رصدت «المال» توقعات مجموعة من خبراء ومحللى البترول والطاقة، بشأن تحرك أسعار الخام العالمية «برنت» خلال الفترة المقبلة، عقب قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها «الأوبك +» خفض الإنتاج بواقع 10 ملايين برميل يوميًا، بداية من شهر مايو الجارى، تزامنًا مع تخفيف إجراءات العزل والحظر فى عدد كبير من الدول جراء أزمة فيروس كورونا.
كمال: مرجح أن تتراوح بين 55 إلى 65 دولارًا الفترة المقبلة
قال أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إن أسعار البترول العادلة تبلغ 60 دولارًا للبرميل، بإضافة أو خصم 5 دولارات، موضحًا أن ذلك السعر يمثل النقطة التى تحقق التوازن بين المنتج والمستهلك والمُصنع.
تابع: «حال انخفض السعر عن 55 دولارًا للبرميل يصاب المنتجين بأضرار كبيرة، وتتحقق المكاسب للمصنعين والمستهلكين، وحال زاد السعر عن 65 دولارًا للبرميل يخسر المستهلك والمصنع، ويحقق المنتجون عوائد ضخمة».
أكد كمال: “مع الخطط التدريجية فى معظم دول العالم والمنطقة العربية بعودة الحياة الطبيعية لمسارها التدريجى، ومع تفعيل اتفاق «الأوبك +» بخفض الإنتاج تحدث حركة زائدة على صعيد قطاعات النقل والصناعة والتجارة والاقتصاد بشكل عام لتعويض الخسارة التى نجمت مؤخرا.
يذكر أن اجتماع منظمة دول الأوبك وحلفائها «الأوبك +»-الذى عقد الشهر الماضي- تم خلاله الاتفاق على خفض الإنتاج بواقع 10 ملايين برميل يومياً لمدة شهرين بداية من الأول من الشهر الجارى وحتى نهاية يونيو المقبل.
كما تم الاتفاق على أنه سيتم خلال 6 أشهر بداية من يوليو المقبل حتى ديسمبر خفض الإنتاج إلى 8 ملايين برميل يومياً، ويعقب ذلك خفضًا يصل إلى 6 ملايين برميل يومياً لمدة 16 شهرًا بدءًا من يناير2021 حتى أبريل 2022 .
تابع وزير البترول الأسبق أنه مع تفعيل اتفاق «الأوبك +»، وعودة الحياة فى دول العالم لطبيعتها ترتفع حركة الطلب على البترول لمستوياتها الطبيعية تدريجيا، ويصعد الاستهلاك إلى بين (85 – 90) مليون برميل يوميًا، مقارنة بأقل من 70 مليون برميل حاليا.
قال إن زيادة معدلات الطلب من شأنها ارتفاع الأسعار تدريجيًا لتتراوح بين 55 إلى 65 دولارًا للبرميل خلال الفترة المقبلة.
لفت إلى أن هناك دولا تعتمد على البترول كمصدر رئيسى لدخلها مثل روسيا، وإيران ودول الخليج العربى، مؤكدًا أن الاقتصاد الأمريكى مرجح أن يعوض خسائره من تراجع أسعار النفط خلال الفترة المقبلة.
أوضح أن أمريكا تعد واحدة من أكبر منتجى البترول والغاز على مستوى العالم، وكان إنتاجها يصل إلى 8 ملايين برميل يوميا من إجمالى 100 مليون برميل، يتم إنتاجها على مستوى العالم، حصة “الأوبك” منها بين (40 إلى 42) مليون برميل.
تابع: “رفعت أمريكا مؤخرًا إنتاجها إلى 13مليون برميل، وأوقفت الاستيراد وسمحت بتصدير كميات من البترول، الأمر الذى ساهم فى خفض الأسعار بشكل كبير”.
هوت أسعار البترول العالمية %66 منذ مطلع العام الجارى حتى نهاية مارس الماضى، متأثرة بأزمة فيروس كورونا التى ضربت أكثر من 200 دولة حول العالم، فضلا عن تخمة المعروض.
يوسف: مستبعد تجاوزها 40 دولارًا نهاية العام
أكد مدحت يوسف، استشارى البترول ورئيس شركتى موبكو وميدور الأسبق، أن أسعار البترول مرجح أن تدور بين 20 و30 دولارًا طالما استمر الركود الاقتصادى العالمى.
تابع: “حال عودة الحياة لطبيعتها على مستوى العالم من ناحية التجارة العالمية، والقوى الشرائية، من المنتظر حدوث ارتفاع نسبى لأسعار النفط ومشتقاته، شريطة الحفاظ على تحديد سقف الإنتاج طبقا لاتفاق (أوبك+)”.
أضاف: “الأوضاع الراهنة تتطلب من منظمة الأوبك وحلفائها معاودة دراسة السوق والعمل على المزيد من الخفض، ليتوافق مع الطلب المتناقص للنفط، وفى تلك الحالة من المتوقع حدوث ارتفاع نسبى يتعدى 30 دولارًا للبرميل”.
أشار إلى أن سوق النفط المستقبلية تواجه تحديات عدة أهمها تطور بدائل النفط، واللجوء إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، موضحا أن الصراع أبدى بين الدول المنتجة إلى أن يظهر البديل الذى يعوض النفط.
استبعد مع انحسار الوباء تجاوز سعر خام برنت 40 دولارا فى ختام العام، إلا فى حدود التلامس أو الذبذبة حول هذا السعر .
أرجع يوسف توقعاته بعدم تجاوز خام برنت 40 دولارًا حتى بعد انحسار الجائحة، إلى الفائض العالمى من النفط، لأن الانهيار السعرى تبعه تخزين كميات كبيرة، ولكى يتم استنفاذ هذا المخزون مع حالة التوازن بين العرض والطلب بعد قرار “أوبك+” فإن هذا المخزون متوقع أن يمثل نقطة مقاومة لارتفاع السعر وتجاوزه للمستويات الأعلى قبل الأزمة.
يشار إلى أن منظمة «أوبك+» أكدت فى اجتماعها الشهر الماضى الالتزام بالتعاون والعمل على تحقيق استقرار سوق البترول العالمية والمصالح المتبادلة للدول المنتجة، وتأمين الإمدادات للدول المستهلكة وتحقيق عائد عادل على رأس المال المستثمر.
أشارت المنظمة إلى أنه سيتم عقد اجتماع فى العاشر من يونيو المقبل عبر الفيديو كونفرانس، بهدف تحديد إجراءات أخرى حسب الحاجة لتحقيق التوازن فى سوق البترول العالمية.
حسان: التعافى مرهون بعودة نشاط الصناعة والنقل والطيران
استبعد يسرى حسان، استشارى البترول الدولى، ومدير قطاع الاستكشاف بالشركة الوطنية للبترول “إن بى سى”، تجاوز سعر البترول العالمى “برنت” مستوى 40 دولارًا للبرميل نهاية العام.
قال حسان إن السعر لن يتعدى 35 دولارًا للبرميل خلال 6 أشهر المقبلة، ومرجح أن يتجاوز ذلك قليلا مقتربا من 40 دولارًا للبرميل بعد تلك الفترة، لكنه من المستبعد أن يصعد فوق 40 دولارًا قبل نهاية العام الجارى.
أوضح أن تعافى الأسعار وانتعاشها عن مستوياتها الراهنة مرتبط بعودة النشاط الصناعى على مستوى العالم، وحركة قطاعات النقل والطيران إلى مستوياتها الطبيعية، الأمر الذى يتبعه ارتفاع استهلاك الطاقة من كهرباء وغاز ووقود سائل .
رجح وصول أسعار الخام العالمى “برنت” إلى مستوياته الطبيعية قبل أزمة كورونا خلال النصف الثانى من العام المقبل، شرط انحسار الأزمة، وعودة الحياة فى دول العالم إلى طبيعتها والتزام منظمة الأوبك بقرار خفض الإنتاج.
عن الهبوط الكبير فى أسعار الخام الأمريكى، قال إن «خام» غرب تكساس غير مؤثر على مصر، ولا يرتبط بأسعار تعاقدات الاستيراد التى يتم تحديد قيمتها بناء على سعر خام «برنت».
أوضح أنه مع تراجع الأسعار العالمية للبترول، ارتفعت طاقات التخزين، فى الوقت الذى ترتبط فيه واشنطن بعقود للاستيراد من السعودية ودول أخرى، وعدم الالتزام بها يعرضها لغرامات فادحة.
تابع: “أمريكا قامت باستلام البترول المتعاقد عليه مع تلك الدول بأسعار مرتفعة، وقامت بعرضه للبيع بالخسارة، لكنها ترى أن الأهم هو الالتزام بتعاقداتها دون النظر لما تكبدته من خسائر، لاسيما مع عدم توافر مساحات للمزيد من التخزين”.
يشار إلى أن بنك جولدمان ساكس رفع توقعاته لسعر برنت فى الربع الثانى من 2020 إلى 25 دولارا للبرميل، من 20 دولارًا فى السابق، كما رفع بشكل طفيف توقعاته للعام بأكمله لبرنت إلى 35.8 دولار للبرميل من 35.2 دولار.
كان متوسط برنت 64.16 دولار للبرميل خلال عام 2019، لذا فإن تعديل جولدمان توقعاته بالرفع إلى 35.80 لهذا العام سيظل ينطوى على تراجع بنسبة %44.
يقول محللون لدى “جيه.بى.سى إنرجي” إنه من المرجح أن يسجل الطلب أداء أقل ما يبدد أثر جهود المنتجين للتعامل مع تخمة المعروض.
قالت “جيه.بى.سي” إنه من المرجح أن يكون الطلب على النفط مخيبًا للآمال حتى حال تحققت التوقعات الأكثر تفاؤلا لتعافى الطلب من جانب المستهلكين النهائيين، بسبب ارتفاع ضغط المخزون الذى تكون الفترة الماضية.
أبو العلا: التخفيضات غير كافية.. والارتفاع للمستويات الطبيعية مرتبط بتحسن الأوضاع العالمية
أكد رمضان أبو العلا، استشارى البترول والتعدين ونائب رئيس جامعة فاروس، أن توقعات أسعار البترول العالمية مرتبطة بقدرة العالم على تجاوز أزمة فيروس كورونا .
تابع: “الأزمة الأولى التى أثرت على أسعار البترول، أن جائحة كورونا مستمرة حتى الآن، وهى المشكلة الرئيسية، الأمر الثانى كان معركة تكسير العظام بين روسيا والسعودية التى اشتركت فيها أمريكا وكانت بالأساس بسبب اختلافهم على اتفاق تخفيض الإنتاج، لكنها حُلت فى الفترة الأخيرة”.
أضاف: “بعد أن أدرك الجميع أن الدول فى خطر من ذلك الصراع، بما فيهم روسيا، تم الاتفاق على الخفض بنسبة معينة فى اجتماعهم الشهر الماضى”.
يرى أبو العلا أن نسبة خفض الإنتاج التى اتفقت “الأوبك +” عليها غير كافية وبالتالى مرجح أن تستمر الأسعار على مستوياتها المنخفضة، حتى تقرر منظمة “الأوبك+” المزيد من الخفض فى الإنتاج مرة أخرى لكى تتعافى أسعار النفط.
قال إن أسعار برنت حاليا تدور حول مستوى 30 دولارًا للبرميل، وأمل الولايات المتحدة ارتفاعها فوق مستويات (40 و45) دولارًا للبرميل لتعويض خسائرها، وعودة استخدام النفط الصخرى، وانتعاش استثماراته مجددا.
توقع أبو العلا أن يظل السيناريو قائمًا حتى نهاية العام الجارى، وتظل الأسعار تدور حول مستوى 30 دولارًا للبرميل، حتى حال بدأت التعافى فإنها لن تتجاوز 35 دولارًا قبل نهاية 2020.
قال إنه مع بدء عودة الحياة لطبيعتها فى العالم، ترتفع حركة الطلب وتبدأ الأسعار فى التعافى، لكن ليس بشكل سريع، لا سيما مع استمرار زيادة المعروض بدرجة كبيرة تحد من انتعاش الأسعار، وتعافيها بشكل كبير فى فترة قصيرة.
من وجهة نظر عالمية، تم تحديد 4 عوامل تعد المؤثرة على توقعات أسعار البترول هى «تخفيضات الإنتاج، وفتح منشآت الاحتياطى النفطى للولايات المتحدة، وتعافى الاقتصاد الصينى، وأخيرًا زيادة الطلب على المشتقات النفطية».
على صعيد تخفيضات الإنتاج، يرى المحللون أن الفائض فى معروض البترول الذى يقترب من 200 مليون برميل، لا يجد من يشتريه حاليا، كما أنه لا توجد آلية محددة ودقيقة ومقبولة من الجميع لقياس مدى التزام الدول المختلفة بالتخفيضات المتفق عليها.
أكدوا أنه ستظل ظاهرة تذبذب الأسعار ملازمة للسوق حتى يتم التأكد من التوصل إلى علاج لمرض كورونا، دون النظر إلى تخفيض الإمدادات التى تم الاتفاق عليها بين أوبك وشركائها.
تابعوا أنه من المرجح أن تلجأ الولايات المتحدة إلى فرض رسوم على النفط السعودى، بما يمنح للنفط الأمريكى ميزة تنافسية، بهدف استيعاب كمية أكبر منه، ومساعدة الشركات الأمريكية على مواصلة الإنتاج بأقل الخسائر الممكنة، ما يساعد الأسعار على التماسك والارتفاع.
بالنسبة لتعافى الاقتصاد الصيني-الذى بدأ منذ منتصف مارس الماضي- أكد المحللون أنه سيمنح السوق قدرًا كبيرًا من التفاؤل، لكن السوق لا يجب أن تقع فى مصيدة الإفراط فى التفاؤل بناء على توقعات زيادة الطلب فى الصين، نظرًا لأن التصدير أهم محركات النمو فى بكين.
أشارت الآراء العالمية إلى فرضية تعثر الاقتصاد الأمريكى الذى انكمش خلال الربع الأول من العام الحالى على سبيل المثال، أو تعرض بعض الدول الصناعية لهجوم موجة ثانية من الوباء، فإن كل التوقعات المتفائلة بتعافى الاقتصاد العالمى سوف تتلاشى حينئذ.
أخيرا وفيما يخص زيادة الطلب على المشتقات النفطية توضح الآراء أنه توجد حاليا مؤشرات تدل على أن تخفيف إجراءات الحظر والقيود على التنقلات والسماح بعودة بعض الأنشطة الاقتصادية مثل البناء والتشييد، سيزيد الطلب على البنزين والسولار، ما يحفز شركات التكرير على العمل بطاقة إنتاجية أكبر خلال شهر مايو وما بعده.