يبدو أن غصة حالة الإتكال لمن يركن بكل ثقلة عليها، والتى تتحول فى النهاية إلى حسرة، يبدو أنها المآل المتماثل ككل من غامر، سواء وصل إلى ما تمناه فوجده فاقد الطعم مليئًا بالمخاوف والهواجس والمشاكل وتركه مثقلاً بالهموم واليأس والشعور بإضاعة العمر فيما لا جدوى منه مع عدم بياض الصحيفة وقلة المعترف بالفضل الشاكر لليد، أو سواء لم يصل إلى ما تمناه وسعى إليه فى مغامرته التى ضاع عليه فيها وقته وجهده بين الأسف والخيبة وضاع ما تكلفه فى سبيلها من مال ومن استمالة لم تأت بفائدة، بل جاءت بالعزاء أو بالاستخفاف أو بهما معا ممن يعرفونه أو تصور أنه يعرفهم!!
إننا نتجدد باستمرار وتحل فينا أجيال محل أجيال مضت بتجاربها وأوهامها التى خابت وأحلامها التى كذبت وتبعثرت.. تجدد المغامرات والمغامرون بلا انقطاع لأننا حتى الآن لا نقتنع بوقائع التاريخ ولا نتصور أن ما وقع لغيرنا سيقع مثله لنا. إذ لا نشهد فى داخلنا وخارجنا أو حولنا إلاَّ احتمالات تتضارب وتتساير وتجىء وتروح كموج البحر يمسك بعضها دائمًا جانبًا من أمانينا وخيالنا وجرأتنا.. فنسير فى الطريق الجديد القديم!!
ولكن هل هناك أمل فى توقف غباء هذا التكرار وتلك الإعادة، والذى لم يتوقف منذ خُلقنا حتى يومنا هذا، وهل هذا يقبل التوقف؟!
ربما يتوقف ذلك إذا ما نجحنا فى الاهتمام بالعمل الجاد للاستفادة من خيرات الكون الفسيح، ولعل الاستفادة بالطاقة الشمسية وامكانياتها الهائلة يفتح مجالات لتحلية مياه البحار والمحيطات، وتخضير وتعمير الصحارى الشاسعة المجدبة، فتخفف من الاقتتال الجارى على الرقعة المتاحة الآن التى ازدحمت وتكدست تكدسًا مروعًا فى القرى والمدن، فيخف هذا الاقتتال البائس، وتنفتح مجالات أخرى تسع البشرية وتفتح أبوابًا لمزيد من الخيرات الكامنة فى الأرض إذا ما أحسنًّا استثمارها، وربما يكون النجاح أكبر إذا ما تخطينا الأرض إلى فضاء الكون الواسع بكواكبه وأجرامه.
ربما يتوقف هذا الغباء، إذا نجحنا فى توجيه غالبيتنا الأغلب إلى الاهتمام الرئيسى بفضاء الكون الفسيح وأقلعنا به عن التفاتنا الكلى الحالى الملىء بالكفاح والاقتتال والطمع على هذه الأرض!!.. ربما أدى ذلك إلى انقلاب كلى فى حياتنا حتى إذا بقى أغلبنا على هذا الكوكب، فتفقد المدن الحالية تكدسها المروع والقرى تناثرها وضآلتها وغربتها والموانى الكبيرة والمطارات الهائلة ازدحامها، وتزول عن الطرق العامة والسكك الحديدية أهميتها.. إذ لم يعد لدى البشر حاجة ملحة لشدة التجمع هنا وهناك لتيسير وتغذية التجارة والصناعة والنقل والتواصل والاتصال من دوائر وتجمعات كبرى إلى مواقع وأماكن ونواح أقل حجمًا وأكثر تبعية.
إن الكون العظيم الهائل إذا فتحت أبوابه للبشر، سيكون أوسع ملايين ملايين المرات من مساحة أرضنا التى تضيق علينا وبنا كلما زدنا فى العدد، وعندئذ يتحول الآدمى من المخلوق المحصور المقتر عليه رزقه إلى إنسان حر منطلق يسير مع عقله فى العالم خارج أسوار هذه الأرض وأستارها.
www. ragai2009.com