تراجعت الفائدة على (أذون وسندات الخزانة) بشكل جماعى فى تعاملات الأسبوع الماضى على الرغم من تقلص إقبال المستثمرين على شرائها بالتزامن مع قيام لجنة السياسة النقدية بإجراء خفض جديد لأسعار الفائدة الأساسية على الجنيه نهاية الأسبوع قبل الماضى.
وقررت اللجنة فى اجتماعها الخميس قبل الماضى خفض عائد الكوريدور (الإيداع والإقراض لمدة ليلة واحدة) بواقع نقطة مئوية ليهبط إلى %13.25 على الإيداع و%14.25 على الإقراض.
وواصلت الفائدة على سندات الخزانة العامة طويلة الأجل تراجعها للأسبوع الرابع على التوالى بواقع 0.46 نقطة مئوية على الطرح لأجل خمس سنوات و0.43 نقطة على سندات 10 أعوام، كما هبطت بين 0.48 و0.66 نقطة على الأذون الأقل أجلا.
وكانت الفائدة على أدوات الدين المحلى قد شهدت رحلة تعافٍ مطلع الشهر الجارى بعد موجة خسائر تجاوزت 200 نقطة أساس منيت بها عقب استئناف «المركزى» سياسة التيسير النقدى نهاية شهر أغسطس الماضى.
وتراجع مؤشر جريدة «المال» لقياس متوسط العائد على الأذون بأكبر وتيرة منذ نهاية سبتمبر الماضى مسجلة خسائر 0.41 نقطة مئوية ليهبط إلى %15.13 فى تعاملات الأسبوع الماضى مقابل %15.55 الأسبوع قبل الماضى.
وقال مسئول إدارة الأموال لدى أحد البنوك المحلية إن انخفاض العائد على الآجال الطويلة للدين الحكومى يعكس توقع المتعاملين لاستمرار هبوط الفائدة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية.
ويتوقع عدد من المحللين أن تتراجع الفائدة بنحو 100 نقطة أساس خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية 26 ديسمبر المقبل فى ضوء هبوط معدلات التضخم لأقل مستوى منذ 15 عاما، وتراجع مخاطر التجارة العالمية.
وهبط المعدل السنوى للتضخم العام فى الحضر إلى %2.4 فى أكتوبر من %4.8 فى سبتمبر و %7.5 فى أغسطس 2019 وهو أدنى مستوى له منذ 15 عاما تقريبا، طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وتقلص إقبال المستثمرين على شراء أذون الخزانة المحلية ليهبط معدل التغطية إلى متوسط 1.6 مرة فى تعاملات الأسبوع الماضى من 2.05 مرة الأسبوع قبل الماضى، كما تراجع متوسط التغطية أيضا على السندات ليسجل 1.16 مرة فى المتوسط على الطرح لأجل 5 سنوات مقابل 2.4 مرة فى السابق ويبلغ مرة على الـ 10 سنوات من 1.7 مرة على الطرح قبل الأخير.
يذكر أن الطلب على أدوات الدين المحلية طويلة الأجل (السندات) حقق تزايدا مستمرا منذ الربع الأخير من عام 2018 وهو ما اعتبره البنك المركزى فى تقريره الأخير عن تطورات السياسة النقدية، تأكيدا على التحول الإيجابى فى نظرة المستثمرين بشأن آداء الاقتصاد الكلى فى مصر.
وقال تقرير السياسة النقدية الأخير الصادر عن «المركزى» إن العوائد على الأوراق المالية الحكومية بالعملة المحلية ظلت مستقرة نسبيا منذ أبريل الماضى لتسجل سعر عائد مرجح بعد خصم الضرائب %13.9 خلال الربع الثانى من عام 2019، مقابل %15.8 فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2018، وهو ما عكس انخفاضا أقوى من التراجع فى أسعار العائد الأساسية لدى «المركزى» بنحو 100 نقطة أساس خلال الربع الأول.
وأرجع مسئول قطاع الخزانة لدى أحد البنوك المحلية، تقلص إقبال المستثمرين على طروحات الدين، إلى الهبوط القوى للعائد عقب قرار السياسة النقدية.
