مرتضى المراغى شاهدًا على حكم فاروق (48)
حسين فريد يرفض التعاون مع المراغى
لعل الأدق من هذا العنوان الذى أختاره المراغى، أن اللواء حسين فريد رفض وضعية ملتبسة تضعه فى مأزق لم ير سببًا للوقوع فيه، فى أول لقاء له بالمراغى وزير الحربية، أطراه الوزير ونوه بما سمعه عنه، وألمح أنه عينه ليكون همزة الوصل بين الجيش ووزير الحربية.
واللقاء الذى رواه المراغى يصور لنا المأزق الذى كان مطلوبًا من الرجل أن يتحمله، فالمراغى يريده أن يعرض عليه أمور الجيش، فلما أشار الرجل إلى الفريق «حيدر»، أبدى له المراغى أن حيدر بعد أن ترك وزارة الحربية عام 1949 قطع صلة الجيش بوزير الحربية، فاستفسر اللواء حسين فريد عما إذا كان مطلوبًا منه أن يعرض عليه شئون الجيش دون عرضها على الفريق حيدر، أبدى له المراغى أنه لا يستطيع أن يقول ذلك لعلمه بالقواعد العسكرية، ولكنه يطلب منه أن يعرض هو عليه شئون الجيش، وان عذره أنه أمر منه لا يسعه أن يخالفه. ولكن الرجل تساءل:
وماذا إذا طلب الفريق حيدر منه أن يتولى هو عرضها!
أجابه المراغى: قل له أنك أنت المكلف بالقيام بذلك.
قال حسين فريد: إننى لا أستطيع أن أقول له هذا.
وظنى أن هذا لم يكن رفضًا للتعاون، وإنما احترام للنظام العسكرى الذى عاش فيه الرجل، ولا يدرك المراغى حقيقته والتزاماته بما فيه الكفاية.
أصيب المراغى فيما يروى بذهول وقنوط شديدين، ويضيف:
«هذا هو الضابط الذى أتيت به من بين براثن القصر، ولكى أعالج أمور كثيرة وخطيرة فى وزارة الحربية وفى جيش يعانى التذمر والقلق والاضطراب من جراء وجود حيدر ومن على شاكلته من كبار الضباط الذين كانوا حاشية للملك أكثر مما كانوا قوادًا للجيش، هذا الضابط أصبح فى نظرى لا فرق بينه وبين عثمان المهدى، فأشرت إليه بالانصراف وقلبى يعتصر من اليأس».
ثم يضيف المراغى: «حضر إلى مكتبى ذات يوم اليوزباشى اسماعيل شرين وكان متزوجًا الأميرة فوزية أخت الملك ومعينًا ضابط اتصال بين وزارة الحربية وخبراء تدريب الجيش الألمان. وقال إن هؤلاء الخبراء يشكون من أن كبار ضباط الجيش لا يمكنون الخبراء من تدريب الجيش، فالخبير يذهب فى الصباح لتدريب كتيبة قوامها مائة رجل فلا يجد إلا خمسة وأحيانًا لا يجد أحدًا طلبت الفريق حيدر ولما حضر أطلعته على أقوال إسماعيل شرين.
قال: هذا كلام صحيح.
قال المراغى: إنهم يعدون تقريرًا بكل التفاصيل.
قال حيدر: إن هؤلاء الخبراء يجب أن يرحلوا.
قال المراغى: لماذا؟
حيدر: لانهم أغبياء لا يفهمون شيئًا من التدريب.
«قلت لنفسى: يا إلهى! حيدر ضابط السجون والذى أمضى سنة واحدة فى المدرسة الحربية يتهم جنرالات الجيش الألمانى بالجهل!
«على كل حال أنا فى انتظار التقرير.
«وخرج حيدر وبعد يومين فوجئت ببرقيتين مرسلتين إلى القصر: إحداهما باسم الملك فاروق والأخرى باسم حافظ عفيفى، والأولى بإمضاء الجنرال باج فويلنر (Pag Fuellner) والثانية بإمضاء سلوتزر (Sloetzer) وفرازولداتى ( Frsoldati) يقولون فيها: إنهم يعاملون معاملة سيئة ويضربون ويعذبون ويشتمون من أحد الضباط الذى يهددهم بالقتل ويطلبون من الملك حماية حياتهم التى أصبحت فى خطر وتشرح البرقية المرسلة إلى حافظ عفيفى السبب.
فتقول إن الضابط يساومهم باسم الاميرلاى حسن رجب لتسليمهم إياه مستندات سرية فى حوزتهم وإلا فقدوا ممتلكاتهم ورصيدهم فى البنوك وحريتهم بل وحياتهم، وهذه المستندات التى كان يسعى وراءها حيدر ويستخدم وكيل الحربية حسن رجب للمساومة على الحصول عليها هى تقارير لبعثة الخبراء الألمان عن حالة الجيش ويأسهم من تدريبه.
«وقد علمت بعد الثورة أن الجنرالات الألمان قدموا إلى الثورة بعد قيامها خدمات ونصائح قيمة».
www. ragai2009.com
[email protected]