شهدت أسواق البترول حالة من الارتباك خلال الأيام الماضية ، تأثرا بتعرض شركة السعودية لحادث إرهابى على مصفاتها فى بقيق وخريص داخل المملكة العربية السعودية ، وقفزت أسعار خام برنت ، المؤشر الدولي الذي يستخدمه تجار النفط ، إلى 71.95 دولارا للبرميل.
والحكومة المصرية قد وضعت افتراضاتها لأسعار النفط العالمٍية بالموازنة الحالية 2019-2020عند مستوى 68 دولارا للبرميل ، كما افترضت الموازنة أنه فى حالة ارتفاع الأسعار الفعلية للنفط عن الأسعار المتوقعة بمقدار 1 دولار للبرميل سيؤدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة فاتورة الدعم الحالية بنحو 2.3 مليار جنيه ، لذلك تتبع الحكومة المصرية وغيرها من الحكومات الأخرى بعض سياسات التحوط لتقليل الآثار السلبية لارتفاع أسعار الوقود والمتمثلة فى ارتفاع معدلات التضخم.
ومن سياسات التحوط التى تتبعها الدولة العقود الاجلة ، والعقود الآجلة هي عقود بمقتضاها يلتزم المشتري بشراء أصل معين في المستقبل وفي المقابل أيضاً يلتزم البائع ببيع نفس الأصل على أن تكون الأسعار محددة سلفاً ، أى يتم تسليم سلعة معينة من شخص لشخص أخر في تاريخ محدد في المستقبل ، بغض النظر عن سعر هذه السلعة في التاريخ المستقبلي.
وعلى هذا ، فإن العقود الآجلة هي إتفاقيات تسمح للمتداولين والمستثمرين ومنتجي السلع الأساسية بالمضاربة على سعر أصل معين في المستقبل ، وهذه العقود تمثل إتفاقات قانونية ويتم تداولها في أماكن محددة ، وهي منصات تداول العقود الآجلة ، ولذلك تخضع هذه العقود المستقبلية لمجموعة معينة من القواعد.
وعلى الرغم من أن الأشكال البدائية لأسواق هذه العقود قد تم إنشاؤها في أوروبا خلال القرن السابع عشر، إلا أن بورصة الأرز في اليابان تعتبر هي أولى البورصات التى تم تأسيسها لتداول هذه العقود ، وبدأت العقود الآجلة تستخدم كوسيلة للتحوط من المخاطر المرتبطة بأسعار الأرز غير المستقرة.
وفي حين أن تثبيت سعر أحد الأصول في المستقبل مفيد في ظروف معينة ، فإنه ليس دائمًا شيء آمن ، ولذلك غالبًا ما تستخدم استراتيجيات إدارة المخاطر للتخفيف من المخاطر المحتومة المرتبطة بتداول العقود المستقبلية ، ويستخدم بعض المضاربين أيضًا مؤشرات التحليل الفني جنبًا إلى جنب مع أساليب التحليل الأساسية كوسيلة للحصول على نظرة ثاقبة حول حركة أسعار أسواق العقود الآجلة.
تعتبر العقود الآجلة من بين الأدوات الأكثر استخدامًا في الصناعة المالية ، ووظائفها المختلفة تجعلها مناسبة لمجموعة واسعة من حالات الاستخدام ، ومع ذلك فمن المهم أن يكون لدي القائم على هذا الشأن فهم جيد للآليات الأساسية التي تعمل بها هذه العقود وأسواقها الخاصة قبل استثمار الأموال.
مميزات استخدام العقود الآجلة
أولا : التحوط وإدارة المخاطر
تعتبر العقود الآجلة نوع من أنواع ، حيث يمكن استخدامها للتخفيف من مخاطر معينة ، فعلى سبيل المثال قد يقوم احد المزارعين ببيع منتجاته بعقود آجلة من اجل ضمان حصوله على سعر معين في المستقبل ، للنجاة من تقلبات السوق.
ثانيا : اوامر البيع على المكشوف
العقود الآجلة تسمح للمستثمرين بالقيام باوامر البيع على المكشوف لهذا الأصل دون امتلاكه ، وذلك عندما يقرر المستثمر بيع العقود المستقبلية دون امتلاك الأصل الأساسي لهذه العقود.
ثالثا : تنوع الأصول
يستطيع المستثمرون التعرض للأصول التي يصعب تداولها في الحال ، على سبيل المثال السلع الأساسية مثل النفط عادة ما تكون مكلفة في توصيلها ، و تنطوي على نفقات تخزين عالية كذلك ، ولكن من خلال استخدام نظام العقود المستقبلية ، يمكن للمستثمرين والتجار في هذه الحالة المضاربة على مجموعة واسعة من فئات الأصول دون الاضطرار إلى تداولها فعليًا.
آليات تسوية العقود الآجلة
يعتبر تاريخ انتهاء صلاحية العقود الآجلة هو آخر يوم في أنشطة التداول المنصوص عليه لهذا العقد المحدد ، وبعد ذلك يتم إيقاف التداول وتسوية العقود ، حيث هناك آليتان رئيسيتان لتسوية هذه العقود :
اولا: التسوية الفعلية
يتم تبادل الأصل الأساسي بين الطرفين اللذين اتفقا على العقد المستقبلي بسعر محدد مسبقًا ، و في هذه الحالة فإن الطرف الذي كان يقوم بالبيع على المكشوف يكون ملتزم بتسليم الأصل إلى الطرف الذي كان يشتريه.
ثانيا :التسوية النقدية
فى هذه الآلية لا يتم استبدال الأصل الأساسي مباشرة ، ولكن بدلاً من ذلك يدفع أحد الطرفين للطرف الآخر مبلغًا يعكس قيمة الحالية بالسعر المتفق عليه سلفا ، وأحد الأمثلة النموذجية للعقود المستقبلية التي يتم تسويتها نقدً هو عقد النفط المستقبلي ، حيث يتم تبادل النقد بدلاً من براميل النفط ، حيث سيكون من المعقد إلى حد ما تداول آلاف البراميل بشكل فعلي.
وتعد العقود المستقبلية التي يتم تسويتها نقدًا أكثر ملاءمة ، وبالتالي فهي أكثر شيوعًا من العقود التي يتم تسويتها بشكل فعلي ، حتى بالنسبة للأوراق المالية أو أدوات الدخل الثابت التي يمكن نقل ملكيتها بسرعة إلى حد ما.
ومن اللحظة التي يتم فيها إنشاء العقود المستقبلية وحتى تسويتها ، سيتغير سعر لهذه العقود باستمرار كرد فعل لعمليات العرض والطلب للسلعة محل التعاقد ، والسعرالمتوقع ليس ثابتًا دائمًا ، أي أنه قد يتغير استجابةً للكمية المعروضة من العقد في السوق و حجم الطلب عليه.
ومما سبق يتضح أن العقود الآجلة ماهى إلا نوع من أنواع ، فحالة عدم التأكد من استقرار الأسعار خلال مدة معينة فى المستقبل ما هو إلا خطر من الأخطار التى تقابل الدول أو المستثمريين ، خصوصا إذا كانت الدولة تستورد كميات كبيرة من سلعة استراتيجية معينة وتدعمها مثل النفط ، ويمكن تلافى الآثار السيئة لهذه الأخطار عن طريق العقود الآجلة التى تؤمن طرفى العقد من الأضرار التى يمكن حدوثها.