ترصد «المال» تطور نشاط التداول الإلكترونى فى البورصة المصرية خلال الأعوام الـ10 الأخيرة، وتحديدًا الفترة من عام 2008 وحتى عام 2018 الماضى، مع إبراز حجم وقيمة عمليات التداول الإلكترونى فى النصف الأول من العام الجارى.
وجاء تطور ونمو نشاط التداول الإلكترونى فى البورصة، فى رصد «المال»، محققًا نتائج إيجابية للغاية، إذ سجل عقب عام واحد من تفعيله محليًّا، وتحديدًا فى عام 2008 نسبة 0.90% من إجمالي تداولات السوق، لينطلق خلال 10 أعوام ليسجل ما نسبته 94.81% من إجمالى تداولات السوق فى عام 2018 الماضى.
وستشهد السطور المقبلة الإجابة على التساؤل الأبرز الخاص بمدى مساهمة البورصة المصرية فى خلق بيئة مناسبة ومواتية لتحقيق رؤية الدولة بشأن الشمول المالى، والمجتمع اللانقدى، وذلك من خلال توفير آليات تدفع رواد الاستثمار فى الأسهم لاستخدام أدوات الشمول المالى ونشر الثقافة البنكية فى تعاملاتهم.
وأكد بعض من خبراء البورصة أن التداول الإلكترونى ساهم فى نشر ثقافة استخدام الأدوات التكنولوجية فى إبرام العمليات المالية والاستثمارية المختلفة، مشيرين إلى أن الطفرة المحققة فى نسب التداول الإلكترونى لإجماليات قيم التداول بالسوق خلال الـ10 أعوام الأخيرة، ساهمت فى توفير بيئة مواتية لتحقيق أهداف الدولة من الشمول المالى.
وتسعى الدولة المصرية خلال الفترة الراهنة، لتنفيذ خطة واستراتيجية تهدف لتحويل مصر لدولة رائدة فى مجال الاقتصاد الرقمي؛ إذ تعمل على تدشين مرحلة جديدة من الشمول المالى للمواطنين، الذى يعمل على دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الهيكل الاقتصادى الرسمى للدولة، لتحقيق أهداف عدة منها تطوير الخدمات المقدمة، وتوفير عنصر التنافسية بها، وتحسين مستوى المعيشة، وخفض معدلات الفقر، وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك متناهية الصغر، التى تشير البيانات إلى أن 80% من الشركات متناهية الصغر تعمل خارج إطار الاقتصاد الرسمى.
طفرة مليارية في التداولات الإلكترونية بداية من 2012
وعلى المستوى الرصد التفصيلى، لتطور نشاط التداول الإلكترونى فى البورصة المصرية، سنجد أن الآلية التى أتاحتها البورصة المصرية فى عام 2006 للمستثمرين، قد سجلت حجم تداولات إلكترونية بقيمة 49.8 مليون جنيه بنسبة 0.90% من إجمالى تداولات فى السوق بلغت 530 مليار جنيه.
وفى عام 2009، ارتفعت نسبة قيمة عمليات التداول الإلكترونية من إجمالى قيمة التداولات فى السوق، لتسجل 1.76%، لتسجل 79 مليون جنيه من أصل 448.2 مليار جنيه، لترتفع النسبة فى عام 2010، إلى 2.80% بقيمة 92.218 مليون جنيه من إجمالى قيمة تداولات 321 مليار جنيه.
وشهدت عمليات التداول الإلكترونى فى عام 2011 تراجعًا كبيرًا؛ نظرًا للأحداث السياسية، لتسجل 0.26% بقيمة بلغت 3.9 مليون جنيه، من إجمالى قيمة التداولات فى السوق، والبالغة 148 مليار جنيه.
وجاء عام 2012، ليشهد طفرة ونقلة نوعية فى ثقافة إبرام المستثمرين لعملياتهم فى سوق الأسهم، إذ سجلت عمليات التداول الإلكترونى نسبة 45.92% بقيمة 85 مليار جنيه، من إجمالى قيمة التداول فى السوق والبالغة 185 مليار جنيه.
واستمر تطور الأداء لتستحوذ عمليات التداول الإلكترونى التى بلغت قيمتها 79 مليار جنيه على 48.76% من إجمالى تعاملات السوق، البالغة 162 مليار جنيه، فيما شهد عام 2014، ارتفاعًا كبيرًا فى نسبة عمليات التداول الإلكترونى لإجماليات التداول، لتبلغ 58.41%، بقيمة 170 مليار جنيه من إجمالى 291 مليار جنيه.
فيما تراجع معدل تطور التداول الإلكترونى فى البورصة خلال عام 2015، إذ بلغت قيمته 117 مليار جنيه بنسبة 47.17% من إجمالى تداولات السوق البالغة 248 مليار جنيه، ولكن سرعان ما زادت وتيرة التطور، لترتفع النسبة فى عام 2016 إلى 70.87% مسجلة 202 مليار جنيه من إجمالى 285 مليار جنيه.