«المالية» تواجه محاولات رفع العائد بتقليص اقتراضها 85 % من السندات و3 % من الأذون
وبالتزامن مع تراجع شهية المستثمرين على أداوت الدين المحلية، قامت وزارة المالية بتقليص اقتراضها من أذون الخزانة بنسبة %3 لتحصل على 36.56 مليار جنيه من إجمالى 37.75 مليار كانت قد أعلنت عنها فى العطاءات، كما هبطت باقتراضها من السندات بنسبة %84.5 ردا على قيام البنوك والمؤسسات المالية برفع العائد على عروضها للاكتتاب إلى مستوى فوق %14.
ودأبت «المالية» منذ بداية العام الحالى على مضاعفة اقتراضها فى الأجل الطويل خلال الفترة الماضية ضمن إستراتيجية تستهدف زيادة أجل الدين العام مع خفض نسبته إلى %80 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2022.
وقال الدكتور محمد معيط وزير المالية، فى مقابلة مع وكالة بلومبرج، مؤخرا، إن حصة السندات فى الديون المحلية لمصر زادت إلى 30% فى السنة المالية الماضية من %5 العام قبل الماضي.
يذكر أن «بلومبرج» قالت فى تقرير لها مؤخرا إن ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية فى مصر، مقارنة بالاقتصادات الصاعدة الأخرى، مثل التركية والأوكرانية، بعد التراجع الكبير فى معدل التضخم، يمثل حافزًا إضافيًا للاستثمار فى أدوات الدين المحلية المصرية.
وأوضحت أن سعر الفائدة الحقيقى فى مصر أصبح حاليًا %8.5 بعد وضع معدل التضخم فى الحساب، وهو ما يزيد على الفائدة الحقيقية فى تركيا وأوكرانيا، لتصبح أعلى فائدة حقيقية فى العالم.
وأكدت شركة الأبحاث الدولية «فيتش سوليوشنز» أن المستثمرين لا يزالون ينظرون إلى أدوات الدين المحلية على أنها جذابة – عند الأخذ فى الاعتبار قراءات التضخم المنخفضة فى الآونة الأخيرة – رغم قيام «المركزى» بخفض سعر الفائدة الرئيسى بمقدار 200 نقطة أساس فى عام 2019.
ورجحت استمرار سياسة التيسير النقدى من جانب «المركزى» من خلال إجراء تخفيض إضافى للفائدة لتصل إلى %12.25 على الإقراض فى عام 2020، مما يشير إلى استمرار تدفقات الأجانب فى المحافظ المالية بالسوق المصرية إلى ما بعد المدى القصير (3 شهور).
وأكد «المركزى» أن معدلات التضخم المستهدفة لا تزال العامل الأول والأخير فى تحديد أسعار الفائدة المستقبلية حيث أوضح بيان لجنة السياسة النقدية أن «اتخاذ قراراتها بناء على معدلات التضخم المتوقعة مستقبلا، وليس معدلات التضخم السائدة وبالتالى ستستمر وتيرة وحجم التعديلات المستقبلية فى أسعار العائد الأساسية لدى «المركزى» فى الاعتماد على مدى اتساق توقعات التضخم مع المعدلات المستهدفة، لضمان الاستمرار فى تحقيق المسار النزولى المستهدف لاستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وأشارت اللجنة إلى مواصلتها متابعة كل التطورات الاقتصادية وعدم التردد فى تعديل سياستها للحفاظ على الاستقرار النقدي.
وقالت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية فى تقرير لها حول مدى جاذبية أوراق الدين المحلية، لا سيما الاستثمارات قصيرة المدى للأجانب الذين يطمحون إلى تحقيق مكاسب سريعة، إن هؤلاء المستثمرين فى أدوات الدين قصيرة الأجل، لا يهتمون كثيرا ببعض المؤشرات التى تعنى المستثمرين الآخرين، ومن بينها ارتفاع مستوى الديون أو تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر أو زيادة عجز الموازنة.
وربما تعود ثانية التدفقات الخارجة التى نزحت الشهر الماضى جراء الاحتجاجات السياسية المحدودة فى البلاد، والتى قدرها «سيتى بنك» بنحو 800 مليون دولار، إذا استمر الاستقرار السياسى وعادت ثقة المستثمرين، حسبما نقلت الصحيفة عن محللين.
