أدى تراجع السيولة فى أيدى المتعاملين بـ البورصة المصرية خلال الفترة الماضية، إلى لجوئهم نحو آلية الشراء بالهامش، أو ما يشتهر بنظام «المارجن»، لتمويل عمليات تداولهم فى السوق، رغم انخفاض أسعار الأسهم خلال الفترة الراهنة .
ويتيح نظام المارجن، للعميل شراء الورقة المالية بسداد جزء من قيمتها نقدًا، بينما يسدد الباقى بقرض من شركة السمسرة المتعامل معها، بضمان الأوراق محل الصفقة .
ومن ثم كان التساؤل الأبرز حول ما إذا بات «المارجن» المحرك الأساسى لتداولات المستثمرين الأفراد فى البورصة، وهل يُعد ذلك أمرًا طبيعيًّا أم أن هناك خطرًا يحيط بسوق الأسهم حال عدم استقرار الأوضاع بها، ومن ثم تكبد المستثمرين خسائر فادحة تجعلهم غير قادرين على وجودهم بالسوق مجددًا؟
من جانبهم، أكد خبراء قطاع السمسرة فى البورصة، أن الاعتماد على آلية الشراء الهامشى «المارجن» أمر طبيعى فى الأسواق العالمية، إلا أن بعضهم أشار إلى خطورته نوعًا ما، فى ظل الحالة السيئة التى تمر بها البورصة من حيث عدد المستثمرين النشطين وقيم التداولات وغياب التنوع فى الشركات المقيدة .
وأضافوا أن انخفاض السيولة المتاحة فى أيدى المستثمرين تسبب فى مشكلة تراجع قيم التداولات بالسوق، فى ظل سيطرة المتعاملين الأفراد على النسبة الأكبر من تعاملات الأسهم بمصر.
فيما شدد البعض على أن التعامل بآلية الشراء الهامشى «المارجن» يجب أن يرتبط بثقافة الاستثمار فى البورصة الغائبة عن المتعاملين الأفراد، إضافة إلى ضرورة زيادة عمق السوق عبر زيادة الطروحات الحكومية والخاصة .
وكانت «المال» قد كشفت فى منتصف ديسمبر الماضي، أن شركة المجموعة المالية «هيرميس» للوساطة فى الأوراق المالية، تعتزم إطلاق برنامج لإصدار سندات شركات قصيرة الأجل، بقيمة إجمالية 2 مليار جنيه، خلال الفترة المقبلة، وينتظر طرح الشريحة الأولى منها، وتبلغ قيمتها 400 مليون جنيه قبل نهاية العام الحالى.
وهذه العملية تمثل المرة الأولى لطرح سندات شركات فى السوق المحلية منذ 9 أعوام، والأولى لتنفيذ برنامج سندات شركات قصيرة الأجل.
فيما كشفت مصادر لـ«المال» أن مدة السندات 12 شهرًا، وتستخدم الحصيلة فى تمويل أعمال شركة السمسرة.
وقال رئيس أحد البنوك الاستثمارية المحلية إن المارجن بات ضمن المحددات الرئيسية لترتيب شركات السمسرة، مؤكدًا أنه كلما زاد حجم الإقراض لدى الشركات ارتفع ترتيبها فى السوق.
من جهته، قال طارق أباظة، العضو المنتدب لقطاع السمسرة بشركة النعيم القابضة للاستثمارات المالية، إن نسبة العمليات الممولة بنظام «المارجن» من إجمالى تداولات السوق خلال الفترة الراهنة، ضعيف، وغير مقلق على الإطلاق.
وأضاف أنه كلما انخفضت أسعار الأسهم اتجه المتعاملون الأفراد للبحث عن الخدمات والفرص التى يمكن استخدامها للاستفادة من إمكانية تحقيق أرباح مستقبلية، مشيرًا إلى أن الاعتماد على المارجن أمر طبيعى فى الأسواق العالمية.
وأوضح أباظة، أن حجم المارجن فى السوق الأمريكية يصل إلى 20 ضعف حجمه فى «المحلية».
مشيرًا إلى أن ثقافة الاستثمار فى الأسهم تؤثر على لجوء المستثمرين لتلك الآلية، إضافة إلى مدى حجم السوق وعمق الشركات المقيدة وتنوعها.
وشدد أباظة، على أن البورصة المصرية بحاجة إلى طرح المزيد من الشركات الكبيرة والقوية القادرة على جذب المستثمرين مجددًا، وذلك بهدف رفع حجم السيولة .
فيما قال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال للاستثمارات المالية، إن انخفاض السيولة لدى المستثمرين الأفراد الذين يستحوذون على الحصة الأكبر من السوق، ساهم فى كون «المارجن» أحد المحركات الرئيسية لعملية التداول بالبورصة خلال الفترة الراهنة.
وأضاف أن آلية الشراء الهامشى تعد وسيلة مُثلى لتحريك السوق وجذب السيولة، فى ظل الفترة الصعبة التى تمر بها البورصة المصرية، مشيرًا إلى أن العميل يستطيع الحصول على المارجن بفائدة تتراوح بين 3 – %4 فى 3 أشهر، ثم تحقيق أرباح بيع أسهم بنسب تصل إلى %15 ليعوض الفائدة المسددة على المارجن .