وفى عام 2017، واصلت عمليات التداول الإلكترونى فى طفرتها لتسجل ما نسبته 93.97% من حجم تداولات السوق، بقيمة بلغت 312 مليار جنيه من إجمالى 332 مليار جنيه، وفى عام 2018، بلغت قيمة التداول الإلكترونى نحو 339.928 مليار جنيه بنسبة 94.81% من إجمالى تداولات السوق البالغة 358.5 مليار جنيه.
فيما بلغت عمليات التداول الإلكترونى فى النصف الأول من العام الجارى، نحو 118.9 مليار جنيه من إجمالى تداولات قدرها 162 مليار جنيه بنسبة 73.4%.
انخفاض عدد المستثمرين النشطين بالبورصة يقلل من مساهمتها في الشمول
من جهته، قال ياسر المصرى، العضو المنتدب بشركة العربى الأفريقى الدولى لتداول الأوراق المالية، إنه رغم تطور وارتفاع بيانات التداول الإلكترونى فإن تلك الأرقام قد تكون خادعة، وذلك لأنها لا تفرق بين البيانات الخاصة بنظام الـ E-tradeالخاص بشركات السمسرة وبين نظام التداول الإلكترونى الذى يقوم العميل من خلاله بتنفيذ عملية البيع والشراء.
وأضاف أن 90% من العاملين بشركات السمسرة يستخدمون نظام الـ E-trade لتنفيذ أوامر البيع والشراء، موضحًا أن انخفاض عدد المستثمرين الفاعلين فى البورصة والذى يقدر بـ7 آلاف مستثمر، يُقلل من الأثر الإيجابى للبورصة فى تحقيق الشمول المالى.
تفعيل «الشورت سيلينج» سيزيد من التداولات الإلكترونية
وأكد محمد فتح الله، العضو المنتدب بشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية، أن مميزات التداول الإلكترونى وسهولة إجراءاته ساهمت فى اعتماد المستثمرين الأفراد عليه فى تنفيذ عملياتهم بالسوق من خلاله.
وأضاف أنه كلما تطورت الأدوات التكنولوجية وآليات التداول، كلما ارتفع حجم التعامل الإلكترونى، مشيرًا إلى أن تفعيل آلية الشورت سيلينج سيعزز من تداولات الأفراد ومن ثم التداول الإلكترونى.
وأوضح العضو المنتدب بشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية، أن البيئة المحيطة بنظام التداول الإلكترونى توفر حالة من الراحة للمستثمر، خاصة فى إمكانية تحويل الأموال بين الحسابات المختلفة.
وأشار فتح الله، إلى أن تحول مجتمع سوق المال إلى مجتمع لا نقدى، سيكون إيجابيًّا لبعض الشركات السمسرة؛ خاصة الكبيرة منها التى تتعامل مع عملاء الـ VIP فيما سيضر شركات السمسرة التى تتعامل مع صغار المستثمرين، الذين لا يمتلكون حسابات بنكية.
«التداول الإلكتروني» وتقليل التعامل النقدي في شركات السمسرة
من جهته، قال أيمن صادق، العضو المنتدب السابق بشركة مباشر إنترناشيونال لتداول الأوراق المالية، إن نظام التداول الإلكترونى فى البورصة هو أحد أشكال تطور أسواق الأسهم، فى ظل الثورة التكنولوجية مؤخرًا.
وأضاف أن التداول الإلكترونى أعد بهدف تيسيير وتسهيل التعامل فى البورصة؛ خاصة أن النظام التقليدى كان يتطلب انتقال العميل إلى شركة السمسرة خاصة المركز الرئيسى لها، لتسليم أمر الشراء أو البيع بنفسه، وهو أمر لا يتناسب مع طبيعة الاستثمار فى البورصة التى تتغير بوتيرة سريعة للغاية.
وأوضح العضو المنتدب السابق بشركة مباشر إنترناشيونال لتداول الأوراق المالية، أن تطور نسبة التداول الإلكترونى لإجمالى التداول بالسوق خلال الـ10 أعوام الأخيرة، أمر طبيعى ومنطقى فى ظل التطور التكنولوجى وتوافر تطبيقات إلكترونية منحت المستثمر الفرصة لتنفيذ عملياته الاستثمارية عبر التليفون المحمول.
وأشار إلى أن التداول الإلكترونى فى البورصة أفاد منظومة الشمول المالى التى تسعى الدولة لتنفيذها، وتحويل المجتمع ليصبح مجتمعًا لا نقديا، موضحًا أن التداول الإلكترونى دعم وجود قاعدة من البيانات عن العملاء وحساباتهم وحركة الأموال.
وشدد صادق، على أن التداول الإلكترونى يساهم فى زيادة تحول المجتمع إلى اللانقدى، مشيرًا إلى أن التعامل النقدى بين المستثمرين وشركات السمسرة، أصبح منخفضًا بشكل كبير خلال الفترة الراهنة، مؤكدًا أن ذلك يوفر نوعًا من الشفافية والأمان، وإثبات حركة الأموال بين المواطنين.
