المال ـ خاص
تعد الأحياء السكنية المكون الرئيسى لعمليات التنمية، فهى النواة التى تتشكل منها المحافظات، بما يوضح أهمية هذه الاحياء فى تنفيذ خطط الدولة التنموية.
حاورت «المال» اللواء جمال عبدالمنعم، رئيس حى الدقى للتعرف على الخطط الإستراتيجية التى يتبناها لتطوير وتنمية أحد أهم أحياء الجيزة، ومطالبه بشأن الخطة المالية الجديدة لتنفيذ احتياجاته.
أشار عبدالمنعم، خلال حواره، إلى أن الحى تقدم بميزانية للعام المالى الجديد تقدر بـ 6 ملايين جنيه، ومن المقرر أن تدخل لعمليات الدراسة والتقييم تمهيدًا لإقرارها بصورتها النهائية.
ولفت إلى أن الحى يُعد من الأحياء التى لا تعانى تفشى مخالفات البناء، وفى المقابل تتفاقم أعداد الباعة الجائلين نظرًا لجاذبية الحى لهذه الفئة من الأفراد، وهو ما يخطط الحى للتغلب عليه من خلال توفير فرص بديلة للباعة تفاديًا لإعاقة حركة المرور.
فى البداية، قال عبدالمنعم إن الحى يسير على محورين أساسيين فى تطوير ورفع كفاءة الطرق، أولهما من خلال رصف بعض الطرقات المتهالكة مثل شارع السبكى المتفرع من شارع التحرير، فيما يتمثل المحور الثانى فى إنارة بعض الطرقات الأخرى التى تحتاج إلى أعمدة إنارة.
وأوضح أن حدود حى الدقى تمتد من منزل كوبرى أكتوبر، وحتى شارع ثروت الذى يتشارك فيه الحى مع حى جنوب، وكذلك شارع السودان حتى المرور الذى يفصل بين حيى الدقى والعجوزة.
وأشار إلى أن حى الدقى تعرض خلال فترة الثورة لبعض التعديات والمخالفات، إلا أنه كانت فى حدود بسيطة، مقارنة ببعض الأحياء الأخرى التى ما زالت تحتوى على أراض تحت الإنشاء مثل الهرم وغيرها، ويتم حاليا اتخاذ التدابير القانونية لمكافحة هذه التعديات من خلال التنسيق مع الأجهزة المعنية سواء داخل الحى أو خارجه.
ولفت إلى أن التعديات الموجودة فى الدقى تتمثل فى بعض الارتفاعات القليلة المخالفة، وتقفيل البعض غرف السطح، وهى أيضًا تكون بمعدلات ضئيلة، مشيرا الى ان النسبة الاكبر من المخالفات تتمثل فى النزاعات بين الافراد الجيران، وهى ليست مشكلة حى الدقى فقط ولكنها تعد مشكلة فى بيئة القوانين والتشريعات المنظمة.
وطالب عبدالمنعم بضرورة وجود تشريع جديد يقوم بحبس مالك العقار المخالف وكذلك المقاول والمشرف الهندسى اللذين قاما بالمشاركة فى هذه البناية المخالفة، وقال إن السبب الرئيسى فى تفشى المخالفات هو عدم وجود قوانين رادعة، أو شعور المالك ان الحل لهذه المخالفة سيقتصر على المصالحة مقابل غرامة يسددها فقط لا غير.
وأوضح أن تساهل أجهزة الدولة مع البناء المخالف يتسبب فى استنزاف موارد الدولة سواء الحكومية او الخاصة.
وأشار الى ان منطقة الدقى لا تحتوى على نسبة مؤثرة من املاك الدولة باستثناء منطقة السكة الحديد، والتى يتم فيها حاليا بناء مساكن بديلة لبعض المناطق العشوائية.
وألمح إلى أن الدقى تحتوى على 4 مناطق تصنف ضمن العشوائيات، وهى أولاد علام، ومساكن السكة الحديد فى شارع السودان، ودير الناحية، ومنطقة بين السرايات التى تعتبر مستقرة نوعًا ما بالاضافة الى انها اقرب الى المناطق الشعبية وليس العشوائية ولذا فتتجه جهود الحى نحو عمليات الانارة وادخال الغاز الطبيعى ويتم حاليا التنسيق مع شركة الغاز فى ايجاد حل هندسى يتوافق مع طبيعة البنايات هناك، فى حين أن منطقة السكة الحديد تعانى تدنى مستوى السكن.