وأكد فاروق سوسة كبير الاقتصاديين لدى «جولدمان ساكس» أن مصر لا تزال وجهة مفضلة للمستثمرين بفضل ارتفاع العوائد والتى تتسم بالاستقرار النسبى، والجاذبية خاصة إذا ما قورنت بالأسواق الناشئة الأخرى بسبب استقرار اقتصادها الكلى، واستبعد حدوث «تقلب كبير» فى سعر الصرف، فى ضوء ارتفاع الاحتياطات الأجنبية للبلاد.
وشهدت تعاملات سوق الدين، الأسبوع الماضى، تراجع متوسط الفائدة على أذون 357 يوما بمعدل 0.46 نقطة مئوية، مسجلًا %14.721 الأسبوع الماضى مقابل %15.177 فى آخر طرح، برغم تراجع معدل تغطية الطرح بشكل كبير إلى مستوى 1.52 مرة فى المتوسط من 2.74 مرة فى السابق، وطلبت المؤسسات المختلفة الاكتتاب بقيمة 14.4 مليار جنيه تقريبًا، ووافقت «المالية» على طلبات بقيمة 10.7 مليار جنيه تقريبا، بزيادة 1.21 مليار تقريبا عن القيمة المستهدفة.
وهبط متوسط الفائدة على أذون 266 يومًا بنحو 0.66 نقطة ليصل إلى %15.1 مقابل %15.759 فى آخر طرح، وتراجع معدل تغطية العطاء إلى 0.87 مرة الأسبوع الماضى مقابل 3.15 مرة للعطاء السابق، وعرضت البنوك والمؤسسات الاكتتاب بقيمة 8.47 مليار جنيه تقريبًا، قبلت منها «المالية» نحو 5.95 مليار تقريبا، أقل بنحو 3.8 مليار عن القيمة المستهدفة من الطرح.
وتراجع متوسط عائد أذون أجل 182 يومًا بنحو 0.49 نقطة مئوية ليصل إلى %15.336 فى تعاملات الأسبوع الماضى، من %15.823 متوسط الفائدة على عطاء الأسبوع قبل الماضى، وزاد معدل تغطية البنوك والمؤسسات للطرح إلى 2.94 مرة من 1.59 مرة فى السابق، وبلغت عروض البنوك والمؤسسات المختلفة للاكتتاب 27.2 مليار جنيه، وبدورها قلصت «المالية» اقتراضها عن المستهدف لتقبل نحو 10.6 مليار جنيه بينما كانت قد أعلنت عن العطاء بقيمة 9.25 مليار.
وهبط متوسط العائد على أذون 91 يومًا بنحو 0.48 نقطة ليصل إلى %15.38 الأسبوع الماضى مقابل %15.861 الأسبوع قبل الماضى، وزاد معدل تغطية الطرح ليسجل 1.06 مرة فى المتوسط من 0.72 مرة الأسبوع قبل الماضى، وأعلنت «المالية» عن الطرح بقيمة 9.25 مليار جنيه وقدم المستثمرون عروضا بقيمة 9.8 مليار ووافقت «المالية» على 9.25 مليار منها.
على جانب آخر، واصلت الفائدة تراجعها على سندات الخزانة المحلية أجل 5 و10 سنوات.
وخسر متوسط العائد على السندات نحو 200 نقطة منذ بدء دورة التيسير النقدى الحالية نهاية الشهر الماضى، بينما تجاوزت الخسائر 500 نقطة أساس «كل 100 نقطة تعادل %1 منذ بداية العام الجارى.
وقلصت «المالية» قيمة اقتراضها من الطرحين بنحو %84.5 لتحصل على 697 مليون جنيه فقط من 4.5 مليار كانت قد أعلنت عنها عبر الطروحات.
وبلغت قيمة الطرح لأجل 5 سنوات نحو 2.25 مليار جنيه وتقدم المستثمرون بنحو 32 عرضا للشراء بقيمة 2.6 مليار وبلغت أعلى فائدة مطلوبة 14.5% وأقل 13.7% والمتوسط %14.084 بينما وافقت «المالية» على 4 عروض بقيمة 326 مليون جنيه بفائدة تراوحت بين %13.7 و %13.837 ومتوسط 13.837%.
