هل تصيب لعنة «كورونا» القطاع الصناعي؟

استقرار العمليات الإنتاجية وتخوفات أكبر من حدوث أزمة اقتصادية

هل تصيب لعنة «كورونا» القطاع الصناعي؟
المال - خاص

المال - خاص

7:25 ص, الأثنين, 23 مارس 20

منذ ما يقرب من 3 أشهر على ظهور مرض “كورونا” الذى أصاب عددا كبيرا من دول العالم، وظهر فى مصر مؤخرًا بصورة اعتبرها البعض مقلقة، لا تزال الحركة التجارية بين مصر والصين مستمرة.

حاولت “المال” التواصل مع عينة عشوائية من الشركات الصناعية العاملة بمجالات متنوعة ومختلفة، والمدرجة بالبورصة المصرية لمعرفة التأثيرات التى طالتها جراء انتشار فيروس “كورونا”، خاصة فى ظل اعتمادها على الصين كأحد أهم موردى المواد الخام اللازمة لإتمام عملياتها الإنتاجية.

أكدت الشركات التى رصدتها “المال”، أنهُ لا تأثير حتى الوقت الحالى على العمليات الإنتاجية وتدبير المواد الخام، من دولة الصين ذاتها أو باعتمادها على المخزون المتاح لديها الذى أمنتهُ بشكل يدعم وضعها حال حدوث أزمة أكبر، لكنهم أشاروا إلى تخوفاتهم من وقوع أزمة اقتصادية جديدة تضرب العالم وبالتالى اندثار الشركات.

جى إم سي: معظم مكوناتنا محلية بنحو 99 % والتخوف الأكبر من حدوث تباطؤ

قال محمد جنيدى، رئيس مجلس الإدارة بشركة “جى إم سى للاستثمارات الصناعية والتجارية”، إن غالبية الشركات العاملة بالسوق المحلية ومن ضمنها الصناعية تعانى حالة زعر بالفترة الحالية، جراء التخوفات بتفشى “كورونا” بصورة أكبر.

وأضاف أن الأزمة الأكبر تكمن فى حالة التباطؤ التى قد يشهدها الاقتصاد العالمى، حال حدوث تطورات سلبية أكثر فى ذلك الأمر، وليس فى محاولات تدبير المواد الخام اللأزمة للعمليات الإنتاجية، لافتا إلى أن تباطؤ الاقتصاد سيصيب حتمًا جميع الشركات العاملة على مستوى العالم، ومن ثم تدهور الصادرات وانحسار المبيعات، وخسائر فى الأرباح النهائية.

وفيما يتعلق بشركتهُ، أوضح جنيدى إن “جى إم سي”، تعتمد فى عمليتها الإنتاجية على الخامات المحلية، بما يمثل %99 من مكونات السخانات، فيما تقوم باستيراد الترموميتر فقط، وعلى صعيد البوتاجازات فإنها قائمة على الخامات المحلية بنحو %100، وعلى صعيد الغسالات فتستورد بعض خامات التصنيع من إيطاليا.

ومن جهة أخرى أشار إلى أن التأثيرات السلبية ربما تمس صادرات الشركات، مشيرًا إلى أنها تأثرت فعليًا خلال الفترات الماضية لأسباب أخرى بخلاف “كورونا” تتعلق بأحول البلاد ذاتها.

ولفت إلى أن صادرات شركتهُ تمثل حاليًا حوالى 25:%30 من إجمالى الإنتاج، إذ تقوم بالتصدير للأسواق الأفريقية والعربية من بينها أوغندا والسنغال وسوريا والعراق وليبيا واليمن، مشيرًا إلى أن شركتهُ كانت تقوم بتصدير منتجاتها لأمريكا والسويد ولكن حدثت تطورات حالت دون ذلك.

إيكمي: الأزمة الأكبر تتمثل فى حالة الضبابية المهيمنة على الاقتصاد

وقال هشام صابر، العضو المنتدب بشركة “الدولية للصناعات الطبية – إيكمي”، إن شركتهُ تستورد من الصين بعض المواد الخام، منها “الإستانلس” المستخدم لإنتاج سنون الأبر الطبية التى تُنتجها الشركة.

وأضاف أن شركتهُ قبل ظهور “كورونا” كان لديها مخزون يكفى الإنتاج لمدة 3 شهور، لافتًا إلى أنها أجرت طلبية مؤخرًا من الصين لتأمين احتياجاتها وتم الإفراج عنها بالموانئ البحرية.

وأوضح أن “إيكمي” لم تواجه أى تعثرات تُذكر فى الحصول على موادها الخام من الصين، حتى فى ظل اشتداد وتفاقم الأزمة لديهم، موضحًا أنها لم تصدر حتى الآن أيا من القرارات الخاصة بوقف التعاملات التجارية.

وأشار صابر إلى أن عددًا من الدول قامت بإلغاء رحلات الطيران وإغلاق المنافذ عدا المنافذ البحرية الخاصة بالمعاملات التجارية، موضحًا أن أى من القرارات الخاصة بذلك الأمر يُعد كارثة حقيقية.

ولفت إلى أن التخوف الحقيقى يكمن فى الوضع الضبابى الذى تواجهه الشركات العاملة، أو الدول بشكل عام، وعدم وجود إجابات واضحة تتعلق بماذا يحدث حال وقوع أزمات أكبر وتفشى الفيروس بشكل أسرع، وما هى البدائل المتاحة أمام الشركات بشكل عام لتفادى خسائر أكبر.

وقال العضو المنتدب بـ”إيكمي”، إن التوقعات والأحداث الحالية تٌنبئ بوقوع أزمة اقتصادية عالمية، موضحًا أن البترول وصل لأسعار متدنية تُقارب ما كانت عليه بوقت الأزمة العالمية بعام 2008.

وأضاف أن التأثيرات السلبية على البعد الاقتصادى بادرت بالظهور خلال الفترة الحالية على الأمر القصير والمتوسط، موضحًا أن التخوف الأكبر يتمثل فى الوقوع فى حالة من الركود الاقتصادى.

وأوضح أن بعض القطاعات بدأت فى مواجهة أزمة السيولة خلال الوقت الحالية، كالبورصة المصرية، وحالة التدهور التى شهدتها بالفترة القليلة الماضية، وهو ما يستمر حتى الوقت الحاضر.

وشدد على ضرورة أن تبحث الشركات والدولة المصرية بشكل عام عن بدائل مختلفة لتأمين احتياجات صناعتها المحلية وطرح خيارات عدة يمكن اللجوء إليها كمخارج حال تدهور الأوضاع عالميًا .

روبكس: 80 % من خاماتنا من الصين.. ولا تأثيرات حتى الوقت الراهن

وقال مجدى طاهر، رئيس مجلس الإدارة بشركة “روبكس لصناعة البلاستيك والإكريلك”، إن شركتهُ تستورد %80 من مستلزمات إنتاجها من الصين.

وأضاف أن الأزمة الصينية تُعد سلاحا ذو حدين لشركتهُ، بتأثيرها السلبى من خلال صعوبة تدبير الخامات اللازمة للإنتاج أو حدوث تأخيرات من شأنها التأثير على العملية الإنتاجية، وآخر إيجابى يتمثل فى صعوبة الصادرات الصينية للدول الأخرى، وبالتالى تمكن شركتهُ من المنافسة بشكل أكبر فى الأسواق العالمية.

وأوضح أن العملية الإنتاجية لـ”روبكس” تأثرت خلال الفترات الماضية بشكل طفيف، وذلك بسبب تأخر بعض خامات الإنتاج من الصين، لافتا إلى أن الأزمة بادرت بالانفراج فى الوقت الحالى، مشيرًا إلى أن شركتهُ أجرت طلبية من الصين منذ أيام قليلة وستقوم باستلامها قريبًا، موضحًا أن المعاملات التجارية بين الصين وبعض الدول الأخرى لا تزال مستمرة حتى الوقت الحالى .

وفيما يتعلق بالبدائل المُتاحة أمام شركتهُ لتدبير خامات إنتاجها، قال إن البدائل تتمثل إما فى الضغط على الصعيد المحلى ومحاولة بحث بدائل للمواد الخام أو الاستيراد من أوروبا.

وكانت “روبكس” قالت مؤخرًا فى إفصاح لها للبورصة المصرية، إن استيراد بدائل المواد الخام من أوروبا بدلا من الصين مكلف، وسيكون له تأثير سلبى على سعر المنتج، إذ سيجعل سعر منتجاتها غير قابل للمنافسة وهو ما سيؤثر على نتائج أعمالها فى ظل حالة ركود فى السوق المصرية.

