وسط جهود محمومة لاحتواء آثار «تسونامى كورونا» الذى زلزل الاقتصاد العالمى، أكد زعماء مجموعة الدول العشرين «20 G » أن حكومات دولهم خصصت تدابير مالية بقيمة %3.5 من ناتجها المحلى الإجمالى لدعم البلاد النامية والفقيرة لمكافحة الوباء الذى يتوقع المحللون أن يكلف الاقتصاد العالمى أكثر من 2.7 تريليون دولار.
(كوفيد19 ) من المتوقع أن يكلف العالم أكثر من 2.7 تريليون دولار
وأعلنت مجموعة العشرين التى تضم أغنى اقتصادات عشرين دولة فى العالم أن حكوماتها خصصت ما يقرب من 8 تريليونات دولار، منها 3.3 تريليون إنفاقا مباشرا وضخ قروض ورأسمال للقطاع العام بما قيمته 1.8 تريليون دولار، بالإضافة إلى ضمانات والتزامات أخرى مشروطة قيمتها 2.7 تريليون دولار لمكافحة وباء كورونا والتخفيف من تداعياته الاقتصادية على العالم.
«النقد الدولى»: تأثير «كورونا» على الشرق الأوسط أكبر من أزمة 2008
من جانبه، يرى صندوق النقد الدولى – فى تقريره الذى يرصد الوضع المالى النصف السنوى وأصدره مؤخرا- أن تأثيرات وباء كورونا ربما تتطلب المزيد من إجراءات التحفيز الاقتصادى بمجرد انحسار الأزمة لاسيما أنه من المتوقع الآن أن تكون الإيرادات الحكومية أقل بنسبة %2.5 من الناتج المحلى الإجمالى العالمى عنها فى تقديرات شهر أكتوبر الماضي.
الصندوق يرفع التمويل الميسر للدول الأشد فقرا %300
وقالت كريستالينا جورجييفا المدير التنفيذى للصندوق أثناء اجتماع لمجموعة العشرين، إنه يبحث بشكل عاجل عن موارد جديدة بنحو 18 مليار دولار بغرض دفع النمو والحد من الفقر فى الدول الفقيرة، كما يبحث عن كيفية دعم استخدام حقوق السحب الخاصة لهذه الموارد ويتطلع إلى زيادة التمويل الميسر المقدم للدول الأشد فقرا بحوالى 300 %.
الدين العام العالمى يتجاوز 96% من الناتج المحلى
ذكرت وكالة «بلومبرج» أن الزيادة فى الإنفاق ستؤدى إلى ارتفاع حاد فى العجز المالى على مستوى العالم ومن المتوقع أن يرتفع الدين العام العالمى بنسبة %1.3 ليتجاوز %96 من الناتج المحلى الإجمالى للعالم هذا العام لدرجة أن صندوق النقد يتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمى بنسبة %3 خلال العام الجارى بسبب وباء كورونا رغم أن توقعاته تكتنفها ضبابية شديدة مع استمرار انتشار العدوى وأن النتيجة الفعلية قد تكون أسوأ بكثير.
وأوضح صندوق النقد الدولى أن التدابير المالية التى تعهد بها زعماء مجموعة العشرين أعلى من برامج التحفيز التى أنفقتها حكومات الدول الكبرى خلال الأزمة المالية العالمية التى بدأت عام 2008 كما أن برامج دعم القطاع العام بالسيولة ومنها قروض وضمانات للشركات فى ألمانيا و فرنسا وإيطاليا وبريطانيا واليابان تعادل أكثر من %10 من ناتجها المحلى الإجمالى.
وأعلن الصندوق أن دولا فى منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا ستشهد انكماشا هذا العام يفوق ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية فى 2008 وصدمة أسعار النفط فى 2015 وأنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمى مع انهيار الأنشطة الاقتصادية بسبب وباء كورونا ليسجل أكبر هبوط منذ الكساد العظيم فى ثلاثينيات القرن العشرين.
وذكرت وكالة « رويترز» أن بعض الدول فى الشرق الأوسط التى تعتمد بقوة على صادرات البترول ستعانى من ضغط إضافى نتيجة انهيار أسعار الخام الناجم عن تراجع الطلب ومعركة الحصص السوقية بين عملاقى النفط السعودية وروسيا والتى عززت تخمة فائض المعروض من الوقود.
ويرى الصندوق أن الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى لدول المنطقة المصدرة للنفط من المتوقع أن ينكمش بحوالى %4.2 خلال العام الجارى فى تعديل حاد نزولا من توقعاته بنمو %2.1 التى أعلنها فى أكتوبر من العام الماضى ومن المتوقع أيضا أن تنخفض صادرات نفط تلك الدول بأكثر من 250 مليار دولار.
الصندوق يطالب بتجميد ديون الدول الفقيرة
ودعا صندوق النقد الدولى قادة المجموعة إلى دعم مطالبته بتجميد ديون الدول الفقيرة وطالبت منظمة الصحة العالمية دول مجموعة العشرين بتقديم الدعم للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل والعمل بشكل سريع وحاسم مع المنظمات الدولية لتخصيص حزمة مالية قوية ومتجانسة ومنسقة وعاجلة واستخدام كل أدوات السياسات المتاحة للحد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن كورونا لاستعادة النمو العالمي، والحفاظ على استقرار الأسواق وتعزيز المرونة.
كان اتفاق خفض إنتاج قياسى جرى بين منتجين دوليين يقدم بعض الدعم لأسعار الخام لكن الانخفاضات فى أسعار النفط كبيرة لدرجة أنه من المتوقع أن تنخفض الإيرادات المالية وحصيلة الصادرات فى جميع دول المنطقة المصدرة للخام بما فى ذلك التى قد تتمكن من كسب حصة فى السوق من منتجين أعلى تكلفة.
وقال الصندوق إنه بصفة عامة، من المتوقع أن ينخفض النمو فى منطقة الشرق الأوسط من %1.2 العام الماضى إلى انكماش %2.8 العام الجارى لكنه يتوقع أيضا أن يتعافى النمو لاحقا إلى 4 % العام المقبل مع انحسار المخاطر من الوباء المميت.
ومن المتوقع أن ينكمش اقتصاد السعودية، أكبر دولة مصدرة للخام فى العالم، %2.3 فى العام الجارى من نمو %0.3 فى 2019 بحسب الصندوق الذى كان يتوقع نموا %2.2 للناتج المحلى الإجمالى الحقيقى هذا العام قبل أن يعدل الوباء جميع توقعات النمو لدول المنطقة.
وتسعى إيران، أكثر دول الشرق الأوسط تضررا من المرض، لاقتراض 5 مليارات دولار من تمويل الطوارئ للصندوق فيما تحاول تحقيق التوازن بين إجراءات احتواء فيروس كورونا والتحرك لدعم الاقتصاد الذى تضرر بالفعل بسبب العقوبات الأمريكية.
وقال الصندوق فى توقعاته الاقتصادية للمنطقة إن إجراءات احتواء أزمة كورونا أثرت على القطاعات الغنية بالوظائف فى المنطقة، مع آثار سلبية على الثقة والنشاط غير النفطى لدرجة أنه بعد ركود حاد فى 2019، يتوقع الصندوق انكماش الاقتصاد الإيرانى %6 هذا العام.
مجموعة «العشرين» خصصت 5 تريليوات دولار فى مارس الماضى
وعقد وزراء المالية ومحافظى البنوك المركزية فى مجموعة العشرين اجتماعات افتراضية نهاية الأسبوع الماضى من أجل التعامل مع التحديات العالمية التى يمثلها مرض «كوفيد-19» بعد أن تعهد قادتها فى ختام قمة طارئة نهاية الشهر الماضى بالتزامهم بمواجهة تداعيات الفيروس بجبهة موحدة وضخ 5 تريليونات دولار فى الاقتصاد العالمي، ومع ذلك من الصعب التنبؤ بحجم الإنفاق الإضافى المطلوب لكن إجراءات التحفيز المالى العامة ستكون أداة مهمة فى دعم الانتعاش بعد انحسار العدوى من الفيروس.
مجموعة «العشرين» تخصص 8 تريليونات لمواجهة الوباء
وأكدت حكومة بكين أنها ستقدم 344 مليار دولار (311.495 مليار يورو) كدعم للاقتصاد العالمى، كما دعا الرئيس الصينى شى جينبينغ دول العشرين إلى خفض رسومها الجمركية لبعث رسالة ثقة للاقتصاد العالمى فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا ورفع الحواجز الجمركية لتسهيل التدفقات التجارية بين دول العالم.
