شهدت الجلسة الأولى بفاعليات اليوم الثانى لمؤتمر الرؤساء التنفيذيين السادس 2019، مناقشات متنوعة حول خفض أسعار الفائدة وسياسة التيسير النقدى التى يتبعها البنك المركزى والتحديات التى تواجهها البنوك على مستوى ضبط تكلفة الأموال والربحية والقدرة على جذب المزيد من العملاء كما تطرقت إلى الفرص القوية التى يخلقها تراجع أسعار الفائدة فيما يتعلق بالتوسع فى تمويل العملاء من الشركات والأفراد وخلق تنشيط أدوات تمويلية جديدة مثل الصكوك وسندات التوريق وغيرهما.
توقعات باستمرار التيسير النقدى وهبوط العائد لأقل من %10 العام المقبل
وتوقع المشاركون استمرار سياسة التيسير النقدى وهبوط معدلات الفائدة لأقل من %10 خلال العام المقبل.
أدار الجلسة محمد سالم، رئيس قسم البنوك بجريدة «المال»، وشارك فيها كل من حسام عبد الوهاب نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، وأيمن عادل كمال نائب رئيس بنك قناة السويس، ووائل فاروق رئيس قطاع الخزانة وسوق المال فى بلوم- مصر.
أكد المشاركون أن البنوك تنتظرها فرص تمويلية هائلة بعد الخفض نظرا لأن تراجع أسعار الفائدة يشجع الشركات على الاستثمار علاوة على أنه يقلل من موجات التضخم فضلا عن مساهمته الكبيرة فى زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر.
وتوقع المشاركون فى الجلسة إجراء مزيد من خفض الفائدة خلال العام المقبل بنسبة تتراوح بين 1 إلى %2، مؤكدين أن الأسواق مهيئة لمزيد من التيسير النقدى فى ظل التباطؤ القوى لمعدلات ووصولها لمستوى %3.1 بنهاية أكتوبر الماضى وهو أقل مستوى منذ سنوات وفقا للبنك المركزى.
وألقى المشاركون الضوء على عدد من أدوات التمويل الجديدة التى أكدوا أن بعضها سينتعش بقوة بعد الخفض مثل سندات التوريق والتخصيم والصكوك.
حسام عبد الوهاب: المركزى خلق التوازن بين «النمو» و«التضخم» بعد التعويم عبر مبادرات دعم العائد
فى البداية، قال حسام عبد الوهاب نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إنه قبل الحديث عن الخفض الذى حدث فى أسعار الفائدة لا بد من النظر إلى ما حدث قبل 3 سنوات حيث وصلت نسب التضخم إلى %33.
ولفت إلى أن واضع السياسة النقدية تواجهه معضلة سواء فى مصر أو أى دولة تتمثل فى إيجاد التوازن بين تحفيز الاقتصاد وخلق فرص عمل وبين اتباع سياسة انكماشية لخفض نسب التضخم، خاصة بعد قرار تعويم سعر الصرف الذى تأخر كثيراً- على حد قوله.
وأشار نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إلى أن «المركزى» استطاع خلق التوازن عبر المبادرات التى أطلقها بعد التعويم والتى كان على رأسها مبادرتى التمويل العقارى والمشروعات الصغيرة التى شجعت البنوك على المشاركة والتوسع فى القطاع الذى كان «مهملا» على حد تعبيره.
وأطلق «المركزى» مطلع 2016 مبادرة لتعزيز فرص تمويل الشركات الصغيرة، معلنا أنه سيضخ 200 مليار جنيه لدعم تلك المشروعات بسعر فائدة لا يزيد على %5 سنويًّا، شملت المبادرة التزام البنوك بزيادة محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية المباشرة وغير المباشرة للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، بحيث لا تقل عن %20 من إجمالى التسهيلات الائتمانية للبنك، خلال 4 أعوام من صدور التعليمات.
