بدأت الحكومة خطوات جادة للانطلاق فى قطاع التعدين وتحقيق الاستغلال الأمثل لثرواته ليصبح ضمن أكبر القطاعات الاقتصادية التى تدر عوائد وإيرادات لخزانة الدولة خلال السنوات المقبلة، كما تسعى إلى جذب استثمارات جديدة لزيادة إنتاجه ، ورفع مساهمته فى الناتج القومى إلى 7 مليارات دولار بحلول 2030.
وتأمل وزارة البترول والثروة المعدنية وكل الجهات المعنية فى التعاون مع الشركات المستثمرة فى قطاع التعدين، لاسيما بعد صدور اللائحة التنفيذية الجديدة لقانون التعدين تمثل إطارا متوازنا يضبط آليات العمل فى المناجم والمحاجر ويسهم فى تحفيز المستثمرين وتشجيعهم ويحفظ حقوق الدولة وعائداتها من استغلال ثرواتها التعدينية فى الوقت ذاته.
وأكد الدكتور تامر أبو بكر رئيس لجنة البترول والتعدين باتحاد الصناعات أن قطاع التعدين يعد «فرس رهان» واعد ورابح، تسعى الحكومة لرفع معدلات الاستثمار الأجنبى فيه وزيادة عوائد الدولة وتحقيق قيمة مضافة من خلاله.
◗ «اتحاد الصناعات»: اللائحة التنفيذية الأخيرة تضمن مناخا جاذبا لكبرى الشركات
ولفت إلى أن الحكومة بدأت خطوات جادة لتطوير القطاع، ومن أبرزها اللائحة التنفيذية الأخيرة التى تضمن تهيئة مناخ استثمارى جيد يجذب الشركات المتخصصة العملاقة بقطاع التعدين.
«أبو بكر»: زيادة الاستثمارات لن تحدث بين يوم وليلة
وقال «أبو بكر» إن زيادة استثمارات القطاع لن تحدث بين يوم وليلة ولكن الأمر يستغرق سنوات حتى يتم الوصول للمستهدفات وترتفع معدلات الاستثمارات بالقطاع بالشكل الذى يستحقه ويلائم حجم ثرواته وإمكاناته.
وتابع : «بعد صدور التعديلات الأخيرة والإعلان عنها لكل الدول والشركات العالمية، سيتم توقيع اتفاقيات جديدة مع الشركات لاستغلال الخامات المعدنية، ومع تحقيق قصص نجاح فعلية واكتشافات تجارية، ستنجذب الشركات الواحدة تلو الأخرى لقطاع التعدين المصرى».
وشدد على أن الحكومة وضعت الأساس السليم الذى يضمن رفع معدلات الاستثمارات بالقطاع وزيادة حجم عوائده وإنتاجه وتحقيق الاستغلال الأمثل لثرواته.
ومن أبرز الإجراءات التى نفذتها الحكومة لتطوير قطاع التعدين، ما قامت به وزارة البترول من تطبيق أول إستراتيجية شاملة لتطويره للمساهمة فى تحقيق أقصى استفادة اقتصادية من ثروات مصر التعدينية والعمل على زيادة القيمة المضافة منها وزيادة مساهمة النشاط التعدينى فى الناتج المحلى الإجمالى.
إستراتيجية للتطوير من 7 برامج
وتم إعداد الإستراتيجية وخارطة الطريق لتنفيذها، من خلال 7 برامج رئيسية للانطلاق بقطاع التعدين وتشمل تنمية وتطوير الكوادر وبرامج لتطوير الأداء وزيادة الجاذبية الاستثمارية للنشاط التعدينى عبر تعديل التشريعات و تطوير نظام التراخيص ودراسة النظام المالى والحوكمة والتسويق للفرص والمشروعات.
وشهد شهر أغسطس الماضى إصدار القانون رقم 145 لسنة 2019 بتعديل بعض أحكام قانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014.
ويهدف التعديل إلى وضع ضوابط واضحة لاستغلال الثروة المعدنية بمصر من محاجر ومناجم وملاحات بما يسمح بالاستغلال الأمثل لهذه الموارد، وتوحيد القواعد الحاكمة فى هذا المجال الحيوى.
وتستهدف التعديلات أيضا منح هيئة الثروة المعدنية والجهات المختصة حق التفاوض مع المرخص لهم فيما يتعلق بتطبيق القيم الإيجارية والإتاوات عن ترخيص البحث والاستغلال، بالإضافة إلى حق اتخاذ إجراءات إصدار تراخيص خامات المناجم والملاحات والبحث والاستغلال.
