أثارت صورة يظهر فيها ولي عهد أبوظبي إلى جانب حاكم دبي وهما يتأملان -ما يبدو- أثرًا فرعونيًا، تساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعى، بعد ورودها في تغريدة لشخص ادعى أنها التقطت خلال مناسبة استعرض فيها قادة الإمارات “تاريخ الفراعنة المشترك بين الإمارات ومصر”.
والتغريدة التي ذُيلت بوسم “تاريخ الإمارات”، ادعت أن ثمة تاريخ قديم مشترك بين مصر والإمارات يعود إلى فئة من سكان دبي والفجيرة استوطنوا مصر، نظرًا لاقترابها من فلسطين.
صاحب التغريدة
لا يبدو صاحب هذه التغريدة شخصية حقيقية.
في ملفه التعريفي الذي يحمل اسم “منصور خلفان“، يصف صاحب التغريدة نفسه بأنه “متخصص في تاريخ الحضارات القديمة وخاصة الحضارة الإماراتية التي تمتد إلى 125 ألف سنة”.
والحساب يحمل صورة يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، فضلًا عن أنه أُنشئ فقط في نوفمبر 2019، وتخصص في نشر معلومات تحمل مبالغات مفرطة لوصف “حضارة إماراتية” في بلد تأسس فقط قبل نحو 50 عامًا، فضلا عن المبالغة الكوميدية في افتراضه أن تلك الحضارة تمتد منذ 125 ألف سنة.
الآثار الإماراتية
وربما تكون حداثة الإمارات كدولة سببًا في تأخر الكشف عن آثارها.
وبحسب تصريحات لصباح جاسم، مدير هيئة الشارقة الإماراتية للآثار، “تأخرت المنطقة في عالم التنقيبات بسبب تركيز اهتمام البعثات الأولى بمصر والعراق”.
وقال جاسم لصحيفة الخليج عام 2017: “بلاد الرافدين ووادي النيل نالا كل الاهتمام من البعثات الأولى التي بدأت بالبحث والتنقيب”.
ولا يمنع هذا أن الإمارات تحتضن مواقع أثرية مكتشفة (في مدينة العين)، ومدرجة ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.
قائمة اليونسكو.. موقع للإمارات و7 لمصر
وبحسب موقع اليونسكو، تظهر الإمارات على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي مرة واحدة بمجموعة من الأماكن، وهي: “حفيت، وهيلى، وبدع بنت سعود، ومناطق الواحات”.
وتضيف اليونسكو أن “ثمة آثارًا مرموقة، منها: قبور من الحجارة الدائرية يعود تاريخها إلى 2500 سنة قبل الميلاد”.
وتابعت: “هناك آبار ومجموعة كبيرة من الأبنية من الطوب الطيني (المباني السكنية، الأبراج، القصور والمباني الحكومية).
ولفتت إلى أن “هيلي، فيها واحد من أقدم نظم الري، وأكثرها تعقيدًا (الفلج، والذي يرقى إلى العصر الحديدي)”.
وأضافت أن هذه المواقع توفر شهادة مهمة على انتقال الجماعات في هذا المنطقة من العيش عبر الصيد، والقنص، والقطاف إلى مرحلة التوطن والتحضر”.
وقد تم تسجيل هذه المواقع على لائحة اليونسكو عام 2011.
وعلى الجانب الآخر، تظهر مصر على لائحة اليونسكو 7 مرات، بمناطق أبومينا، والقاهرة الإسلاميّة، ومدينة طيبة القديمة ومقبرتها، ومعالم النوبة من أبوسمبل إلى فيلة، وممفيس ومقبرتها ومنطقة الأهرام من الجيزة إلى دهشور، ومنطقة القديسة كاترين، ووادي الحيتان.
وقد تم تسجيل المواقع المصرية على اللائحة خلال الفترة من عام 1979 إلى 2005.
حقيقة الصورة
تُظهر نتائج البحث على الإنترنت أن الصورة صحيحة، لكن مناسبتها مختلفة تمامًا.
