قال مصرفيون إن قرار البنك المركزى الصادر بإعفاء البنوك من تطبيق تعليمات حدود التركز الائتمانى لأكبر 50 عميلا لمدة عام، يدعم قدرة البنوك على منح الائتمان للشركات الكبرى، ويساهم فى تنشيط المحافظ فى ظل أزمة كورونا.
قال «المركزي» فى التعليمات الصادرة مؤخرا: «بالإشارة إلى الكتاب الدورى الخاص بنسب تركز المحافظ الائتمانية للبنوك، والكتاب الدورى بتاريخ 7 أبريل 2019 الخاص بإدارة مخاطر التركز، تقرر ضرورة التخفيف على البنوك وتمكينها من استخدام بعض الدعامات المالية التى سبق تكوينها لمقابلة تركز المحافظ الائتمانية».
أكد المركزى أن ذلك يأتى فى ضوء تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد، وما تبع ذلك من إجراءات احترازية اتخذها البنك المركزى للتخفيف من التداعيات المالية والاقتصادية لتلك الأزمة، مشيرًا إلى إعفاء البنوك لمدة عام من قراره السابق الخاص بحدود تركز محافظ البنوك الائتمانية لدى أكبر 50 عميلا والأطراف المرتبطة به.
كان البنك المركزى أصدر هذه التعليمات فى 2016 ونصت على تكوين أوزان مخاطر إضافية تصل إلى %200 فى حالة تجاوز التسهيلات الائتمانية الممنوحة لأكبر 50 عميل نسبة %50 من المحفظة الائتمانية، وفى حالة تجاوز النسبة %70 يتم تكوين أوزان مخاطر تصل إلى %300.
قال محمد عبد العال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن المركزى اتخذ قرارًا للتحوط ضد مخاطر تركز الائتمان بإدراج أكبر 50 عميلا فى محفظة كل بنك بنسبة ترجيح مخاطر تصل إلى 200%، من معدل كفاية رأس المال لتغطية المخاطر المحتملة بدلا من %100 للعملاء الآخرين.
أشار إلى أن هذا الإجراء التحوطى كان يحد من قدرة البنوك على التوسع فى منح الائتمان للحفاظ على معدلات كفاية رأس المال المقررة من البنك المركزي، موضحًا أن قرار المركزى الأخير أعاد نسبة ترجيح المخاطر لمستوى %100 لجميع العملاء بما فيهم أكبر 50 عميلا.
عبد العال: القرار يوفر(1 إلى %2) من معدلات كفاية رأس المال لدعم الشركات الكبرى
أوضح أن القرار يوفر للبنوك متوسط 1 إلى %2 من معدل كفاية رأس المال، ما يعزز قدرة البنوك على مواجهة الصدمات الاقتصادية التى تنشأ نتيجة الظروف الحالية، وبالتالى يمكنها من مساندة الشركات الكبرى بإتاحة قروض جديدة أو تأجيل استحقاقات قائمة تنفيذًا لتعليمات البنك المركزى.
فيما يتعلق بمستقبل الائتمان فى القطاع المصرفى فى ظل الأزمة الراهنة قال عبد العال، إن كورونا أثر على الاقتصاد محليًا وعالميًا فى كل القطاعات، ومنها التمويل والائتمان فى البنوك، موضحًا أن مدى استمرار هذا الوضع أو تعافيه فى المستقبل القريب يتوقف على عدة عوامل.
تابع: «أول هذه العوامل درجة انحسار الوباء محليًا وعالميًا وإمكانية استعادة دوران الاقتصاد، أما العامل الثانى فهو قدرة المستفيدين من الحزم النقدية والتيسرية التى أطلقتها الحكومة لقياس مدى تأثيرها على أرض الواقع، على مستوى رد فعل هذه القطاعات والخطوات التى اتخذوها استجابة لمبادرات الحكومة».
المحور الثالث وفقًا لعبد العال؛ قدرة الدولة على إدارة الأزمة وإحداث توازن بين متطلبات القضاء على الوباء عبر الإجراءات الاحترازية وتحريك عجلة الاقتصاد من ناحية، وقدرتها على الحصول على أكبر قدر ممكن أو متاح من المنح والتسهيلات وخطوط الائتمان من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولى والبنك الدولى وغيرها، والاستفادة من إمكانية تنفيذ خطة تيسيرات عالمية لإسقاط أو تأجيل الدول الدائنة لبعض ديون الدول المدينة التى تضررت من صدمة كورونا من ناحية أخرى.
أضاف: «من المهم أن يكون للدولة القدرة على تحريك بعض القطاعات المهمة مثل السياحة والعقارات والنقل، والمشروعات القومية، وكذلك استمرار السياسة النقدية التحفيزية واستحداث أوعية إدخارية مميزة للقطاع العائلى للتعويض عن الضرر المادي، وخفض نسبة الاحتياطى القانونى للبنوك التى تحقق أهداف تمويلية معينة، وتشجيع عمليات الدمج والاستحواذ لبعض قطاعات وحدات القطاع المصرفى التى ستجد صعوبة فى توفيق أوضاعها فيما يتعلق بمتطلبات رأس المال وفقًا لقانون البنوك الجديد لخلق كيانات مصرفية قوية».