وأضاف أن الدولة تولى أهمية خاصة لسكان هذه العشوائيات وتوفير بدائل توفر الحد الأدنى من متطلبات السكن الآدمى لهم، وبعد التأكد من هوية قاطنى هذه “العشش” لضمان عدم وجود محتالين او منتفعين يتم منحه وحدة سكنية، وتم تسليم 30 وحدة كمرحلة أولى وتسكين كامل وحدات هذه المرحلة، كما يتم الاستعداد لتسليم وحدات المرحلة الثانية البالغ عددها 75 وحدة أخرى، وهناك مرحلة ثالثة لم يتم تحديدها بعد، ويتم بناء المساكن البديلة فى موقع “العشش” ذاته، وتصل مساحة هذه الوحدة إلى 42 مترًا بإيجار شهرى 140 جنيه، ويتم تمويل هذه المساكن من جهاز تطوير العشوائيات.
وأشار إلى أن الحى أنجز خلال العام الماضى العديد من التحويلات المرورية سواء فى شارع التحرير أو منطقة كوبرى الخشب وغيرها، ويتم رسم وتنفيذ هذه التحويلات بالتنسيق مع الادارة العامة للمرور، لافتا الى ان موقع حى الدقى يجعله محورا مهما فى الربط بين القاهرة والجيزة، علاوة على وجود العديد من الهيئات الحكومية والتى تضم موظفين بما يزيد من التكدسات المرورية والتى تحتاج الى حلول مستمرة.
وألمح إلى بذل الجهود فى محور التأمين، خاصة أن الحى يزخر بالعديد من السفارات والقنصليات، ويتم التأمين على أعلى مستوى بالتنسيق مع وزارة الداخلية.
وقال رئيس حى الدقى إن الحى يعتبر من الاماكن التى تثير اهتمام الباعة الجائلين، بما يعمل على تفاقم أعدادهم، وتزايد حجم المشكلات المرتبطة بهم وعلى رأسها زيادة الإشغالات، ولفت فى هذا الاطار الى ان الحى نجح فى حل نسبى لهذه المشكلة فى شارع سليمان جوهر الذى أغلقته الاشغالات، وكذلك الحال بالنسبة لمحيط منطقة وزارتى الزراعة والتنمية المحلية، ومن المقرر أن تستهدف الحملات القادمة منطقة كوبرى ناهيا بشارع السودان.
وألمح إلى أن الحى يمتلك بعض الخطط الإستراتيجية الأخرى مثل تغير مسار مواسير مياه الشرب، وكذلك تغيير كابلات الكهرباء والتليفونات بمنطقة بشارع ثروت، إلا أن مواعيد المدارس والجامعات تحول دون تنفيذ هذه الخطط.
وأشار الى أن الحى يجهز حاليا لبدء عمليات تنفيذ احدى محطات المترو فى شارع جامعة الدول العربية، ولكنه بالمقارنة ببعض الاحياء الاخرى التى تمتلك محطتين وثلاثا فحجم الاعمال فى هذا الشق قليل نسبيا، موضحا ان هذه المحطة ستعمل على حل نسبة كبيرة من مشكلة الازمة المرورية بمنطقة جامعة الدول العربية.
وأشار إلى أن الحى نجح فى تحقيق 97 % من الخطة المالية للعام الحالى والتى تقترب من 2 مليون جنيه، وكانت أبرز أوجه الإنفاق فى رصف الطرق وانارتها والتشجير وعربات القمامة وغيرها، لافتا الى عدم اقرار الخطة المالية للعام الجديد حتى الان، الا ان الحى يطالب بميزانية فى حدود 6 ملايين جنيه بواقع 2.6 مليون جنيه لرصف 11 شارعًا، منها خالد بن الوليد والعويس وطيبة ومحمد زهندى وجمعة النسر وعبدالرحمن الرافعى والزهور وأبى إمامة، ومليون جنيه للانارة، وكذلك برنامج تحسين الصحة لشراء عربات “قلاب قمامة”، وسيارات للإدارات الميدانية، وأجهزة لخدمة برنامج المرأة والنهوض بها بحوالى 50 ألف جنيه.
وأوضح عبدالمنعم أن نهضة مصر ستبدأ من محور المحليات وكيفية محاربة الفساد المستشرى بها، مشيرًا إلى أن المحليات تعد نواة الدولة كلها لا الحى فقط، وطالب بضرورة تعديل حزمة القوانين المنتظمة لعمل المحليات لتضمن تطوير عملها ومحاربة الفساد بها، و أن القوانين التى يتم العمل بها الان منذ عام 1956 و1979 وهو ما يجعلها لا تقبل التعديلات ويجب تغييرها وعلى رأسها قانون الاشغالات.
