قال محمد الإتربي، نائب رئيس اتحاد المصارف العربية ورئيس مجلس إدارة بنك مصر، إن التحول الرقمي يمثل مرحلة فارقة بالاقتصاد العالمي، وسيكون له العديد من التأثيرات على النمو الاقتصادى ودمج المزيد من الشرائح الجديدة من العملاء، ومن ثم إتاحة خدمات مالية لم تكن متاحة لهم من قبل.
وأوضح الإتربي، خلال كلمته بمؤتمر اتحاد المصارف العربية، اليوم، أن التحول الرقمي مفتاح تحقيق النمو فى السنوات القادمة.
وأشار إلى دراسة حديثة كشفت عن ارتفاع حجم الغنفاق على حلول التحول الرقمي إلى 2 تريليون دولار بحلول عام 2020 =.
ولفت إلى أن التحولات نحو الاقتصاد الرقمى تحمل العديد من الفرص والتحديات، حيث أنها تعمل على مساعدة المؤسسات فى الدول النامية على الربط بالأسواق العالمية بسهولة، فضلاً عن قيامها بتوفير منتجات تتفق واحتياجات وسلوكيات العملاء اعتمادًا على ثورة البيانات وما صاحبها من تطوير لفهمنا لعادات الشراء والاستهلاك.
وأكد أن تمكين التكنولوجيات الجديدة وإدخال عناصر التحول الرقمي سيسهم في منظومة العمل المصرفى والمالى بصورة أكبر في تحسين تقديم الخدمات المصرفية والمالية من خلال تيسير إقامة البنى التحتية التأسيسية.
بجانب تعزيز فرص الاستفادة منها وبتكلفة أقل بالاضافة الى تعزيز المنافسة وتوفير سوق تنافسي لضمان بيئة تحقق تكافؤ الفرص، كما يسهم التحول الرقمى ودعم التكنولوجيا المالية فى تمكين الأسواق النامية من الاستفادة من المسارات الجديدة الواعدة للتنمية الاقتصادية والمالية بهدف تدعيم النمو.
التحول الرقمي يدعم نمو الناتج المحلي
ونوه الإتربي، إلى أن التحول للخدمات الرقمية يدعم زيادة معدلات الناتج القومى الإجمالى ويعتبر أحد العناصر الأساسية فى تحقيق رؤية مصر 2030، كما يمثل أحد دعائم التنمية المستدامة وركيزة أساسية لبناء اقتصاد تنافسى وتطوير وميكنة منظومة المدفوعات المالية الحكومية، مما يرفع من معدلات النمو عبر تحسين مناخ ممارسة الأعمال وزيادة تنافسية الاقتصاد المصرى.
وأشار إلى أن مصر قطعت شوطاً ملحوظاً فى طريق التحول الرقمى، إيماناً منها باهميته بداية من إنشاء المجلس القومى للمدفوعات وإنشاء المجلس الأعلى للتحول الرقمي وإنشاء المجلس الأعلى للأمن السيبراني، ووضع خطة شاملة لنشر الوعى المجتمعى بأهمية التحول الرقمى وتحقيق طفرات على صعيد البنية التحتية الرقمية.
فضلاً عن إطلاق مصر الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية في 2017، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ” الانكتاد”، وذلك في إطار تشجيع التجارة الإلكترونية، وكذلك تدشين مشروع البنية المعلوماتية المصرية لربط أكثر من 70 قاعدة بيانات حكومية ببعضها، وتفعيل “المحول الرقمى القومى (G2G)، ومنصة تقديم الخدمات الحكومية إلى جانب منصة تقديم خدمات المحمول والتوسع فى تطوير منافذ تقديم الخدمات الحكومية.
كما تم نشر نقاط الدفع والتحصيل الإلكترونى (POS) ومنصة البنية المعلوماتية المكانية إلى جانب مشروع ميكنة آليات التحصيل الضريبي وتحويل بورسعيد إلى أول مدينة رقمية في مصر ، وأخيراً بناء عاصمة إدارية جديدة ترتكز على فلسفة التحول إلى حكومة رقمية، ولقد إنعكس ذلك على تحسن تصنيف مصر في مؤشر الشمول المالي لتحتل المرتبة الـ 36 عام 2018، مقارنة بالمرتبة الـ 51 عام 2016.
