أكد مصرفيون على علاقة وثيقة بالديون المتعثرة أن البنوك ستتحوط بقوة ضد فيروس كورونا الذى يحصد الأرواح، ويصيب الكثيرين حول العالم برفع مخصصاتها خلال الشهور المقبلة.
وقالوا إن البنوك ستتخذ هذه الخطوة المهمة التى قد تؤثر على أرباحها مستقبلاً تحسباً لأى تعثر قد يظهر فى الأفق خلال الشهور المقبلة، مؤكدين أن بعض الشركات التى تعمل فى قطاعات بعينها كالسياحة ستتعثر بقوة بعد وقف عملها بشكل شبه تام بسبب الأحداث الجارية.
وأضافوا أن البنك المركزى يساند البنوك العاملة بالقطاع المصرفى بقوة، لافتين إلى أن رفع المخصصات هو الطريق الأمثل أمام البنوك للوقوف بقوة ضد التعثر المرتقب.
وكانت المخصصات لدى بنوك القطاع المصرفى ارتفعت بنحو 9 مليارات جنيه فى الفترة من ديسمبر 2018 وحتى نهاية يناير 2020، حيث زادت من 118 مليار جنيه إلى 127 مليار جنيه وفقا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن البنك المركزى المصرى.
من جانبه، أكد مجدى ثابث، نائب رئيس قطاع الديون المتعثرة ببنك التنمية الصناعية سابقا، إن الوضع الحالى الذى يمر به الاقتصاد المصرى والعالمى، سيدفع البنوك إلى زيادة المخصصات المالية لديها؛ لأن بعض العملاء سواء كانوا أفراداً أو شركات، معرضون للتعثر فى سداد القروض المستحقة عليهم.
وقال ثابت إن زيادة المخصصات سيؤثر سلبا على أرباح البنوك المرتقبة إلا أنها الطريقة الأمثل للوقوف والتصدى لهذا الفيروس القاتل الذى سيحدث ركوداً كبيراً خلال الفترة المقبلة.
كان وسام فتوح، أمين عام اتحاد المصارف العربية، قال فى تصريحات سابقة على هامش مؤتمر رؤساء إدارات المخاطر بالبنوك الذى أقيم بالغردقة قبل أسابيع، إن استمرار انتشار فيروس كورونا ربما يدفع البنوك إلى زيادة المخصصات المالية تحسباً لتعثر العملاء فى سداد القروض، فى ظل الانكماش المتوقع للاقتصاد العالمى وتباطؤ حركة التجارة والإنتاج والقيود المفروضة على عمليات السفر والسياحة، مؤكدا أن تأثيرات كورونا لا تنعكس فقط على قدرة الشركات على سداد القروض.
وأشار فتوح إلى أن زيادة المخصصات ستؤثر سلباً بطبيعة الحال على الأرباح المتوقعة للبنوك، مضيفا “ما يقلق البنوك العربية والعالمية الآن فى رأيى هو مدى تأثير الفيروس على قدرة المقترضين على سداد التزاماتهم، وكيفية التحوط لهذا الخطر”.
من جانبه، أضاف رئيس قطاع الديون المتعثرة بأحد البنوك رفض الإفصاح عن هويته، أن قرار البنك المركزى بتأجيل الأقساط لمدة 6 أشهر قرار صائب للغاية لأن الغالبية العظمى من العملاء كانت ستتعرض لتعثرات كبيرة فى السداد خلال هذه الشهور.
كان “المركزى” أصدر قرارا الأسبوع قبل الماضى، بتأجيل سداد أقساط قروض الأشخاص الطبيعيين والشركات المنتظمين فى السداد وغير المنتظمين، بدون غرامات تأخير أو رسوم لمدة 6 شهور، وذلك فى إطار تدابير وإجراءات مواجهة تداعيات تفشى فيروس كورونا، وبحسب مصدر مسئول بالبنك المركزى فإن إجمالى عدد المستفيدين من مبادرة تأجيل سداد أقساط القروض يتجاوز 5 ملايين مستفيد، ما بين مواطنين أفراد وشركات.
وأكد المصدر أن الوضع الحالى يجبر البنوك خاصة الكبرى منها على زيادة المخصصات لديها، لاسيما قطاع السياحة بسبب بعض القيود المفروضة على عمليات السفر، مشيرا إلى أن البنوك ستتعامل بمرونة كبيرة من العملاء المتعثرين لظروف خارجة عن إرادتهم.
