توقع مصرفيون وخبراء أن تؤثر تداعيات فيروس كورونا على تطورات الأصول الأجنبية فى مصر خلال الفترة المقبلة، رغم الأداء الجيد الذى حققته خلال الفترة الماضية، بينما تتوقف قوة التأثير على مدى استمرار الأزمة وقدرة العالم على التوصل لحلول.
وقال مصرفيون إن الأزمة التى نتجت عن الفيروس عالميًا أحدثت خسائر فادحة على مستوى الاقتصاد العالمى ودول كبرى مثل الصين، وبالتأكيد سيكون لها انعكاس سلبى على بعض محاور الاقتصاد الوطنى، خاصة إيرادات السياحة ورسوم المرور بقناة السويس.
وأضافوا أن هناك أمورا ربما تنعكس إيجابًا على الاقتصاد من بينها انخفاض فاتورة الواردات نتيجة تراجع وتيرة الاستيراد فى ظل الإجراءات الوقائية التى اتخذتها مصر والعديد من دول العالم.
وأظهرت بيانات رسمية أن فائض صافى الأصول الأجنبية لدى البنوك والبنك المركزى سجل زيادة بقيمة 2.134 مليار دولار خلال يناير الماضى، مقابل انخفاض بلغ 246 مليون دولار فى ديسمبر الذى سبق، ليسجل 23.75 مليار دولار وهو أعلى مستوى منذ التعويم، مقابل 21.613 مليار دولار؛ بينما بدأت تداعيات أزمة كورونا فى التأثير على العالم خلال فبراير الماضى انطلاقاً من الصين.
وجاءت الزيادة الضخمة نتيجة هبوط الالتزامات بالعملات الأجنبية بنحو 3.05 مليار دولار خلال يناير لتصل إلى 40.48 مليار دولار، مقابل 43.53 مليار دولار فى ديسمبر، بينما انخفضت الأصول بالعملات الأجنبية لتسجل 64.23 مليار دولار بنهاية يناير، مقابل 65.14 مليار دولار بنهاية ديسمبر بتراجع بلغ 908 ملايين دولار.
وعلى مستوى البنك المركزى، أوضح التقرير أن فائض صافى الأصول الأجنبية بالبنك المركزى سجل 19.265 مليار دولار بنهاية يناير الماضى مقابل 16.87 مليار دولار بنهاية ديسمبر، بزيادة 2.4 مليار دولار، بفعل تراجع الالتزامات بالعملات الأجنبية إلى 25.57 مليار دولار مقابل 28.2 مليار دولار، وتراجع الأصول إلى 44.83 مليار مقابل 45.07 مليار دولار، بانخفاض قدره 240 مليون دولار تقريبا.
بينما هبط فائض صافى الأصول بالبنوك للشهر الثانى على التوالى ليسجل نحو 4.483 مليار دولار بنهاية يناير الماضى، مقابل 4.74 مليار دولار بنهاية ديسمبر الذى سبق، متراجعًا 257 مليون دولار وليسجل هبوطًا للشهر الثانى على التوالى.
وجاء الهبوط نتيجة انخفاض الأصول بالعملات الأجنبية لدى البنوك لتصل إلى 19.394 مليار دولار بنهاية يناير مقابل 20.06 مليار دولار فى ديسمبر، كما هبطت الالتزامات لتصل إلى 14.91 مليار دولار فى يناير مقابل 15.321 مليار دولار فى ديسمبر.
محمد عبدالعال: تأثيرات محتملة للفيروس على مصادر العملة الصعبة
وقال محمد عبدالعال، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس والخبير المصرفى، إنه لابد من التعامل مع الأمور بواقعية، وأن نتقبل التأثيرات المحتملة للآثار التى ربما يخلفها فيروس كورونا على مستوى العالم، كما تقبلنا تأثيرات برنامج الإصلاح الاقتصادى فى نوفمبر 2016 من هبوط قيمة الجنيه وارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
وأضاف أن تأثيرات فيروس كورونا على العالم ربما تجعل مؤشرات الاقتصاد المصرى تأتى عكس التوقعات، وتابع أنه خلال الفترة الأخيرة هبط سعر الدولار بشكل مستمر نتيجة زيادة المعروض مقابل انخفاض الطلب، ولكن الفترة المقبلة ربما نشهد ارتدادا لسعر الدولار ليرتفع مقابل الجنيه.
وقال: هذا الأمر إن حدث سيكون ظاهرة إيجابية تعكس للعالم أن مصر لا تدعم سعر الجنيه، وأنه يتحرك وفقًا للعرض والطلب، وإذا استمرت الأزمة وارتفع الطلب على العملة ربما يرتفع الدولار لمستوى 16 جنيهًا قبل أن ينخفض مجددًا مع تلاشى آثار كورونا.
وعلى مستوى صافى الأصول الأجنبية، لفت إلى أن هناك عدة عوامل قد تقلل من تدفقات النقد الأجنبى من أهمها العائد من السياحة نتيجة القرارات التى اتخذتها مصر والعديد من دول العالم بوقف الرحلات نتيجة المخاوف من كورونا، وانخفاض حركة المرور بقناة السويس، وهو الأمر الذى يؤثر على الإيرادات بشكل نسبى، منوهًا إلى أن هناك عوامل تقلل من استهلاك مصر للنقد الأجنبى وهى انخفاض وتيرة الاستيراد ووقف رحلات العمرة التى كانت تستهلك جزءا كبيرا من النقد الأجنبى.
وأضاف أن الأمر الإيجابى يتمثل فى أن مصر لديها احتياطى قوى يكفيها للاستيراد لمدة 9 أشهر أو يزيد فى ظل الانخفاض المتوقع لفاتورة الاستيراد، موضحًا أن الظروف الحالية قد تنعكس علينا بالإيجاب على مستوى الاعتماد على السلع المحلية فى ظل انخفاض الاستيراد.
وأشار إلى أن الاقتصاد العالمى يمر بمرحلة صعبة من الانعكاس السلبى لتداعيات كورونا على البورصات والسندات، لكن هناك أمرا أخطر من ذلك، وهو دخوله فى أزمة سيولة محتملة إذا استمر الأمر لفترة طويلة، منوهًا إلى أنه من الطبيعى أن تنخفض استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الفترة المقبلة؛ لأن كل مستثمر يهمه أن يسيل أصوله ويضمن أمواله تحت يديه لحين انتهاء الأزمة.
وكانت نتائج ميزان المدفوعات للربع الأول من العام المالى الجارى، كشفت عن نتائج قوية على مستوى عدة مؤشرات، حيث تراجع عجز حساب المعاملات الجارية بنحو 629.8 مليون دولار إلى 1.4 مليار دولار، بدعم فى انخفاض عجز الميزان التجارى غير البترولى بنحو مليار دولار ليسجل 7.2 مليار.
إضافة إلى ارتفاع التحويلات إلى 6.7 مليار دولار، واستقرار عجز الميزان التجارى البترولى عند مستوى 606 ملايين دولار، وتسجيل إيرادات السياحة مستوى قياسى خلال 3 أشهر فقط عند 4.2 مليار دولار، وتسجيل إيرادات قناة السويس 1.5 مليار دولار.
وتأمل الحكومة أن تستمر فى تقليص عجز الحساب الجارى، بدعم الموارد السابقة إلا أن تداعيات كورونا ربما يكون لها تأثير آخر على الأقل فى بيانات الربع الثالث من العام المالى الجارى فى الفترة من يناير إلى مارس 2020.
تامر مصطفى: المستثمرون يسعون لتسييل أصولهم فى الفترة الحالية
وتوقع تامر مصطفى، نائب رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية، تراجع فائص الأصول الأجنبية خلال العام الجارى، مستبعدًا أن يصل الهبوط إلى مستويات العجز.
وأشار مصطفى إلى أن أزمة الكورونا أصابت جميع اقتصادات العالم، وهو ما سيكون له تأثير سلبى على طرح الحكومة المصرية لسندات جديدة خارج مصر، بهدف جذب مستثمرين جدد.
ولفت إلى أن المستثمرين الأجانب يسعون بشكل كبير فى الوقت الراهن إلى تسييل جميع الأصول المملوكة لهم من أسهم وذهب، وهذا ما دفع البورصات العالمية للتراجع، وأسعار الذهب للانخفاض خلال الآونة الأخيرة.
وتعرضت البورصة المصرية لهزة عنيفة مع بداية تعاملات الأسبوع أمس الأحد هبط خلالها المؤشر الرئيسى “egx30” بأكثر من %6 وذلك على خلفية زيادة المخاوف من انتشار فيروس كورونا، وقررت إدارة البورصة المصرية إيقاف التعامل على 88 سهماً لمدة 10 دقائق خلال تعاملات الجلسة، بسبب تجاوزها نسب الهبوط المقررة وفقا للقانون والبالغة %5.
وفيما يخص أسعار الذهب، سجل سعر الأوقية 1585 دولارًا، بعدما فقد أمس نحو %4.6 من قيمة عالميا نتيجة جنى الأرباح بعد صعوده الأسبوع الماضى، لأعلى مستوى فى 7 سنوات باعتبار الذهب الملاذ الآمن وقت الصبابية والأزمات.
وفقد البلاتين %5.5 ليسجل 849.63 دولار، ويواجه أسوأ تراجع أسبوعى له منذ 2008، وهوت الفضة %7.2 إلى 16.43 دولار للأدوية للأوقية، وأصبحت بصدد أسوأ أسبوع لها منذ 2011.
وتوقع مصطفى ارتفاع سعر الدولار فى الفترة المقبلة، مؤكدًا أن التأثير سيكون طفيفًا على أن ينتهى مع التغيرات المناخية المقبلة، ودخول فصل الصيف.
محمد بدرة: تباطؤ الطلب على الاستيراد يقلص العواقب السلبية
وقال محمد بدرة، الخبير المصرفى، إن أزمة كورونا سيكون لها تأثير سلبى كبير على الاقتصاد العالمى، خلال الفترة المقبلة وبشكل خاص على مصادر العملة الأجنبية فى مصر، وذلك انعكاسًا للأزمة التى يشهدها العالم حاليًا.
وأضاف أن تراجع حجم التجارة العالمية سيؤثر بشكل سلبى على دخل مصر من قناة السويس، إضافة إلى خروج المستثمرين الأجانب من أذون الخزانة المحلية.
وفيما يخص الميزان التجارى، قال إن الطلب على الاستيراد من الصين سيكون بطيئا، وهذا سيعزز من الميزان التجارى، موضحًا أن أرصدة البنوك لن تتراجع بشكل كبير فى الفترة المقبلة، نظراً لتراجع الطلب على الدولار خلال العام الجارى، نتيجة هبوط الواردت المصرية.
وأشار بدرة إلى أن التراجع الذى ستشهده مصر خلال الفترة المقبلة، سيكون انعكاسًا للأزمات العالمية، موصيًا الحكومة باستغلال الوضع الراهن لجذب مستثمرين جدد للسوق المحلية.