أكد وزير الخارجية سامح شكري، حرص مصر على العمل عبر كافة الوسائل الدبلوماسية، لتقريب وجهات النظر بين مختلف الليبيين من أصحاب التوجهات الوطنية.
جاء ذلك في كلمته اليوم في فعاليات اجتماع الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري.
وفيما يلي عرض لكلمة وزير الخارجية في الاجتماع.
أود أولاً أن أتوجه في بداية كلمتي بالشكر لمعالي الوزير يوسف بن علوي ولأصحاب المعالي وزراء خارجية الدول العربية الشقيقة ولمعالي أمين عام جامعة الدول العربية على سرعة الاستجابة لطلب مصر عقد هذا الاجتماع الطارئ لبحث تطورات الأزمة الليبية.
أرى من واجبي وأنا أخاطبكم بشأن الوضع الخطير في الجارة العزيزة ليبيا أن أجدد التأكيد على موقف مصر الثابت من الأزمة الليبية والمتمثل في ضرورة التوصل لحل سياسي شامل، والحفاظ على وحدة ليبيا وسلامتها الإقليمية، وبذل كافة الجهود لاستعادة الدولة الليبية ومؤسساتها الوطنية لدورها الطبيعي بما يعيد الاستقرار إلى ليبيا ويحقق تطلعات الشعب الليبي الشقيق.
ومن هذا المنطلق، حرصت مصر على العمل عبر كافة الوسائل الدبلوماسية لتقريب وجهات النظر بين مختلف الليبيين من أصحاب التوجهات الليبية الوطنية وجسر الهوة بينهم.
وتنفيذاً لهذه الرؤية فقد انخرطت مصر في جميع المبادرات الدولية الهادفة للتوصل لتسوية سياسية في ليبيا، بل واحتضنت المبادرة السياسية الليبية – الليبية التي أطلقها رئيس مجلس النواب الليبي وقائد الجيش الليبي بمشاركة ورعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 6 يونيو 2020 متمثلة في إعلان القاهرة والتي جاءت متسقة بشكل كامل مع خلاصات برلين والقرارات الدولية ذات الصلة بليبيا.
ويهمني هنا التأكيد على بالغ اهتمامنا بإنجاح كافة مسارات برلين السياسية والاقتصادية، فضلاً عن مسار 5 + 5 الذي سيضع الترتيبات الأمنية والعسكرية المتوافق عليها، وهو المسار الذي تدعمه مصر بقوة بالتنسيق مع جهود الأمم المتحدة.
من جانب آخر، فإن هناك الكثير من الإجراءات والسياسات التي يتعين اتباعها ليستعيد الاقتصاد الليبي عافيته، فإصلاح المؤسسات تحت نظر البرلمان أمر مطروح بقوة وتفعيل مؤسسة النفط والبنك المركزي في إطار من الشفافية والتوزيع العادل للثروة والرقابة على أوجه الصرف، أمر سيُناقش ضمن المسار الاقتصادي الذي تساهم مصر بقوة في دفعه.
وقال وزير الخارجية ، إن مواصلة بعض الأطراف الإقليمية لتدخلاتها المباشرة على الأراضي الليبية فضلاً عن سياستها التخريبية عبر نقل المرتزقة الأجانب والإرهابيين من سوريا إلى ليبيا ودعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، لا يزعزع الاستقرار والأمن الداخلي الليبي فحسب، وإنما تمتد آثاره السلبية إلى كافة أرجاء منطقتنا العربية ومنطقة البحر المتوسط على نحو يحتم تكاتف دولنا لوضع حد لتلك الممارسات المزعزعة للسلم والأمن الإقليمي والدولي.
ودأبت مصر على التحذير من خطورة انتشار الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة في ليبيا، وعلى رفض اي طروحات تؤدي لمشاركة قوى التطرف والإرهاب في عملية التفاوض على مستقبل هذا البلد الجار العزيز… وأود في هذا السياق التأكيد على أن مصر لم ولن تتهاون مع الإرهاب وداعميه، ولن تتوانى عن اتخاذ كل إجراء كفيل بمنع وقوع ليبيا الشقيقة وشعبها الأبي الكريم في نهاية المطاف تحت سيطرة تلك الجماعات الإجرامية.
وأضاف: إن تحقيق الاستقرار والأمن في ليبيا هو واجب ومسؤولية ليبية وعربية في الأساس، وهو يقتضي بذل جهد عربي مخلص لتقريب الليبيين وتعزيز كل ما هو مشترك فيما بينهم كأبناء وطن واحد، وذلك لمجابهة كل عدوان خارجي يحمل أجندات خاصة ومطامع بثروات وموارد الشعب الليبي، والتصدي بكل حسم وقوة للسياسات العدوانية التي تمثل تهديداً جسيماً للأمن القومي العربي بكافة أبعاده من المحيط إلى الخليج.
وتابع: لقد أدى العدوان الأخير والمباشر على ليبيا إلى تصعيد ميداني غير مسبوق يمثل تهديداً فعلياً لاستقرار المنطقة، حيث لا يمكن أن يظل دون رد فعل رادع، فمصر عندما تلوح بخياراتها المختلفة في ليبيا فإن الأمر يتعين أخذه بالجدية الواجبة… كما يهمني التأكيد في الوقت ذاته أن مصر ستظل تسعى للحفاظ على فرص الحل السياسي وحمايته وتحصينه من تهديدات من لا يفهمون سوى لغة العنف والحل العسكري، فالحل السياسي يفترض وجود توازن ميداني يدفع الأطراف نحو خيار التفاوض، وهذا التوازن هو ما تحرص مصر عليه ولن تسمح بكسره.
وقال: لقد تقدمت مصر إلى مجلسكم الموقر في اجتماعه الطارئ بمشروع قرار يؤكد على الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ولحمتها الوطنية، وعلى رفض التدخلات الخارجية في ليبيا التي تقوض فرص إقامة السلام المستدام، ويطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار وسحب كافة القوات الأجنبية من الأراضي والمياه الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها. وإنني على يقين أنه سوف يحظى بدعمكم ومباركتكم.