ذكرت المنظمات الدولية الكبرى أن معدلات التوظيف وساعات العمل والتجارة العالمية كلها قد تأثرت بالفعل جراء تفشى فيروس كورونا المستجد المعروف اصطلاحيا بـ “كوفيد-19” والذى قوض النشاط الاقتصادي الطبيعي والحياة حول العالم.
وأظهرت أحدث التقديرات الواردة في تقرير صادر عن منظمة العملة الدولية أن الوباء القاتل الذي ظهر في أواخر العام الماضي وتحديدا في مدينة ووهان الصينية قد قلص بالفعل ساعات العمل على الصعيد العالمي بنسبة 6.7% في الربع الأول من العام الحالى، وهو ما يعادل 195 مليون وظيفة بنظام الدوام الكامل، بحسب ما أوردته صحيفة “تشاينا ديلي” الصينية.
وتوقع التقرير الذي حمل عنوان: ” النسخة الثانية من راصد منظمة العمل الدولية: كوفيد-19 وعالم العمل” أن تتكبد كل الفئات التي تحصل على دخول، خسائر فادحة، لاسيما في الدول ذات الدخول العليا- المتوسطة، موضحا أن تلك الخسائر ستتجاوز مثيلتها الناجمة عن الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها في خريف العام 2008.
وتوقعت منظمة العمل الدولية تخفيضات كبيرة في ساعات العمل في الدول العربية وأوروبا ومنطقة آسيا-المحيط الهادي، موضحة أن أكثر من 81% من الأشخاص المدرجين في القوة العاملة العالمية يتأثرون في الوقت الراهن بشكل كلي أو جزئي جراء غلق أعمالهم.
وأوضح التقرير الصادر عن المنظمة أن ثمة قطاعات مثل الإقامة والأغذية والمشروبات والتصنيع والتجزئة كلها قد صُنفت على أنها عُرضة لمخاطر مرتفعة جراء الزيادات الحادة في معدلات تسريح العمال والخفض في الأجور وساعات العمل، ما يؤثر على قرابة مليار و25 مليون عاملا.
وقال تشن يون الباحث في الأكاديمية الصينية للعمل والأمان الاجتماعي إن الصناعات القائمة على خدمة العملاء تعاني أشد الضرر جراء فيروس كورونا، حيث يعتبر العزل الاجتماعي واحدا من أكثر الطرق الفاعلة في إبطاء تفشي الجائحة العالمية.
وأردف يون بأن تلك الصناعات ستتأثر لفترة طويلة، وستكون عودتها للعمل هي الأبطأ بين جميع الصناعات الآخرى.
وتابع: “إمكانية النمو في المستقبل لتعويض تلك الخسائر ستقل فيما يغير تفشي كورونا العادات الاستهلاكية للأشخاص”.
وواصل: “سيستغرق الناس بعض الوقت لتجاوز التأثيرات السيكولوجية الناتجة عن الفيروس، وهو ما سيجعل من الصعب جدا على قطاعات مثل الأغذية والمشروبات أن تتعافى مرة أخرى”.
من ناحية ثانية أفاد تقرير منظمة العمل الدولية أن نسبة العمال في تلك القطاعات العرضة للخطر تباينت من 43% في الأمريكتين إلى 26% في أفريقيا.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية ذكرت تقرير صادرة عن وزارة العمل الأسبوعين الماضيين أن قرابة 10 ملايين شخصا قد فقدوا وظائفهم فيما أغلقت الشركات في عموم أمريكا أبوابها بسبب تفشي كورونا.
كانت دراسة مسحية منفصلة أجريت في الأسبوع الثاني من مارس المنصرم قد أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي قد فقد 710 آلاف وظيفة، وارتفع معدل البطالة بنسبة 4.4%- أسوأ أرقام منذ مارس من العام 2009 خلال أوج الأزمة المالية العالمية.
من جهته قال جوي رايدر المدير العام لمنظمة التجارة العالمية أن العمال والشركات حول في الاقتصادات النامية والمتقدمة يواجهون كارثة محققة، مطالبا بمزيد من التعاون الدولي لإيجاد حلول تساعد كافة شرائح المجتمع العالمي.
وقال رايدر:” إذا ما أخفقت دولة، سنخفق جميعا، والخيارات التي نتخذها اليوم ستؤثر مباشرة على الطريقة التي ستنتهي بها الأزمة، ومن ثم على حياة ملايين الأشخاص”.
كانت منظمة التجارة العالمية قد توقعت مؤخرا أن تتراجع التجارة العالمية بنسبة تتراوح من 13% إلى 32% في العام الحالي.
وقالت المنظمة إن التجارة العالمية قد تتعافى بنسبة من 21% إلى 24% في العام المقبل، لكن فقط إذا ما تم احتواء فيروس كورونا.