بدأت مصر مؤخراً استكشاف أحد الكنوز التى تمتلكها على سواحل البحرين الأحمر والمتوسط، والتى تعد ضمن أكبر الدول فى الاحتياطى الخاص بها، وهى ، والتى يمكن من خلالها استخراج 41 معدنا، تستخدم بالعديد من الصناعات، وذلك عبر إنشاء مصانع لاستخراج وفصل المعادن فى 3 مواقع بمحافظة كفر الشيخ بمناطق غليون ورشيد والبرلس.
كشف الدكتور أحمد شلتوت، نائب رئيس الشركة الصينية المصرية للتعدين، عضو الشركة المصرية الصينية للرمال السوداء، المنفذة لمشروع استخراج الرمال من منطقة غليون بالمشاركة مع جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، أن إجمالى العوائد من المشروع بغليون يصل لنحو 180 مليون دولار ما يعادل نحو 3 مليارات جنيه سنوياً.
وأشار شلتوت فى حوار لـ«المـال»، إلى أن الشركة ستنشئ مصنعا على مساحة 35 فدانا بمنطقة البرلس لفصل الرمال السوداء عن الصفراء، إضافة إلى أعمال الحفر الخاصة باستخراج الرمال، وتصل تكلفة المشروع الإجمالية لنحو 24 مليون دولار.
24 مليون دولار تكلفة.. وإنشاء مصنع لفصل المعادن
وأوضح أن الشركة بدأت التنفيذ منذ شهور، على أن يتم تشغيل المرحلة الأولى من المشروع أكتوبر المقبل، لافتاً إلى أن إجمالى ما تم إنفاقه على المشروع حتى الآن 2.6 مليون دولار.
ولفت شلتوت إلى أن الكراكة الواحدة العاملة بالمشروع تستطيع حفر نحو 250 طنا من الرمال فى الساعة، مشيراً إلى أن نسبة الرمال السوداء تصل إلى 4 – %6 من إجمالى الرمال المستخرجة، ويصل إجمالى تكلفة المشروع فى غليون لنحو 24 مليون دولار.
وأكد أن المشروع يمتد إلى 25 عاماً ويصل إجمالى شاطئ غليون لنحو 37 كيلومترا، وأن مساحة مصنع فصل الرمال السوداء نحو 35 فدانا، وتحاول الشركة العمل فى منطقة إدكو الواقعة شمال محافظة البحيرة والغنية بالخام.
وقال شلتوت إنه من الممكن استخراج 41 عنصرا معدنيا من الرمال السوداء، تدخل فى 41 صناعة منها هياكل الطائرات والصناعات العسكرية مثل الصواريخ والطائرات والزجاج واليورانيوم والحديد والدهانات وهياكل السيارات والسيراميك ومواد الإشعاع النووى، بالإضافة إلى المواد الخام التى تستخدم فى الصناعات الحديثة.
وذكر أن مصر كانت تستخرج الرمال السوداء منذ 1914 وكانت تقوم ببيعها عن طريق القوات المسلحة، كما تم إنشاء أول شركة لاستخراج الرمال السوداء فى 1936، ثم تم إنشاء شركة أخرى عام 1960 تحت اسم «الشركة الحكومية للرمال السوداء»، ثم تم إيقاف نشاط تلك الشركة نتيجة أحداث سياسية عام 1968، يليها إسناد استخراج الرمال السوداء إلى هيئة الرمال السوداء عام 1974 نظراً لاحتواء بعض العناصر المستخرجة على اليورانيوم المستخدم فى الطاقة النووية.
وأضاف أن الشركة المصرية الصينية للرمال السوداء تعمل فى مصر منذ 2016، وحصلت الشركة على موقع غليون، وتم إصدار قرار رئاسى بإنشاء شركة بالتعاون مع جهاز الخدمة الوطنية للرمال السوداء وتمتلك القوات المسلحة نحو %75 مقابل نحو %25 للشريك المصرى الصيني.
وأوضح أن شركته تستهدف التصنيع المحلى للرمال السوداء، وإحداث قيمة مضافة لتلك الرمال بدلاً من تصديرها كخامات، ويتم ذلك عن طرق القيام باستخراج الرمال فى المرحلة الأولى على أن يتم فصل الرمال الصفراء بعيدا عن السوداء عن طريق إرسالها إلى مصنع الفصل والقيام بغسلها جيداً من المياه المالحة، ثم يتم فصل المعادن مثل الحديد وغيرها والحصول على المونازيت والتى ستحصل عليه الحكومة المصرية.