« الراجحى» : الاستثمار التعدينى يتسم بقدر عال من المخاطرة
◗ سانتامين مصر»: مطلوب تغيير وجهة نظر الحكومة وأسلوب تعاملها مع مشروعات القطاع
وعلى صعيد متصل، أكد يوسف الراجحى المدير العام للشركة الفرعونية لمناجم الذهب «سانتامين مصر» أن الاستثمار التعدينى يتسم بقدر عال من المخاطرة، لذلك يحرص المستثمر على العمل فى دول تضمن له حقوقه وتوفر له قدر كبير من الحرية فى التعامل.
وأكد أن قطاع التعدين المصرى يعد واعدا ويزخر بفرص هائلة لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل حتى الآن، سواء فى مجال إنتاج الذهب أو مختلف الخامات التعدينية الأخرى.
وقال إنه فى حال تم تحقيق الاستغلال الأمثل لثروات مصر التعدينية فإن ذلك القطاع سيدر عوائد للخزانة العامة للدولة تفوق أى قطاعات اقتصادية أخرى.
وضرب مثالا بأستراليا والتى تقوم ولاية واحدة فيها بتوريد نحو 135 مليار دولار عوائد من قطاع التعدين لخزانة الدولة خلال فترة 6 أشهر، مؤكدا أن مصر لا تقل عن تلك الدول فيما يخص حجم ثرواتها وإمكاناتها التعدينية.
المستثمرون ينتظرون تطبيق التعديلات
◗«زد جولد»: الصحراء الشرقية وجنوب سيناء من أكثر المناطق الواعدة
وأكد أن الصحراء الشرقية من أكثر المناطق الواعدة فى مصر وهى غنية بأصناف وأنواع لا حصر لها من المعادن، مضيفا أن استغلال القطاع التعدينى بالشكل الأمثل يتطلب تشريعات محفزة وتيسير فعلى على أرض الواقع لكل الإجراءات التى يتعامل المستثمر من خلالها.
ولفت إلى ضرورة تعديل وجهة نظر وطريقة تعامل الدولة مع مشروعات التعدين من مجرد مشروعات تجارية تدر عوائد ورسوم نقدية لخزانة الدولة، إلى معاملتها باعتبارها مشروعات قومية تخلق قيمة مضافة وتخفض فاتورة استيراد البلاد وترفع معدلات نمو الناتج القومى وتعمق الصناعات المحلية.
وطبقا لأحدث تقرير صادر عن هيئة الثروة المعدنية، قامت بإعداده بالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات ومصلحة الجمارك، استوردت مصر معادن وخامات تعدينية خلال الفترة من بداية عام 2013 حتى نهاية عام 2017 بقيمة إجمالية 12.5 مليار دولار.
وأكد «الراجحى» أنه لابد من تطبيق كل التشريعات والإجراءات المحفزة والجاذبة لأكبر عدد من الشركات التعدينية العملاقة المتخصصة لإحداث طفرة حقيقية فى القطاع.
وشدد على أن العبرة بتنفيذ تلك الإجراءات والعمل ضمن قانون محفز وتعديلات تشريعية جاذبة للمستثمرين.
120 منجما للذهب ولكن شركة واحدة منتجة
ويوجد فى مصر العشرات من مناجم الذهب تصل إلى أكثر من 120 موقعا، ورغم ذلك لا توجد غير شركة واحدة منتجة له حاليا من مشروع السكرى بكميات تتراوح من 470 إلى 500 ألف أوقية سنويا.
وتعد مصر من أكثر الدول الغنية بالمعادن النفيسة والخامات الحديدية واللا حديدية وتمتلك كميات هائلة من الرمال السوداء التى تحتوى على مجموعة من المعادن المهمة مثل الروتيل والألمينيت وهى معادن تدخل فى صناعة البويات، بجانب معدن الزركون الذى يدخل فى صناعة السيراميك والعوازل والخزف والأجهزة التعويضية.
كذلك يوجد الجرانيت فى الرمال السوداء وهو يستخدم فى صناعة فلاتر المياه، كما أنه مصدر للحصول على اليورانيوم المستخدم كوقود نووي، وغيرها من الخامات التعدينية الأخرى.