وطرحت «المالية» سندات 10 أعوام بقيمة 2.25 مليار جنيه، تقدم لها 33 عرضا بقيمة 2.25 مليار تقريبا بفائدة بين %13.75 و %14.55 ومتوسط %14.115 فيما وافقت على 4 عروض بقيمة 371 مليون جنيه بمتوسط فائدة %13.797
وقال مدير أدوات الدخل الثابت بإحدى الشركات، إن العائد على السندات المحلية تراجع بشكل كبير خلال الفترة الماضية عاكسا توقعات خفض الفائدة التى تحققت فى الاجتماعات الثلاثة الماضية للجنة السياسة النقدية، لافتا إلى أن العائد الحالى البالغ %10 بعد خصم الضرائب غير مناسب للمستثمرين المحليين مثل البنوك وصناديق الدخل الثابت وشركات التأمين وغيرها، عند المقارنة بأدوات التوظيف الأخرى مثل سندات توريق الشركات التى تمنح عائدا %13 معفى من الضريبة وقروض التجزئة المصرفية والائتمان للشركات.
فى السياق ذاته، قلصت «المالية» طلبها على قيمة المقرر طرحها خلال الأسبوع الحالى إلى 41.75 مليار جنيه منها 37.75 مليار من الأذون والباقى من السندات.
على صعيد إدارة السيولة، رفع «المركزى» وتيرة سحب السيولة من البنوك عبر آليتى الودائع ثابتة ومتغيرة العائد ليحصل على 135 مليار جنيه من 115.45 مليار الأسبوع قبل الماضى.
وفى مزاد الودائع الثابتة، طرح «المركزى» مزادًا بقيمة 50 مليار جنيه لأجل 7 أيام بفائدة 12.75 % وعرضت البنوك الاكتتاب بقيمة 207.45 مليار، ووافق «المركزى» على قبول 50 مليارا بنسبة تخصيص %24.1 لكل بنك.
كما طرح «المركزى» ودائع مرتبطة بـ «الكوريدور» بقيمة 75 مليار جنيه لأجل 210 أيام، وعرضت البنوك إيداع نحو 88.7 مليار جنيه من خلال 21 عرضا بفائدة تراوحت بين %12.75 و %12.88 ومتوسط بنحو %12.875 ووافق «المركزى» على 21 عرضا بقيمة 85 مليارا بمتوسط فائدة %12.875.
ويستخدم «المركزى» أدوات السوق المفتوحة للتحكم فى السيولة بالأسواق، ضمن أدواته للسيطرة على التضخم من ناحية، وتوظيف فائض السيولة لدى البنوك فى ظل انخفاض معدلات الائتمان.
وقام «المركزى» بتعديل آلية عمل الودائع متغيرة العائد، لتصبح مرتبطة بسعر فائدة «الكوريدور»، بحيث تتقاضى البنوك نسبة (Spread هامش فائدة ثابت) فوق سعر الإيداع بالبنك المركزى البالغ %17.75، وبالتالى فإن عائد ودائع السوق المفتوحة سيكون مرشحًا للصعود أو الهبوط، حسب تطور معدل الإيداع لدى المركزى.
وتستهدف آلية الودائع المربوطة لدى البنك تخفيض حجم المعروض النقدى من الجنيه بالسوق المحلية من جهة، ومحاربة التضخم من جهة أخرى، بما يساعد على امتصاص فائض السيولة المتضخمة.
وأعاد «المركزى» تفعيل آلية الودائع المربوطة متغيرة العائد بآجال قصيرة، بالتزامن مع تحرير سعر الصرف، بهدف خفض المعروض النقدى من الجنيه.
وتفتح آلية الودائع المربوطة متغيرة العائد مجالًا للبنوك لاستثمار ودائعها، خاصة بعد اتفاق «المالية» مع «المركزى» على تخفيض طروحات أذون وسندات الخزانة خلال الفترة المقبلة، فى إطار خطة تقليص عجز الموازنة.