◗ خبراء: السوق جذابة والاضطرابات الجيوسياسية لن تأثر عليها والفيصل وجود عوامل مشجعة
◗ شريف سامى: ليست كائنًا فريدًا من نوعه وهناك نماذج مشابهة قائمة بالفعل
◗ محمد جبر: مصر واحدة من أهم 4 أسواق ناشئة بالمنطقة
◗ محمد أبو راوى: تأثير الانهيار مؤقت.. والاستقرار الداخلى يدعم السوق المحلية
مرّ قطاع الاستثمار المباشر فى المنطقة العربية والشرق الأوسط بصدمة غير متوقعة خلال العامين الماضيين، إثر انهيار مؤسسة «أبراج كابيتال الإماراتية» أحد أكبر الكيانات الاستثمارية فى الإقليم فى السابق، لتُحدث بذلك هزة فى الأوساط الاقتصادية .
وفى ظل استمرار تداعيات الأزمة، وظهور بودار اضطرابات جيوسياسية متسارعة بمنطقة الشرق الأوسط والعالم، حاولت «المال» رصد آراء مجموعة من الخبراء بالسوق المحلية، لمعرفة مدى تأثير الصراعات السياسية على جاذبية السوق المصرية، وأيضًا الوقوف على ما إذا كانت «أبراج» تجربة قابلة للتكرار خلال وقتنا الحالى من عدمه؟
بدايةً، قال شريف سامى الخبير الاستثمارى، رئيس مجلس إدارة الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار، إن مؤسسة «أبراج كابيتال» لم تكن كيانا فريدا من نوعه، بل كانت لاعبًا ضمن آخرين.
وبدأت «أزمة أبراج الإماراتية»، منذ فبراير عام 2018، عندما تعرضت المؤسسة لضغوط عبر قيام مؤسستى بيل وميليندا جيتس – التابعة لرجل الأعمال الأمريكى الأشهر بيل جيتس- والتمويل الدولية التابعة للبنك الدولى، ومجموعتى سى دى سى البريطانية، وبروباركو الفرنسية، بتكليف شركة أنكورا للاستشارات المتخصصة فى المحاسبة القضائية للتحقق من سوء استخدام التمويلات فى صندوق أبراج للرعاية الصحية والبالغ قيمته مليار دولار.
واتُهمت «أبراج الإماراتية»، باستخدام جزء من موارد صندوق الرعاية الصحية فى تمويل أعمالها الخاصة، وقد تأخرت الأخيرة فى استثمار نحو مبلغ 545 مليون دولار، تم تحويلها للصندوق فى أبريل عام 2016، من أجل بناء مستشفيات فى عدة دول.
وفى يونيو من العام نفسه، اجتمعت المؤسسة مع دائنيها سالفى الذكر، من أجل الاتفاق على تجميد ديون الشركة، لتسهيل عملية بيع ذراعها لإدارة الاستثمار ، إلا أن صندوق التأمينات الكويتى رفض الانضمام إلى الدائنين فى تجميد الديون المقترحة.
فيما يتم خلال الوقت الحالى إجراءات تصفية الشركة، ونقل إدارة الصناديق لجهات أخرى، وفى الوقت نفسه يجرى نظر دعاوى قضائية ضد كل مجموعة من مديريها التنفيذيين.
وأوضح شريف سامى أن هناك كيانات أخرى مشابهة قائمة حاليًا، سواء على المستوى الأفريقى أو الدولى، مشيرًا إلى أنه قد لا يوجد كيان عربى مماثل، ولكن هناك العديد من صناديق الاستثمار التى بدأت قبل «أبراج» وبعدها لا تقل مهنية وحرفية عنها.
ولفت سامى، إلى أن تلك الصناديق ستنمو خلال السنوات المقبلة، على حد قوله، حتى وإن كانت صغيرة الحجم، وقد تُصبح بنفس حجم مؤسسة «أبراج» أو أكبر.
وأشار إلى أنه بخلاف صناديق الاستثمار الخاصة، فهناك أخرى سيادية بالدول العربية كالكويت والإمارات وغيرهما، تقوم بضخ أموالها فى العديد من الأسواق، ومصر واحدة من تلك الأسواق.
وقلل شريف سامى من حدة الأثر بانهيار «أبراج» على التحركات الاستثمارية بالأسواق، ومن بينها السوق المحلية، موضحًا أن الأصل فى الموضوع هو أن تدخل الشركات للأسواق وليس من خلال وساطة.