زاهر: لا توجد خامة عالمية غير متوافرة فى مصر
على صعيد متصل، أكد الدكتور محمد زاهر رئيس مجلس إدارة مجموعة «زد جولد» الكندية، ورئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى، أن مصر من أكثر دول العالم التى تزخر بفرص واعدة لتحقيق اكتشافات تعدينية تجارية سواء للذهب أو غيره من الخامات المعدنية.
ولفت إلى أنه لا توجد خامة تعدينية عالمية غير متوافرة فى مصر، ولكن تختلف درجات وفرص تواجدها من منطقة لأخرى، وكذلك طريقة التعامل معها.
وشدد على امتلاك مصر مختلف الخامات المعدنية سواء التى تدخل فى الصناعات أو الخامات الأخرى الثمينة مثل الأحجار الكريمة والذهب وغيرها.
وقال إننا نمتلك ثروات هائلة من المعادن مثل النحاس والزنك والرصاص والذهب والنيكل والمعادن الفلزية اللاحديدية وغيرها من الثروات التى تحتاج إلى استغلال واستثمار حقيقى لخلق قيمة مضافة منها.
توريد المعادن للصناعة سيخفض فاتورة الاستيراد
ولفت إلى أن إدخال تلك الخامات لدعم قطاع الصناعة سيخفض من فاتورة استيراده من الخارج، ومن ثم تحقيق مستهدفات مصر المختلفة على صعيد زيادة معدلات النمو.
وتهدف وزارة المالية إلى تحقيق معدل نمو يصل إلى %6.4 خلال العام المالى المقبل.
وتستهدف مصر نموًا اقتصاديًا %6 خلال العام المالى الجارى مقابل %5.6 خلال عام 2018-2019.
وشدد «زاهر» على أن الحكومة ممثلة فى وزارة البترول والثروة المعدنية قامت بمجهودات واضحة لتطوير قطاع التعدين، سواء عبر اللائحة التنفيذية الأخيرة بتعديلات القانون، أو من خلال الاستعانة بمكتب استشارى عالمى «وود ماكينزى» لتطوير القطاع، ووضع برامج تدريب وتأهيل العنصر البشرى العامل فى القطاع على رأس قائمة أولوياتها.
وأكد أن التحدى الوحيد حاليا هو كيفية تنفيذ تلك التشريعات والإجراءات والإستراتيجيات ومدى نجاح القيادات الجديدة فى الوزارة والحكومة بشكل عام فى تطبيق الفكر الإستراتيجى للوزارة على أرض الواقع، بشكل يحقق مستهدفات الجميع فى تطوير القطاع ورفع حجم عوائده واستثماراته.
وتابع :»المؤشرات الأولية تؤكد أننا سننجح فى تنفيذ ذلك،لا سيما مع الاهتمام الكبير بالعنصر البشرى وتوفير برامج متخصصة لتأهيله».
زاهر: مناطق بكر تنتظر المستثمر الجاد
وأضاف أن الصحراء الشرقية وجنوب شبه جزيرة سيناء من أكثر المناطق الواعدة والثرية، وتعد مناطق بكر تزخر بثروات تعدينية ضخمة بحاجة إلى استغلال حقيقى من شركات جادة متخصصة.
وتوقع ارتفاع معدلات الاستثمار الأجنبى بالقطاع خلال الفترة المقبلة، وانجذاب شركات جديدة تعمل فى مصر لأول مرة، مؤكدا أن ذلك الأمر يتوقف على مدى تنفيذ ما سيتم الخروج به من نتائج ودراسات وتعديلات أخيرة على القانون.
وتسعى وزارة البترول والثروة المعدنية إلى نشر أحدث التطورات التى تمت على صعيد مناخ الاستثمار التعدينى، وتعريف الشركات العالمية بذلك خلال الفترة المقبلة.
والتقى المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، جيريمى كروزييه رئيس شركة «برينسيبال فيرف إنترناشيونال» البريطانية، وبراين رود المدير التنفيذى لشركة «كابيتال دريلينج» قبل نهاية العام الماضى
وزير البترول يستعرض فرص الاستثمار أمام الشركات
وخلال اللقاء استعرض «الملا» فرص الاستثمار والمميزات الجديدة بعد تعديلات قانون الثروة المعدنية الجديد خاصة وأن الشركتين لهما باع طويل يمتد لحوالى 30 عامًا فى استكشاف المعادن وصناعة التعدين فى دول أوروبا وأمريكا الشمالية وأفريقيا وأستراليا.
