منن تراب الطريق .. تقارير البوليس تتهم الإخوان والشيوعيين ولكن تلف حبل المشنقة حول رقبة أحمد حسين (5)
يقر مرتضى المراغى بأن تقارير البوليس والمباحث حول حريق القاهرة ــ جاءت متضاربة، فذكر بعضها أن الشيخ محمد فرغلى من زعماء الإخوان كان يحرض الجماهير، وأكدت تقارير أخرى أن بعض الشيوعيين اشتركوا فى المظاهرات وفى إشعال النيران، بيد أن معظم التقارير فيما يورد مرتضى المراغى كانت تحاول الإمساك برقبة الحزب الاشتراكى (مصر الفتاة) ورئيسة أحمد حسين
ولم يكن عداء البوليس لأحمد حسين جديدًا، وسبق حريق القاهرة، وأصدرت وزارة الوفد أمرًا بالقبض عليه، ولكنه اختفى وفشل البوليس فى الاهتداء إلى مكانه.
مقلب حفنى محمود !
يروى مرتضى المراغى طرفة لحفنى محمود المعروف بمقالبه بين أصدقائه ومعارفه، وموجزها أنه حصل من المراغى على تصريح مرور لشخصين مختوم من وزارة الداخلية، بذريعة أن له قريب فى حالة حرجة فى المستشفى، واعتاد حفنى محمود أن يستخدم هذا التصريح فى المرور ليلاً وسط حظر التجوال، وفى أحد الأيام استوقفه مركز حراسة، فاعتذر بأن التصريح فقد منه، ثم التفت إلى الجالس بجواره بالسيارة يقول له بصوت عالٍ:
يا أستاذ أحمد حسين هات تصريحك وريه لحضرة الضابط.
ولم يكن رفيقه هو أحمد حسين، إنما الشاعر كامل الشناوى، الذى فوجئ بهذا المقلب، وعبثًا حاول إقناع الضابط بأنه ليس أحمد حسين، ولعجزه عن تقديم الدليل اصطحبهما الضابط إلى قسم البوليس، سعيدًا بأنه تمكن من القبض على «أحمد حسين» الذى أعيا البوليس البحث عنه، وسبقهم هذا النبأ السعيد إلى القسم عن طريق الموتوسيكل، ليستبين بعد دقائق أن المقبوض عليهما الوزير السابق حفنى ناصف وصديقه الشاعر كامل الشناوى.
مذكرة دفاع أحمد حسين
حفظ لنا كتاب مرتضى المراغى ــ نص مذكرة دفاع أحمد حسين، مقدمًا لها بأنه قد لا يوجد فى مصر كلها من يستطيع أن يتحدث عن الأسباب والعوامل التى أدت إلى حوادث يوم السبت 26 يناير 1952 كما تحدث رئيس الحزب الذى ما فتئ ينذر ويحذر من وقوع أمثال هذه الانفجارات طوال عامين كاملين.
والحزب الاشتراكى ــ مصر الفتاة ــ يعتمد فى جهاده فيما أبدى أحمد حسين ــ على إنكار وسائل العنف، وأنه يدرك أكثر من غيره أن «أضرار الثورات تلتهم الأخضر واليابس ولا تفرق بين العدو والصديق ــ وقد أخذ على عاتقه منذ اللحظة الأولى من تأسيسه أن يعمل بالطرق المشروعة على تجنيب البلاد خطر اندلاع نيران الثورة عن طريق الأخذ بالإصلاحات الاجتماعية الرئيسية وتدعيم الحريات العامة وتوطيد أركان الحكم الدستورى فى البلاد. ولو قد سُمِعَ لأقوال الحزب الاشتراكى فى الوقت المناسب واتُّبِعَت وصاياه وإرشاداته التى لا يبغى من ورائها إلاَّ الخير العام لجميع طبقات الأمة ــ لأمكن تفادى ما وقع يوم السبت 26يناير 1952.
«ولكن الحكومة السابقة ــ حكومة الوفد ــ بدلاً من أن تسعى لهذه النصائح الصادقة عمدت إلى اضطهاد الحزب الاشتراكى حتى وصل بها الأمر إلى تعطيل الجريدة الاشتراكية من الناحية العملية فكانت النتيجة وقوع هذه الحوادث المؤسفة.
على أن ما وقع فى يوم السبت بالذات يمكن أن يكون درسًا لو أننا حاولنا أن نستفيد من عبرته وأن نتخذ منه وقاية للمستقبل من مخاطر أشد جسامه. وهذا هو ما يدفعنى ــ يدفع أحمد حسين ــ لكتابة هذه المذكرة التى أرجو أن تلقى عناية المسئولين فلا يضربون بها عرض الحائط».
www. ragai2009.com