ضاعف فيروس كورونا معاناة النازحين السوريين وخطف فرحتهم بحلول شهر رمضان، فلم يعد همهم الوحيد البحث عن المأكل والمشرب ووجبات الأفطار، بل التقيد كذلك بالحجر الصحي.
أمام خيمتها التي صمدت بصعوبة في وجه عواصف الشتاء وسط مخيم سردة في شرق جنوب لبنان، انشغلت النازحة الخمسينية من ريف حلب دلال أبو نوفل في غسل ثياب أطفالها الثلاثة لتقديمهم كهدايا لهم بمناسبة الشهر الفضيل، وذلك بعدما حرمهم مرض فيروس كورونا المستجد من شراء ملابس جديدة.
دلال أبو نوفل التي كانت تضع كمامة من صنع يديها قالت لوكالة أنباء (شينخوا) إن شبح مرض فيروس كورونا المستجد خطف بسمة فرحتنا في هذا الشهر الفضيل، ورفع مأساتنا إلى حدها الأقصى، فباتت خيمنا أشبه بغرف اعتقال ومخيمنا أشبه بسجن كبير.
التقيد بالحجر الصحي هم النازحين الوحيد
وأضافت: “همنا الوحيد التقيد بالحجر الصحي لعلنا نتمكن من إبعاد المرض عن مخيماتنا، لأن أولوياتنا لم تعد المأكل والمشرب ووجبات الأفطار، فكل ما نسعى اليه الخروج من هذه الأزمة الصعبة التي لم نكن نتوقعها يومًا”.
من جهتها، قالت النازحة الأربعينية ليلى أبو ربيعة لـ(شينخو) إن روح شهر رمضان تساعدنا على تجاوز الخوف والحزن والتمسك بالإيمان القوي لمقاومة تهديد مرض (كوفيد-19).
أما النازحة سلام أبو المجد من إدلب والتي كانت تخيط لعائلتها المؤلفة من 7 أشخاص كمامات من البسة قديمة، فقالت إن كمامة الوقاية من العدوى هى أفضل هدية في هذا الشهر الفضيل، وذلك بعدما ارتفع ثمنها وبات توافرها نادرا في الصيدليات.
بدوره قال النازح في مخيم القرعون في شرق لبنان الغربي جميل العزية الذي كان يقوم بتمارين رياضية مع مجموعة من الفتيان، إن الرياضة تبقى السبيل الأفضل لتقوية المناعة الجسدية ضد مرض (كوفيد-19).
وكذلك للحصول على الأعشاب البرية اللازمة للإفطار.
متابعة المسلسلات الرمضانية
وشرح النازح من ريف دمشق إلى مخيم الرفيد حسين المحمد (55عاما) أن خطته للتكيف مع الحجر خلال الشهر الفضيل تقوم نهارا على السير في الحقول لممارسة الرياضة.
وفي الليل نجلس حول شاشات التليفزيون نتابع إحصاءات وأخبار انتشار مرض (كوفيد-19)، إضافة إلى المسلسلات الرمضانية.
وقال النازح من ريف ادلب ماهر أبو جميلي إنه أصعب شهر رمضان يمر علينا منذ كان النزوح، ففي الماضي كان رمضان يجمعنا ويكون الأفطار فرصة للألفة والمحبة.
وأوضح أكرم العميري النازح من حلب أنه طرد من عمله في مزرعة للدجاج كان يعمل فيها براتب 150 دولارا أمريكيا.
مضاعفة معاناة النازحين السوريين
وأضاف “كمعظم النازحين استقبلنا شهر رمضان هذا العام بظروف اقتصادية هي الأسوأ بدءا بانهيار الليرة اللبنانية والغلاء الفاحش مرورا بوقف المساعدات الدولية.
واعتبر أن إقفال الأسواق الشعبية كأحد إجراءات الوقاية من مرض (كوفيد-19) قد ضاعف من معاناة النازحين.
واشتكت النازحة سميرة الصبيحي أن “الحجر في الخيم وندرة المساعدات جعلنا نستنفد كل ما نملك من الأموال والمواد الغذائية”.
وقال النازح من ريف إدلب الى مخيم برالياس سامر أبو جميل (60عاما) في ظل التهديد من مرض (كوفيد-19) تخلينا في هذا الشهر الفضيل عن المسجد وصلاة العشاء والتراويح.
الابتعاد عن التراويح
و أضاف ” كما ابتعدنا عن جلسات ما بعد التراويح مع الأحبة والأصدقاء، وبات كل ذلك شيئا من الماضي وذكريات مؤلمة”.
وقالت النازحة نجاة أبو الحميد بينما كانت تحضر الحشائش البرية كأفطار لعائلتها “من أين سيأتينا مرض (كوفيد-19)، فنحن لدينا مناعة قوية انتجتها ظروف البؤس التي نعيشها”.
أما جارتها ليلى غيدا فأعادت سبب المناعة إلى الطبيعة، وقالت “نأكل من إنتاج الأرض الغذاء الطبيعي والصحي”.
يذكر أن عدد النازحين السوريين في لبنان حوالي المليون و300 الف نسمة، و يعيش معظم هؤلاء النازحين في أكثر من الف و400 مخيم عشوائي في مختلف المناطق اللبنانية.
يشار إلى أن هذه المادة منقولة عن وكالة شينخوا بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.