وأضاف أنه يجب أن يتزامن ذلك مع تطوير آخر فى المنظومة البشرية العاملة بالمحليات، والتى يعانى موظفوها من تدنى الاجور بشكل لا يضمن لهم حياة كريمة، فراتب المهندس الحاصل على بكالريوس الهندسة من جامعة القاهرة لا يتجاوز 900 جنيه، بل يوجد مهندسون مر على تعيينهم 35 عامًا وما زال راتبه 2500 جنيه،
ولفت إلى أن راتب رئيس الحى لا يتجاوز الـ 6 أو 7 آلاف جنيه شاملا الحوافز والبدلات، فى الوقت الذى يتعرضون فيه لعديد من المغريات من جانب العملاء الواقعين تحت سلطة موظف الحى، سواء كان صاحب محل أو عقار أو غيره، واقترح ضرورة تبنى كادر خاص لموظفى المحليات.
وأضاف أن هناك تجربة رائدة يتم تطبيقها حاليا فى حيى الدقى والمقطم، من خلال مركز تكنولوجى للتعامل مع المواطنين تحت اسم “الشباك الواحد”، ويتم اجراء التعاملات كافة بشكل تكنولوجى دون الاحتكاك بالموظفين وهو ما يجرف تربة الفساد فى هذا القطاع الحيوى، مشيرا ألى أنه فى مرحلة متقدمة سيتم تحويل آلية التعامل مع الحى ليتمكن العميل من إجراء طلبه عن طريق شبكة الإنترنت.
ولفت إلى أنه فى حال نجاح منظومة “الشباك الواحد” سيتم تعميمها على باقى الاحياء، بما يضمن انخفاض معدلات شريطة تضمينها بتطوير التشريعات وزيادة معدل الاجور.
وكشف عن أن المحلات المرخصة تقوم بسداد رسوم ولكنها قليله لا تتجاوز الـ 100 جنيه، وتدفع نظير رخصة التشغيل، كما أنه يتم تحصيل 100 جنيه أخرى نظير أعمال النظافة.
وألمح إلى أن حى الدقى دخل فى بروتوكول مع وزارة البيئة خلال عهد الدكتورة ليلى إسكندر، للقضاء على مشكلة القمامة من المنبع، على أن يتم تجميع القمامة فى وعاءين بلونين مميزين الأول للمواد العضوية والآخر للمواد الصلبة والكرتون، وهو نظام مطبق عالميًا ويضمن عائدات مستمرة للدولة من خلال استغلال هذه المواد، فمثلا يتم تجميع فوارغ كانز المشروبات الغازية ليتم كبسها وإعادة تصنيعها، وكذلك الحال للخشب والكرتون.
وأوضح أنه هذه الفكرة لاقت صعوبات كثيرة فى التطبيق العملى، فعلى الرغم من برامج التوعية الكثيرة التى تبنتها وزارة البيئة، فإن المواطنين فى المنازل لم يقوموا بفصل القمامة.
ولفت إلى أن حى الدقى يستهدف القضاء على مشكلة القمامة فى الشوارع من خلال زيادة عدد «الصندوق البرميلي» للقمامة، ولكن تواجهه مشكلة تتعلق بالفئة التى تعمل فى مهنة “فرز القمامة” والتى تقوم بتفريغ محتويات صندوق القمامة لتصنيفها والحصول على الكرتون بمفرده، وبعض المخلفات الصلبة مثل الكانز والألومونيوم بمفردها وهو ما يزيد من صعوبة مهمة الحى فى مجابهة مشكلة القمامة.
وأشار إلى أنه فى محاولة من الحى للتغلب على هذه الأزمة ستتم إعادة نظام العامل المسئول عن نظافة شارع محدد، أو فى بعض الشوارع الصغيرة يكون مسئولا عن شارعين أو ثلاثة، علاوة على عربات رفع القمامة وعربات الكنس الآلى.
ولفت الى ان مستوى النظافة والتنظيم داخل الحى ينعكس بالايجاب على سعر الوحدات الكائنة به، ولذا فمن صالح قاطنى الحى المحافظة على نظافته والنظام به.
كما أشار إلى ان حى الدقى يحتوى على العديد من الفيلات الأثرية، ولذلك يشترط على هدم أى وحدة سواء فيلا أو عمارة استخراج رخصة هدم، وتتم معانية العقار محل الهدم أولا، لبيان مدى اعتباره بنياناً أثرياً من عدمه.
وأشاد عبد المنعم بنظام غلق المحال فى ساعة محددة، لعملها على توفير الكهرباء والحفاظ على نظافة الشوارع، مشيرا فى الوقت نفسه الى أن هذا القرار يجب أن يكون قرار دولة ولا يجوز لحى من الأحياء اتخاذه بصورة منفردة.