منظمة WTO : انكماش تجارة السلع العام الحالى أسوأ من الأزمة المالية
وتوقعت منظمة التجارة العالمية «WTO» انكماش تجارة السلع خلال العام الحالى بنسبة أكبر بكثير مما حدث أثناء الأزمة المالية عام 2008 بسبب القيود المفروضة على السفر وإغلاق الحدود بين الدول وتعليق أنشطة المصانع و مطالبة العاملين بالعمل من البيوت و ضعف طلب المستهلكين ولكن التجارة قد تتعافى العام المقبل مع اختفاء كورونا.
وانكمش الطلب الأجنبى على المنتجات الصينية من الأسواق الأوروبية والأمريكية منذ بداية مارس الماضى وربما قبل ذلك بعدة أسابيع وحتى الآن مما جعل الناتج المحلى الإجمالى للصين ثانى أكبر اقتصاد فى العالم ينكمش بحوالى %10 الشهر الماضى عن الشهرالمقابل من العام السابق و 4 % فى يناير و فبراير بينما يتوقع تاو وانج الخبير الاقتصادى فى بنك UBS» « هبوط الناتج الصينى لأقل من الصفر خلال الربع الحالى بعد أن انخفضت الصادرات الصينية بأكثر من %17 فى أول شهرين و %14 الشهر الثالث لينخفض اقتصاد الصين فى الربع الأول بأكبر نسبة منذ عام 1992 على الأقل .
وقال وزير المالية اليابانى تارو أسو إن وزراء مالية ومحافظى البنوك المركزية لمجموعة الدول الصناعية السبع اتفقوا أثناء مؤتمر عبر دائرة تليفزيونية مغلقة، على الحاجة إلى تقديم مساعدة مالية وتقنية للاقتصادات الناشئة التى تكافح تداعيات جائحة فيروس كورونا، كما اتفق أيضا زعماء المجموعة على تعليق مدفوعات خدمة الدين للدول الأشد فقرا بدءا من أول مايو المقبل وحتى نهاية العام، فى حين ساندت مجموعة من الدائنين بالقطاع الخاص أيضا تقديم برامج لتخفيف أعباء الديون على تلك الدول.
خروج محافظ بنحو 5 مليارات دولار من الشرق الأوسط فى مارس
قال الصندوق إن تدفقات محافظ بنحو 5 مليارات دولار خرجت من منطقة الشرق الأوسط فى مارس الماضى فقط مما يمثل تهديدا لتحديات إعادة التمويل لحكومات تواجه استحقاقات خارجية مقبلة تصل إجمالا إلى 35 مليار دولار هذا العام، كما يثير القلق بشكل خاص لبعض الدول المستوردة فى المنطقة بما فى ذلك العراق والسودان واليمن التى تواجه أكبر تحديات لاحتواء تفشى الفيروس والتى تحتاج فى مواجهة هذه التحديات إلى دعم مالى وطبى خارجى فى الوقت المناسب من اقتصادات كبرى ومنظمات دولية برغم أنه قدم فعلا إعفاء من الدين لليمن التى مزقتها الحرب، كما قدم دعما ماليا للأردن وجمهورية قرقيزستان وباكستان وتونس وإعفاء من الدين من مقرضين دوليين للصومال.
وقدم وزير المالية السعودى محمد الجدعان مبادرة لتجميد مدفوعات أصل الدين والفوائد، تتيح أكثر من 20 مليار دولار للدول النامية لإنفاقها على أنظمتها الصحية والمساعدة فى مواجهة تأثيرات فيروس كورونا فى الدول الأفقر والأقل نموا فى العالم والتى عليها التزامات خدمة دين لصندوق النقد والبنك الدوليين.
وتأتى هذه المبادرة فى إطار الجهود لتنشيط الاقتصاد العالمى وتجاوز آثار فيروس كورونا الذى يدفع الاقتصاد العالمى صوب أكبر تباطؤ منذ الكساد الكبير فى ثلاثينيات القرن العشرين، وتتزامن مع انتقادات واسعة النطاق – بعضها من العديد من دول مجموعة العشرين نفسها – لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وقف تمويل منظمة الصحة العالمية مؤقتا بسبب طريقة تعاملها مع مرض (كوفيد-19).