نُشرت الصورة في سبتمبر 2017 بالصحف الإماراتية التي نقلتها عن وكالة الأنباء الرسمية للبلاد “وام”، بمناسبة قرب افتتاح متحف اللوفر أبوظبي.
وبحسب الخبر، التقى محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبى، محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، وتفقدا مبنى متحف اللوفر أبوظبي، للاطلاع على سير تقدم عمليات تثبيت الأعمال الفنية، استعدادًا لافتتاحه الرسمي في نوفمبر 2017.
وأضافت صحيفة الإمارات اليوم: “وخلال جولتهما اطلع سموهما على عدد من الأعمال الفنية التي وضعت في الآونة الأخيرة في المتحف، منها مجموعة جنائزية للأميرة حنوت تاوي، وأحد التماثيل القديمة لـ”أبوالهول” في بلاد الإغريق، الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد”.
الآثار.. مصرية
يتضمن متحف اللوفر أبوظبي آثارًا مصرية خالصة، ولا دخل لـ”التاريخ الإماراتي” فيها.
لدى افتتاح المتحف عام 2017 ثارت ضجة كبرى في مصر بعد اكتشاف وجود آثار مصرية فيه، وسط مطالبات بالكشف عن وسيلة حصول الإمارتيين عليها.
آنذاك، اعترفت وزارة الآثار بأن جزءًا من معروضات اللوفر أبوظبي مصرية، لكنها وصلت إلى هناك بطرق مشروعة.
“الآثار هناك ليست عن طريق التهريب أو من خلالنا.. متحف أبوظبي استعار 600 قطعة من متحف اللوفر الفرنسى، بينها قطع مصرية”، وفقًا لما قاله وزير الآثار المصري لمجلس النواب في نوفمبر 2017.
وتابع الوزير الذي ضم السياحة إلى مسؤولياته حاليًّا: “القانون المصري كان يسمح بتجارة الآثار حتى عام 1983، والقانون الدولي يقف حائلا أمام استعادة الآثار المصرية في الخارج بسبب اتفاقية اليونسكو التي وقعت عليها مصر منذ 1970”.
لكن الوزير ذيل شهادته بالقول: “وطول ما مفيش أسوار حول المناطق الأثرية هتفضل السرقة”.
ونقلت عن إلهام صلاح الدين رئيس قطاع المتاحف آنذاك قولها: إن “اقتناء أي متحف عالمي لآثار مصرية وعرضها أمر قانوني؛ إذ إنها خرجت من البلاد بطريقة شرعية قبل صدور قانون حماية الآثار، إما عن طريق التجارة أو بناء على قانون القسمة الذي يتيح لبعثات استكشاف الآثار تقاسم ما تجده مع مصر”.
متحف اللوفر أبوظبي.. مليار دولار على ضفاف الخليج
بأكثر من مليار دولار أنشأت الإمارات متحف اللوفر أبوظبى، وفقًا لـ”بي بي سي“.
المبنى الرائع الذي صممه المعماري الفرنسي الشهير جان نوفيل على ضفاف خليج العاصمة الإماراتية، حصل على اسم “اللوفر” بموجب اتفاق مع باريس يمتد إلى 30 عاما و6 أشهر.
والمتحف الذي بُني ضمن جهود قادة الإمارات لإضافة سمة ثقافية إلى البلد المتحقق في مجالات الترفيه والتسوق، يعرض آثارًا وأعمالًا فنية من المتاحف الوطنية الفرنسية على سبيل الإعارة لمدة 10 أعوام.
مصر تعدل القانون لعرض آثارها في الخارج
في أبريل 2018 وافق مجلس النواب المصري بشكل نهائي على مشروع قانون تقدمت به الحكومة لتعديل أحكام قانون حماية الآثار.
ومن بين عدة تعديلات، نص القانون الذي نُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ يونيو 2018، على إنشاء لجنة فنية بالمجلس الأعلى للآثار تختص بالمعارض الخارجية، وتحديد الآثار التي يجوز عرضها في الخارج لمدة محدودة، والمقابل المادي لعرضها.
وبحسب صحيفة الأهرام المصرية، أجاز مشروع القانون عرض بعض القطع الأثرية في الخارج لمدة محددة، بقرار من رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء.