أظهرت البيانات المحدثة بلوغ الطلب على الطاقة قاع هبوطه في ألمانيا، بينما وردت إشارات على بدء تعافي العديد من عمالقة التصنيع وشركات السيارات مثل فولكس فاجن وباسف اس.إي.
تستهلك الصناعة نسبة 46% من الكهرباء التي تنتجها ألمانيا، ونسبة 38% من الغاز الطبيعي، حسب جماعة بي.دي.إي.دبليو.
ويعني هذا أن صعود استهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي في البلاد يقدم الإشارات الأولى الدالة على الانتعاش الاقتصادي. وذلك بجانب الدلالة التي تقدمها حركة المرور في الشوارع.
وبدأت ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، فرض قيود على النشاط الاقتصادي، ضمن تدابير احتواء فيروس كورونا في وقت متأخر، مقارنة ببقية البلدان الأوروبية، وذلك بداية من 20 مارس الماضي.
وقال أوليفر راكو، الخبير الاقتصادي لدى أوكسفورد إيكونومكس: “ستظهر على القطاع الصناعي بوادر انتعاش الطلب على الطاقة، لكنه سيكون محدودًا. وهناك العديد من الشركات التي بدأت الإنتاج مجددًا، لكن من غير المرجح صعود الإنتاج سريعًا وصولًا إلى المستويات المعتادة”.
وبدأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تطبيق خطط عودة الحياة لطبيعتها في ألمانيا فسمحت للمتاجر الصغيرة بفتح أبوابها، وسمحت للأطفال بالعودة إلى المدارس، مطلع شهر مايو.
واتجه الطلب على الكهرباء مؤخرًا لبلوغ قاع هبوطه بعد صعوده للمرة الأولى منذ بدء تطبيق العزل العام في البلاد.
وأعلنت شركة فولكس فاجن استئناف الانتاج في ألمانيا على الرغم من أن البدء في تطبيق بعض الممارسات الاعتيادية لا يزال أمرا بعيد المنال. وقامت الشركة بتوزيع إرشادات مكتوبة ب 19 لغة على أكثر من 40 ألف موزع في العالم بشأن طريقة حماية العمال أنفسهم من الفيروس.
يتولى قطاع تصنيع السيارات في ألمانيا توظيف أكثر من 800 ألف شخص وتشغيل آلاف الموردين لتوريد الخامات المطلوبة في مصانع الكيماويات والحديد الصلب والزجاج والنحاس والمطاط.
ويتوقع راكو انتعاش الإنتاج الصناعي في ألمانيا بحلول شهري أبريل ومايو. وذلك بجانب صعود معدلات استهلاك الطاقة بالتبعية. لكن راكو يبدو غير متأكد من فرص استدامة التعافي، مشيرًا إلى أن هذا يعتمد على مستوى انتشار الفيروس وتخفيف تدابير العزل العام.
وربما يمكن الاستعانة كذلك ببيانات حركة القوة العاملة للتدليل على بدء عودة النشاط الاقتصادي إلى مستوياته الاعتيادية.
وانكمشت أحجام الوقود التي تم تسليمها في ألمانيا بعد مطالبة الناس بالبقاء في المنازل. وشهدت مبيعات الوقود هبوطًا ضخمًا يصل أحيانًا إلى أكثر من 80%، حسب هيربرت رابل، المتحدث باسم أحد روابط الصناعة.
وهبطت حركة المرور في الطرق بعد أن أغلقت البلاد أبوابها مع خمس دول مجاورة وبعد تشديد الضوابط على السفن والمطارات.
وطلبت العديد من الشركات من موظفيها العمل من المنزل. وترتب على هذا خفض أعداد المارة وهبوط معدلات استخدام القطارات التي تربط بين المدن.
فرص انتعاش مبيعات الوقود
وقال رابل:” لا يمكن أن تنتعش معدلات استهلاك الوقود دون تعافي القطاع الصناعي. ومن المتوقع أن تبدأ المدن الكبرى القوية اقتصاديًّا التعافي بوتيرة أسرع مقارنة بالمدن الصغيرة أو المتوسطة.”
وكشفت بيانات أن العدد اليومي للمارة في مناطق وسط البلد في ألمانيا قد ارتفع بشكل ملحوظ مقارنة بالتوقعات.
ومقابل هذا، يرى فرانك بيتر نائب رئيس شركة أجورا انيرجيا فندي أن الطلب على وسائل نقل مثل الطائرات والسكك الحديدية لن يعود لمستوياته الطبيعية. ولو حدث تعافٍ فسيكون بطيئًا للغاية في الوقت الراهن على أقل تقدير.
ويعتمد التعافي الاقتصادي الألماني على المدى الطويل على قدرة الاقتصاد العالمي على التخلص من آثار الفيروس.
ويرى جابريل فيلبرماير، رئيس أحد المعاهد الاقتصادية الرائدة في ألمانيا، أن وضع أسواق التصدير الكبرى سيئ للغاية، خصوصًا في الولايات المتحدة. “وسيكون من شأن ذلك الضعف التسبب في إحباط فرص تعافي التصنيع بألمانيا أيضًا”.
وأضاف بيتر أن السفر سيظل ممنوعًا في الوقت الراهن، متوقعًا أنه حتى الشركات الصناعية الكبيرة لن تشهد تعافي التصنيع إلا بوتيرة متباطئة.
وتابع: “يتعين علينا افتراض أن الطلب على الكهرباء ومبيعات البنزين والديزل ستظل أقل من مستويات العام الماضي حتى نهاية العام”.