«مصر» استطاع مضاعفة قروض المشروعات الصغيرة 17 مرة خلال 3 سنوات
وقال «عبد الوهاب» إن مصرفه نجح فى زيادة محفظة المشروعات الصغيرة لديه بنحو 17 مرة خلال آخر 3 سنوات، بفضل مبادرة المشروعات الصغيرة من البنك المركزى.
وذكر أن تحقيق التوازن كان فى منتهى الصعوبة، لكن نجح البنك المركزى فى تحقيقه، مشيرا إلى أنه فى الأعوام التى تلت التعويم اتخذ سياسة انكماشية لكن العام الحالى شهد إجراءات نقدية تيسيرية.
وقال إن هذه السياسات أتت بثمارها حيث انحسر التضخم إلى %3 وانخفضت نسبة البطالة من 13 إلى %7.8، وحقق الناتج القومى الإجمالى نموا بنسبة %5.6 وقد يتجاوز %6 خلال الفترة المقبلة، كما ارتفع الاستثمار الأجنبى المباشر.
أرجح تباطؤ وتيرة خفض العائد على الجنيه خلال 2020 مقارنة بالعام
وتوقع نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، خفض جديد فى الفائدة خلال 2020، لكن ليس بالوتيرة التى اتسمت بها فى الربع الأخير من العام الحالى مشيرا إلى أن تقليص معدلات الفائدة ينعكس بشكل جيد على الاستثمار وتكلفة الأموال بالنسبة للمقترضين على كل القطاعات.
وقلص «المركزى» أسعار الفائدة الأساسية بنسبة %4.5 منذ بداية العام الحالى من بينها 350 نقطة أساس فى الفترة من أغسطس الماضى وحتى الآن.
أيمن عادل: انعكاس إيجابى لخفض الفائدة على البورصة والعقارات الفترة المقبلة
فيما قال أيمن عادل، نائب رئيس بنك قناة السويس، إن زيادة أسعار الفائدة ساهمت فى زيادة أرباح البنوك خلال الفترة الماضى، مشيرا إلى أن البنوك لديها القدرة على إحداث التوازن بين تكلفة الأموال والإيراد من الفائدة، فإذا قدم البنك قروضًا بعائد ثابت لفترة طويلة فإن ذلك يمكّنه من طرح ودائع بعائد ثابت لفترة طويلة، فالبنوك التى لديها محافظ تجزئة كبيرة سيكون لديها الرفاهية لإطلاق ودائع وشهادات ذات العائد الثابت.
وردًا على سؤال بشأن الاستمرار فى مبادرات دعم الفائدة فى ظل التوقعات باستمرار التيسير النقدى من جانب المركزى، قال نائب رئيس بنك قناة السويس إن الحاجة إلى المبادرات يفرضها الوضع الاقتصادى للدولة وهى تتكامل مع سياسة خفض الفائدة فى تحسين المؤشرات الاقتصادية، موضحًا أن مبادرات المركزى كانت لحل مشاكل اقتصادية فى وقت معين، وبالتالى قد لا يكون من المرجح تمديد العمل ببعضها مثل مبادرة المشروعات الصغيرة بفائدة %5 والمقرر أن تنتهى مطلع العام المقبل، وفى المقابل قد يتم إطلاق مبادرات أخرى مثل المبادرة التى أعلن عنها مؤخرا بقيمة 100 مليار جنيه بفائدة %10 متناقصة للمشروعات الصناعية التى تحقق مبيعات حتى مليار جنيه.
قال حسام عبد الوهاب، نائب رئيس بنك مصر، إن تراجع العائد ينعكس إيجابا على التمويل بصفة عامة، لافتا إلى أن مبادرة دعم الصناعة من جانب المركزى تستهدف تحفيز الاقتصاد، وهى ضرورية للغاية.
وأكد وجود مساحة كبيرة للتحول من تمويل الأذون والسندات إلى تمويل المشروعات خاصة فى ظل تواضع نسبة القروض إلى الودائع بالبنوك والتى تسجل %45 حاليا، مشيرا إلى أن خفض الفائدة سيدفع البنوك إلى إعادة النظر فى هيكل توظيف أموالها والاتجاه إلى المشروعات.
وحول تأثير تقليص أسعار الفائدة على المتعثرين، أكد عبد الوهاب أن درجة الاستجابة لمبادرة المتعثرين ستختلف من قطاع إلى آخر، مشيرا إلى أن «المركزى» والبنوك دائما يقفون بجانب المتعثرين لتسوية مديونياتهم.
كان البنك المركزى قد أعلن خلال مؤتمر فى مجلس الوزراء الأسبوع الماضى 3 مبادرات كبرى لقطاعى الصناعة والعقارات والمتعثرين بقيمة تجاوزت 180 مليار جنيه .
وقال جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى فى مؤتمر أمس، إن إجمالى أصل مديونية المصانع المتعثرة التى تقل مديونيتها عن 10 ملايين جنيه تبلغ نحو 4.3 مليار، بينما تبلغ الفوائد والهوامش المتراكمة حوالى 31.3 مليار، مشيرا إلى أن عدد المصانع المستهدفة يبلغ 8586.
وأكد نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، أن نسبة توظيف الإقراض إلى الودائع تقدر بنحو %40 وهى نسبة منخفضة لكن البنوك أمامها فرص كبيرة لزيادتها.
وأوضح أن بنوك القطاع العام قامت بدور وطنى فى جعل أدوات السياسة النقدية أكثر فاعلية عبر طرح أوعية ادخار بفائدة مرتفعة ولفترات طويلة.
وحول مبادرة الشمول المالى، أكد أن مصرفه شارك فيها بقوة اعتمادا على الانتشار الواسع لشبكة فروعه التى تتجاوز 700، مشيرا إلى ضرورة إعادة النظر فى التعامل مع الشمول المالى خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن خفض أسعار الفائدة يعزز من نسبة الشمول المالى ويجعل الرهبة تختفى تماماً من قبل العملاء، مطالبا بضرورة التوسع فى الإنترنت والموبيل بانكنج لضم مزيد من العملاء وتحقيق الشمول المالى.
فيما أكد أيمن عادل، نائب رئيس بنك قناة السويس، أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطه له دور كبير فى دعم الاقتصاد كما أنه يضم شريحة كبيرة فى السوق المصرية، مشيرًا إلى أن خفض الفائدة سيكون له دور كبير فى دعم تلك المشروعات، كما أنه يعزز القروض الاستهلاكية.
وأشار إلى أن خفض سعر الفائدة يقلل الطلب على السندات، ويزيد الطلب على العقارات وأسواق المال، متابعًا: «لم نر حتى الآن تأثيرا كهذا على أرض الواقع فى السوق المصرية، لكن من المتوقع أن نرى ملامحه فى العام الجديد، خاصة أن أسعار أسهم الشركات فى البورصة المصرية جيدة للمستثمرين، مما يشجعهم على العمل بأسواق المال فى مصر، لذا ما سنراه ملموسًا خلال 2020 هو تحسن فى القطاع العقارى وأسواق المال على خلفية تراجع أسعار العائد على الإيداع والإقراض».
لا عودة «للدولرة» مع عائد الجنيه
وردًا على سؤال حول خفض سعر الفائدة على الجنيه واحتمالية عودة الدولرة – التحول من الودائع بالجنيه إلى الدولار- قال نائب رئيس بنك قناة السويس إن الدولرة انتهى وقتها منذ قرار البنك المركزى المصرى بتحرير سعر صرف، مشيرًا إلى أن الدولار موجود بوفرة فى السوق المحلية، كما أن أسعاره فى تراجع، فليس هناك دافع من الأفراد للانحياز مرة أخرى إلى العملة الأجنبية، مؤكدًا أن وضع الاقتصاد المصرى فى حالة جيدة.
