“سيظلُّ ذِكرُك خالدًا فى موطني”… لسان حال سوق المال فى رثاء فقيده الراحل الدكتور أشرف الشرقاوى، الرئيس الثانى للهيئة العامة للرقابة المالية فى فترة صعبة للغاية أعقبت ثورة 25 يناير، وتحديدًا من مارس 2011 ليوليو 2013.
وبكلماتٍ وجمل أضافت رونقًا خاصًّا فى رثاء فقيد السوق، أبرزُها “لولاه لتغيّر حال البورصة إلى الأبد”، و”أعاد الحياة للسوق بعد 2011”، و”مسئول جريء واجه ملفات بغاية الصعوبة”، جاء رثاء قيادات وخبراء سوق المال، للراحل.
الدكتور “أشرف الشرقاوي”– رحمة الله عليه- أستاذ المحاسبة المالية بكلية التجارة جامعة القاهرة، تولَّى رئاسة هيئة الرقابة المالية، بداية من مارس 2011 حتى يوليو 2013، ليكون الرئيس الثانى لها بعد دمج هيئات سوق المال والتأمين فى 2010، وكان نائبًا للرئيس الأول الدكتور زياد بهاء الدين، كما عمل مديرًا تنفيذيًّا لمجلس وحدة الرقابة على جودة أعمال مراقبى الحسابات منذ عام 2008.
محمد عمران: حمل على عاتقه إعادة فتح التداول فى 2011 وصاحب فضل على القطاع
قال الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، لـ”المال”، إن فقيد سوق المال حمل على عاتقه مهمة كانت فى غاية الصعوبة؛ وهى إعادة فتح البورصة مجددًا عقب إغلاقها فى أعقاب ثورة 25 يناير، مشيرًا إلى أن قرار فتح البورصة مرة أخرى كان قرار “ثوريًّا وجريئًا” للغاية.
وأضاف أن الدكتور الشرقاوى واجه بكل جرأة صعوبات عديدة أعقبت قرار فتح البورصة البورصة مجددًا، سواء اضطرابات وأحداثًا سياسية متتالية وأحداث محمد محمود، وماسبيرو، وتمسَّك باستمرار فتح البورصة، ولم يرضخ لمطالب غلق السوق مرة أخرى.
وأوضح أن موقف الفقيد فى ملف استحواذ بنك “كيو إنفست” القطَرية على بنك الاستثمار المجموعة المالية هيرمس، أسهم فى حماية السوق المحلية من أخطار قوية، لافتًا إلى أن الإجراءات الاحترازية التى وضعتها الهيئة فى عهد الفقيد وفّرت الحماية المطلوبة للسوق من التقلبات التى شهدتها تلك الفترة الصعبة من تاريخ مصر.
وأشار إلى أنه أثناء إعداد فيلم تسجيلى عن تاريخ الهيئة فى إطار احتفالية مرور 10 أعوام على تأسيسها، أصرّ فقيد سوق المال على الحضور إلى مقر الهيئة رغم مرضه الشديد لتسجيل الجزء الخاص به، مما يؤكد ارتباطه بالهيئة وحُبه لها رغم الظروف المرَضية التى كان يعيشها.
شريف سامى: أسهم بقوة فى استيفاء متطلبات العضوية فى “الأيوسكو” واعتراف الاتحاد الأوروبى بمراقبى الحسابات
فيما قال شريف سامى، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، فى الفترة من منتصف 2013 إلى منتصف 2017، إن الراحل الدكتور أشرف الشرقاوى- الذى أمضى رئيسًا للهيئة مدة تجاوزت العامين، وسبَقها تولّيه منصب نائب رئيس الهيئة خلفًا للدكتور خالد سرى صيام عندما عُين الأخير رئيسًا للبورصة المصرية- جاء فى فترة حرجة بعد أحداث يناير 2011، والتى شهدت تقلبات سياسية وأمنية أدّت لإيقاف التداول فى البورصة لأسابيع طويلة.
