إعادة التأمين هو توزيع وتفتيت الأخطار التى تقبلها ، وذلك بإعادة كل أو جزء منها لمعيدى التأمين المشهود لهم بقوة مراكزهم المالية ، سواء كانوا شركات إعادة خارجية أو شركات تأمين محلية .
كانت شركات المباشر فى الماضى تسند الغالبية العظمى من عمليات إعادة التأمين إلى الخارج وتكاد تكون وقفاً على السوق البريطانى والفرنسى ، حيث إن عمليات حتى منتصف الخمسينيات كانت تدار إسنادا وقبولا من خلال الشركات الأجنبية بالخارج بنسبة 80 % من حجم أقساط التأمين المحلية والتى كانت تسدد للخارج فى صورة عمليات إعادة تأمين ، وكانت أقساطها تقدر بمليون ونصف المليون جنيه سنويا تخرج من مصر فى صورة عملات أجنبية.
وأدى ذلك إلى ظهور الحاجة الماسة إلى إنشاء كيان وطنى لإعادة يوفر الحماية اللازمة للاقتصاد القومى على نطاق دولى لمواجهة ضغوط الطلبات التى كانت تتلقاها شركات التأمين المباشرعن تغطيات كبيرة تزيد عن طاقتها الفنية والمالية ، ولذلك إتجه الرأى بعد سلسلة من الدراسات والبحوث إلى إنشاء لتوفير نوع من الحماية لشركات التأمين المصرية من تحكم وسيطرة شركات إعادة التأمين الأجنبية ، بالإضافة إلى حماية الأموال من كامل تسربها والإحتفاظ بها أو أكبر جزء منها للمشاركة فى تمويل التنمية الاقتصادية.
وفى 2 سبتمبر عام 1957 صدر قرار من رئيس الجمهورية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بإنشـاء ، لتكون أول شركة إعادة تأمين متخصصة فى العالم العربى وأفريقيا ، وبدأت مزاولة أعمالها فعليا بدءا من يناير عام 1958 فى فروع الحياة والحريق والسيارات ، وفى الفروع الأخرى فى عام 1959، وذلك ردا على موقف دول العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 عندما بادرت شركات إعادة التأمين الإنجليزية والفرنسية بإلغاء كافة التغطيات والاتفاقيات مع السوق المصرية.
ظلت الشركة المصرية لإعادة التأمين الشركة المصرية الوحيدة التى تزاول عمليات الإعادة فى نشاط التأمين إلى أن صدرقرر وزير الاستثمار الدكتور محمود محيى الدين عام 2007 بدمج الشركة المصرية لاعادة التأمين فى شركة مصر للتامين ، وحتى وقتنا هذا لم يتم تأسيس شركة مصرية جديدة فى مجال إعادة التأمين.
وقامت الهيئة العامة للرقابة المالية بتكليف الإتحاد المصرى للتأمين بدراسة سيناريوهات زيادة نسب احتفاظ السوق من الأخطار المكتتبة ، للحد من تصدير الأقساط إلى الخارج ، لما يمثله ذلك من ضغط على السيولة الدولارية من جهة ، وحرمان السوق المصرية من الأقساط التى يمكن استثمارها فى القنوات الاستثمارية المختلفة من جهه اخرى ، مما يؤثر على ربحية شركات التأمين وتعظيم عوائد جمهور المستأمين.
وفي اطار التعاون بين الاتحاد المصري للتأمين والهيئة العامة للرقابة المالية ، تقوم الهيئة بفحص ودراسة ترتيبات إعادة التأمين لوثائق التامين الجديدة لدى شركات التأمين بالإضافة الى تحديث قائمة معيدي التامين للشركات التي تقوم بقبول جزء من الأخطارمن شركات التأمين المباشرة مقابل عمولة ، وتجدر الإشارة إلى وجود 279 شركة إعادة تأمين مقيدة بالهيئة العامة للرقابة المالية والمسموح للسوق المصرية التعامل معها فى عام 2018.
واستحوذت 10 دول عربية علي 13.1% من إجمالي عدد شركات الإعادة التي ضمتها القائمة بإجمالي 37 شركة إعادة تأمين ، منها 13 شركة اماراتية و5 شركات لكل من قطر والاردن والبحرين ، فيما تتنافس الكويت بثلاث شركات ، والسعودية بشركتين ، مقابل شركة واحدة في كل من الجزائر ولبنان والمغرب وتونس ، وفي المقابل لا توجد أى شركة مصرية واحدة لإعادة التأمين فى قطاع التأمين المصري.
وقد أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية ، ضوابط التعامل مع معيدي التأمين نهاية أكتوبر 2014 بموجب القرار 122 لسنة 2014، وقد أوجب هذا القرار على شركات وجمعيات التأمين المصرية في مجال تأمينات الممتلكات ألا يزيد حجم عمليات إعادة التأمين السارية لدى معيد تأمين واحد عن 25% من إجمالي محفظة إعادة التأمين ، وألا يزيد إجمالي حجم عمليات إعادة التأمين السارية لدى معيدي التأمين الخاضعين للسيطرة الفعلية لشخص اعتباري واحد عن 30% من إجمالي محفظة إعادة التأمين.
أما الشركات العاملة في مجال تأمينات الأشخاص في حال تجاوز نسبة إعادة التأمين عن 30% من إجمالي أقساط تأمينات الأشخاص المكتتب فيها ، فيجب ألا يزيد حجم عمليات إعادة التأمين السارية لدى معيد تأمين واحد عن 30% من إجمالي محفظة إعادة التأمين ، وألا يزيد إجمالي حجم عمليات إعادة التأمين السارية لدى معيد تأمين وغيره من معيدي التأمين الخاضعين للسيطرة الفعلية لشخص اعتباري واحد عن 40% من إجمالي محفظة إعادة التأمين.
وبتتبع الأرقام الخاصة بنشاط إعادة التأمين الصادرالخارجى بالسوق المصرى والخاص بفروع التأمينات العامة خلال الخمس سنوات الأخيرة من عام 2014 وحتى عام 2018 ، والواردة بالكتاب الإحصائى السنوى للهيئة العامة للرقابة المالية نجدها كما فى الجدول التالى:
ويبين الجدول السابق ما يلى :
1- بلغت أقساط إعادة التأمين الصادر خلال الفترة المذكورة 24.5 مليار جنيه.
2- بلغت تعويضات إعادة التأمين الصادر خلال نفس الفترة 11 مليار جنيه.
3- بلغ صافى العمليات الخاصة بإعادة التأمين الصادر خلال الفترة المذكورة 7.9 مليار جنيه بالسالب ، مما يعنى حرمان السوق المصرى من أقساط تقدر بما قيمته 7.9 مليار جنيه خلال الفترة المذكورة وذلك فى نشاط التأمينات العامة فقط.
4- صافى العمليات السالب فى تزايد مستمر خلال السنوات الأخيرة.
والأسئلة التى تثارالآن:
1- ألم يحن الوقت للتفكير بطريقة جديدة وجادة فى إنشاء شركة إعادة تأمين وطنية لتقليل نزيف المبالغ المسربة للخارج فى صورة أقساط إعادة التأمين الصادر؟
2- الا توجد أى دراسات تبين جدوى إنشاء شركة إعادة تأمين مصرية من عدمه ؟
3- أليس من المخجل أن تكون هناك شركات إعادة تأمين تونسية ولبنانية وإردنية ولا توجد شركة إعادة تأمين مصرية ؟
4- هل تقوم شركات التأمين فى مصر بدراسات لتحديد حد الاحتفاظ الأمثل فى ضوء النتائج السابقة للنشاط ؟.