شرفت عام 1999 بتدريس مقرر إدارة أخطار الشركات Corporate Risk Management لطلاب ماجستير إدارة الأعمال MBA بكلية إدارة الأعمال بجامعة Calgary بكندا ، لذا سيكون مقالي التالي المعنون بـ” سندات الكوارث ودورها في حماية شركات والإعادة وإقتصاديات الدول” ، توضيحًا لفكرة لسندات الكوارث.
حرمان بلدانا كثيرة من الوصول لأسواق التأمين العالمية نتيجة القدرة المحدودة للصناعة
نظرًا لإرتفاع قيم الأصول ، وعدم قدرة شركات وإعادة التأمين علي قبول الأخطار التي يترتب عليها خسائر كارثية ، ونتيجة لإرتفاع أقساط التأمين ، وتقلبها وتعقيد شروط الوثائق ، والقدرة المحدودة لصناعة التأمين، على إستيعاب الأخطار الكارثية ، فقد حرمت بلدانا كثيرة من الوصول إلى أسواق التأمين العالمية ، وبالتالي فقد تم التفكير في الإستفادة من القدرة الهائلة للأسواق المالية – حيث أن أسواق وإعادة التأمين تمثل ما قيمته حوالي 5% من الأسواق المالية والتي يزيد حجم أصولها عن 200 مليار دولار- من خلال فكرة التحوط Hedging وذلك من خلال عمليات توريق الخطر Risk Securitization ، ولاننسي أن المستثمرين يقدمون علي شراء هذه السندات لتنويع استثماراتهم من ناحية ، ولعدم إرتباط أخطارها بأخطار السوق أو الإستثمار (إلا في حالة أن يترتب علي الكارثة كساد).
ومن ضمن طرق التحوط سندات الكوارث Catastrophic Bonds والمعروفة إختصارًاً بـ CAT Bonds والتي تصدر إما من خلال شركة وإعادة التأمين أو من خلال صندوق البنك الدولي.
والمفارقة العجيبة أن المكسيك ، من أكثر دول العالم خبرة في هذا المجال ، حيث قامت بالتعاون مع صندوق البنك الدولي ، في وضع نظام لإصدار سندات الكوارث، حيث تجاوزت الخسائر الناتجة عن الكوارث الطبيعية 7-10% من الناتج المحلي الإجمالي ، ولذلك قام البنك الدولي بإطلاق منصة لإصدار سندات ضد الكوارث الطبيعية ، بحيث تقوم الحكومات بدلًا من الإقتراض من البنك الدولي في أعقاب حدوث الكوارث ، بشراء سندات للتأمين ضد هذه الكوارث.
يضاف إلي ذلك أن وإعادة التأمين ، تقوم بإصدار هذه السندات لحمايتها من الكوارث الطبيعية ، كما تقوم شركات التأمين وإعادة التأمين باللجوء إلي هذه السندات لحماية نفسها.
شروط طرح سندات الكوارث في سوق الأوراق المالية
ولتوضيح الفكرة فإن الشركات التي تمتلك مجموعة من الأصول عالية القيمة، وشركات التأمين و ، التي قبلت التأمين علي أصول، قد تتجاوز قيمتها علي سبيل المثال 10 مليار دولار ، فإنه يتم إصدار سندات ، يطلق عليها ” سندات كوارث” ، تُطرح في سوق الأواق المالية لمُدد إستحقاق تتراوح بين 2-5 سنوات ، وقد تزيد عن ذلك ويكون سدادها وفوائدها مشروطا علي سبيل المثال بما يلي:
1 – في حالة عدم حدوث خسارة أو حدوث خسارة محدودة وليكن مليار دولار (يتم تحديد مكانها وزمانها وسببها كشروط عند إصدار السند-زلزال أو/و فيضان … في منطقة محددة بقيمة محددة) ، فإن المؤمن يسدد قيمة السند في موعده ، في نهاية المدة ، مع سداد الكوبونات في موعدها ، والتي تزيد عن معدل الفائدة السائد في السوق – وبفرض أنه 3% – فإنه يسدد لحاملي السندات 6%.
وهنا فإن شركة تكون قد حصلت علي الحماية المطلوبة مقابل سداد الفرق بين معدل الفائدة علي السند ومعدل الفائدة السائد في السوق وهو 6% – 3% = 3% وهو بمثابة قسط الخطر والذي كان من المفترض سداده لشركة الإعادة.
سداد قيمة السند نهاية المدة
2 – في حالة حدوث خسارة أو مجموع خسائر تزيد عن مليار دولار إلي 5 مليار دولار خلال مدة السند (غالبا في حدود قيمة السندات أو مايزيد عنها) ، فإن مُصدر السند –المؤمن- يسدد قيمة السند فقط في نهاية المدة ويسقط حق حامل السند في الكوبونات. أي أن شركة أو إعادة التأمين تستخدم أقساط اتأمين والكوبونات وجزء من قيمة السندات لسداد التعويض ويكون لديها الوقت حتي تاريخ إستحقاق السندات لإعادة تكوينها.
وهنا فإن شركة تكون قد حصلت علي الحماية المطلوبة مقابل سداد الفرق بين معدل الفائدة علي السند ومعدل الفائدة السائد في السوق وهو 6% – 3% = 3% وهو بمثابة قسط الخطر والذي كان من المفترض سداده لشركة الإعادة.
3 – في الحالة الثالثة والتي يتحقق فيها الخطر بما يزيد عن 5 مليار دولار إلي 10 مليار دولار أو أكثر ، فإن شركة تستطيع سداد التعويض من الأقساط المحصلة من المستأمنين ، ومن قيمة السندات ومن عائد استثمارها ، حتي تاريخ حدوث الخسارة ، ولا تلتزم بسداد أي شيئ سواء من قيمة السند ، أو الكوبونات وتستخدمهما في سداد التعويض.
وهنا فإن شركة التأمين تكون قد حصلت علي الحماية المطلوبة مقابل سداد الفرق بين معدل السند ومعدل الفائدة السائد في السوق وهو بمثابة قسط الخطر والذي كان من المفترض سداده لشركة الإعادة.
المستثمر القادر علي شراء سندات الكوارث
والسؤال الذي يتبادر إلي الذهن: من هو المستثمر الذي يقبل أن يشتري سند يمكن أن يفقد العائد منه أو يفقد العائد وقيمة السند؟
كما نعلم فإنه يوجد مستثمر متحفظ ومستثمر محايد ومستثمر مخاطر، والمستثمر المتحفظ و المحايد بالطبع لن يخاطر أيا منهما بشراء هذه السندات ، أما المستثمر المخاطر ، والذي يمكنه قبول درجة خطورة عالية ، مقابل عائد يصل إلي ضعف معدل الفائدة السائد في السوق، سيُقبل علي شراء هذه السندالت ، يضاف إلي ذلك أن الاستثمار في هذه السندات يمثل مجال لتنويع الإستثمارات كما أنه لايوجد إرتباط بين أخطار الكوارث وبين أخطار الاستثمار.