وفيما يتعلق بتوقعاته للاستثمارات المباشرة بالسوق المحلية خلال العام الجديد 2020، توقع شريف سامى أن تأتى بوتيرة مماثلة لما كانت عليه خلال العام السابق 2019، والتى كانت قوتها متوسطة خلاله، ما لم يحدث تشريعات معينة ومبادرات جديدة تكون بمثابة عوامل مشجعة وجاذبة للمستثمرين.
وأوضح أنه فى حال اتخاذ قرارات محفزة فإن تأثيرها لن يتضح خلال العام الحالى، إذ تحتاج لفترات طويلة.
وألمح إلى أنه قد تظهر بوادر مختلفة فى ضوء متغيرين جديدين، أولهما اكتمال إنشاء صندوق مصر السيادى، والآخر يتعلق ببند استثمار أموال التأمينات بشكل منفصل عن الهيئة والصادر ضمن قانون التأمينات مؤخرًا.
ولفت شريف سامى إلى أن هذين العاملين سيكونان بمثابة أمر جديد على الساحة الاستثمارية، لضخامة أموال التأمينات، مشيرًا إلى أن تولى رئيس الوزراء ملف الاستثمار بشكل مباشر سيكون من العوامل الداعمة أيضًا.
وفيما يتعلق بمدى تأثر مصر بالأحداث السياسية التى ظهرت بمستهل العام الجديد، قال شريف سامى إن السوق المحلية والمنطقة كافة اعتادت مثل تلك الأجواء، وبالتالى أصبحت الاضطرابات غير مؤثرة.
ولفت إلى أن القطاعات الجاذبة بالسوق المحلية تختلف وفقًا لرغبة المستثمرين، مشيرًا إلى أن غالبية الأموال التى تم ضخها خلال العام المنقضى كانت بقطاع البترول.
وقال محمد جبر، الشريك بمكتب «التميمى وشركاه للاستشارات القانونية»، رئيس القطاع التجارى والشركات، إنه خلال وقتنا الحالى لا يوجد كيان مماثل كمؤسسة «أبراج» بمنطقة الشروق الأوسط.
وأضاف أن هناك العديد من الكيانات الأخرى المهتمة بالاستثمار فى الأسواق الناشئة وشمال إفريقيا، موضحًا أن أنهيار المؤسسة أثر بشكل طفيف على الوضع الاستثمارى بالمنطقة، وهو أمر سيزول سريعًا.
ولفت جبر إلى أنه بمرور الوقت سيظهر كيان مماثل، ولكن الأمر يتوقف على رغبات المستثمرين ومديرى الصناديق.
وأوضح أن مصر تُعد واحدة من أهم 4 أسواق بالمنطقة، بفضل الاستقرار السياسى والاقتصادى الذى تشهدهُ البلاد، مقارنة بنظيراتها المجاورة، مشيرًا إلى أن كل المؤشرات والتقارير الاقتصادية تحمل نظرة إيجابية.
وقال إن التوترات السياسية التى تشهدها المنطقة بدأت بقدوم العام الجديد، ولن تنال من النظرة المتفائلة للوضع المحلى.
ورأى محمد أبو راوى، المدير التنفيذى لنشاط بنوك الاستثمار بشركة «إتش سي» للاستثمارات المالية، صعوبة أن يُخلق كيان حاليًا مماثلاً لمؤسسة «أبراج كابيتال».
وأشار إلى أن انهيار «أبراج كابيتال» أضر بسمعة الأسواق الناشئة بشكل واضح، وأن خلق كيان يحاكيها يلزمه سنوات طويلة وخبرة جيدة وتاريخ مشرف.
ولفت إلى أن غالبية الصناديق الموجودة حاليًا التى تضخ استثماراتها بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إما صغيرة أو متوسطة الحجم، وتحتاج إلى تاريخ يمتد لسنوات طويلة حتى تكون قادرة على جذب رؤوس أموال، كما كانت تفعل «أبراج».
وأوضح أبو راوى أن الأمر يتطلب أيضًا بحث كيفية إعادة ثقة المتعاملين بصناديق الاستثمار وأيضًا الأسواق الناشئة، ومحاولة معاجلة الخلل الواقع جراء الصدمة التى تلقاها المستثمرين عقب الانهيار.
