من تابع ويتابع الإذاعة المصرية، يرى كيف أن المشروع القومى المصرى/العربى حاضر على الدوام فى بثها وفى مادتها، ومن الطبيعى أن يكون أكثر حضورًا فى إذاعة صوت العرب التى مثل هذا المشروع رسالتها الأساسية. فى صوت العرب عاش الأديب الإذاعى الموسوعى سعد زغلول نصار معظم عمره الإذاعى قائمًا برسالته، مؤمنًا حتى النخاع بالمشروع القومى.. عالجه كما رأينا فى الدرامـا التليفزيونية: «رباعية مصرية»، وفى تمثيلية «مصر المحروسة»، وفى المسلسل الإذاعى «الثورة المضادة»، وفى التأليف المسرحى بمسرحية: «ولادك يا مصر»، وتبناه أيضًا فى المقالات المباشـرة، وفى دراسته عـن ثـورة يوليـو التى نشرت بالمساء الأسبوعى (1963)، وعن الاتجاهات الإنسانية فى هذه الثورة، وفـى مئات الحلقـات التى تناوب كتابتها مع إذاعيى «صوت العرب» فـى برنامـج «حـوار مع مستمع»، وفى تعليقاته السياسية، وفى برنامجه الأسبوعى « من القلب للقلب ».. وفى رسائله اليومية الإخبارية التحليلية التى جعل يرسلها بصوته كل يوم على مدار عام كامل (1990/1991) لإذاعة قطر تتابع بتغطية شاملة وتحليلات سياسية واستراتيجية تطورات وأخبار وتداعيات حرب الخليج التى فجرها غزو صدام حسين للكويت وما نجم عنه من شرخ فى الجدار العربى أضنى ابن صوت العرب القديم الذى عاش حياته فى قلب المد القومى المصرى العربى.. لم يكن سعد زغلول نصار معنيا بالتشدقـات والصرخـات العنترية، ولكنـه أحب جمـال عبد الناصر وآمن به وبمشروعه القومى، وكتب عنه المقال والبرنامج الإذاعى، ولكنى أحب أن أتوقف معك عند عمل آخر له يعبر عن نفاسة معدنه وثراء ثقافته وصدق وعمق فهمه لرسالته، حين ترجم أربعة كتب عن القائد والثورة.. إلى روح أشجع الرجال، وأطهر الرجال، وأخلد الرجال : جمال عبد الناصر، كتب سعد زغلول نصار يهدى كتابه الذى نشرته الهيئة العامة للتأليف والترجمة والنشر عام 1971، وفيـه عرض بالعربيـة أربعـة كتب عن القائد والثورة : كتاب الرئيس The Boss تأليف الكاتب الأمريكـى روبرت سـان جـون، وصـدر عام 1960 فى نيويورك فــى ( 325 ) صفحــة بالقطع الكبير، تحت عنوان The Boss. The story of Gamal abd Naser، وكتاب « الجيش المصرى فـى السياسـة »، للكاتب الأمريكـى ب. جـ. فاتيكيوتيس، وكـان قـد صـدر بإضافـات جديدة عـام 1960 بعنــــوان The Egyption Army In Politices، وكتاب « مصر فى انتقال » : للكاتبين الزوجين الفرنسيين جان وسيمون لاكوتير، وصدر فى باريس 1962 وعرضه سعد زغلول نصار عن نسخته الإنجليزية التى كانت قد صــدرت بعنـوان Egypt in Transition، أما الكتاب الرابع فعن : « الإصلاح الزراعى وتطوير الأرض » للكاتبة الإنجليزية دورين وارينر، وصدر فى لندن عام 1961.. اختيار سعد زغلول نصار لهذه الكتـب الأجنبية الأربعة، وعرضهـا بالعربية، خلال شهور من رحيل عبد الناصر، يؤكد أنه كان متابعا جيدا لأهم ما يكتب فى الغرب عن مصر، وقادرا بحكم هذه المتابعة الواعية على اختيار ما يقدم أو ينقل إلى العربية.. يقدم لهذا العمـل اللافت الذى غطى أهـم جوانب الثورة المصرية وعبد الناصر.. بأنه «» بقدر ما كان عبد الناصر ظاهرة جديدة فى هذه الحقبة من التاريخ، وبقدر ما كان نموذجًا من قادة التحرر الإنسانى أمام الشعوب فى كل أرجاء الدنيا.. بقدر ما كثرت الكتابة عنه بمختلف لغات العالم فى محاولة للوصول إلى كنه هذه الشخصية الآسرة وكنه المثل والمبادئ التى آمن بها وعمل على تحقيقها.. وللوصول إلى الأسباب التى تكمن وراء ما لقيته هذه المبادئ والمثل من نجاح لدى الجماهير العربية.. يحصى ـ رحمه الله ـ فى تقديمه للكتب الأربعة ـ صدور قرابة الثلاثمائة كتاب عن القائد والثورة، من العدو والصديق، القيمة المضافة فيما ترجمه عمـا كتب عن عبد الناصر والثورة، أنه ينقل إلينا رأياً قادماً من بعيد، من أرض غير أرضنا، وعن رؤية غير رؤيتنا، بعيدة عن شبهة الممالأة أو التزيين، يتضح منها على اختلاف مشاربها أن هذا الزعيم ظاهرة جديرة بالاحترام لا تتكرر كثيرا على المستوى الإنسانى، وكيف كان مثالاً نادرا للتجـرد والإخلاص. لـم يكتف الإذاعـى الأديب ـ فـى وداع عبد الناصر ـ بمقالٍ أو برنامج، وإنما بذل هذا الجهد الجهيد المعبر عن ثقافته الموسوعية وفهمه العميق لرسالته ليقدم إلى العربية أربعة كتب لكتاب غربيين تغطى أهـم جوانب ثـورة يوليـو وعبد الناصر. ربما كان واجبا أن نتذكر مثل هذه الأعمال القيمة ليعاد نشرها فى أعياد الثورة أو ذكرى زعيمها لتكون احتفالاً موضوعيًا لافتًا للقيم الحقيقية التى طويت عليها وبشّر بها ورعاها زعيمها الراحل!
www. ragai2009.com