وأشار إلى أن رفع المخصصات سيؤثر على أرباح البنوك خلال العام الحالى إلا أنه أكد أن عودة الأمور إلى نصابها الطبيعى قد يحول هذه المخصصات إلى أرباح بعد تحررها بشكل كامل نتيجة التزام العملاء.
وقال المصدر إن أغلب العملاء الذين قد يتعرضون لتعثر فى الوقت الحالى سيكون ذلك خارجاً عن إرداتهم، ومن ثم فإن استقرار الأوضاع مجدداً سيجعل هذه النوعية من العملاء تلتزم، ومن ثم فإن المخصصات وسيلة للسيطرة على التعثر الذى ربما يظهر بشكل كبير خلال الشهور المقبلة.
وأكد أن إلغاء “المركزى” للقوائم السوداء من الأفراد والشركات ورفع الحظر عنهم فى مصلحة العملاء والبنوك، حيث سترفع من الطلب على الائتمان خلال الفترة المقبلة.
كان مجلس إدارة “المركزي” قرر إلغاء القائمة السوداء للشركات والقائمة السلبية للأفراد ورفع حظر التعامل عن العملاء غير المنتظمين، وكذلك إطلاق حرية تعاملهم مع القطاع المصرفى، حيث تأتى الخطوة الجديدة من البنك بهدف تحقيق النفع لعملاء القطاع المصرفى غير المنتظمين فى السداد بهدف التخفيف عنهم، ولدفع عجلة الإنتاج والصناعة والحفاظ على العمالة.
وأشار المركزى إلى أن القرار سيستفيد منه ما يقرب من 8 آلاف شركة وما يزيد عن100 ألف مواطن.
فيما أكد أشرف عبد الحميد، المدير بقطاع الائتمان بأحد البنوك الإسلامية، أن أفضل طريقة للتعامل مع الوضع الحالى من جانب البنوك هو رفع مخصصاتها قدر الإمكان لمواجهة التعثر المتوقع.
وقال إن الإصلاحات الاقتصادية التى اتخذتها مصر، كان لها دور كبير فى مساعدة الدولة على التصدى لمحاولة انتشار فيروس كورونا، والتعامل مع الآثار السلبية الناجمة عن تفشى الوباء.
وأضاف عبد الحميد أن أرباح البنوك ستتأثر بنهاية العام الحالى؛ بسبب ركود الائتمان من ناحية ورفع المخصصات من ناحية أخرى لمواجهة فيروس كورونا.
وأوضح أن قرار تأجيل أقساط قروض العملاء لمدة 6 أشهر، يحقق الأثر الإيجابى الضخم بالنسبة للشركات والأفراد الذين تتأثر أعمالهم بالأزمة الحالية، وخفض الفائدة لتنشيط الائتمان، مؤكدًأ أن الوضع الحالى سيؤثر على حركة الاقتصاد فى العالم أجمع.
وذكر أن قرارات البنك المركزى الأخيرة، منحت البنوك صلاحيات كبيرة فى إدارة عملياتها مع العملاء، مؤكدا أن قرارات البنك هدفها الأول مصلحة المواطن، لافتا إلى أن الفترة الحالية تشهد ضعفًا شديدًا فى الطلب على الائتمان، خاصة أن أزمة كورونا لا تزال فى بدايتها.
وفى تصريحات سابقة لـ”المال”، قال الدكتور محمود محيى الدين، النائب السابق لرئيس البنك الدولى، والأستاذ بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة، إن التعامل بالقطاع المالى ينقسم إلى شقين، أولهما قطاع البنوك التجارية وكل ما يرتبط به من مستوى السيولة، والتمويل المصرفى وكفاءة نظم الدفع وغيرها، مشيرا إلى أن القطاع فى مصر، كان محل تطوير وإصلاح فى الفترة من (2004 إلى 2008)، ويتمتع حاليا بملاءة مالية وسلامة مصرفية، وهو مؤهل لأداء الدور المطلوب، وكل ما يحتاجه فى مثل هذه الظروف الطارئة، أن يتم الحرص على استمرار السيولة فى تدفقها داخل الجهاز المصرفى.
وأكد محيى الدين أنه يتعين على المصارف عقد اتفاقات مع العملاء على مد آجال الائتمان، وبالذات فى قطاع التجارة الذى يعتمد على التمويل قصير الأمد، وبحاجة فورية للمساندة خلال الفترة الحالية.