شهدت خلال أشهر عديدة ماضية تراجعات متوالية ، تزامنًا مع تصاعد أصوات عدة تقول إن السوق بحاجة إلى طروحات جديدة، كى تتلون المؤشرات مجددًا باللون الأخضر، وتنهال السيولة على السوق.
إلا أن هذه الفرضية أثبتت عدم صحتها مع آخر طرح استقبلته البورصة الأسبوع الماضى، ولم ينجح فى تحريك السوق، على صعيد المؤشرات، أو السيولة، أو قيم التداولات، بل على العكس شهد السهم الوافد حديثا على السوق تراجعا خلال أيام تداوله الأولى مع مواصلة البورصة للهبوط.
أكد محللون أن الطروحات ليست بمفردها هى المحرك، وأن هناك عدة عوامل بعضها يتعلق بقرارات حكومية، والآخر بالشركات التى يتم طرحها، لا سيما عنصر التسعير، كى تستعيد السوق زخمها وتنتعش من جديد.
شهدت البورصة خلال العام الأخير 3 طروحات ثروة كابيتال، الذى استقبلته السوق فى أكتوبر 2018، والعاشر من رمضان للصناعات الدوائية «راميدا» الذى وفد عليها نوفمبر الماضى و«فورى» للمدفوعات الإلكترونية فى أغسطس الماضى.
خلال الأشهر الأخيرة شهدت البورصة المصرية تراجعات متتالية، آخرها فى نوفمير بانخفاض شهرى %5، للمؤشر الرئيسى للسوق EGX30، وسط خسائر رأسمالية 22.6 مليار جنيه، بضغوط مبيعات عربية وأجنبية سجلت 324.9 مليون جنيه، و284.4 مليون جنيه، على الترتيب.
كامل: عوامل مؤثرة مرتبطة بالسوق وبالكيانات محل الاكتتابات وأخرى بالحكومة
قال عادل كامل، رئيس مجلس إدارة شركة الأهلى للاستثمارات المالية إن فشل الطروحات فى تحويل دفة السوق للصعود، وعدم استجابة البورصة للطروحات الجديدة مشكلة مزدوجة مرتبطة بعدة عوامل بعضها يتعلق بالسوق نفسه، وآخر بجوانب حكومية، والثالث بالشركات المطروحة.
أشار إلى أن الأمور المتعلقة بالسوق هى تلك المُمثلة فى ملف ضرائب الدمغة، وضريبة الأرباح الرأسمالية، والمُتبقى 5 أشهر فقط على تطبيقها، بينما لا زالت آلية تطبيقها يسيطر عليها عدم الوضوح، ولم تبت بشأنها لجنة ضرائب البورصة المُشكلة من وزارة المالية، وجمعية الأوراق المالية «إيكما»، والبورصة، مؤكدا أن التجربة السابقة لضريبة الأرباح الرأسمالية أكدت ضرورة عدم فرضها.
تابع: «تحتاج السوق لقرارات جديدة داعمة للصناعة، كخفض جديد لأسعار الغاز والكهرباء للصناعات (السيراميك، والحديد، والأسمدة، والبتروكيماويات)».
على صعيد شركات الطروحات رأى كامل ضرورة عدم المُغالاة فى تسعير أسهم الشركات التى يتم إدراجها، مدللا على قوله بالطرح الآخير لراميدا، الذى تم تقييمه بمضاعف ربحية مرتفع للغاية، رغم وجود شركات مماثلة بالسوق بمضاعف ربحية للسهم بين 3 و4 أضعاف.
أشار إلى أنه ضرورى تشجيع الدولة لمؤسساتها على استثمار أموالها بالبورصة لتنشيط دورها كأداة تمويلية، بدلا من ضخ هذه الأموال فى الأوعية الاستثمارية ذات الدخل الثابت.
قال أحمد هشام، محلل استراتيجى بقطاع البحوث ببنك استثمار بلتون، إن السوق تعانى أزمة ضعف سيولة مستمرة منذ أشهر وازدادت فى ديسمبر نتيجة وجود فئة كبيرة من مديرى المحافظ الأجنبية فى إجازات.
أضاف أنه رغم وجود عوامل إيجابية للسوق كخفض الفائدة، والنتائج الإيجابية للشركات، إلا أن استيعاب السوق لها مع استمرار ضعف السيولة جعلها لا تتحرك لطرح راميدا الأخير بالسوق.
أكد أن استجابة السوق لأى طرح يتوقف على عدة عوامل أبرزها النشاط المختلف للشركة محل الطرح، وعدم وجود مثيل لها بالسوق، ما ظهر فى نجاح طرح شركة فورى للمدفوعات الإلكترونية.
كان طرح فورى بنسبة %36 من أسهم الشركة فى أغسطس الماضى، تم تغطيته بواقع 30 مرة فى الطرح العام للجمهور، و16 مرة للطرح الخاص للمؤسسات.
تابع أن هناك أمل فى نجاح الطروحات الحكومية، واستجابة السوق لها فى حالة طرح لـ «إى فاينانس»، ما يؤكده نجاح طرح شركة فورى.
وقال هشام إن نسبة كبيرة من نجاح الطروحات سواء عامة أو خاصة تتوقف على عملية التسعير، وطرح السهم بالحد الأدنى لسعره، ومنح فرصة للمستثمر لتحقيق أرباح قوية أساسى لنجاح الطرح.
أضاف أنه من المتوقع تحرك السوق بشكل جيد بالربع الأول من 2020، مع عودة مديرى الاستثمار الأجانب، وظهور نتائج جيدة للشركات عن الربع الأخير من 2019.
عن الطروحات الحكومية، قال إنها يجب أن تكون لشركات غير ممثلة بالسوق مثل «إى فاينانس»، وأن يكون التسعير جيدا بالحد الأدنى، وأن تصل نسبة التداول الحر لأكثر من %25، ما يضمن نجاح الطرح، وإدراج تلك الشركات بمؤشرات فوتسى ومورجان ستانلى.
النمر: نموذج عمل مختلف ونسبة تداول حر جيدة أبرز عوامل النجاح
قال إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة نعيم لتداول الأوراق المالية، إن ارتفاع مضاعفات ربحية أى طرح جديد، والمُغالاة فى تسعير السهم، وضعف الترويج عوامل من شأنها عدم إنجاح أى طرح جديد بالسوق.
بشأن الطروحات الحكومية المتوقعة وسبل إنجاحها، قال النمر إنها يجب أن تكون نماذج أعمال مختلفة، وبنسبة تداول حر جيدة تؤكد أن الحكومة تُفسح المجال للقطاع الخاص للاستثمارات.
المصرى: يجب أن يكون أسعار الطرح مقبولة وتتيح فرصة للمكسب
قال ياسر المصرى، العضو المنتدب لشركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، إنه يجب أن يكون سعر طرح السهم مقبولا، ويهيء فرصة مكسب للمستثمرين، وأن يكون نموذج أعمال الشركة مختلفا، ما ظهر بوضوح فى نجاح طرح فورى.
أكد أنه يجب أن تكون طروحات أولية، وليس لشركات موجودة بالفعل بالبورصة، مشيرا إلى أن طرح الشرقية للدخان لا يمكن الاعتداد به، واتخاذه كمقياس لطرح حكومى.
فى فبراير الماضى طرحت وزارة قطاع الأعمال %4.5 من أسهم الشرقية للدخان بالبورصة المصرية، فى باكورة برنامج الطروحات الحكومية الذى أعلنته فى 2016، بالاستعداد لطرح 23 شركة فى قطاعات مختلفة.