وأوضح أن الشركات العاملة محليًا قد تضطر فى وقت ما وحال تأزم الأمور، إلى تسريح بعض العمالة لديها، لتخفيف ضغط التكاليف الخاصة بالمرتبات وغيره، خاصة فى ظل ارتفاع تكاليف العملية الإنتاجية واحتدام المنافسة بين الشركات.

مسؤولو أدوية: اجتماعات لبحث بدائل المواد الخام من دول أخرى بخلاف الصين

وعلى صعيد آخر وفيما يتعلق بشركات الأدوية، قالت بعض المصادر التى فضلت عدم الإفصاح عن هويتها، إن الدكتور تامر عصام، رئيس هيئة الدواء المصرية، عقد اجتماعًا مع جميع الشركات العاملة بالسوق المحلية، لبحث تدابير كيفية توفير المواد الخام اللازمة للصناعة من دول أخرى بخلاف الصين.

وأكدت المصادر أن السوق المصرية تضم حوالى 154 مصنعا لإنتاج الدواء وحوالى 50:60 مصنعا تحت الإنشاء، وتعتمد الصناعة المحلية على توفير حوالى %50 من احتياجاتها من الصين.

وأشارت إلى أن العملية الإنتاجية مستقرة بغالبية شركات الأدوية المحلية، نظرًا لأنها كانت تؤمن احتياجاتها من المواد الخام لمدة تكفى شهرين أو أكثر.

أبو قير: الأزمة رفعت أسعار عروض تصدير اليوريا.. ولا أثر على المستلزمات حالياً

وقال سعد أبو المعاطى، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بشركة “أبوقير للأسمدة” إن سوق اليوريا العالمية يتسم بالارتفاع فى الأسعار نتيجة زيادة الطلب الأمريكى فى ظل انخفاض العرض وزيادة الطلب استعداداً لموسم الربيع وتماشياً مع تحسن أسعار الحبوب.

وأكد أبو المعاطى أن انتشار الفيروس أثر على عروض أسعار تصدير اليوريا إذ ارتفعت إلى 260 دولارا للطن، كما ارتفع الطلب المحلى وأدى إلى زيادة إنتاجية مصانع اليوريا من 130 إلى 142 ألف طن فى اليوم.

وتوقع زيادة معدلات الإنتاجية إلى 160 ألف طن خلال شهرى “مارس – إبريل”، لافتاً إلى أن انهيار أسعار البترول بسبب المنافسة بين كل من روسيا والسعودية قد قضى على الأثر الإيجابى لزيادة الأسعار.

وأوضح أن العملية التشغيلية للشركة لم تتأثر فى الوقت الحالى إذ إن مستلزمات الإنتاج يتم صناعة أغلبها محلياً، موضحاً أن الشركة أنهت جميع علميات الصيانة السنوية “العمرات” خلال شهر أغسطس الماضى ويتم خلالها الاستعانة بآلات ومدخلات معينة يتم استيرادها من الخارج ومنها الصين.

وأشار إلى أن الموانئ الصينية تواجهة مشاكل تؤدى إلى تأخير الشحن لمدة تتراوح بين 5 إلى 20 يوما نتيجة القيود الجيوسياسية وارتفاع الطلب المحلى، لافتا إلى أنه يجب الأخذ فى الاعتبار التوقعات بزيادة معدلات الإصابة بالفيروس فى إيران، نظرا للعلاقات التجارية القوية مع الصين علما بأن المنتج الإيرانى من اليوريا ينافس بقوة فى أسواق تركيا وبلجيكا والبرازيل بخلاف الكميات التى تمت إعادة تصديرها من بعض الدول مثل عمان والصين وغيرها.

ولفت أبو المعاطى إلى أن تحسن الطقس فى كل من أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية أدى إلى زيادة الطلب الموسمى على اليوريا خلال هذا الشتاء، موضحاً أن الطلب فى فرنسا يقدر بحولى 250 ألف طن خلال “مارس إلىـ يوليو”.

وأكد رئيس مجلس إدارة “أبو قير” أن التوقعات تشير إلى استمرار تحسن الأسعار نتيجة خروج الصين من السوق العالمية وتوجيه إنتاجها إلى السوق المحلية خلال الفترة القادمة بسبب ارتفاع الطلب المحلى هناك.

