الفرق بين المهامّ التى تقوم بها هيئة الاستثمار ، والتى يختص بها الصندوق السيادي كان أهم تساؤلات المشاركين فى ندوة تحت عنوان «مستقبل الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص»، التى نظمتها الجمعية المصرية لشباب الأعمال، بحضور أيمن سليمان المدير التنفيذى للصندوق، وعاطر حنورة رئيس وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
استفسارات رجال الأعمال كشفت عن رغبتهم فى معرفة الدور الذى سيقوم به الصندوق السيادي وهل سيكون منافسًا للقطاع الخاص، مستغلًّا سلطته باعتباره مملوكًا للدولة ولديه صفة السيادية التى عادة ما تُمنح للجهات المهمة، وفقًا لتعبير أحد المشاركين.
فى هذا السياق تساءل الدكتور عمرو حسنين، رئيس شركة ميريس للتصنيف الائتماني، عن الفرق بين هيئة الاستثمار والصندوق فى المهام، وهو ما سألت عنه الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية أيضًا.
عبلة عبد اللطيف: لا بد من وضع خطوط فاصلة لتجنب أى تشوه مؤسسي.. وأدعو لحوار مجتمعى قبل بيع الأصول
وأضافت مديرة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن هناك بعض المخاوف من حدوث تداخل بين مؤسسات الدولة والصندوق السيادي ، داعية إلى ضرورة وضع خطوط فاصلة بينها؛ لتجنب أى تشوهات مؤسسية.
وتابعت أن بعض المؤسسات، مثل وزارة قطاع الأعمال العام، لديها محفظة كبيرة من الأصول سيستخدمها الصندوق، وتحتاج إلى أن تكون فى «الصورة» عند اتخاذ أى قرار استثمارى بشأنها.
وقالت عبد اللطيف إن الدور المتوقع للصندوق السيادي يرتبط بشكل رئيسى ببيع أصول الدولة من أراضٍ وعقارات، وتلك الأمور بحاجة لإجراء حوار مجتمعى قبل الإقدام على هذا الأمر.
وتابعت إن تعريف الصناديق السيادية فى جميع دول العالم مختلف بالنسبة للحالة المصرية؛ ففى الخارج يستثمر الصندوق أمواله خارج بلده للحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، وهو ما أشار إليه عمرو حسنين أيضًا.
وأضافت عبد اللطيف أن القطاع الخاص يحتاج لثقة أكبر فى الدولة ورؤية واضحة للمستقبل، كما أن الأصل فى الأمور أن تكون قواعد الاستثمار متاحة للجميع وسهلة دون حاجة لأى وسيط.
أيمن سليمان: لا نزاحم القطاع الخاص.. و«الهيئة» بتعرض منتج واحنا بنخلق آخر
من جانبه قال أيمن سليمان، المدير التنفيذى للصندوق السيادي، إن الصندوق ليس أداة من أدوات الدولة لمزاحمة القطاع الخاص فى الاستثمار ، لكن دوره يتمثل فى خلق فرصة استثمارية من بعض الأصول المتاحة والترويج لها.
وأضاف سليمان أن الصندوق السيادي سيكون مثله مثل القطاع الخاص فى الفرصة لكن لديه ميزة هى القدرة على توصيل رغبات المستثمر وصوته، لدائرة اتخاذ القرار، وليس «باب خلفي» فالصندوق مثله مثل أى شركة.
وقال بالنص «الفرق بينى وبين المستثمر العادى إنى عارف أكلم مين للحصول على أصل ما، وبالتالى هسهل على المستثمر الطريق»، مضيفًا أن الكثير من المستثمرين دخلوا السوق المحلية عن طريق رئيس الوزراء فى مؤتمرات، ولكن ليس لديهم معرفة مسبقة بكيفية الوصول.
