أكد سفير وارسو بالقاهرة، ميهاو وابيندا، أهمية الجانب الاقتصادى فى مجالات التعاون المشتركة بين مصر وبولندا، موضحًا أن التجارة الثنائية تتطور وتنمو بشكل جيد، حتى فى ظل ظروف تفشى جائحة كورونا، وسجلت العام الماضى نحو 725 مليون دولار.
وتوقع سفير وارسو بالقاهرة، أن يزور الرئيس البولندى أندريه دودا مصر أواخر شهر مايو أو مطلع يونيو المقبلين، مضيفًا أنه تم البدء حالياً للإعداد لها.
وأكد أهمية الزيارة المرتقبة، مضيفًا أنه من المقرر أن يصطحب الرئيس البولندى خلالها وفدًا وزاريًا؛ بهدف إجراء محادثات على أعلى مستوى وتوقيع اتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائى بين الطرفين، مشيرا إلى أن الاتفاقيات ما زالت فى طور الإعداد، ولا يمكن الكشف عن تفاصيلها الآن.
وقال إن مصر واحدة من أهم الشركاء لبولندا فى قارة أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، مضيفًا أن الحديث عن العلاقات الثنائية بين الجانبين لا ينتهى، وسيأخذ وقتًا طويلًا، خاصة أنها تسير بصورة جيدة، وتتضمن العديد من مجالات التعاون.
وأضاف فى حوار مع «المال»، أن مصر دائمًا ما تدعم بولندا فى المحافل الدولية، موضحًا أنه على الصعيد السياسى زار وزير الخارجية البولندى مصر عام 2019، إضافة إلى انعقاد مشاورات مشتركة بين البلدين العام الماضى.
وكان وزير الخارجية البولندى ياتسيك تشابوتوفيتش زار مصر فى أبريل عام 2019، والتقى مع نظيره المصرى سامح شكرى لبحث تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين.
ولفت سفير وارسو إلى أن مجموعة من الأثريين البولنديين يجرون 17 بعثة استكشافية فى مصر، مشيرًا إلى أنه من المقرر عرض تمثال أمنحوتب الأول الذى تم اكتشافه وترميمه قريبًا، وتابع أن التمثال سيتم وضعه فى معرض بمتحف الأقصر.
وأضاف أن هناك تعاونًا مشتركًا بين البلدين يتجلى فى حركة التبادل الطلابى بالجامعات، والتى توقفت خلال فترة تفشى وباء كورونا تقريباً، لكن هناك بعض الطلبة البولندين يدرسون فى جامعة القاهرة حاليًا، فضلًا عن طلبة آخرين سيأتون للدراسة وفقًا لاتفاقية مشتركة.
وأضاف أن قيمة الصادرات البولندية سجلت العام الماضى نحو 417 مليون دولار، وتضمنت منتجات الأجهزة المنزلية كالغسالات الكهربائية وغسالات الأطباق، فضلًا عن منتجات خاصة بالصناعات الكيماوية ومنظفات المنازل.
وعلى الجانب الآخر، صدرت مصر العام الماضى منتجات بقيمة 308 ملايين دولار بزيادة %50 على قيمتها فى نفس الفترة المقابلة من العام قبل الماضى، وأرجع ذلك بسبب نشاطات رائدى الأعمال والبائعين المصريين لتعزيز حجم صادراتهم للخارج.
وأوضح أن أبرز المنتجات التى تصدرها مصر لبولندا تتمثل فى البوليمرز، والبلاستيك، ومنتجات صناعية، والخضراوات، والفاكهة ، ومعادن كالألمونيوم والحديد والصلب وغيرها.
وحول ما إذا كانت هناك مناقشات مصرية بولندية لمضاعفة كميات القمح التى تحصل عليها مصر من بولندا الفترة المقبلة، قال إنه بسبب تراجع الكميات المنتجة ببلاده منه خلال موسم العام الحالى 2021/ 2022 لم يتم تصدير أى أقماح.
وأوضح أن مسألة الحصول على القمح تعتبر واحدة من القضايا المهمة لمصر حاليًا، نتيجة اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن الكميات التى تنتجها بلاده من هذا المحصول الاستراتيجى كانت تبلغ 9 ملايين طن فى المتوسط، مضيفًا أن هذا المحصول يمتاز بحساسيته الكبيرة للظروف المناخية وللحرارة والمياه، وقد انخفضت الكميات المنتجة منه فى موسم العام الجارى 2021/ 2022 بنسبة %40 مقابل موسم العام السابق عليه.