وكشف شلتوت أن شركته تخطط لإنشاء مصنع كبير لصهر معدن المونازيت بالتعاون مع هيئة المواد النووية، والذى سيسهم فى استخراج 3 معادن مشعة أبرزها اليورانيوم وغيرها، وسيتم تسليمها للحكومة المصرية.
وأوضح أن إجمالى تكلفة مصنع فصل الرمال بنوعيها يصل لنحو 3 ملايين دولار وستقوم الشركة الصينية بتنفيذه، لافتاً إلى أن مصر تمتلك أحد عشر موقعاً لخامات الرمال السوداء على ساحل البحر المتوسط، بالإضافة لما تم استكشافه حديثاً على طول ساحل البحر الأحمر بجنوب مصر.
وترجع أهمية الرمال السوداء إلى ما تحويه من عدد كبير من المعادن ذات القيمة الاقتصادية والإستراتيجية العالية أبرزها الإلمنيت، الروتيل، الزركون، المونازيت، الجارنيت والماجنتيت والتى تدخل فى قطاعات عريضة من الصناعات التكنولوجية المهمة والدقيقة.
وأشار إلى أن أغلب المعادن التى تستخرج من الرمال السوداء لا يوجد لها تصنيع محلي، مما يستدعى العمل على إنشاء مصانع خاصة بتلك الصناعات للاستفادة من المعادن والحصول على قيمة مضافة منها.
وأضاف أن الشركة الصينية ستسدد نحو %3 من أرباحها لصالح برامج التنمية المستدامة، عبر إنشاء مشروعات للمجتمع المجاور للمشروع، سواء تعليمية أو صحية أو إنشاء مبانٍ سكنية.
وأوضح شلتوت أن الشركة الصينية هدفها تدريب العمالة المصرية ونقل وتوطين التكنولوجيا حتى لا يتم الاعتماد على العمالة الأجنبية مستقبلاً، لاسيما أنها لا تتعدى %3 مقابل %97 محلية، وسيصل عدد العمالة لنحو 1500 بالمشروع فى منطقة غليون.
وأكد أن الشركة الصينية المصرية للتعدين تعمل فى أسواق مثل موريتانيا ونيجيريا والسودان وماليزيا وأستراليا بالإضافة إلى تنزانيا، موضحاً أن شركته تقوم بالعمل على دراسة السوق هناك وإعداد دراسة الجدوى لتلك المشروعات هناك.
4 – %6 نسبة موجودة فى الشواطئ.. وتحتوى على 41 معدنا
وقال إن مصر تعد من أكثر الدول امتلاكا لاحتياطى من الرمال السوداء، بالإضافة إلى أستراليا وكندا والولايات المتحدة، كما أن الرمال السوداء فى الشواطئ تصل لنحو %4 مقابل %0.5 فى دول مثل موريتانيا، مشيرا إلى أن الصين تعد الأكبر عالمياً فى مجال تصنيع واستخدام الرمال السوداء نظراً لامتلاكها التكنولوجيا والخبرات اللازمة.
وأشار إلى أن الشركة تستهدف إنشاء معاهد تدريب وتدريس فى التعدين بشكل عام سواء الرمال السوداء أو البيضاء أو البترول أو غيرها من أعمال التعدين، بالتعاون مع جامعة القاهرة والتى ستقوم بدورها بالبحث عن أفضل الجامعات العالمية وستتم المفاضلة بين أمريكا وأستراليا وألمانيا للحصول على كورسات من إحداها، ويمكن للمهندسين أو الحاصلين على دبلوم الصنايع دراسة تلك المشروعات.
يذكر أن الرمال السوداء هى رواسب شاطئية سوداء ثقيلة، تتراكم على بعض الشواطئ بالقرب من مصبات الأنهار الكبيرة، وتتركز هناك بفعل تيارات الشاطئ على الحمولة التى تصبها الأنهار فى البحر، وتتكون من المعادن الثقيلة، وخاصةً معدنى الماجنتيت والألمنيت، وتستغل كخامات للحديد، وكلها معادن يغلب عليها اللون الداكن وتستغل هذه الرمال السوداء من أجل استخراج معادن الحديد والمونازيت، وأهم البلاد التى تستغلها الهند، والبرازيل، ومصر.
وطبقا لأحدث مسح جوى يصل احتياطى الرمال على مستوى السواحل المصرية إلى مليار و300 مليون متر مكعب تحتوى على 8 أنواع من المعادن بخلاف المواد المشعة التى تفيد كثيرا فى الصناعات النووية وتتوزع على 4 مناطق تشمل شمال سيناء بواقع 200 مليون متر مكعب، ودمياط بواقع 300 مليون متر مكعب، ورشيد بواقع 600 مليون متر مكعب، وبلطيم بواقع 200 مليون متر مكعب.