ولفت إلى أن الدكتور أشرف الشرقاوى كان هدفه الأول استقرار سوق رأس المال، كما تَعامل مع مشكلة تعويضات شركات التأمين المتعلقة بالممتلكات التى تضررت من العنف السياسى والفراغ الأمنى فى تلك الفترة.
وأشار سامى إلى أن الراحل لعب دورًا مهمًّا فى استكمال متطلبات عضوية الهيئة بالمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (الأيوسكو) بنجاحه فى استيفاء متطلبات التوقيع على مذكرة التفاهم المشتركة لتبادل المعلومات الرقابية بين الهيئات المختلفة التى تتمتع بعضوية المنظمة. كما نجح فى الحصول على اعتراف الاتحاد الأوروبى بمراقبى الحسابات المقيدين بسجلات الهيئة.
وأضاف أنه سعى لاستكمال الدمج التنظيمى للهيئات الثلاث (سوق المال، والتأمين، والتمويل العقارى)، والتى حلّت محلها الهيئة العامة للرقابة المالية اعتبارًا من 1 يوليو 2009.
فى السياق نفسه أكد المستشار خالد النشار، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن الراحل الدكتور أشرف الشرقاوى رجل ذو أخلاق طيبة، وصحيفته خالية من أى سقطات وصراعات، مشيرًا إلى أنه كان الرجل المناسب لحماية السوق فى فترة شديدة الصعوبة.
وأضاف أن الفقيد أسهم فى حماية سوق المال من مخاطر جمّة ناتجة عن حالة عدم الاستقرار التى عاشتها مصر عقب ثورة 25 يناير، منوهًا بأن قرار فتح البورصة المصرية مجددًا كان قرارًا صعبًا للغاية، لكنه تحمّله بكل قوة ومسئولية.
وأوضح نائب رئيس هيئة الرقابة المالية أن الأحداث التى تلت قرار فتح البورصة المصرية وإعادتها للتداول مجددًا، كانت تستلزم “وحش قوي” يواجهها بكل جسارة، وقام الشرقاوى بتلك المهمة على أكمل وجه، سواء فى الاحتجاجات والاعتصامات التى شهدتها البورصة المصرية، أو الأحداث السياسية الأخرى، مثل محمد محمود وأحداث بورسعيد.
وأشار إلى أنه رأى حجم المجهود الذى يبذله الشرقاوى عندما كان يعمل بالهيئة، لافتًا إلى أنه قاد فريق العمل فى تلك الفترة للمحافظة على السوق من جميع المخاطر والتدخلات الإخوانية، بجانب الحفاظ على أموال المستثمرين.
من جانبه قال محسن عادل، رئيس الهيئة العامة للاستثمار ونائب رئيس البورصة السابق، إن الدكتور أشرف الشرقاوى حافظ على البورصة من الإغلاق مجددًا عقب افتتاحها فى مارس 2011، رغم قوة الأحداث والاضطرابات القوية التى مرّت بها البلاد، مثل أحداث محمد محمود، وأحداث ماسبيرو.
وأكد أن الدكتور الشرقاوى حافظ على الاستقرار المالى للسوق وعدم تعريض البورصة لأية تقلبات حادة، مشيرًا إلى أن القرارات التى اتخذها الفقيد عملت على تهيئة بنية قوية وفّرت الأساس لتطوير سوق المال فى المراحل التالية، بالإضافة إلى الحفاظ على استقلالية الهيئة رغم التدخلات الإخوانية خلال فترة حكمهم، مما حافظ على قدرة البورصة على النمو.
وأوضح أن فترة رئاسة الفقيد للهيئة شهدت اكتشاف عدد كبير من القضايا والتلاعبات والمخالفات، مما أسهم فى مصداقية الرقيب، تزامنت مع إعداد عدة مشروعات؛ الهدف منها تطوير القوانين والقواعد فى قطاعات الهيئة المختلفة، مما مهّد لتحديث المنهج الرقابى لسوق المال.
وذكر أنه أثناء تولّى الفقيد وزارة قطاع الأعمال أسهم فى زيادة إيرادات شركات قطاع الأعمال العام، والأرباح، مما عزّز بقوة تحسين أداء هذا القطاع.
