شهد سعر الدولار الأمريكى ارتفاعا خلال الشهر الأخير بنحو %4 ما أرجعه محللو بنوك الاستثمار إلى الضغوط التى تواجهها موارد الدولة المصرية الدولارية، والممثلة فى إيرادات السياحة، وتحويلات العمالة المصرية من الخارج، وإيرادات قناة السويس، نتيجة التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.
توقع الخبراء مواصلة الدولار ارتفاعاته بشكل محدود حتى نهاية العام الجارى صوب مستويات 17 جنيها، مع ضعف احتمالية زوال الضغوط على الموارد الدولارية خلال هذه الفترة.
أمنت مصر تمويلات دولارية بقيمة تقترب من 13 مليار دولار تشمل خطى ائتمان من صندوق النقد بقيمة 5.2 مليار دولار لمدة 12 شهرًا، وتمويل سريع 2.8 مليار دولار، و5 مليارات دولار إصدارات أذون وسندات خزانة فى الأسواق العالمية.
خلال الفترة من 8 مايو وحتى 8 يونيو سجل سعر الدولار الأمريكى فى مقابل العملة المحلية ارتفاعا بواقع %4 من مستوى 15.56 جنيه، إلى 16.21 جنيه.
توقع أحمد حافظ، رئيس قطاع البحوث ببنك استثمار رنيسانس كابيتال أن يواصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه إلى مستويات 17 جنيها حتى نهاية العام، مع استمرار الضغوط على الموارد الدولارية لمصر.
قال حافظ لـ«المال» إن رنيسانس كابيتال كان يتوقع الحركة الصعودية لسعر الدولار فى ظل تأثر موارد التدفقات الدولارية لمصر، ولكن بوتيرة أقل وبشكل أكثر تدريجية.
تابع أن تأثر الموارد الدولارية الأساسية لمصر سلبا والممثلة فى إيرادات السياحة، وتحويلات العمالة، وإيرادات قناة السويس وضع العملة المحلية تحت ضغط.
أشار إلى أن مصر تحتاج شهريا بين 1.4 و1.8 مليار دولار للوفاء باحتياجاتها، الناتجة عن عجز الميزان الجارى، وتراجع الاستثمار الأجنبى المباشر.
لفت فى الوقت نفسه إلى أن تحركات الحكومة مبكرا لتأمين تمويلات من صندوق النقد، وإصدارات أدوات الدين كان أمرا ايجابيا خفف من الضغوط، وحال استمرار الأوضاع الراهنة حتى نهاية العام فإنه من المتوقع أن تكون احتياطيات النقد الأجنبى كافية لتغطية واردات البلاد بشكل فعال.
قالت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى ببنك استثمار برايم، إنه من المتوقع أن يواصل الجنيه تراجعه أمام الدولار بنسبة %4 حتى نهاية العام الحالى، ما يجعل الدولار يتحرك بين 16.8 و 17 جنيها حتى ديسمبر المقبل.
أشارت إلى أن التراجع فى سعر الجنيه كان متوقعا نتيجة انخفاض المصادر الأساسية لمصر من العملة الأجنبية، الممثلة فى السياحة التى تساهم بنسبة %16 من إجمالى الإيرادات الدولارية، وتحويلات المصريين من الخارج التى تساهم بحوالى %31 وقناة السويس %7.
توقعت استمرار تأثر الموارد الدولارية، مستبعدة تعافى السياحة حتى نهاية العام الحالى فى ظل مخاوف إتاحة الحركة والتنقل بين الدول، مرجحة بدء التعافى العام المقبل بشرط وجود لقاح لفيروس كورونا المستجد متاحا وقابلا للاستخدام.
على صعيد تحويلات العمالة التى تأتى النسبة العظمى منها من دول الخليج، قالت إن تأثر اقتصادات هذه الدول على صعيد النشاط البترولى نتيجة الضربات التى شهدتها أسعار النفط، والقطاع غير النفطى جراء عمليات الإغلاق يؤدى إلى المزيد من الضغط على تحويلات العمالة، موضحة أن الطلب على العمالة يرتفع كلما كان القطاع غير البترولى أنشط.
تابعت: “ستؤدى هذه العوامل مُجتمعة إلى المزيد من الضغوط على الميزان التجارى ما يولد عجزا أكبر فى النصف الثانى من العام المالى الجارى، ليصل إلى 7.6 مليار دولار، مقارنة مع 4.57 مليار دولار بالنصف الأول، ما يعنى عجزا إجماليا للعام بالكامل %3.5 من الناتج المحلى الإجمالى”. أضافت أن مصر تواجه التزامات أخرى متعلقة بخدمة الدين طويل وقصير الأجل بقيمة 12 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى فى أكتوبر الماضى.
أشارت إلى وجود عوامل إيجابية تمثلت فى أخذ البنك المركزى خطوات استباقية لتأمين أكبر قدر من التمويلات الدولارية لمواجهة هذه الالتزامات، رغم التوقعات بأنه لن يتم سدادها بالكامل، لا سيما ودائع دول الخليج البالغ قيمتها 4.7 مليار دولار، حتى يستطيع المركزى إدارة أى ضغوطات مرجح أن يواجهها الجنيه، ويحتفظ بتحركاته تحت السيطرة.
استبعدت أى تحركات للدولار فوق 17 جنيها حتى نهاية العام، فى ظل 3 عوامل أساسية، الأول؛ تحركات المركزى تجاه تامين موارد دولارية ، وعدم وجود برنامج جديد لصندوق النقد فى مقابل التمويلات الممنوحة يضغط مجددا على سعر العملة ويولد ضغوطا تضخمية، وتحسن نظرة الأجانب للاستثمار فى أدوات الدين المحلية .
قال محمد رضا، المحلل المالى وعضو الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن الأزمة الراهنة الناجمة عن تفشى فيروس كورونا المتسجد كوفيد 19 ستدفع الدولار إلى المزيد من الصعود مقابل الجنيه، نتيجة استمرار تراجعات استثمارات الأجانب فى أدوات الدين، وانخفاض تحويلات المصريين من الخارج.
وأشار إلى أن التراجع فى مستويات الجنيه أمام الدولار الأمريكى لن يكون بالشكل الكبير لأن الأزمة الراهنة فى تقلبات سوق الصرف هى أزمة عالمية طالت جميع سلة العملات بما فيها الدولار ذاته.
أشار إلى أن الدولة اتجهت فى الفترة الأخيرة للحفاظ على سعر العملة المحلية أمام الدولار الأمريكى، من خلال تحجيم الطلب على العملات الأجنبية عبر وضع آليات محددة للحصول على الدولار.