واصلت أسعار البترول الانخفاض الفترة الماضية وسط المخاوف الاقتصادية من تداعيات فيروس كورونا عالميا، وبالرغم من الفوائد الناتجة عنه فى كثير من القطاعات، إلا أنه بالنسبة لقناة السويس قد يتحول الأمر إلى نقمة، فأى تراجع فى أسعار النفط يعزز من قدرة عابرى المجرى الملاحى على الاتجاه لطرق أخرى أطول دون التخوف من تضخم فاتورة الوقود المستهلك. وتوقع الخبراء أن تظهر آثار انخفاض أسعار الوقود خلال الربع الثانى من العام الحالى.
وفى هذا السياق قال الدكتورعبد التواب حجاج، المستشار الاقتصادى السابق لهيئة قناة السويس، إن تراجع أسعار الوقود ربما يدفع الخطوط الملاحية إلى تغيير مساراتها والاتجاه إلى طريق رأس الرجاء الصالح وذلك بسبب الاقبال على زيادة مخزون البترول بعد انهيار سعره ولكن التداعيات لم تظهر بشكل كامل حتى الآن.
ناقلات البترول العملاقة لا تعبر القناة بكامل حمولاتها
وأوضح أن ناقلات البترول العملاقة لا تعبر قناة السويس بكامل حمولاتها وتخفف جزءا منها عبر خط أنابيب “السوميد” وتعود فارغة عن طريق القناة ولكن فى ظل التراجع الشديد لسعر البترول قد تسلك “الناقلات الفارغة” طرقا بديلة، مما يتطلب مبادرات وحوافز لجذبها مرة أخرى.
وقال إن هيئة قناة السويس تدرس تلك المتغيرات باستمرار وأهمها تراجع حركة البضائع وتباطؤ معدلات النمو العالمية بسبب “كورونا” وتعمل سيناريوهات لكل حالة .
ومن ناحيته قال الدكتور أحمد الشامى، رئيس مجلس إدارة شركة أم القرى للخدمات البحرية، إن الصراع القائم بين الدول المنتجة يهوى بأسعار البترول، إلى جانب الآثار الاقتصادية للفيروس الجديد التى تؤثر سلبا على حجم التجارة وأسعار نوالين الشحن وزيادة تكاليف التشغيل للسفينة وارتفاع قيمة التأمين، مما يعوق الحركة العابرة بالقناة خاصة ناقلات البترول والغاز المسال.
وقال “الشامى” إن الناقلات الفارغة خلال رحلة عودتها بعد الشحن ستسلك طرقا أخرى بعيدا عن قناة السويس، حرصا على خفض التكاليف، مطالبا إدارة القناة بالدفع بحوافز لها.
وأوضح أن الربع الأول من العام الحالى لن يشهد تراجعا فى حركة العبور، لأن جميع التعاقدات تمت فى ديسمبر، وهى الآجلة، عندما كان سعر البرميل 70 دولارا، موضحا أن العقود الجديدة تبدأ مع الربع الثانى والذى وصل سعر للبترول فيه إلى 30 دولارا.
وتوقع أن تظهر الآثار السلبية على العائدات وحركة السفن اعتبارا من شهر أبريل على أن تتضح الرؤية بقوة فى يونيو المقبل .
نقل البترول يتصدر حركة العبور خلال يناير الماضى
كشفت إحصائيات هيئة قناة السويس عن تصدر نقل البترول ومشتقاته ، حركة العبور بالقناة خلال شهر يناير الماضى ، إذ عبرت 464 ناقلة بحمولات بلغت 23.7 مليون طن بزيادة قدرت بـ 18% مقارنة بشهر يناير 2019
أما شريف صلاح، مدير مبيعات شركة ميرسيك إيجيبت، فقال إن تراجع أسعار الوقود البحرى غير مجد للخطوط الكبيرة، لأنها اتجهت منذ بداية عام 2020 إلى العمل بوقود عالى التكلفة لا تصدر عنه انبعاثات عالية من الكبريت، طبقا لقرارات المنظمة البحرية الدولية وهو ما رفع بدوره تكاليف التشغيل.
وتابع أن الخطوط الملاحية منذ بداية تداعيات «كورنا» خفضت الرحلات الأسبوعية لتقليل الاتصال المباشر للصين مما نتج عنه خسائر كبيرة تجاوزت الـ 20 مليار دولار.
وقال إن الخسائر تتضاعف يوميا مما اضطر بعض الخطوط إلى بيع المراكب الخاصة بها لتراكم الديون.
أما الدكتور محمد كامل، باحث اقتصادى فى النقل البحرى فيرى أن هناك الكثير من العوامل ستؤثر على حركة التجارة والعبور فى القناة.
توقعات بانخفاض يصل إلى %30 فى السفن العابرة نتيجة انهيار التكلفة وكورونا
وتوقع “كامل” انخفاض الناقلات العابرة والحاويات بالقناة بنسبة 30% خلال هذا العام.
وأوضح أن الناقلات العملاقة تحسب الوفر والتكلفة فى ظل انهيار أسعار الوقود وستقارنها برسوم قناة السويس وبناء عليه ستفضل عبور طريق رأس الرجاء الصالح.
واتفق معه فى الرأى عمرو قطايا خبير النقل البحرى، مؤكدا أن السفن ستتجه إلى طرق أخرى بفعل الهبوط الكبير فى البترول، مطالبا إدارة هيئة القناة بضرورة البدء من اللحظة الحالية فى الإعلان عن حوافز جديدة لجذب السفن.
وقررت القناة، تطبيق نفس رسوم العبور العادية فى أبريل المقبل لجميع أنواع السفن خلال العام الحالى، وفقا لما كانت عليه فى 2019، باستثناء تطبيق زيادة بنسبة %5 لناقلات البضائع الصب الجاف و%5 زيادة رسوم للغاز البترولى المسال.
المتحدث الرسمى للهيئة: لم نشهد أى تأثير سلبى حتى الآن
ومن ناحيته قال جورج صفوت، المتحدث الرسمى لقناة السويس، إن الهيئة لم تشهد أى تأثيرات سلبية للمتغيرات الحالية وعلى رأسها تراجع أسعار النفط.
وأوضح أن قطاع النقل البحرى يتسم بالبطء فى التفاعل مع التأثيرات المحيطة، لأن جميع العقود تكون طويلة الأجل وتصل إلى 3 أشهر، مما يصعب حاليا تحديد أى آثار فى الوقت الراهن.
وأضاف صفوت فى تصرحات خاصة لـ”المال” أن القناة تعتمد على سياسات تسويقية لجذب عملاء جدد للعبور ويتم اعتمادها من خلال “لجنة الخطوط الطويلة “والتى تدرس طلباتها، سواء بمنح تخفيضات أو حوافز حتى تعبر قناة السويس، بدلا من رأس الرجاء الصالح أو قناة بنما.
لجنة الخطوط الطويلة تقدم حوافز تصل إلى %74 لحاملات البترول
وأوضح أن بعض التخفيضات فى الرسوم قد تصل إلى %74 طبقا لعوامل مختلفة ومنها الميناء القادمة منه والمتجهة إليه.
التخفيضات الممنوحة للعملاء جذبت 3463 سفينة خلال العام المالى الماضى
وقال إن الحوافز التى تمنحها الهيئة للعملاء جذبت العام المالى الماضى حوالى 3463 سفينة وكانت سببا فى ارتفاع حركة العبور بالقناة، فى ظل المتغيرات الاقتصادية التى يمر بها العالم مؤخرا وعلى رأسها الحرب التجارية بين الصين وأمريكا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وتباطؤ منطقة اليورو.
وقال إن قناة السويس شهدت منذ بداية يناير حتى منتصف مارس الحالى عبور 3905 سفن بزيادة 288 سفينة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى والتى سجل 3617 سفينة.
وأشار إلى أن الحمولات سجلت من يناير حتى منتصف مارس 249.4 مليون طن بزيادة 20 مليون طن مقارن بمثيلتها العام الماضى والتى سجلت فيه 229.9 مليون طن.
وقال صفوت إن إدارة التخطيط والبحوث بالهيئة تدرس كل المتغيرات وتأثيراتها المتوقعة على القناة وعلى رأسها “كورونا” وتراجع أسعار البترول ووضع سيناريوهات لها، موضحا أنه حتى الآن لم تصدر الهيئة أى قرارات نتيجة استقرار التجارة العابرة بها منذ بداية هذا العام.
وقال إن قناه السويس ستعلن عن أى تأثيرات على حركة التجارة حال حدوثها بكل شفافية، والإعلان عن أى قرارات ستتخذها بما يحقق مصلحة العملاء والقناة معا.
اجتماعات مستمرة مع التوكيلات الملاحية للوقوف على المستجدات
واستكمل “صفوت” أن الهيئة برئاسة الفريق أسامة ربيع تقوم تجرى اجتماعات دائمة مع التوكيلات الملاحية للوقوف على آخر المستجدات والتأثيرات المتوقعة على السوق الملاحية، فى إطار حرصها على تفادى التداعيات.