باتت شركات الاستشارات المالية فى مفترق طرق رئيسية، سواء بالبقاء واستكمال مهامها فى ظل عدة تحديات منها اصدار هيئة الرقابة المالية لضوابط حوكمة لتنظيم عمل الشركات تزامنًا مع توجه إدارة البورصة لإلزامهم بقيد شركات جديدة لبورصة النيل، مع اخطار الشركات غير الملتزمة بالشطب من سجلات الهيئة والبورصة.
وشهد القطاع خلال الفترات الأخيرة دخول العديد من اللاعبين الجدد ممن يتبعون بنوك ومكاتب محاسبية بما يعزز قدرتهم التنافسية، مما دفع «المال» لمناقشة مسئولي عدة شركات حول مستقبل القطاع في ظل تلك التحديات.
تباينت أراء مسئولى شركات استشارات فى رؤيتهم للتحديات التى تواجه القطاع مؤخراً، فالنسبة الأكبر رحبت بالحوكمة باعتبارها مفيدة لعمل الشركات، وستقود لبقاء الكيانات الأكثر مؤسساتية، بما يقدم خدمة ذات جودة للعملاء، فيما دعوا إدارة البورصة لإعادة النظر فى منح رعاة القيد بالنيل، مهلة حتى نهاية العام لقيد شركات بالنايلكس، وإلا الشطب.
العاصمة: إخطار إدارة البورصة بقائمة من 6 شركات تسعى لادراجهم فى النايلكس
أشاد محى بدر، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة للاستشارات المالية، بالتوجهات الأخيرة من الهيئة العامة للرقابة المالية، لتنظيم وضبط مجال عمل شركات الاستشارات المالية، التى باتت تلعب دوراً مهماً فى تداولات سوق المال، وتقييم صفقات الاستحواذ وإعداد القيم العادلة.
أضاف: « الأعوام السابقة شهدت انخفاض كفاءة عمل العديد من الكيانات بما أدى لظهور ما يشبه شركات «بير السلم»، ما توجب على الجهات الرقابية بالسوق للتدخل لتنظيم الصناعة، وإلزام الشركات القائمة بتوفير الحد الأدنى من الكفاءات المهنية والحوكمة، والبقاء للأصلح والأكثر قدرة على تقديم خدماته.
كانت الهيئة العامة للرقابة المالية، قد منحت شركات استشارات مالية التى لم توفق أوضاعها مع ضوابط توفيق الأوضاع الصادرة من الهيئة، مهلة زمنية حتى 30 ديسمبر المقبل، وإلا شطب الشركات غير الملتزمة من سجلات الاستشارات المالية بالهيئة.
كما قررت الهيئة نهاية أغسطس من العام الماضى، إنشاء سجل لقيد الشركات والجهات المرخص لها بأعمال الاستشارات المالية واعداد القيمة العادلة، مع وضع ضوابط جديدة تلزم الشركات بتقديم تعهد بمباشرة النشاط بعيدا عن أى أنشطة مالية أخرى بالشركة، مع استيفاء شروط الخبرة والكفاءة المهنية، كما أتاحت الضوابط للهيئة اتخاذ عدة جزاءات وتدابير إدارية ضد شركات التقييم، حال ثبوت مخالفة معايير التقييم المالى للمنشآت تصل إلى الشطب من السجل وإلغاء الترخيص.
بررت الهيئة خطواتها برغبتها فى حماية المستثمرين، وحرصها على تحقيق عنصر الإفصاح وبصورة متكاملة للقيمة العادلة للأوراق المالية.
عن ملف تطوير بورصة النيل، أكد بدر منطقية تحرك إدارة البورصة لتنشيط السوق الصغيرة، لكنه دعاها للحكم بشكل موضوعى على تداولات بورصة النيل فى المرحلة الراهنة.
استطرد: «النايلكس تعانى من السمعة السيئة لدى متعاملى سوق المال، بجانب الانخفاض الحاد فى تداولات السوق الرئيسية، وعدم انضمام شركات جديدة للسوق منذ فترة، وهو ما تكرر بالنيل، بشكل أدى لصعوبة إقناع ملاك الكيانات الصغيرة والمتوسطة بالقيد فى سوق المال للاستفادة من مزاياه التمويلية.
لفت إلى أن الشركة قدمت خطة عمل لإدارة البورصة تتضمن إدراج أسماء 6 شركات تسعى لإقناعهم بالقيد فى بورصة النيل خلال الفترة المقبلة، بأحجام تتعدى 500 مليون جنيه.
أمهلت إدارة البورصة شركات رعاية القيد فى بورصة النيل ممن لم يقيدوا أى شركة خلال الأعوام الماضية، حتى نهاية العام الجاري، لقيد كيانات فعلية بالنيل، وإلا شطبهم من السجلات.
بحسب موقع البورصة المصرية تضم سجلات بورصة النيل 32 شركة استشارات مالية، تعمل بمجال رعاية قيد الشركات فى النايلكس، نجح 6 منها فقط فى قيد شركات خلال الفترة الماضية.
إنتلجنت واى: ضوابط الحوكمة جيدة ومطلوبة حالياً لتقوية جودة الخدمات
قال خالد الغنام، رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب لشركة إنتلجنت واى للاستشارات المالية، إن ضوابط الحوكمة التى أقرتها الرقابة المالية مؤخراً لشركات الاستشارات المالية، جيدة ومطلوبة فى التوقيت الحالى، للتأكد من وجود كيانات مؤسساتية قوية، قادرة على القيام بدورها المنوط لها لخدمة الاستثمارات.
