Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

مصر والحرب الباردة.. بين الأمس واليوم (1)

مصر والحرب الباردة.. بين الأمس واليوم (1)
شريف عطية

شريف عطية

7:29 ص, الأحد, 31 مايو 20

من المتفق عليه أن مصر تمثل إحدى أهم الدول المحورية القليلة على مستوى العالم، ممن لا تنفصل مقاديرها عن التأثير المتبادل لتحركات السياسة الخارجية للدول الكبرى، سواء قبل أو عقب الحربين العالميتين 2، 1، من عصور الإمبراطوريات إلى عهود الخلافة .. ومن الإمبرياليتين الفرنسية والإنجليزية إلى الاتجاه شرقاً نحو روسيا والصين، وسواء بين الثنائى القطبى، الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.. خلال حربهما الباردة 1947 – 1989، أو بين علاقة الوارث بالموروث الغربيين، الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى (وفرنسا) اللتين خرجتا منتصرتين من الحرب العالمية الثانية.. تجران أذيال الخيبة والفشل عن مستعمراتهما التى لا تغيب عنها الشمس.. إلا من انعكاس بعض من سناها على كل من دائرتى دول «الكومنولث» و«الفرانكفون»، ذلك فيما أصبح بناء حلف دفاعى شرق أوسطى موالٍ للغرب مركز اهتمام ساسته لضمان التفوق فى الحرب الباردة التى ظلت منطقة الشرق الأوسط مرتبطة بتلك الحرب الناشئة من نهاية الأربعينيات مع الاتحاد السوفيتى – لنصف قرن تال- قبل أن تلوح نذر اشتعالها فى العقد الثانى من القرن الحالي.. بالتبادل مجدداً بين الولايات المتحدة والصين، ذلك فيما تشابكت مع هذه الحقبة «السبعينية» فى الشرق الأوسط، كل من عملية القضاء على الاستعمار، والقومية العربية، والحركة الإسلامية، وبناء الدول.. إلى الصراع العربي- الإسرائيلى، وليس آخراً بالحرب الباردة العربية – العربية، وفى وقت لم يكن يغيب خلاله عن إشراقة واشنطن البازغة أن تخلف شمس لندن الآفلة، إذ سعت الإدارات الأميركية منذ أواخر الأربعينيات (ترومان) حتى عام 1956 (أيزنهاور) كى تضع مصالحها الأمنية والاستراتيجية ضمن أولويات سياستها تجاه مصر.. الساعية بدورها للانعتاق من ربق نفوذ الاحتلال البريطانى، باعتبار الاستقلال عنه فى صدارة قضايا الحركة الوطنية لمصر الدولة.. يتنافس لتحقيق قصب السبق إليه.. كل من الأحزاب والقصر.. بأقله منذ الاستقلال الأول فبراير 1922 – (الاحتلال على يد سعد «زغلول») خير من الاستقلال على يد عدلى «يكن»)، إلى غير ذلك من شعارات حزبية أقرب إلى الطبل الأجوف لم يفت عن السياسة البرجماتية الأميركية أن ترقص بعدئذ مع مسئولين مصريين على أنغامها، ربما بمظنة الاستعواض بالنار الأميركية عن الرمضاء الإنجليزية، ذلك رغم سبق مشاركة مراقبين إنجليز فى «لجنة الثلاثين» لوضع دستور 1923، إلى توقيع معاهدة 1936، إلا أن نفوذ السفارة البريطانية فى قصر الدوبارة بالقاهرة ظل مخيماً على رجالات من الطبقة السياسية.. يتسابقون مع القصر لنيل رضاها، ما دفع الحكومة البريطانية إلى التسويف والمماطلة للتوصل إلى ترتيبات مستدامة متكافئة.. تنظم العلاقة المستقبلية بين البلدين، تبقى على ما سبق بناؤه من مظاهر الحداثة فى مصر (التعليم- الصحة – الإدارة ..إلخ)، ولربما فى بناء حائط صدّ ضد الأطماع التوسعية للمشروع الصهيوني- القابعة دولته على حدود مصر الشرقية منذ 1948، خاصة لمعادلة التحالف المستحدث بين الصهيونية الأميركية مع الوكالة اليهودية منذ مؤتمر «بلتيمور» بالولايات المتحدة 1942، ما ألقى باللوم المصرى بعدئذ على الدور الأميركى فى إنشاء إسرائيل، ناهيك عن تسابقه مع الدور السوفيتى للاعتراف الأممى بإسرائيل فى الساعات الأولى لإعلانها، وحيث أوجدت الحرب فى فلسطين مرارة لدى القاهرة تجاه واشنطن.. التى بات مسئولوها يخشون مع مطلع الخمسينيات.. من عدم التطبيع لاحتمالات تشجيع النزعة الوطنية المصرية المؤثرة فى مواقف الدول الأخرى فى أنحاء الشرق الأوسط، سواء لجهة التحالف مع الغرب تحالفاً لا رجعة فيه، وإما فى اتجاهها إلى الحياد، أو «للانحراف» صوب فلك الاتحاد السوفيتى، الأمر الذى دفع واشنطن فى 1951 إلى وضع مفهوم قيادة الشرق الأوسط MEC، لسد الفجوة المحتملة بين مصالحها الاستراتيجية والسياسية مع مصر.. التى سارعت من جانبها- على الفور- وبالتوازى مع مشروعها فى إجراءات إلغاء معاهدة 1936 مع بريطانيا، إلى رفض حكومتها (الوفدية) فكرة «قيادة الشرق الأوسط»، الأمر الذى أزعج الغرب أيما إزعاج، خاصة مع أعمال الفدائيين المصريين فى منطقة القناة، ما أسهم فى إطلاق حركة الجيش فى يوليو 1952، ومن ثم إلى تصاعد الظهور المتوازى مع النزعة الوطنية الثورية فى مصر، ما وقر فى قناعة واشنطن 1953 (دلاس) بأن مصر لن تكون شريكاً أمنياً يُعتمد عليه، ما ألجأها إلى نقل مركز الاهتمام الاستراتيجى الأميركى من مصر إلى القسم الشمالى (تركيا- باكستان)، إيذاناً بالسجال بين مصر «القومية» والأحلاف الخارجية (بغداد – السنتو..) قبل التوجه شرقًا إلى كل من الاتحاد السوفيتى والصين منتصف الخمسينيات، وإن لم تقطع شعرة معاوية تماماً مع الغرب، رغم رفضها المطلق لمشروع إيزنهاور 1957 لملء الفراغ فى الشرق الأوسط (النسخة المعدلة لمقترحها 1951 MEC)، وإلى أن قامت الحرب فى 1967 التى مثلت استئنافًا للعدوان الغربى مع إسرائيل على مصر فى حرب السويس 1956.

(يتبع)