كما تم استعراض خطة وبرامج عمل الوزارة لتطوير وتحديث قطاع التعدين من خلال التعاون مع أحد بيوت الخبرة العالمية لوضع آلية للاستغلال الأمثل لثروات مصر الطبيعية خاصة خام الذهب.
وكشف «الملا» عن المميزات التى تتمتع بها مصر من الناحية الجيولوجية وما تمتلكه من مناجم مكشوفة تتميز بإمكانية العمل بها على مدار العام نظرًا لوجود بنية أساسية تساعد وتشجع العمل فى مجال التعدين ورغبة الوزارة فى وجود أكثر من مستثمر يعمل فى مجال التعدين.
وأبدى رئيسا الشركتين رغبتهما فى الاستثمار والعمل فى استكشاف واستخراج الذهب واستعدادهما لضخ الاستثمارات فى البحث عن الذهب فى مصر فى ضوء ما لمسوه من استقرار سياسى واقتصادى والخطط المستقبلية لوزارة البترول لتطوير قطاع التعدين فى مصر وكذلك الفرص الاستثمارية المتاحة.
«أبو العلا» يطالب بعودة مجلس علماء الثروة المعدنية
على الجانب الآخر، أكد الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ هندسة البترول والتعدين، أن قطاع التعدين يزخر بفرص واعدة للبحث والتنقيب والإنتاج، متمنيا أن تشهد السنوات المقبلة الاستغلال الأمثل لثروات مصر التعدينية.
وطالب الحكومة بعودة مجلس علماء الثروة المعدنية والذى تم تشكيله منذ سنوات، لكنه متوقف عن العمل حاليا، والعمل بإستراتجيته التى قام بإعدادها لصالح القطاع.
وقال :»سبق وأن قام مجلس علماء الثروة المعدنية والذى كنت أحد أعضائه بإعداد مشروع قانون متكامل للتعدين ولكن تم تجميد المجلس لسبب غير معلوم رغم أنه أعد إستراتيجية متكاملة لتطوير القطاع حتى 2030.»
وأشار إلى أن مصر تمتلك متخصصين وعلماء بقطاع التعدين على أعلى قدر من الكفاءة والعلم والتطور، بما يغنيها عن الاستعانة بخبرات مكاتب أجنبية.
وطالب باستغلال تلك الخبرات لاستكمال تطوير القطاع وإعداد الدراسات التفصيلية لكيفية استغلال الخامات المعدنية وعدم إهدارها، وتحقيق أعلى قيمة مضافة منها.
مطالب بإنشاء وزارة مستقلة للتعدين
ويرى «أبو العلا» أن إنشاء وزارة مستقلة للتعدين سيحقق مستهدفات الحكومة فى رفع معدلات الاستثمار والنمو بالقطاع، مطالبا بإعادة النظر فى تنفيذ ذلك المقترح خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع اختلاف طبيعة قطاع البترول عن التعدين.
ومن أبرز المناطق الثرية بالخامات المعدنية فى مصر وفقا لـ «أبو العلا «الصحراء الشرقية وسيناء والبحر الأحمر وقنا وأسوان، فهذه المناطق تحتوى على خامات تعدينية بكميات هائلة منها الذهب والنحاس والحديد والحجر الجيرى والفوسفات والمنجنيز وغيرهم من الخامات التى من الممكن أن يتم تحويلها إلى قيمة مضافة من خلال إقامة مصانع والعمل على تصنيعها إلى منتجات نهائية.
ويوجد فى مصر أكثر من 45 خامة تعدينية، متوافر لها خرائط، تتضمن أماكن كل خامة منها واحتياطاتها من خلال مسح جبال مصر وصحاريها، منها 11 تعتبر خامة وفرة، احتياطاتها فوق مستوى التقدير، ومنها «الحجر الجيرى والملح ورملة الزجاج والرخام».
ويتعدى إنتاج مصر أكثر من 240 مليون طن حجر جيرى سنويا، يستخدم 170 مليون طن منها فى صناعة الأسمنت.
ورغم كثرة الاحتياطات يتم استيراد الطباشير والجير الحى والمطفى وكربونات الكالسيوم المطحونة.
كما أن الملح من أهم الخامات المتوافرة فى مصر وتمتلك مصر 2700 كم2 سواحل وشواطئ على البحرين الأحمر والمتوسط وبحيرات داخلية بجانب 16 مليار طن من الملح فى منخفض القطارة يمكن استخراجها بسهولة.