قال تقرير آفاق الاقتصاد العربى الصادر عن صندوق النقد العربى خلال أبريل الحالى، إنه من المتوقع أن يتأثر الاقتصاد المصرى خلال عام 2020 بتباطؤ النشاط الاقتصادى العالمى الناتج عن فيروس كورونا عبر 5 مجالات رئيسية.
وأشار التقرير إلى انخفاض مستوى الصادرات التي تُسهم بنحو 20% من الناتج المحلى الإجمالي نتيجة تباطؤ الطلب لدى الشركاء التجاريين الأساسيين، كما ستتأثر عائدات عدد من القطاعات الرئيسة التي تولد القيمة المضافة على رأسها قطاعات الخدمات الإنتاجية التي تولد في مجملها نحو 29% من الناتج المحلي الإجمالي .
وتوقع صندوق النقد العربى تأثر الوظائف في القطاعات الاقتصادية المتضررة ومن أهمها قطاعات السياحة والخدمات، بجانب وجود ضغوطات على المتحصلات من النقد الأجنبي في ظل التراجع المتوقع لعائدا السياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج وهو ما قد يؤثر على قيمة العملة المحلية .
وقال إن مصر ستواجه تحديات على صعيد المالية العامة نتيجة تراجع محتمل للإيرادات العامة نتيجة تراجع الموارد الضريبية في الوقت الذي تحتاج فيه الدولة لزيادة الإنفاق لمواجهة التداعيات الناتجة عن الفيروس .
عوامل دعمت مواجهة كورونا
وتطرق التقرير إلى عدة عوامل دعمت مصر في الحرب ضد كورونا، حيث حقق الاقتصاد المصري نجاحات كبيرة خلال عام 2019 مع ارتفاع معدل النمو إلى ما يدور حول مستوى 5.5% بما مثل واحدا من أعلى معدلات النمو على مستوى العالم مستفيدًا من الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته مصر بالتعاون مع صندوق النقد الدولي خلال الفترة (2016-2019 ) الذي ساهم في التغلب على جانب من الاختلالات الداخلية والخارجية التي كانت تحد من مقومات النمو الاقتصادي .
كذلك ساعد التتجاه إلى تحرير سعر صرف الجنيه المصرى في تحقيق زيادات ملموسة في مستويات الاستثمار والصادرات. كما استفاد الاقتصاد المصري خلال عام 2019 من تسجيل مستويات قياسية من إيرادات قطاع السياحة التي تجاوزت 12 مليار دولار.
ونجحت مصر كذلك في تحقيق مستهدفات برنامج إصلاح مالية الحكومة وحققت فائضا في الميزان الأولي بلغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي وهو ما وفر فوائض مالية مكنت الحكومة من توجيه المزيد من الموارد لدعم
شبكات الحماية الاجتماعية.
ساهمت هذه الإصلاحات والعوامل الدافعة للنمو في إحداث خفض ملحوظ لمعدلات البطالة التي تراجعت خلال عام 2019 إلى نحو 7.8%، مقابل بنحو 13% لمعدلات البطالة المسجلة قبل تنفيذ برنامج الإصالح الاقتصادي الأخير.
كما ساعد تدفق 200 مليار دولار إلى الاقتصاد المصرى خلال السنوات الثلاث الماضية على استقرار قيمة العملة
المحلية مقابل الدولار،
تسعى مصر خلال أفق التوقع إلى مواصلة مسيرة الإصلاح الاقتصادي من خلال التركيز على الإصلاحات الهيكلية لحفز جانب العرض الكلي وزيادة الاستثمارات وخلق المزيد من فرص العمل. كما ينصب التركيز كذلك
على تقليل مستويات التفاوت في توزيع الدخل، وزيادة مستويات الشمول المالي، وتحسين مستويات التنمية
البشرية بهدف إتاحة الفرص الاقتصادية للجميع وفق الرؤى الاستراتيجية التي تتبناها مصر في أفق 2030.
إجراءات البنك المركزى والمالية لمواجهة كورونا
لمواجهة الآثار المحتملة لفيروس كورونا تبنى البنك المركزي المصري عدد من الإجراءات التحفيزية بما
يشمل خفض الفائدة بنحو 3% خلال الربع الأول من عام 2020 . كما جاء على رأس التدابير المتبناة تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لمدة 6 أشهر .
ومن مبادرات المركزى عدم تطبيق عوائد وغرامات إضافية على التأخر في السداد. علاوة على تمكين البنوك، بشكل فورى من تلبية الحدود الائتمانية اللازمة لمقابلة تمويل العمليات الاستيرادية للسلع الأساسية والاستراتيجية، بما يضمن تلبية طلبات الشركات المستوردة لها وعلى وجه الخصوص السلع الغذائية لتغطية احتياجات الأسواق، وإتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لتمويل رأس المال العامل وبالأخص صرف رواتب العاملين بالشركات.
من جانب آخر، أعلنت وزارة المالية المصرية عن حزمة تحفيز بقيمة 100 مليار جنيه سيتم تمويلها من
احتياطيات الموازنة العامة للدولة، للحد من آثار فيروس كورونا المستجد بالاستفادة من الوفورات المحققة من
تراجع الأسعار العالمية للنفط بشكل كبير مقارنة بأسعار النفط المتضمنة في تقديرات موازنة عام 2020
يشار إلى أن أحد العوامل التي ستساهم في التخفيف كذلك من حدة تداعيات انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد
المصري تتمثل في قوة مستويات الاستهلاك، العائلي التي وعلى الرغم من التوقعات بتأثرها نتيجة الانخفاض
المحتمل في مستويات دخول الأسر تظل أهم دعائم الطلب الكلي في مصر حيث تساهم بنحو 85% من إجمالي
الناتج المحلي.