تابع الغنام: «من الضرر من إلزام الشركات بتوفير الحد الأدنى من المحللين الماليين وخبراء المحاسبة، لتقديم خدمة متكاملة للعملاء، وهى أمور بسيطة يمكن للشركات توفيرها وتغطيتها مالياً، دون الحديث عن أى أعباء مالية عليهم».
يرى أن شركات الاستشارات العاملة فى مجال رعاية القيد فى بورصة النيل، ستكون صاحبة التحدى الأكبر فى الالتزام بخططها خلال الفترة المتبقية من العام، نظراً لصعوبات سوق المال والتراجعات اللافتة فى التداولات، تزامنأً مع عزوف الشركات المحلية على القيد، بسبب ارتفاع التكاليف وانخفاض الجدوى.
المجموعة الاقتصادية: الكيانات تركز على اقتناص أعمال جديدة بحرق العمولات دون الاهتمام بالمنتج النهائى
قال عادل عنتر، العضو المنتدب لشركة المجموعة الاقتصادية للاستشارات المالية، إن شركته انتهت من التوافق مع متطلبات الرقابة المالية للحوكمة، مشيدا بتوجه الهيئة للتركيز على هذا الملف.
أشار إلى أن شركات الاستشارات المالية تعانى من «حرق العمولات» بين الشركات صغيرة الحجم، التى تنافس بأقل الأسعار لاقتناص العروض من الشركات، دون الاهتمام بالمنتج النهائى وجودته بما يؤثر فى النهاية على كفاءة عمل شركات الاستشارات بالسوق المحلية.
تطرق عنتر لتزايد أهمية دور شركات الاستشارات المالية فى خدمة الاستثمار، سواء بداخل سوق المال وإسناد ملفات تقييم القيم العادلة عند زيادات رؤوس أموال الكيانات المدرجة، أو تقييم عروض شراء، بجانب تقييم الأسهم محل القيد، بجانب اهتمام الشركات الحكومية بالتعاقد مع شركات استشارات لمساعدتها فى وضع خطط لاستعادة الربحية وإعادة الهيكلة.
لفت إلى أن الجهات الرقابية والتنظيمية بسوق المال باتت تتعامل بكشل دورى مع شركات الاستشارات المالية فى مراجعة أى تقارير، سواء للقيمة العادلة أو دراسات الجدوى تصدر منها، ويتم قياس مدى توافقها مع القوانين والمعايير المصرية والدولية.
أكد أن قيد الشركات ببورصة النيل يواجه تحديات كبيرة، من جانب الشركات نفسها فى سبيل إقناعها بالاستفادة من مزايا البورصة، بجانب وجود أكثر من مبادرة لتمويل الشركات الصغيرة بأسعار فائدة منخفضة، علاوة على تحديات مرتبطة بالبورصة نفسها سواء بانخفاض قيم التداول، أو عدم وجود مزايا ضريبية.
أوضح أن الشركة تقدمت لإدارة البورصة بدراسة لقيد إحدى الشركات العاملة فى مجال الكيماويات برأسمال 50 مليون جنيه، تمهيداً لقيدها فى بورصة النيل خلال العام الجارى.
ركويزا: يجب الأخذ فى الاعتبار غياب محفزات القيد وتضرر ملاءات الكيانات القائمة
قالت هاجر عبدالوهاب، العضو المنتدب لشركة ركويزا للاستشارات المالية، إن الملاءة المالية لشركات الاستشارات المالية ، تضررت بقوة خلال الأعوام الماضية، جراء حرب الأسعار، وتدنى بعض الشركات بأسعارها لاقتناص أعمال جديدة.
لفتت إلى أنه رغم الصعوبات المالية للشركات، لكن جهات سوق المال تصر على تطبيق خطط إعادة هيكلة وحوكمة للشركات، وتحمليها مبالغ مالية إضافية، قد تعجز عن تدبيرها بعض الشركات صغيرة الحجم.
تعجبت من إصرار إدارة البورصة على وضع فترة زمنية أمام رعاة القيد فى النايلكس، لتسجيل شركات فى البورصة، رغم الأوضاع الصعبة التى تمر بها سوق المال، التى تؤثر بدورها على الجهود الترويجية من الرعاة، مستشهدة فى الوقت نفسه بضعف دخول شركات جديدة للسوق الرئيسية بالبورصة.
لفتت إلى أن البورصة تعانى غياب الحوافز لإقناع ملاك الشركات بالقيد فى البورصة، كما أن الشركات المقيدة تسدد رسوم مرتفعة نظير القيد فى البورصة، وهى من العوامل التى تقلل فرص نجاح شركات الرعاية فى قيد أى كيانات بالنايلكس.
أوضح مصدر لـ”المال” أن البورصة أبدت مرونة فى دراسة خطط رعاة القيد، يما يعنى إمكانية مد المهلة لهم فى حالة بدء خطوات فعلية لإقناع الشركات الصغيرة بالقيد فى بورصة النيل.
علمت «المال» أن الإدارات المتخصصة فى البورصة راجعت كل الخطط المقدمة من رعاة القيد، وعقدت اجتماعات ثنائية مع مختلف الشركات التى لم تنجح فى قيد أو تسجيل أى شركة.
كان محمد فريد، رئيس البورصة، قال إن البورصة تعد دراسة بالتعاون مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، وتستهدف الدراسة إعادة هيكلة بورصة النيل بشكل كامل، بما يسهم فى تحقيق مستهدفات هذه السوق.