وطالب رشاد، البنك المركزى بتشجيع الاستثمار فى البورصة، من خلال مبادرة لتمويل عمليات التداول بفائدة ميسرة، على غرار المبادرات الأخيرة لتشجيع الصناعة.
وأكد ، أن الوضع الصعب الذى تمر به السوق المحلية لن يستمر طويلا، إذ سيؤدى تراجع الأسعار لمستويات متدنية إلى عودة السيولة مجددًا، ومن ثم بدء موجة تصحيحية صاعدة تُعيد السوق إلى وضعه الطبيعى.
وتابع إيهاب رشاد: أن شركته بدأت تقديم خدمة جديدة لعملائها مؤخرًا، تتمثل فى منحهم خصمًا بنسبة %50 من عمولة تنفيذ التداولات حال استخدام آلية الشراء الهامشي، بهدف تحفيز التداولات.
من جانبه، قال عونى عبدالعزيز، رئيس شركة وديان للسمسرة، ورئيس شعبة الأوراق المالية، إن قيم التداولات ضعيفة للغاية، مرجعا ذلك إلى أن حجم المارجن غير مؤثر فى السوق، مؤكدًا أن الحالة التى تمر بها البورصة أكبر من آلية الشراء بالهامش أو سياسات سوق المال أو الهيئة العامة للرقابة المالية.
وأضاف أن السوق بحاجة إلى جذب السيولة مجددًا ودخول شريحة جديدة من المستثمرين، لافتًا إلى أن تنفيذ البرنامج الحكومى للطروحات قد يسهم فى تحسين معدلات التداول، إضافة إلى طروحات خاصة كبيرة وجاذبة للمستثمرين.
وأوضح عونى عبدالعزيز أن شركات السمسرة متأثرة سلبًا بتراجع قيم التداولات وعدد العمليات المنفذة فى السوق .
من جهته، قال أيمن أبوهند، الشريك المؤسس والمدير التنفيذى لشركة كارتل كابيتال الأمريكية، إن الاعتماد على آلية «المارجن» فى أسواق الأسهم حول العالم بات يسجل معدلات مرتفعة خلال الفترة الأخيرة، وسط انخفاض أحجام السيولة لدى المستثمرين، مدللًا على ذلك بحالة الهبوط الشديدة التى تنتاب الأسواق العالمية حال حدوث أى أخبار سلبية، نتيجة قيام شركات السمسرة ببيع الأوراق المقرضة .
وأضاف أن معدل استحواذ الأفراد على تعاملات السوق ترفع من نسبة المارجن المسجل، وتجعله المحرك الأساسى للأسواق حال مرورها بموجة سلبية على مستوى قيم التداولات أو عدد المستثمرين النشطين .
وأوضح أيمن أبوهند، أن اعتماد شركات السمسرة على سندات التوريق لتمويل عمليات الشراء الهامشى «المارجن» أمر خطير فى الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن الاعتماد عليه فى السوق الأمريكية مرتبط دائمًا بعلاقة عكسية مع معدل التغير، فكلما ارتفع معدل التغير فى السوق انخفض اللجوء لآلية المارجن والعكس.
وأشار أبوهند، إلى أن غياب مضمون ثقافة الاستثمار فى البورصة عن مجتمع المستثمرين الأفراد، يزيد من درجة الخطورة على عمليات الشراء بالهامش لتحريك السوق، لافتًا إلى أن سياسة البورصة يجب أن تشمل زيادة التوعية بكيفية استخدام تلك الأدوات .
وأوضح أن البورصة المصرية مطالبة بتوفير منتجات أخرى تستوعب أنواعًا متعددة من المستثمرين، محذرًا من الاعتماد على نوع واحد فقط من المتعاملين، وتحديدًا «قصيرو الأجل»، مستشهدًا بعدم نجاح الطروحات الأخيرة خلال العام الماضى، عدا طرح «فوري»، فيما فشلت بعضها مثل «ثروة» و»راميدا».
وكانت البورصة المصرية قد نفذت فى أكتوبر 2018 قرار السماح بالتعامل بنظام الشراء الهامشى وآلية التداول فى ذات الجلسة على أسهم الطروحات الجديدة، وخفض زمن الإيقاف المؤقت إلى 10 دقائق بحد أقصى.
وقالت إنها ستسمح بالتعامل بنظام الشراء بالهامش وآلية التعامل فى ذات الجلسة (T+0) على أسهم الطروحات الجديدة فور بدء التداول عليها، متى استوفت معايير كمية ونوعية تحددها البورصة خلال عملية الطرح.
وتنقسم الأسهم المسموح لها بالتعامل بآلية الشراء الهامشي، إلى قائمتين، الأولى: (أ) تتكون من عدد 89 ورقة مالية، وهى القائمة التى يسمح بمزاولة التداول فى ذات الجلسة عليها، وكذلك التعامل عليها بالهامش وقبولها كضمان حتى نسبة %100 من قيمتها السوقية، وتكون هى السوق النشطة.
أما القائمة الثانية (ب) فتتكون من عدد 50 ورقة مالية، وهى القائمة التى يسمح بمزاولة التداول فى ذات الجلسة عليها، وكذلك التعامل عليها بالهامش وقبولها كضمان حتى نسبة %80 من قيمتها السوقية، وتكون هى السوق متوسطة النشاط.