وفيما يتعلق بالنظرة للسوق المحلية، فى ظل كل التوترات السياسية التى تشهدها المنطقة، توقع أبو راوى، أن تكون إيجابية على الصعيد المحلى، مفسرًا أنه فى ظل كل الأحداث المتصاعدة، فإن السوق المصرية تعد الأكثر استقرارًا، ما يجعلها أكثر تنافسية وجذبًا عن غيرها.
ولفت إلى أن وضع الاستثمارات المباشرة بالسوق المحلية شهد نوعًا من التباطؤ خلال العام الماضى وفقًا لعدة أسباب، نتيجة التأثر بحالات تباطؤ الاقتصاد العالمى، والحرب بين الصين وأمريكا.
وأشار أبو راوى إلى أن هناك مجموعة من المعوقات على الصعيد المحلى، تتمثل فى عدم وجود أصول جيدة بالشكل الكافى، واختلاف التقييمات، لا سيما عقب الفترات الصعبة التى شهدتها الشركات بعد «تعويم الجنيه».
وفسر أبو راوى بأنه عقب «تحرير سعر الصرف» ارتفعت التكلفة على الشركات بشكل واضح، وتراجع معدل الطلب على المنتجات الاستهلاكية، ما أثر بشكل واضح على الربحية النهائية، فى ظل عدم قدرة بعضها على رفع أسعار بيع منتجاتها.
وتابع: «رغم تحسن الأوضاع خلال الوقت الحالى، فإن ربحية العديد من الشركات لم تعد كما كانت سابقًا لمستويات ما قبل التعويم، موضحًا أن ذلك أدى إلى أزمة فى التقييم، وأثر فى النهاية على إتمام بعض الصفقات».
وتوقع أن يكون الوضع الاستثمارى بالعام الحالى مشابهًا لنظيره السابق، مع تحسن طفيف، فى ظل بدء تركيز العديد من صناديق الاستثمار الخارجية على السوق المحلية بدلاً من أفريقيا.
ولفت إلى أن السوق المحلية بحاجة لعوامل مشجعة تتمثل فى سن تشريعات حقيقية فى هذا الإطار، وتقديم تسهيلات فى استيفاء تراخيص الأراضى وغيرها، حتى تكون مصر وجهة استثمارية للمستثمرين الخارجيين، ورؤية واضحة لبرنامج دعم الصادرات وآليات تطبيقه، وتفعيل دور القطاع الخاص بشكل أكبر لإتاحة إمكانية اجتذاب استثمارات مباشرة طويلة الأجل.
وقال أحد خبراء الاستثمار بالسوق المحلية، إن مؤسسة أبراج كانت من أكبر الكيانات فى منطقة الشرق الأوسط كافة، إضافة إلى كونها من كبرى المؤسسات الاستثمارية بالأسواق الناشئة.
ولفت إلى أن مؤسسة «أبراج كابيتال» كانت تدير أموالاً ضخمة اقتربت من 14 مليار دولار، لشريحة عريضة من المستثمرين، وبالتالى أحدث انهيارها هزة فى الأوساط الاقتصادية، وجعل بروز كيان مماثل لها أمرًا صعبًا خلال السنوات الحالية على الأقل.
وأوضح الخبير أنه على الرغم من مرور ما يقرب من عامين على بدء الأزمة فإن أصداءها لا تزال مستمرة حتى وقتنا الحالى، وستستمر للفترة المقبلة.
ولفت إلى أن الانهيار أثر بشكل واضح على تحركات المستثمرين بالأسواق الناشئة، ليصبحوا أكثر حذرًا وتحفظًا.
وأشار إلى أن خلق كيان آخر يحاكى «أبراج» مرتبط بتعافى المستثمرين من الصدمة الأولى وعودة الثقة لهم مرة أخرى.
وفيما يتعلق بنظرته للسوق المحلية، قال إن مصر بها العديد من المميزات التى تجعلها من أهم الأسواق الناشئة، ويجعل ذلك القطاع جاذبًا على مر السنوات، بفضل كبر القاعدة الاستهلاكية، إلى جانب كل الإصلاحات الحكومية التى شهدتها السوق خلال الفترات المنقضية. وفيما يتعلق بالتوترات السياسية التى تشهدها المنقطة التى اشتدت حدتها بمستهل العام الجارى، توقع أن يكون صداها محدودًا بالنسبة للسوق المحلية