وتابع أن الكميات المصدرة منه للخارج تراجعت إلى حوالى 2.8 مليون طن خلال موسم العام الجارى مقابل 3.8 مليون فى موسم العام السابق عليه 2021/2020، توزعت بين 2.8 مليون طن قمح للاتحاد الأوروبى والباقى “مليون طن” لصالح دول السعودية والجزائر والمغرب وجنوب افريقيا.
وأضاف أن كميات القمح المصدرة سجلت خلال موسم العام الحالى للمناطق خارج القارة الأوروبية نحو 850 ألف طن، 50% منها لصالح السعودية و%23 لصالح الجزائر و%10 للمغرب و%7 لجنوب أفريقيا و4% لكينيا.
مرجح زيادة أعداد السائحين إلى 500 ألف بنهاية 2022
وتحدث عن السياحة البولندية الوافدة للسوق المصرية، مشيرًا إلى أنها بلغت 300 ألف سائح العام الماضى، متوقعًا أن تزداد تلك الأعداد وتتضاعف لتسجل 500 ألف سائح بنهاية العام الحالى.
وقال إنه قبل تفشى جائحة كورونا كانت أعداد سياح بلاده الزائرين للمقاصد السياحية المصرية تبلغ نحو 500 ألف سائح، وبالرغم من تراجع الأعداد ظلت مصر المقصد السياحى الثالث لهم عقب تركيا واليونان.
وأعرب عن تقديره للجهود المبذولة من قبل السلطات المصرية للسائحين، فى ظل الظروف الحالية بعد الأزمة الروسية الاوكرانية، فضلاً عن دعمها لقطاع السياحة خلال فترة تفشى وباء كورونا.
وأوضح أن الأماكن المفضلة للسائحين البولنديين محلياً هى مقاصد البحر الأحمر، إلى جانب زيارة المعالم الثقافية كالذهاب لمدة يوم واحد لمدينة الأقصر، فضلًا عن تخصيص أيام أخرى لزيارة الأهرامات والقاهرة.
ننتظر تنفيذ اتفاقية المنطقة الصناعية فى «اقتصادية السويس» للمضى قدماً بالمشروع
وبالحديث عن الاستثمارات البولندية العاملة بمصر، قال إن هناك إمكانيات لمجيء استثمارات جديدة الفترة المقبلة، مضيفًا أن تلك المسألة كانت من الموضوعات التى تمت مناقشتها خلال زيارة نائب وزير الخارجية البولندى لمصر العام الماضى، ووقع خلال زيارته اتفاقية المنطقة الصناعية البولندية بالمنطقة الاقتصادية لتنمية محور قناة السويس.
وقال إن الجانب البولندى ينتظر حاليًا تنفيذ مخرجات تلك الاتفاقية للمضى قدماً فى المشروع .
جدير بالذكر، أن وزيرة التجارة والصناعة، نيفين جامع، كانت شهدت أوائل يونيو الماضى توقيع اتفاقية إطارية بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ونظيرتها البولندية بإقليم كاتوفيتسا لإنشاء منطقة صناعية بولندية فى العين السخنة.
ووقع الاتفاقية كل من المهندس يحيى زكى رئيس المنطقة، والدكتور يانوش ميخاليك رئيس المنطقة الاقتصادية الخاصة بإقليم كاتوفيتسا بحضور نائب وزير الخارجية البولندى Paweł Jabłoński ووزير الدولة للتنمية الاقتصادية Grzegorz Piechowiak والسفير البولندى بالقاهرة Michał Łabenda .
وأشار سفير بولندا إلى أن إجمالى الاستثمارات البولندية المباشرة العاملة بالسوق المحلية تبلغ حتى الآن نحو 9 ملايين دولار، من خلال 114 شركة فى عدد من المجالات كالخدمات والسياحة والإنشاءات، منوهاً بأن إحدى الشركات البولندية استحوذت على %21 من أسهم مجموعة مستشفيات كليوباترا العام الماضى.
وألقى سفير بولندا الضوء على التعاون الثقافى بين البلدين، مشيرًا إلى أن الفرق الموسيقية البولندية تشارك فى أنشطة ومسابقات مصرية، وفى نهاية شهر فبراير الماضى شاركت إحدى الفرق فى مهرجان بأسوان.
وفى سياق متصل، قال إنه التقى وزيرة الهجرة نبيلة مكرم مؤخرًا بخصوص الطلبة المصريين العائدين من أوكرانيا إلى مصر باستخدام الحدود البولندية، مؤكدًا سعادته بالتعاون القائم بين الحكومتين المصرية والبولندية فى هذا السياق، وأشار إلى أنه عاد 867 مواطنًا مصريًا حتى يوم 16 مارس الحالى.
وأكد “وابيندا” الشراكة الجيدة المبذولة من قبل السفارة المصرية مع السلطات البولندية لتوفير كل أنواع الدعم، كالغذاء والإقامة للطلبة المصريين الذين يغادرون أوكرانيا، مشيرًا إلى أنهم يمثلون أولوية للحكومة المصرية لإعادتهم مرة أخرى للبلاد.
وتطرق لما تمت إثارته فى صفحات مواقع التواصل الاجتماعى حول وجود تمييز فى المعاملة بين الفارين من الحرب الأوكرانية من المواطنين الأوكرانيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، موضحًا أن الأزمة الأوكرانية تعتبر أسرع موجة للهجرة منذ الحرب العالمية الثانية، وما يزيد المشكلة هو أن عدد اللاجئين الأوكرانيين الفارين لبولندا يتزايد يوميًا، وبلغ حتى 16 مارس الحالى نحو مليونى شخص.
وتابع: لكن أغلب اللاجئين الأوكرانيين الفارين على الحدود البولندية عائلات “أطفال وكبار سن ونساء” ولذلك يتم إعطاؤهم الأولوية عن المواطنين الآخرين من الطلبة من فئة الشباب.
وتابع قائلًا: “هذه لا تعد تفرقة وغالبية الناس تتفهم ذلك، خاصةً أنه لا يوجد وقت للانتظار عند الحدود، وهذا بالنسبة لنا هو شيء مؤلم، خاصة أن هناك جهودًا حقيقية تقوم بها الحكومات المحلية هناك والمجتمع البولندى لمساعدة الأشخاص الفارين من الحرب”.
ووجه الشكر للسلطات المصرية لتوضيحها الأمر، لكنه أعرب عن مخاوفه جراء الأخبار والرسائل التى يتم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعى لانتشارها بصورة أسرع من البيانات الرسمية الحكومية .
ونوه إلى الجهود التى تبذلها الحكومتان الأوكرانية والبولندية لعرض الوضع الحقيقى على الحدود البولندية.
– لا نتوقع تأثيرًا للحرب «الروسية – الأوكرانية» على تدفقات الوفود البولندية
وقال إنه لا يرى أن الأزمة ستؤثر على مجالات التعاون المختلفة بين مصر وبولندا، ومن ضمنها التجارة المشتركة، لكنه يرى أن العقوبات المفروضة من أوروبا والولايات المتحدة واليابان وسنغافورة وجنوب افريقيا على موسكو أثرت على الاقتصاد الروسى، وخلقت تحديات لاقتصادات الدول المختلفة فى العالم .
ومن حيث التأثير على تدفقات السياحة البولندية الوافدة محليًا، قال إنه لا يتوقع أن تتأثر، بل سترتفع، خاصة أن هؤلاء السائحين يقدرون الجهود المبذولة من الحكومة المصرية فى قطاع السياحة.
وبخصوص التأثير المحتمل للأزمة على الاقتصاد العالمى حاليًا، قال إنه من الصعب التوقع حالياً فى ضوء ضبابية الأوضاع، لكنه أكد أن الأسواق العالمية ستتغير بصورة دراماتيكية وكبيرة، خاصة أن العقوبات المفروضة على موسكو شملت إلغاء الرحلات الدولية إليها، وعقوبات مالية طالت كل البنوك الروسية وغيرها.
ونوه بأن صادرات موسكو من الغاز الطبيعى والبترول تمثل حوالى %8 من السوق العالمية للطاقة، والاعتماد الأوروبى على هذين المنتجين مرتفع إلى حد ما، مشيرًا إلى أن روسيا استطاعت إدارة الوضع والوصول لشركاء خارجها لتصدير الغاز والبترول.
وقال إن الحرب ليس إجراءً منخفض الثمن، ويجب أن يتكبد شخص ما نتيجة التدمير الذى تخلفه الحروب، مؤكدًا أنه لم يشهد التاريخ مثل الوحدة –بصورها المختلفة- التى عليها العديد من الدول الآن ضد العدوان الروسى على كييف.
وأنهى حديثه آملًا أن تنتهى الحرب قريبًا، مشيرًا إلى أن روسيا وحدها هى من تستطيع إيقاف تلك الحرب الآن، فهى من بدأتها ويجب أن توقفها.