ووصف وزير المالية الألمانى أولاف شولتس تعليق الديون بالتضامن العالمي التاريخى وأنه سيتيح للدول الاستثمار فى الرعاية الصحية بشكل فورى ودون إضاعة الوقت فى فحص كل حالة على حدة، بينما ترى مؤسسة «أوكسفام إنترناشونال» العالمية لأبحاث الأسواق المالية، أن هناك حاجة لعمل المزيد من أجل حماية دول هامشية مثل لبنان والإكوادور ودول أخرى لا يشملها الاتفاق، وجمع نحو تريليون دولار لمساعدة الدول على اجتياز التسونامى الاقتصادى الذى انطلقت أمواجه العنيفة بسبب الوباء المفاجئ.
معهد «IIF» يطالب بإلغاء ديون الدول الفقيرة
وأوصى معهد التمويل الدولي IIF الذى يمثل 450 بنكا وصندوق تحوط وشركات مالية عالمية أخرى بأن يخفف الدائنون من القطاع الخاص بشكل طوعى ديون الدول الأشد فقرا إذا طلبت ذلك ولاسيما أن تعليق الديون سيغطى مدفوعات خدمة ديون ثنائية بين 12 و14 مليار دولار مستحقة حتى نهاية العام على دول مؤسسة التنمية الدولية التى تضم 47 بلداً ودعت أيضا إلى إلغاء ديون الدول الفقيرة وليس مجرد تعليقها.
وأعلن وزير المالية الفرنسى برونو لومير أن جهات دائنة من القطاع الخاص وافقت على تمديد آجال مدفوعات ديون بقيمة 8 مليارات دولار على الدول الأكثر فقرا أو إعادة تمويلها ليضاف ذلك إلى مدفوعات ديون بقيمة 12 مليار دولار ستعلقها الدول، علاوة على 12 مليار دولار أخرى مستحقة لمقرضين متعددى الأطراف فى مقدمتهم البنك الدولي.
ويتوقع إريك ليكامتي، المدير التنفيذى فى مؤسسة جيوبيلي «USA نتورك» غير الهادفة للربح و المتخصصة فى أبحاث الأسواق المالية، أن اتفاق تعليق الديون الذى سيستمر حتى نهاية العام قد ينجم عنه تخفيف 25 مليار دولار عن كاهل الدول الأشد فقرا و لكن هناك تساؤلات بخصوص مدفوعات الفوائد، والمتطلبات المحتملة لتخفيف أعباء الديون للدولة الأخرى النامية وذات الدخل المتوسط.
وأشادت مديرة صندوق النقد الدولى كريستالينا جورجييفا ورئيس البنك الدولى ديفيد مالباس بهذا الاتفاق ووصفا هذه المبادرة بأنها قوية وسريعة المفعول وستقدم الكثير لحماية أرواح ملايين الأشخاص الأكثر ضعفا وتحسين سبل عيشهم بينما يدعم اقتصاديون ووزراء مالية وجماعات غير هادفة للربح استحداث المزيد من حقوق السحب الخاصة بالصندوق التى تشبه طبع البنك المركزى لنقود جديدة مما يوفر سيولة كبيرة مطلوبة على وجه السرعة ربما تصل إلى 500 مليار دولار للدول المئة والتسعة والثمانين الأعضاء فى صندوق النقد.
كان صندوق النقد وافق على مخصصات جديدة بقيمة 250 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة فى 2009 خلال الأزمة المالية لزيادة السيولة لدى دول اشتدت حاجتها إليها ولكن هذا العام تعارض إدارة الرئيس دونالد ترامب هذه المخصصات فى وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين واشنطن وبكين على خلفية مسببات فيروس كورونا الذى ظهر أصلا فى الصين وحرب تجارية طويلة الأمد بين البلدين.
الخزانة الأمريكية تطالب الصندوق باستخدام موارده البالغة تريليون دولار
طالبت وزارة الخزانة الأمريكية صندوق النقد الدولى باستخدام موارده الحالية البالغة تريليون دولار، والتى تشمل قروضا ومنحا طارئة بقيمة 100 مليار دولار، لدعم الجهود الصحية للدول النامية وغيرها فى مواجهة الأزمة الصحية ورفضت متحدثة باسم الخزانة الأمريكية التعقيب بخصوص حقوق السحب الخاصة على وجه التحديد، لكنها تدعم مجموعة متنوعة من الجهود بالصندوق لتقديم مساعدات فائقة السرعة تستهدف الدول التى فى حاجة إليها.
