رفع المحللون فى بنك أوف أمريكا «BofA» فى تقرير بعنوان «الفيدرالى لا يستطيع طباعة ذهب» توقعاتهم لأسعار الذهب فى غضون 18 شهرا إلى أكثر من 3 آلاف دولار للأوقية بسبب وباء كورونا بزيادة تتجاوز %50 عن توقعاتهم السابقة فى نهاية العام الماضى، والتى توقفت عند حوالى 2000 دولار للأوقية.
وارتفعت أسعار الذهب منذ بداية العام وحتى الآن بحوال %12 ليصل إلى أعلى مستوى له فى أكثر من سبع سنوات مع تدفق المستثمرين المذعورين على شراء أصول الملاذات الآمنة، خاصة المعدن الأصفر النفوس وسط مخاوف من تداعيات الفيروس الذى يهدد الاقتصاد العالمى بالركود وأطاح بأرباح الشركات الأمريكية خلال الربع الماضى.
وذكرت وكالة بلومبرج أن صناع السياسات فى معظم دول العالم، خاصة أغنى الدول اتخذوا تدابير مالية غير مسبوقة للمساعدة فى دعم اقتصاداتها ومكافحة فيروس كورونا الذى جمد أنشطة المصانع فى العديد من القطاعات وأجبر 16.8 مليون أمريكى على التقدم بطلبات للحصول على إعانة البطالة منذ الأسبوع المنتهى فى 21 مارس الماضى وحتى الآن، مما جعل مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى البنك المركزى يجهز حزمة تحفيز عامة بقيمة 2.3 مليار دولار.
وأكد المحللون فى بنك «BofA» ومنهم مايكل فيدمار وفرانشيسكو بلانش أن المستثمرين سيستهدفون الذهب فى الفترة المقبلة مع انكماش الإنتاج الاقتصادى حول العالم وارتفاع المخصصات المالية وتفاقم العجز فى ميزانيات الحكومات وانهيار أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكى وخام برنت للتسليم فى يونيو لأقل مستوى فى عقدين بعد يوم من تحول التعاملات الآجلة للخام الأمريكى تسليم مايو سلبا لأول مرة فى التاريخ واختفاء الطلب بسبب أزمة كورونا.
ورغم أن أسعار الذهب تبلغ حاليا حوالى 1683 دولارا للأوقية فى المعاملات الفورية و1704 دولارا للأوقية للعقود الآجلة الأمريكية للذهب، فإن بنك BofA يتوقع متوسط سعر أكثر من 2000 دولار للأوقية قبل نهاية هذا العام واقترابه من 3000 دولار للأوقية فى 2021، وإن كان أعلى سعر بلغه الذهب حدث فى سبتمبر 2011 عندما قفز إلى أكثر من 1921 دولارا للأوقية.
ويرى المحللون فى التقرير أنه إذا حافظ الدولار على قوته وتراجعت التقلبات فى الأسواق المالية، واستمر انخفاض الطلب على المجوهرات فى الصين والهند – أكبر بلدين استهلاكا للمعدن النفيس – بسبب وباء كورونا فإن الذهب قد لا يتجاوز 2000 دولار للأوقية هذا العام.
لكن تدفق المستثمرين الأمريكيين على شراء الذهب هذا العام يعزز توقعات استمرار ارتفاع أسعار الذهب، فقد صدرت سويسرا أكبر مركز فى العالم لتنقية المعادن النفيسة 43.2 طن من الذهب للولايات المتحدة فى مارس الماضى، وسط الذعر من انتشار العدوى من فيروس كورونا لتسجل أعلى مستوى منذ عام 2012 وفقا لإحصائيات إدارة الجمارك الفيدرالية السويسرية.
وجاء ارتفاع صادرات الذهب السويسرى للولايات المتحدة مع انخفاض التصدير للدول التقليدية مثل الهند وبريطانيا، بينما لم تستورد الصين أى شحنات منذ بداية العام هذا العام حتى الآن بسبب الوباء الذى ظهر فيها أصلا منذ نهاية العام الماضى، ومازالت تعانى منه حتى الآن، وإن كانت بدرجة أقل نسبيا من دول أوروبا والولايات المتحدة.
وتدفق المستثمرون الأمريكيون على استيراد الذهب الشهر الماضى، وسط مخاوف من أنه قد لا يوجد سبائك كافية فى نيويورك لتسليمها مقابل تعاملات العقود الأجلة فى بورصة كوميكس للسلع، خاصة أن الوباء علق الرحلات الجوية مما أدى إلى زيادة فى التقلبات السعرية فى الأسواق العالمية.
ومع ذلك فقد ارتفع مخزون الذهب فى بورصة كوميكس الأمريكية بأكثر من الضعف منذ نهاية مارس حتى الآن مع عودة الشركات ببطء لاستئناف إنتاج الذهب بعد الإغلاق الذى تسبب فيه فيروس كورونا واتجاه موردى الذهب لاستخدام رحلات الشارتر بعد توقف الرحلات الجوية بين الدول.
وأدى أيضا الانخفاض المستمر فى أسعار البترول إلى تزايد إقبال المستثمرين على صناديق المؤشرات التى تتعامل فى الذهب لدرجة أن أسهم صندوق SPDR للذهب تدفقت عليها خلال مارس الماضى تعاملات بقيمة 4.3 مليار دولار لتسجل أفضل شهر منذ عام 2016.
وارتفع إجمالى حجم سبائك الذهب الذى جمعته صناديق مؤشرات الذهب بأكثر من %14 هذا العام حتى الآن ليصل إلى حوالى 94.5 مليون أوقية مسجلاً أعلى مستوى منذ أكثر من عام بقيادة صندوق بلاك روك جولد تراست الذى تدفق عليه حوالى 1.3 مليار دولار فى أبريل الجارى ليسجل أفضل شهر فى تاريخه.
ومع تزايد انعدام ثقة المستثمرين فى الأسهم بسبب خسائر البورصات العالمية وانكماش القيمة السوقية للشركات العملاقة التى تراجعت أرباحها خلال الربع الماضى بسبب الوباء ازداد الإقبال على صناديق مؤشرات الذهب كوسيلة تحوط ضد الأزمات حتى يتضح لهم كيف سيؤثر فيروس كورونا على نمو الاقتصاد، خاصة بعد الانهيار غير المسبوق الذى تعرض له البترول الأمريكى يوم الإثنين الماضى، ليرتفع الطلب على الذهب أفضل ملاذ آمن وسط الأزمات الاقتصادية والكوارث الصحية.