وائل فاروق: انتعاشة مرتقبة للسندات والتوريق والتخصيم مع التيسير النقدى
من جهته، قال وائل فاروق مدير قطاع الخزانة وأسواق المال ببنك بلوم، إن البنوك تسعى للتكيف مع أسعار الفائدة التى يحددها البنك المركزى على أساس الفرص الاستثمارية المتاحة واتجاهات الأسعار في الأسواق، مشيرا إلى أن انخفاض التكلفة على الوادائع والشهادات يعتمد على هيكل الالتزامات فى البنوك المصرية على الودائع متغيرة أو ثابتة العائد.
وأوضح أن البنوك بعد قرار التعويم عام 2016 وارتفاع أسعار الفائدة، لجأت إلى طرح أوعية ادخارية متغيرة العائد، مما ساعدها على ضبط تكلفة الأموال لديها، مشيرا إلى أن القطاع المصرفى هو المستفيد الأكبر من قرار التعويم استنادًا إلى مؤشراته التى تحسنت كثيرًا طوال الثلاث سنوات الماضية، لاسيما على مستوى المراكز الدولارية وحجم السيولة الأجنبية المتاحة .
وأعرب فاروق عن اقتناعه التام بأن مشروعات البنية التحتية التى طرحتها الحكومة أو المنتظر طرحها ستستفيد بشكل كبير من خفض سعر العائد على الإقراض، لافتا إلى أن البنوك لن تمانع فى تمويل تلك المشروعات لأن الحكومة تعتمد الشركات المنفذة لتلك المشروعات لدى البنوك بما يقلص درجة المخاطرة مقارنة بالتوسعات الاستثمارية الأخرى فى كثير من القطاعات المختلفة التى طالتها تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وأضاف أن نسبة الإقراض على الودائع فى البنوك وصلت إلى %40، ما يؤهلها للاستفادة من التيسير النقدى الحالى فى تعزيز هذه النسبة عبر ضخ المزيد من القروض للمشروعات المختلفة وعملاء التجزئة المصرفية بما يسفر عن زيادة فى ربحية القطاع المصرفى.
وأكد أن خفض الفائدة على أدوات الدين الحكومى يسهم فى تنشيط أدوات تمويلية جديدة للشركات مثل التخصيم والصكوك وسندات التوريق التى زادت قيمتها 3 أضعاف منذ بدء سياسة التيسير النقدى، فبلغت قيمة الطروحات منها نحو 18 مليار جنيه خلال العام الحالى.
كما شدد على أن التخصيم لديه فرصة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة خلال الفترة المقبلة، كما أنه استطاع جذب بعض المتعاملين فى القطاع المصرفى بسبب الضمانة التى يوفرها للمصدرين فى الحصول على المستحقات المالية بشكل أسرع، وهو ما يجذب كل الأطراف للدخول فى النشاط.
وأوضح أن ارتفاع أسعار الفائدة كان له تأثير علي عمليات الإقراض داخل القطاع المصرفى فى الفترة الماضية منذ تحرير سعر الصرف، كما وصل حجم محفظة الودائع فى البنوك إلى 4 تريليونات جنيه، مقارنة بتريلونى جنيه قبل التعويم.
واختُتمت الجلسة بتوجيه سؤال للمشاركين الثلاثة حول توقعاتهم لأسعار الفائدة خلال العام المقبل 2020، وتوقع نائب رئيس بنك مصر خفض الفائدة إلى أقل من %10، لكنه أكد فى الوقت ذاته أن الاستثمار فى أدوات الدين ما زال مغريا للغاية، وشاركه نائب رئيس بنك قناة السويس الذى رجح هبوط أسعار العائد على الإيداع والاقراض إلى ما دون %10 مدعومًا بتراجع معدلات التضخم وتحسن المؤشرات الاقتصادية.
فيما رجح مدير قطاع الخزانة ببنك بلوم – مصر أن يخفض البنك المركزى أسعار الفائدة بواقع %2 خلال عام 2020.