ويحذر صندوق النقد الدولى من موجات جديدة من الاضطرابات الاجتماعية فى بعض البلدان إذا ما اعتبرت التدابير الحكومية للتخفيف من تداعيات جائحة فيروس كورونا غير كافية أو منحازة للأثرياء وخصوصا أن الجهود الرامية لوقف انتشار المرض أدت إلى توقف قطاعات كبيرة من الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن تكون الاقتصادات الناشئة والدول النامية أكثر ضررا.
وأكد فيتور جاسبر مدير قسم الشئون المالية بالصندوق، أنه رغم استبعاد وقوع احتجاجات جماهيرية أثناء سريان القيود المشددة على حركة الناس، فمن المتوقع أن تزداد الاضطرابات عندما تظهر مؤشرات على أن الأزمة الصحية أصبحت تحت السيطرة لتجنب المزيد من الاضطرابات فى أعقاب وقوع احتجاجات عديدة فى أنحاء كثيرة من العالم خلال السنة الأخيرة.
ويتعين على صناع السياسات التواصل مع الفئات التى تضررت من الأزمة من أجل كسب التأييد للإجراءات الخاصة بمكافحة الفيروس لتوفير دعم للأسر والشركات التى أصابتها الأزمة بالضعف وحماية الأشخاص والشركات الذين تضرروا من إجراءات العزل العام ومنها تعطل عمال اليومية وأعداد كبيرة من العمالة غير الرسمية عن العمل وصعوبة حصولهم على الغذاء.
وتظاهر آلاف المهاجرين العاطلين عن العمل فى مدينة مومباي، العاصمة التجارية للهند فى محطة سكك حديدية وطالبوا بالسماح لهم بالعودة إلى بيوتهم فى الريف بعد أن مدد رئيس الوزراء ناريندرا مودى القيود المفروضة على حركة السكان البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة وقال مركز متابعة الاقتصاد الهندي، وهو مركز أبحاث خاص، إن معدل البطالة تضاعف تقريبا إلى نحو %14.5 بالهند منذ سريان القيود فى أواخر مارس الماضى مع عودة ملايين العمال ممن يعملون فى صناعات صغيرة وقطاع الخدمات بالمدن إلى القرى التى جاءوا منها.
وقالت جيتا جوبيناث كبيرة الاقتصاديين فى صندوق النقد إن الأزمات والكوارث السابقة دعمت التكاتف المجتمعي، غير أن النتيجة قد تختلف هذه المرة إذا لم يتم إدارة أزمة الوباء بكفاءة وكانت غير كافية لمساعدة الناس، فقد ينتهى الحال إلى اندلاع اضطرابات اجتماعية فى عدة دول ولتجنب أى اضطرابات مستقبلية يجب على المجتمع الدولى أن يؤدى دورا داعما للدول الأكثر فقرا من خلال التمويل الميسر وتخفيف أعباء الديون.
وحذر صندوق النقد الدولى من أن إجراءات لكبح انتشار الفيروس تسببت فى خروج 16 مليون أمريكى من قوة العمل وكبدت الشركات تريليونات الدولارات من القيمة السوقية لأسواق الأسهم العالمية وقد تؤدى إلى أسوأ انهيار اقتصادى منذ الكساد الكبير فى عقد الثلاثينات من القرن الماضى مع انخفاض أسعار الأصول التى من المتوقع أن تؤدى إلى خسائر فى محافظ البنوك من الأوراق المالية العالية المخاطر غير أن هذا قد تعوضه جزئيا مكاسب فى حيازاتها من الأصول الآمنة .
ويرى الباحثون فى الصندوق أنه كلما استمر الهبوط المفاجئ فى النشاط الاقتصادى لفترة أطول، كلما شهدت البنوك خسائر أكبر فى الائتمان ولذلك اتخذ صانعو السياسات تدابير فعلية على صعيد الإنفاق العام والسياسة النقدية لتخفيف آثار الجائحة ومنها تخصيص 23 تريليون دولار من مجلس الاحتياطى الاتحادى (البنك المركزى الأمريكى) فى حزمة إجراءات لم يسبق لها مثيل لدعم الاقتصاد غير أن بعض الاقتصادات الناشئة والمبتدئة ليس لديها القدرات التى لدى الدول الغربية وأنها تواجه فعلا عاصفة شديدة لأن المصاعب الاقتصادية تفاقمت بسبب تدفقات قياسية للأموال إلى الخارج وتراجع فرص تمويل الدين الخارجى واستمرار التداعيات العنيفة الناجمة عن الانتشارالمستمر لفيروس كورونا.