وصلني العديد من المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني، التي حار أصحابها في فهم وتفسير، سلوك العديد من الكتاب والصحفيين والإعلاميين خلال الفترة الماضية.
ولا شك أنهم معذورون في حيرتهم هذه، لما قد يلتبس عليهم من ممارسات وكتابات لنفس الكاتب، قد يعتقد القارئ البريء، أنها تمثل تناقضاً فى المواقف، وترنحاً لقلم الأستاذ الكاتب أو لسانه، ما بين مواقف المداهنة والمعارضة في آن واحد.
وكذلك لما قد يغيب عن فطنتهم من قواعد لعبة، يزاولها باحتراف هذه الأيام، العديد من الإعلاميين، لا يجمعهم رابط سوى التنافس على جوائز الإصلاح الصحفي الإعلامي، التي تتعاظم قيمتها وثقلها، كلما زادت حرفية اللاعبين، في استعراض مهاراتهم البهلوانية.
ولعلي انتهز هذه الفرصة، لأوضح لهؤلاء القراء الحائرين الأعزاء، ما استعصى عليهم من فهم، من خلال مجموعة من النصائح، أسديها مخلصاً لزملائنا من الصحفيين والإعلاميين، الذين قد يرغبون في النزول إلى حلبة المنافسة على الجوائز، والتي تتنوع ما بين المكافآت المالية الصغيرة من الرؤساء، مروراً بالترقية والمناصب، وانتهاءً بالبرامج والمحطات التليفزيونية.
أولاً: امتدح إلى درجة النفاق، كافة رموز الإصلاحيين الجدد في الحزب الوطني، وكل ما يصدر عنهم من أفعال، وما يرسمون من سياسات، ويقومون به من إجراءات، وما ينطقون به من كلمات.
ثانياً: حاول أن تسدي إليهم سراً، المشورة والنصح، وأن تعرض عليهم قدراتك الإعلامية الصحفية المعملية الفذة، واحرص ألا تظهر طمعك في أي جائزة، وأكثر من التنبير، على أنك لا تفعل ذلك، طمعاً في منصب أو جاه، وإنما عن رغبة وطنية عارمة في الإصلاح، والمساهمة الفعالة في بناء الوطن.
ثالثاً: هاجم بضراوة، كل رموز الحرس القديم بالحزب الوطني- أيضاً-، فهذا يدعم من موقفك أمام جماعة الإصلاح، وفي نفس الوقت، يتيح لك أن تدعي متبجحاً، أنك- إعلامياً أو كاتباً- موضوعي، لا يخاف في الحق لومة لائم، وأنك كما تمتلك الشجاعة الكافية، لانتقاد من يخطئ من المسئولين، فإنك على أتم الاستعداد، للإشادة بمن يحسن التصرف منهم.
ملحوظة: النصيحة السابقة، هي السبب الرئيسي، وراء حالات اللبس والالتباس، التي قد تصيب الكثير من القراء، إذ لا يفهم البعض- فى ضوء خبراتهم السابقة-، كيف يمنح رئيس تحرير إحدى المجلات الحكومية، وسام الاستحقاق للدكتور محمد كمال، ويهاجم في نفس العدد الدكتور فاروق حسني، بلو يصفه بوزير الاستعراض!.
رابعاً: اتخذ موقفاً مبدئياً- أعلم أنه لفظ مبدئي لا محل له من الإعراب في هذا السياق ولكنني استخدمته للتأكيد على الجدية-، وعلى طول الخط، في مهاجمة جميع الحركات المعارضة، التي لم يسبق لها- تاريخياً-، عقد أي صفقات مع الحكومة كحركة كفاية، واتخذ موقفاً عملياً برجماتيا، مع مجموعة أحزاب الحوار الوطني- رحمه الله-، فلا مانع أن تثني على موقف الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد، إذا ما قرر خوض الانتخابات الرئاسية، وأن تسبه، إذا ما هاجم الحزب الوطني، عقب سقوطه المروع- جمعة- في الانتخابات.
خامساً: هاجم وشوه وغلوش، بضراوة أيضاً، على كل من يشتم منه خطر، على الحزب الوطني ومرشحيه في كافة الانتخابات، كجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة أيمن نور.
سادساً: ادع، وأكثر من الادعاء، حتى يهيأ لك وللرأي العام، أن للحزب الوطني قواعد شعبية، وبنى فوقية وتحتية، وهياكل تنظيمية، وبرامج لولبية تشجع الاستثمار والقطاع الخاص، وتدافع عن حقوق العمال والفلاحين، وتدعم كل الطبقات والسلع والخدمات والصادرات والواردات.
باختصار الحزب للجميع، والجميع للحزب، وله كل الجماهيرية، ولا تشغل بالك بكون هذا الادعاء، ينسف المنطق الذي تقوم عليه الأحزاب من الأساس.
سابعاً: لا مانع من أن تتصدر في الهايفة أحياناً، ولكن احرص، أن تنتقي موضع قدمك في هذا المضمار، بمنتهى العناية، حتى لا تصطدم بمسئول إصلاحي كبير.
باختصار انتق فساد موظف بيروقراطي صغير، أو عسكري مرور وسلط الضوء عليه، باعتباره السبب، في كل ما تعانيه مصر من مشاكل.
وأخيراً أعلم زميلي الصحفي، أن كل هذه النصائح لا قيمة لها، ما لم يعززها ويعضدها قدرات ومهارات،أربأ بنفسي، أن تزعم توافرها للجميع.
ورحم الله أيام الكاتب الرومانسي الأستاذ سمير رجب، الذي ربما يشتعل قلبه غيرة وحسرة، وهو يرى المواهب المركبة، للعديد من أبنائه الصحفيين والإعلاميين الآن، لا يشذ منهم في ذلك، سوى خليفته في ميادين الكتابة، الأستاذ القط!.
أقرأيضا: