العودة إلى مصر وموت فاروق
حرص المراغى أن يروى أنه بعد أن طالت غربته الإجبارية خارج مصر إلى عام 1973، أرسلت والدته إلى الرئيس الراحل أنور السادات ترجوه أن يسمح لابنها ــ مرتضى ــ بالمجىء إلى مصر كى تراه قبل وفاتها.
ووافق الرئيس السادات، وقام الدكتور عبد القادر حاتم بإبلاغ شقيقة المراغى بموافقة الرئيس، فحرصت على إبلاغة بالخبر فى بيروت، ولكنها صدمت بقوله إنه لا يستطيع العودة وهو محكوم عليه بالأشغال الشاقة، فلما نقلت أخته الأمر إلى الدكتور حاتم، ذهب بدوره إلى الرئيس السادات الذى أجاب بأنه لا يستطيع أن يعفو عنه وحده إلاَّ أن يعفو عن جميع المحكوم عليهم، وأن كل ما يستطيعه هو « كلمته » له بإمكانية العودة.
واطمأن المراغى إلى كلمة الرئيس السادات، ليصل مصر يوم 5 أكتوبر 1973، ليلة النصر العظيم الذى حققته مصر، ووفى السادات بوعده، وأصدر أمرًا بالعفو عنه.
موت فاروق
يقول مرتضى المراغى فيما أفضل أن أنقله عنه بعبارته :
«ومضت الأيام
«انقطعت عنى أخبار فاروق إلى أن فوجئت بنشر الصحف خبر وفاته.. وعلمت بموعد جنازته فقررت الاشتراك فيها.. وكان من المشاهد التى لا أنساها عندما ذهبت إلى المقبرة التى أعدت لدفنه وكانت مقبرة المسيحيين المسماة « الفيرانو » فى مدينة روما، وقد لفتت نظرى إحدى بنات فاروق لاحظت أن معها ولدًا صغيرًا كانت تهمس فى أذنه بين وقت وآخر وهو فى حالة إرتباك شديد. يبدو أن الفتاة عرفتنى فقد فوجئت بها تطلب إلى الولد الصغير الذى معها أن يصافحنى.. ثم سمعتها تقول بأدب مفرط : تسمح تخليه يقرأ الفاتحة على روح أبوه !
« وعرفت أن هذا الصبى هو الطفل أحمد فؤاد الذى قاسى فاروق طويلاً من أجل أن ينجبه وكان يحلم أن يرثه.. وطلبت إلى أحمد فؤاد أن يردد معى ما أقوله.. وقرأت آيات الفاتحة وأخذ يرددها هو خلفى.. حتى انتهيت فأمسكت به أخته وأخذته وانسحبت.
« وبسبب الحكايات الكثيرة التى ترددت عن وفاة فاروق ومن بينها اتهام أحد ضباط الثورة بأنه دس السم لفاروق فى طعامه، فقد مارست فضولى وظللت أتردد طويلاً على المطعم الذى مات فيه فاروق إلى أن كسبت صداقة صاحبه.. وهذا المطعم موجود فى شمال إيطاليا، وعندما عرف صاحب المطعم ــ بعد أن كسبت صداقته ــ أننى مصرى أخذ يحدثنى عن فاروق وتردده الطويل على مطعمه، وقلت له إنه كان غريبًا أن يموت فاروق فى سن 45 هكذا فجأة وهو يأكل..
« ونظر إلىَّ صاحب المطعم وقال لى ساخرًا : يأكل.. وأضاف ما معناه بالايطالية بل قل كان « يحشى » !!
«قلت له باهتمام : ليه.. هو أكل أيه ؟!
« وأجابنى بقائمة غريبة.. فقد بدأ فاروق طعامه يومها بتناول « سلطانية أسباجتى كبيرة عليها كوم من المحار » وهو طبق معروف فى ايطاليا اسمه اسباجيتى الاجاندولا، والمفروض فيمن يأكله ألا يأكل غيره، ولكن فاروق أكل كمية تقدم تقريبًا لثلاثة زبائن !.. ثم اتبع هذا الطبق بقطعة لحم خاصة زنة حوالى كيلو جرام من نوع مميز اسمه « فوليرانتينا » وهو يعد من أحسن أنواع اللحوم ويحضرونه خصيصًا من فلورنسا، والمفروض أن يشترك أربعة فى أكل مثل هذه القطعة التى أكلها فاروق، ولكن فاروق التهمها وحده ومعها بدون مبالغة صينية بطاطس!!
« ثم جاء دور الحلو وكان « خفيفًا » :5 أصابع موز، وخمس تفاحات، نصف تورتة !
« ولم يكن سرًا أن فاروق كان مريضًا بالقلب، وقد نصحه الأطباء بتخفيف وزنه، ولكنه كان قد انجرف إلى حب الطعام بصورة مذهلة، وعندما التهم هذه الوجبة الغريبة كتمت على أنفاسه ومات فيها !!
ومات آخر ملوك مصر..
مات منتحرًا بالتخمة، ولم يقتله أحد !
( انتهى )
www. ragai2009.com