلاد، كما انخفض معدل النمو إلى أقل من 4%، بعدما كان المستهدف تحقيق معدل نمو 5.8% (خلال العام المالي الحالي).
وحدثت زيادة نسبية فى معدلات البطالة، وتراجع كبير فى استثمارات الأجانب فى الدين الحكومي وتحويلات المصريين بالخارج وإيرادات السياحة”.
وتابع أنه “رغم ذلك، فالاقتصاد المصري هو الأقل تضررا فى المنطقة من أزمة كورونا”.
واستدرك قائلا “لكن ماذا سنفعل فى المستقبل والموازنة العامة المصرية للعام المالي 2020 – 2021 تم إعدادها قبل ظهور أزمة كورونا وأقرها البرلمان، ولم يكن من الممكن تعديلها بسبب المواعيد الدستورية غير قابلة للتعديل”.
تحديات الموازنة
وأردف أن “هذه الموازنة تضع الحكومة أمام تحديات، لأنها تتضمن زيادة فى الإنفاق على الصحة والتعليم وزيادة فى الرواتب والكثير من المزايا الأخرى، وإذا لم تتمكن الحكومة من تغطية هذا الحجم الكبير من الإنفاق عن طريق تحصيل الضرائب والرسوم وموارد السياحة وغيرها ستكون أمام خيار صعب، وهو إما زيادة معدل الاقتراض أو اتخاذ إجراءات انكماشية”.
وتوقع جاب الله، أن “يعود الاقتصاد المصري بالتأكيد لمستواه قبل حدوث أزمة كورونا”، قبل أن يوضح أن “الأمر ليس متعلقا بمصر فقط إنما يتعلق أيضا بالشركاء على مستوى العالم، فمثلا مصر بصدد فتح المطارات فى بداية يوليو المقبل إلا أننا نحتاج إلى فتح مطارات دول أسواق السياحة وإقناعها بعودة السياحة مرة أخرى”.
عوامل داخلية وخارجية
وواصل أن “تحسن الاقتصاد المصري له عوامل داخلية بعودة النشاط الاقتصادي الداخلي، وعوامل خارجية بعودة الاقتصاد العالمي، فعودة حركة التجارة العالمية تؤثر بالإيجاب على إيرادات قناة السويس، وفتح الأنشطة فى دول الخليج ستكون إيجابية للاقتصاد المصري من خلال عودة المصريين فى الخارج للعمل وزيادة تحويلاتهم المالية”.
وزاد أنه “بصفة عامة، الاقتصاد المصري سيعود ويأخذ مسارا تصاعديا، والمهم أن نبدأ، والبداية كانت قرارات الحكومة التي توازن بين اعتبارات الصحة والاقتصاد”.
قرارات جيدة جدا
من جانبه، رأى الخبير الطبي الدكتور مجدى الدهشان، أن قرارات الحكومة “جيدة جدا، ولابد من العودة للحياة والأنشطة بشكل تدريجي”.
قال الدهشان، وهو وكيل كلية الطب بجامعة الأزهر سابقا، لـ “شينخوا”، إن “مصر لم تفعل مثل بعض الدول الأخرى التى قامت بإعادة الأنشطة مرة واحدة، ما أدى إلى ارتفاع أعداد الإصابات فيها، لكنها ستعيد الأنشطة يوم السبت المقبل بطاقة 25% من القدرات الاستيعابية فقط، على أن تزيد هذه النسبة تباعا”.
ورد على سؤال حول ما إذا كانت هذه القرارات ستؤدي إلى زيادة أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا في مصر، قائلا “اعتقد أن المعدل خلال الفترة الحالية مرتفع، لكن كان لابد على الدولة من أخذ هذه القرارات، لأن فيروس كورونا سوف يستمر فترة كبيرة، ولا توجد دولة تتحمل أن تغلق طوال هذه الفترة”.
وسجلت مصر حتى أمس الأربعاء 2450 حالة وفاة، و59 ألفا و561 إصابة، حسب بيان لوزارة الصحة والسكان.
خطة مصر للتعايش مع كورونا
وأكد الدهشان، أن “مواجهة مصر لأزمة فيروس كورونا جيدة، ولديها القدرة على التعامل مع أي ارتفاع فى معدل الإصابات.. ولا يوجد خيار أمام الدولة إلا عودة الحياة لأن الاقتصاد لن يتحمل كثيرا”.
لكن مستشار منظمة الصحة العالمية الدكتور جمال عصمت، كان له رأي مخالف، مشيرا إلى أن هذه القرارات سوف تزيد حالات الإصابة بالفيروس في الفترة المقبلة.
وقال عصمت لـ (شينخوا)، “كنت اتوقع أن تفتح الحكومة الأنشطة في المحافظات الأقل إصابة بالفيروس فقط، ثم نرى جدوى هذا، وبعد ذلك تفتح فى المحافظات الأخرى”.
ومع ذلك، رأى أن معدل الوفيات فى مصر “متوسط”، لكنه أشار إلى أن أزمة كورونا أخذت وقتا طويلا في مصر وصل إلى خمسة شهور حتى الآن.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.