Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

من قراءة جيل الوسط لتاريخ مصر المعاصر

من قراءة جيل الوسط لتاريخ مصر المعاصر
شريف عطية

شريف عطية

7:36 ص, الخميس, 25 يونيو 20

المصريون.. والتصدى لحروب باغية

تفرض وسطية الجغرافيا السياسية لمصر عبر الستار العربى الإسلامى الممتد من طنجة على المحيط الأطلنطى إلى البحرين وعُمان عند المحيط الهندى، مسئولية تاريخية للتحرك دفاعًا عن نفسها وعن هذه الرقعة الجغرافية المعرضة نظراً لأهميتها الكونية، للخطر، سواء من القوى الإمبريالية الخارجية أو من داخل الإقليم، وسواء باستخدام إسرائيل أساطير توراتية تبرر استعمارها الاستيطانى للأراضى الفلسطينية، وما حولها، أو سواء باستخدام إيران إرثها الاستعمارى القديم لاحتلال الأحواز العربية وجزر إماراتية، وللمطالبة من حين لآخر بالبحرين .. فضلًا عن التغلغل فى أربع عواصم عربية (..)، أو سواء باستخدام تركيا ما يسميه رئيسها «الهوى التركى» لتجديد منظومة عثمانية، استعمارية على أراضٍ ودول عربية (..)، ما يشجع حتى أثيوبيا من موقعها عند أعالى نهر النيل .. للقيام بدور الوكالة لانكشاريات غربية.. ولحساب جارات إقليميات غير عربيات، خصمًا من الرصيد العربي، ذلك فى ظل غياب لمرجعيات القانون الدولى .. ولعدم تطبيق أدواته بحزم وقوة وعدالة على الجميع، وليصبح من الطبيعى عندئذ لكل من الاستيطان الإسرائيلى والتغول الإيرانى والهوى التركي، أن يفرض أمره على دور منظومة عربية مشوشة وشبه غائبة، إلا من مصر – ربما – للتصدى على امتداد هذه اليابسة الجغرافية بين المحيطين.. إزاء مشروعات قومية عنصرية لقوى من على أطراف هذه المنطقة أو من الوافدين إليها من وراء البحر أو الما وراء الصحراوى النيلى بسيان، ما جعل مصر وهى فى مركز الدائرة وكأنها بإزاء خرائط جديدة لبعض هذه الدول، وعلى غير ما سبق وأن أسفرت عليه الدولتان الغربيتان « الانتدابيتان » من خلال اتفاقية سايكس بيكو 1916، لتتناولها من بعد أيدى الأتراك والإيرانيين والإسرائيليين، فى محاولات لإعادة كتابة مصطنعة لتاريخ هزائمهم، العثمانية نموذجاً، متجاهلين وقت أن دافعت مصر فى التاريخ الحديث عن شرف الدولة العثمانية عبر معارك المورة فى اليونان 1824، وفى القرم – روسيا 1854، ذلك من بعد أن ألحقت بها الهزائم على يد «القائد إبراهيم باشا» طوال ثلاثينيات القرن 18 فى معارك متتالية بأرض الشام من عكا – قونية – نصيبين إلى أن وصلت القوات المصرية إلى حدود العاصمة العثمانية فى الآستانة 1839، لولا أن انتصرت لها قوى الغرب ضد القاهرة فى اتفاقية لندن1840، ذلك قبل أن تعاود تركيا «الجمهورية» منذ مطلع الألفية الثالثة الميلادية إحياء ما تسمى «العثمانية الجديدة»، جائزتها الكبرى كما يتوهمون، الهيمنة على المنطقة من النيل إلى الفرات، فى القلب منها مصر، التى كان عليها مواجهة المشروع التركى «الإخوانى»، وإسقاطه فى القاهرة يونيو 2013، قبل أن تعمل أنقرة على الالتفاف إليها عبر ليبيا على الحدود الغربية المصرية فى العام الأخير – لا تزال، ذلك على تصور من تركيا على أن ما يحدث فى العراق وسوريا يمكن أن يمتد إلى ليبيا ومصر، حيث طبول الحرب يتردد صداها بسبب الأحلام التوسعية الطورانية، ناهيك عما حصل من العبرانيين ولا يزال منذ الماضى القريب، أو من الفرس فى العقدين الأخيرين، ومن دون استثناء تجرؤ الأثيوبيين منذ 2011 على الحقوق المائية لمصر والسودان. إلى ذلك، يبدو وكأن التاريخ يعيد نفسه بالنسبة لقدر مصر والمصريين للمواجهة من جديد مع القوى الطامعة فى السطو على دورها الحضارى، ومحيطها المنظور، وإذا كان الأمر كذلك .. فإن عليها فى عهدها الجديد، فى ضوء تجمع الخصوم فى مواجهتها .. العمل على تضافر الحكمة مع السياسة – كصنوين لا يفترقان، وإلى أن تتجمع لديها من الأسباب للتصدى فى جبهة وراء الأخرى لمخططات معادية، مسترشدة بالعوامل المادية والمعنوية التى سبق أن حققت انتصاراتها بشرف الأخلاقية العسكرية الاحترافية – خلال تاريخها القديم والوسيط والحديث، إذ كون مصر ليست دولة قديمة فحسب بقدر أنها من صنع التاريخ، وكلمة الله، وأنها وفقًا لكلمات «رمسيس الثانى».. «أرض لا تموت وشعب لا يندثر»، ذلك منذ أولى معاركها بقيادة أحمس – أواريس – 1580ق.م، وأعظم معاركها «مجدو» – تحتمس – 1468ق.م، إلى معركة قادش ضد الحوثيين – رمسيس الثانى – 1274ق.م، كما وأن مصر هى التى أنقذت العرب والعالم من المد المغولى 1264، ومن الاجتياح الصليبي- حطين- 1187 .. إلخ، أما فى التاريخ الحديث فقد خاضت بجيشها حديث التسليح، ست حروب خلال ربع قرن فقط، من 1948 إلى 1973 وكما استطاعت فى آخرها (أكتوبر) تحطيم خط «بارليف» (500 مليون دولار)، فإنها قادرة على تحييد مخاطر محتملة عن سد النهضة الأثيوبى، وفى الدفاع عن حدودها الشرقية (سيناء)، والغربية (ليبيا)، كما المشاركة فى الحفاظ على الأمن القومى العربى، من خلال مشروعها الوطنى المتجدد من بضع سنين، متصدياً ، وليس تصادميًا، حيث إن المصريين «خير أجناد الأرض» – قادرون على التصدى لما فُرض عليهم من حروب باغية