طالب بمنح أولوية قصوى وتيسيرات غير عادية للمصدرين ومنحهم خطوط الائتمان اللازمة لزيادة حجم التجارة الخارجية، وفى ضوء ذلك رجح عبد العال أن تنشط القطاعات التمويلية بداية من الرابع الثالث والرابع من العام الجارى.
يشار إلى أن لجنة بازل أعلنت عن سلسلة من الإجراءات لتخفيف تداعيات أزمة كورونا على المصارف، شملت بشكل أساسى تأجيل تاريخ تنفيذ معايير بازل 3 الجديدة (أو ما يطلق عليه أحياناً بازل 4)، وخاصة بالنسبة لمتطلبات رأس المال، لمدة عام حتى 1 يناير 2023.
كما منحت اللجنة المصارف تمديداً مماثلاً لاعتماد الإطار الجديد لمخاطر السوق، ومتطلبات الافصاح ضمن الدعامة الثالثة، أما بالنسبة لتطبيق إطار متطلبات المصارف الدولية المهمة نظامياً، فقد تم تأجيل تطبيقه حتى عام 2022، وفقًا لما أعلنه اتحاد المصارف العربية.
قال الاتحاد إنه من المتوقع أن يمنح قرار اللجنة بتأجيل تنفيذ قواعد بازل الجديدة المصارف والجهات الرقابية مساحة كافية للاستجابة للأزمة الناجمة عن فيروس كورونا، الأمر الذى سوف يخفف من قيود رأس المال التى من المرجح أن تواجهها بعض المصارف وتحرير قدرتها التشغيلية.
قال طارق متولي، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك بلوم سابقًا، إن التعليمات الخاصة بالتسهيلات الائتمانية لأكبر 50 عميلا أصدرها المركزى لمنع التركز وحماية لمحافظ الائتمان فى البنوك من التعثر فى ظل التسهيلات الضخمة الممنوحة لهؤلاء العملاء.
أشار إلى أن وقف العمل ببعض هذه التعليمات بشكل استثنائى فى ظل أزمة كورونا، مرجح أن يكون لسبب وجيه فى تحريك محافظ الائتمان بالبنوك، لكنه يجب أن تعود للعمل بشكل سريع حماية للبنوك من مخاطر التركز وارتفاع نسب التعثر.
قال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفى، إن قرارات البنك المركزى بوقف العمل بتعليمات التركز الائتمانى لأكبر 50 عميلا تهدف إلى استمرار عملية منح الائتمان فى هذه الفترة الاستثنائية التى يمر بها الاقتصاد، لا سيما أن المركزى وضع ضوابط مشددة على منح الائتمان لأكبر50 عميلا للحفاظ على معدلات كفاية رأس المال بالبنوك والتحفيز على توسيع قاعدة العملاء والتوجه بشكل أكبر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
أضاف أن تعليمات المركزى كانت تنص على عدم تجاوز حجم التسهيلات الائتمانية لأكبر 50 عميلا فى كل بنك %50 من المحفظة الائتمانية، وحال تجاوزها يضطر البنك لتكوين وزن مخاطر إضافى يصل إلى %200 وحال تجاوزها %70 كان يتم تكوين وزن مخاطر إضافى بنسبة %300 ما يؤثر على معدل كفاية رأس المال بالبنك.
تابع أن تعليق العمل بهذه التعليمات يعزز قدرة البنوك على منح الائتمان لأكبر 50 عميلا أو عمل جدولة لمديونياتهم لمساندتهم فى هذه الأزمة، موضحًا أن البنوك كانت تتوقف عن منح الائتمان لهؤلاء العملاء للتوافق مع تعليمات البنك المركزى.
عبد المنعم: المصارف التى تمتلك معدلات كفاية رأسمال قوية الأكثر استفادة
بشأن مدى تأثر البنوك بهذه التعليمات، أشار إلى أن الأمر يتوقف على نسبة معدلات كفاية رأس المال فى كل بنك ومدى توافقه مع مقررات بازل 2 و3 فالبنوك التى تمتلك معدلات كفاية رأسمال قوية ستتمكن من استكمال عملية منح الائتمان لهؤلاء العملاء والاستفادة من تعليمات المركزي.
فيما يتعلق بحركة الائتمان بعد نحو شهرين من أزمة كورونا أوضح عبد المنعم، أن الوضع لا يزال ضبابيًا، موضحًا أن بعض القطاعات لم تتأثر بالأزمة فى ظل الحاجة الماسة لها مثل الأغذية والأدوية والرعاية الصحية، بينما هناك قطاعات تتردد البنوك كثيرًا قبل منحها الموافقة الائتمانية وهى القطاعات التى توقفت نتيجة الأزمة وعلى رأسها قطاع الترفيه.