وتوقع العضو المنتدب السابق بشركة مباشر إنترناشيونال لتداول الأوراق المالية، أن تتجه الهيئة العامة للرقابة المالية خلال الفترة المقبلة فى ظل توجهات الدولة إلى منع التعامل النقدى فى عمليات بيع وشراء الأسهم، وإلزام الأطراف المختلفة سواء المستثمر أو شركة السمسرة بالتعامل عبر الحسابات البنكية.
وأضاف أن التعامل بين شركات السمسرة والهيئة العامة للرقابة المالية أصبح لانقديًا، مشيرًا إلى أن الهيئة لا تتعامل بالنظام النقدى فى تحصيل رسوم الخدمات المختلفة من شركات السمسرة وغيرها.
وأشار العضو المنتدب السابق بشركة مباشر إنترناشيونال لتداول الأوراق المالية، إلى أن ملف منع التعامل النقدى بالبورصة، يحتاج إلى تنسيق مع القطاع البنكى ودراسة توزيع الفروع فى المحافظات المختلفة.
«التداول الإلكتروني» ساهم في نشر ثقافة استخدام الحسابات المصرفية
من جهته، قال ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، إن البورصة عبر آلية التداول الإلكترونى ساهمت بشكل كبير فى نشر ثقافة الشمول المالى بين المستثمرين المتعاملين، منذ تفعيله فى عام 2007 و2008.
وأضاف أنه منذ 10 أعوام وأكثر كان مجتمع سوق المال لا يعى شيئًا عن نظم التعامل الإلكترونية، إلا أن تفعيل تلك الآلية ساهم فى إنشاء شركات متخصصة فى التداول الإلكترونى مثل «عربية أونلاين»، بالإضافة إلى انتشار ثقافة استخدام الحسابات البنكية فى إتمام عمليات شراء وبيع الأسهم.
وأوضح رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، أن التداول الإلكترونى يُعد نوعًا من لتعامل فى الأدوات المالية غير المصرفية ولكن بشكل مصرفى، ومن ثم فتطور استخدام تلك الآلية فى البورصة المصرية ساهم فى تحسين البيئة، وتوفير مناخ سيساعد على إنجاح خطة الدولة فى التحول إلى مجتمع لانقدى.
وأشار عمارة إلى أن لجوء المتعاملين فى البورصة إلى آلية التداول الإلكترونى للاستفادة من مميزاتها، والتى تتواكب مع التغيرات السريعة فى تحركات أسعار الأسهم، أدى إلى قيامهم بفتح حسابات بنكية، وتعلم المزيد من الثقافة المصرفية.
وأكد رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، إمكانية منع التعامل النقدى فى إبرام عمليات بيع وشراء الأسهم المقيدة بالبورصة، وقصرها على التعامل من خلال الحسابات البنكية، مشددًا على أن ذلك سيضيف نوعًا من الشفافية والأمان فى تعاملات سوق المال.
ولفت عمارة، إلى أن دور الهيئة العامة للرقابة المالية فى دعم خطة الدولة نحو الشمول المالى، يظهر فى الاهتمام الكبير الذى تمنحه الهيئة للمسئولية المجتمعية بالشركات، خاصة فى دعم منظومة التمويل متناهى الصغر، والتمويل الاستهلاكى، وما يترتب عليه تحول المجتمع نحو التعامل البنكى، وامتلاك المواطنين لحسابات مصرفية، بالإضافة إلى ضم الاقتصاد غير الرسمى للهيكل الاقتصادى الرسمى للدولة.
آلية إيجابية أفادت «خطة مصر»
من جانبه، قال سامح غريب، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة الجذور لتداول الأوراق المالية، إن آلية التداول الإلكترونى قد ساعدت بشكل ما فى انتشار ثقافة الشمول المالى لدى المتعاملين فى البورصة المصرية، نظرًا لما تتطلبه من شروط أهمها امتلاك حسابات بنكية أو حسابات لدى شركات السمسرة، بالإضافة إلى ثقافة استخدام التطبيقات والمواقع التكنولوجية.
وأضاف أن معدل تطور استخدام آلية التداول الإلكترونى خلال الـ10 أعوام الأخيرة، وفقًا لرصد «المال» هو دليل إيجابى على مساهمة البورصة فى خطة مصر بشأن التحول نحو الشمول المالى، والمجتمع اللانقدى.
وأوضح رئيس قسم التحليل الفنى بشركة الجذور لتداول الأوراق المالية، أن التطور التكنولوجى وظهور أدوات جديدة مثل الهواتف الذكية، ساعدت كثيرًا فى توجه المستثمرين نحو آلية التداول الإلكترونى.
وأشار غريب، إلى أن فكرة منع التعامل النقدى فى عمليات بيع وشراء الأسهم المقيدة بالبورصة، ستكون خطوة لا مفر منها خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن الأمر يحتاج إلى تنسيق وتعاون مع الأطراف المرتبطة لتسهيل عملية التحول التام فى استخدام الحسابات البنكية.