يذكر أن الصين تعتبر أكبر منتج لليوريا على مستوى العالم، حيث يبلغ إنتاجها 52 مليون طن تمثل %30 من الإنتاج العالمى بمعدلات تشغيل للمصانع تتراوح بين 50 إلى %60 فى حين يبلغ الاستهلاك أكثر من 50 مليون طن فى السنة.

وتبلغ صادرات الصين من اليوريا حوالى 2.5 مليون طن تمثل %5 من حجم التجارة العالمى، أما إيران فيبلغ إنتاجها من اليوريا حوالى 6 ملايين طن تمثل %4 من الإنتاج العالمى فى حين تبلغ صادراتها حوالى 4 ملايين طن تمثل %8 من حجم التجارة العالمى لليوريا.

دومتي: مخزون الخامات تؤمن احتياجاتنا لمدة شهرين حال انقطاع الاستيراد تماماً

وقال أحمد القطان العضو المنتدب للقطاع التجارى بشركة الصناعات الغذائية العربية “دومتي” إن شركته شكلت لجنة قبل انتشار الأزمة بشكل كبير وتم بالفعل زيادة حجم المشتريات من مستلزمات الإنتاج والمواد الخام سواء من الدول التى ظهر بها الفيروس أو غيرها.

وأضاف القطان أنه تم تأمين احتياجات الشركة لفترة تصل إلى شهرين حال التوقف التام لاستيراد المواد الخام، مشيراً إلى أنه تم تأمين المواد الخام وأهمها الورق الذى يتم استراده من عدد من الدول الأوروبية.

وأوضح أن دومتى تخطط لتنفيذ المعادلة فى الوقت الصعب لتوفير المنتج للعميل فى الوقت المناسب هو هدف قوى تسعى الشركة إلى تحقيقه، لافتا إلى أن الشركة تستورد بعض مركزات الفواكه الاستوائية والمستلزمات الصناعية، بينما تتوفر كميات مناسبة من اللبن، كما تمتلك مخزنا جيدا من مركزات العصير.

وأكد أن “دومتي” بدأت الإنتاج بكميات أكبر من المعدلات الطبيعية خلال الفترة الأخيرة، بحيث إذا حدثت فجوة فى الطلب تصبح الشركة أكثر استعدادا لتلبى جميع الاحتياجات.

وأوضح أن شركته كان لديها طاقات إنتاجية كبيرة غير مستغلة فى خطوط الجبنة والعصائر تتجاوز الـ 24 خط إنتاج تسمح بزيادة القدرة الإنتاجية فى أى وقت وفقا لظروف واحتياجات السوق.

وأشار إلى أنه خلال الفترة الأخيرة رفعت الشركة الطاقة الإنتاجية لخطوط إنتاج الساندوتش من 300 إلى 700 ألف قطعة يومياً، لتصل إلى سعتها بالكامل، مشيراَ إلى أنه جار إضافة خط إنتاج جديد من المقرر الانتهاء منه خلال شهر للوصول بالطاقة الإنتاجية إلى مليون قطعة سنوياً.

وأكد القطان أن “دومتي” تطبق جميع اشتراطات السلامة الغذائية العالمية، وتم رفع بصمة التوقيع الإلكترونى للعاملين منذ فترة تحسبا لنقل الفيروس بين الموظفين.

كيما: نعمل على توعية العاملين بغرض الوقاية.. وهناك استقرار فى الإنتاج

وقال مسؤول بشركة الصناعات الكيماوية المصرية “كيما” إنها بدأت فى توزيع نشرات توعية للوقاية من انتشار الفيروس وطرق التعامل معه وأعراضه، مؤكداً أنها لم تتخذ بعد قراراً بإلغاء نظام “البصمة” للعاملين الإداريين.

وأشار المسؤول إلى أن شركته لا تواجه أزمة فى الوقت الحالى تتعلق بشراء أى من مستلزمات الإنتاج من الخارج إذ لا يتم التعامل مع الصين لشراء مستلزمات أو تصدير أى منتجات إليها، بينما يتم استيراد بعض عناصر التغليف من دول أوروبية ولم تواجه الشركة أى أزمة فيها.

وأكد أنه لوحظ انتعاشة فى بيع سماد النترات خلال الأسابيع الماضية لكن انخفاض أسعار البترول العالمية يسدد جميع المكاسب، مشيراً إلى أن الشركة فقدت السوق التركية التى تعد من الأسواق المهمة بعد تعثر الأحداث السياسية بين البلدين.

أسماء السيد – مصطفى طلعت