البنوك المصرية تواكب التطورات
وأوضح رئيس بنك مصر، أن القطاع المصرفي لم يكن يوماً بمنأى عن التطور التقني، إذ عاش تحولاً جذرياً خلال السنوات الماضية مدفوعاً بالنمو الاقتصادي المطّرد والتحول الرقمي المتسارع، فضلاً عن الطلب المتنامي من قبل شريحة شابة مولعة بالتكنولوجيا على منتجات مصرفية تستند على آخر الابتكارات لتقديم تجربة أفضل للعميل .
وأضاف أن هذا التطور يبرز الحاجة الملحة في الوقت الراهن إلى توجه البنوك نحو ابتكار خدمات رقمية متطورة ترقى إلى مستوى تطلعات العملاء، الذين أصبحوا اليوم أكثر ارتباطاً ودراية ومعرفة في ظل الانتشار الواسع لشبكة الإنترنت وتوفر الأجهزة الذكية بشكل سهل.
ونوه إلى أن التزام الدولة بتحقيق الشمول المالي والتركيز مؤخرًا على التحول الرقمي، عبر التكنولوجيا المالية كواحدة من الأعمدة الرئيسية في بيئة ريادة الأعمال المصرية، يساهم بشكل رئيسي في الوصول إلى الشرائح المجتمعية التى لا يوجد لها تعاملات بنكية، والتي تواجهه تحديات كبيرة للوصول إلى الأنظمة المصرفية التقليدية.
وشدد على أن هناك علاقة وثيقة بين مواكبة التطور الرقمي وبين النمو الاقتصادى، لاسيما فيما يتعلق بتوفير
وإتاحة تمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي تعد العمود الفقري للاقتصاد، ويمثل خلق الابتكارات والحلول التكنولوجية النواة الحقيقية لتشكيل مستقبل جديد لقطاع الخدمات المصرفية.
تنافسية البنوك الرقمية
وتابع الإتربي: تمثل البنوك الرقمية مستقبل الصيرفة العالمية، ويتطلب التحول إلى البنك الرقمى توفير العديد من المزايا فيه منها القدرة التنافسية والمرونة الكافية للاستجابة لتقلبات السوق وتغير خبرات العملاء، وأن يكون لديه رؤية مستقبلية بما يضمن تطور العمليات المصرفية به للتوافق مع توقعات العملاء المتغيرة والجديدة، وأن يوفر خدمات مصرفية دون الاعتماد على التعامل التقليدى بالأوراق.
وقال إن إنشاء الفروع الرقمية يعد ضرورة لمواكبة متطلبات العملاء والعصر خاصة متطلبات نمط الأجيال القادمة، وللفروع الرقمية مميزات عديدة منها زيادة المبيعات نتيجة سهولة الوصول إلى العملاء من مختلف الفئات وتقليل نفقات العمالة والتشغيل والأصول الثابتة وبالتالى زيادة صافى الأرباح واستخدام أنظمة تكنولوجية توفر الخدمة بسرعة وسهولة ويمكن الاعتماد عليها، وتعديل نظام العمل وابتكار منتجات جديدة وتغيير طريقة تقديم الخدمة للعميل بناءاً على استخدام تحليلات بيانات متقدمة تحسن من حجم المبيعات وأداء البنك والعاملين ومهاراتهم وزيادة قنوات الوصول إلى العميل.
تطوير الأطر القانونية لمواجهة مخاطر التحول الرقمي
وأوضح أن الحكومات العربية مدعوة لإصلاح بيئة الأعمال الرقمية، والتقليل من المعاملات الورقية ، ويتم تخفيف إجراءات فتح الحساب عن طريق بطاقات الهوية الوطنية، والتحقق من معلومات العميل من خلال نظام الهوية الرقمية “الوطني”، والذي يتيح أيضًا التحقق من القياسات الحيوية.
وطالب بضرورة تطوير الأطر القانونية والسياسية المناسبة التي تساعد على حماية البنية التحتية والبيانات الرقمية من التهديدات السيبرانية، بجانب تقديم الدعم لبناء قدرات واضعي السياسات وإنفاذ القانون لتعزيز الأمن السيبراني.
إضافة إلى تقديم الدعم للمجتمع المدني من أجل التوعية بالحقوق الرقمية، وأن حماية البيانات والأمن السيبراني هما المفتاح لضمان موثوقية الخدمات الرقمية.