وشدد عادل على أنه لولا ذلك الرجل لكان قد تغيَّر مستقبل البورصة المصرية للأبد، إذ يملك الشرقاوي الشجاعة اللازمة للحفاظ على كيان سوق المال فى ظروف استثنائية صعبة لم ولن تتكرر، مشيرًا إلى أن الفقيد لعب دورًا قويًّا فى الحفاظ على بقاء شركات ومؤسسات عاملة بالسوق المحلية وإبعاد خطر الإغلاق عنها، واصفًا إياه “بالأب الروحى والمعلم الكبير”.
كان محمد فريد، رئيس البورصة، قد نعى الشرقاوى، معربًا عن تقديره لما قدمه الراحل من إسهامات جليلة وجهد مخلص يتسم بأقصى درجات النزاهة خلال تولّيه المناصب الحكومية، فى وقت حرج وشديد الصعوبة.
أما أبرز القرارات المؤثرة فى عهد الشرقاوى فتمثلت فى إجازة التعامل على الأسهم الصغيرة والمتوسطة خلال جلسة تداول مستمرة لمدة ساعة يوميًّا وبآليات تداول السوق الرئيسى والحدود السعرية 5% والتسوية بنظام الـ”T+2”، ووضع قواعد تداول حقوق الاكتتاب، بالإضافة إلى قرار إجازة إصدار سندات للشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم وغيرها من الأشخاص الاعتبارية.
كما سعى الدكتور أشرف الشرقاوى إلى تحسين بيئة الإفصاح، من خلال إلزام الشركات المقيدة بالإفصاح الدورى كل 3 أشهر، بجانب إلزام الشركات المقيدة بإنشاء مواقع إلكترونية لنشر القوائم المالية السنوية والدورية، مع دعم شركات السمسرة فى عام 2011، من خلال إعفاء شركات السمسرة من سداد مقابل الفحص ودراسة طلبات قيد فروع التنفيذ بسجل الهيئة، وتخفيض مقابل الخدمات السنوى لكل فرع، ومدّ مهلة توفيق أوضاع قيد فروع شركات السمسرة 6 شهور حتى سبتمبر 2013.
كما وضعت الهيئة، فى عهد الدكتور الشرقاوى، ضوابط لطرح الشركات عبر حد أدنى لنسبة الطرح بـ%10 وعدد 100 مساهم، وتحديد نسبة الأسهم حرة التداول بـ%5، وتم وضع ضوابط لشراء أسهم الخزينة، بالإضافة إلى تنظيم عملية التسويق وتنفيذ وتلقّى الأوامر بشركات السمسرة وفروعها من خلال المركز الرئيسى.
وأصدرت الهيئة، فى عهد الدكتور أشرف الشرقاوى، قرارًا بضوابط قيد شركات الصغيرة ببورصة النيل، بالإضافة إلى تعديل ضوابط نظام الـINTRA DAY تداول الأسهم فى ذات الجلسة، بجانب تعديل قواعد زيادات رءوس أموال الشركات المقيدة النقدية وحقوق الاكتتاب، وضوابط استحواذ الشركات المقيدة وشركاتها التابعة والشقيقة على %20 فأكبر من شركات غير مقيدة.
كما نظّمت الهيئة عملية الترشح لرئاسة وعضوية شركة مصر المقاصة، من خلال وضع ضوابط تفصيلية، بالإضافة إلى ضوابط العمل بآلية INTRA DAY فى ذات الجلسة، مع وضع حد أقصى لإصدار شهادات إيداع أجنبية بثلث رأس المال المصدر، بجانب إقرار ضوابط تعامل شركات السمسرة وإدارة المحافظ على شهادات الإيداع الأجنبية، كما تم تحديد قيمة الزيادة فى مبلغ التأمين اللازم أداؤه من خلال شركات السمسرة فى الأوراق المالية للتعامل على شهادات الإيداع الأجنبية المقابلة لأوراق مالية مقيدة في البورصة المصرية 1 فى الألف، بما لا يقل عن 10 آلاف جنيه.