وتابع سليمان أن الدور الذى يقوم به الصندوق لا يتعارض مع ما تقوم به هيئة الاستثمار، حيث تقوم الهيئة بتسهيل الحصول على المنتج، أما الصندوق فيخلق منتجًا جديدًا للسوق بالتحالف مع القطاع الخاص.
وأما بالنسبة لاختلاف ما يقوم به الصندوق السيادي عن باقى الصناديق فى العالم، فقال سليمان إنه طبيعى فى ظل عدم تشابه الوضع المصرى بباقى الدول التى تؤسس صناديقها لاستثمار فوائض ثرواتها «القابلة للنضوب» للأجيال القادمة.
وأضاف سليمان أن الصندوق السيادي يعمل على تعظيم الاستفادة من أصلٍ ربما يكون متجددًا مثل محطة للطاقة الشمسية أو منطقة أثرية، بالشراكة مع القطاع الخاص، ومن المتوقع توليد فوائض خلال السنوات الخمس المقبلة تمكِّنه من أداء أدوار الصناديق الأخرى نفسها.
وأكد سليمان أن الصندوق سيحصل على الأصل من الدولة بالقيمة العادلة وفقًا للضوابط التى يحددها القانون، سواء من خلال إسقاط ديون أو إجراء مقاصة مع وزارة المالية، ثم إعادة طرح الأصل على المستثمر للشراكة.
محمد السلاب: الهيئة غير قادرة على شراكة المستثمر والصندوق يمتلك تلك الآلية
من جانبه قال محمد السلاب، عضو مجلس النواب ووكيل لجنة الصناعة بالبرلمان، إن هيئة الاستثمار ليست لديها القدرة على الدخول فى شراكة مع المستثمر لإقامة مشروع، بينما يمتلك الصندوق تلك الآلية.
وأضاف السلاب أن «الهيئة» تضع خريطة الاستثمار وضوابط بين المستثمر والدولة، أما الصندوق فهو مستثمر مصرى كبير يمتلك محفظة أراضٍ يمكن أن يدخل بها شراكة مع آخرين.
أما عاطر حنورة، رئيس وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فقال إن الصندوق السيادي كأى مستثمر لديه خياران؛ إما أن ينافس، مثله مثل أى مستثمر آخر، على مشروعات بنظام الشراكة، أو يضع شروطًا عامة للمتنافسين، ومن يفُز يدخل معه بحصة، مقابل تمويل، مثلما تفعل مؤسسات التمويل الدولية.
شريف الجبلي: من أين يجمع الصندوق السيادي رأسماله.. من الأصول أم النقود السائلة؟
وفى وسط تلك التساؤلات قال شريف الجبلي، رئيس مجلس إدارة جمعية شباب رجال الأعمال، إن القطاع الخاص شريك رئيسى للتنمية، وأولويات الصندوق هى تشجيع القطاع الخاص، لكن هناك بعض المخاوف.
وتابع: نخشى أن تتسبب مشاركة الصندوق مع أحد التحالفات المتنافسة على مشروع لإنشاء محطات تحلية مياه، على سبيل المثال، فى تخوف باقى التحالفات؛ بمنطق «أن الصندوق السيادى هيشارك مع الفائز بالضرورة»، لافتًا إلى أن كلمة «السيادية» دائمًا تضاف للجهات صاحبة الهيبة والمهمة.
وتساءل الجبلى كذلك عن طبيعة رأسمال الصندوق: هل سيشمل أصولًا فقط أو سيولة مالية.
أيمن سليمان: لن أفرض وجودنا على مستثمر
فيما أكد أيمن سليمان أن الصندوق لن يفرض وجوده على المستثمرين، «بل العكس لو بعض المستثمرين فازوا بعطاء ما وطلبوا عدم مشاركة الصندوق لن أستثمر فيه معه».
وبالنسبة لرأسمال الصندوق أعاد سليمان تأكيد أن مصر ليس لديها فائض كبير فى السيولة المالية، حيث أن رأسماله ممول من الخزانة العامة للدولة ويهدف إلى خلق فوائض من شراكته وإعادة استثمارها مرة أخرى.
وأشار سليمان إلى أن قوة الصندوق لا تقاس بحجم رأسماله، ما دام قادرًا على الوفاء بالتزاماته، بقدر حجم المحفظة التى يديرها هذا الصندوق.
ولفت إلى أن التعديلات الأخيرة على قانون الصندوق السيادى سمحت له بإدارة أموال الغير وليس المملوك له فقط، مضيفًا أنه يهدف إلى خلق مصداقية للاقتصاد المصرى من خلال التركيز على النجاحات المحققة.
وتابع سليمان أنه يسعى لتحقيق التوازن بين أهداف الدولة ورغبات المستثمر والفرصة الاستثمارية نفسها وتشجيع القطاع الخاص من خلال الشراكة بحصة أقلية.
عبد الله الإبياري: هل سنحقق التوازن بين الرغبة في تحقيق ربحية عالية والرضا بالمكسب الأقل مقابل التوظيف؟!
من جانبه قال عبد الله الإبياري، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، إنه لا بد أن تتسم شراكة الصندوق السيادي بالتوافق والتكامل، لافتًا إلى أن ما يدعو أى مستثمر للبحث عن شريك هو الحصول على إضافة جديدة قد تكون خبرة تكنولوجية أو معرفة لا يمتلكها، وغير ذلك لن يبحث أحد عن شركاء.
وشدد الإبيارى أيضًا على ضرورة تحديد الهدف من الشراكة؛ هل ربحية أم تنمية مستدامة، فلا يمكن تحقيق شراكة بين مستثمر يرغب فى تحقيق ربحية عالية مع شريك آخر يقبل بربحية أقل مقابل تشغيل عمالة أكبر.
عمر صبور: جذب المستثمر الأجنبى يتطلب الحفاظ على القائم وتحسين ممارسات الأعمال
فيما قال عمر صبور، رئيس جمعية شباب الأعمال الأسبق، إن الحديث عن جذب استثمارات لا بد أن يتوافق معه الحفاظ على القائم والعمل على إصلاح ممارسات الأعمال وتسهيلها.
وأكد صبور أن جذب أى مستثمر أجنبى مرتبط بشكل كبير بحماية المستثمر المحلى وتعظيم أعماله.
فى السياق نفسه قال عمرو حسنين إن الاقتصاد المصرى شهد تغيرًا كبيرًا فى هيكله الفترة الماضية، حيث كان يتميز بربحية ومخاطر عالية، وهو أمر قد يكون مرضيًا للبعض، لافتًا إلى أن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة غيّرت فى تلك المعادلة، الأمر الذى يتطلب معه العمل على تقليل المخاطر فى ظل ارتفاع تكاليف العملية الاستثمارية وتراجع حجم الربحية، متسائلًا: هل سينجح الصندوق السيادي فى تقليل تلك المخاطر؟.
من جانبه قال محمد السلاب إن القطاع الاستثمارى لم يستفد من بعض الحوافز التى نصت عليها بعض القوانين مثل قانون الاستثمار؛ نظرًا لاستمرار ارتفاع أسعار الطاقة، لافتًا إلى أن مجلس النواب ناقش خفض تلك الأسعار، ومن المتوقع إصدار قرار من مجلس الوزراء، الأسبوع المقبل.
وأضاف أن مجلس النواب لا يمانع فى تعديل قانون الاستثمار مرة أخرى إذا كان يترتب على ذلك تحسين مناخ الأعمال، لكن الفترة الماضية شهدت مبادرة من البنك المركزى لدعم الصناعة، بجانب تعديل قانون الضريبة العقارية بما يسمح باستثناء بعض المصانع منها.
وأكد السلاب ذلك ردًّا على تساؤلات الحضور عن إمكانية مناقشة مد الحوافز التى نص عليها قانون الاستثمار، خاصة مع قرب انتهاء أجلها الزمنى العام المقبل.