حملت التطورات الأمنية الأخيرة على حدود إسرائيل مع مخاطر مواجهة جديدة في المنطقة التي شهدت منذ سنوات توترات شديدة التعقيد والحساسية، حسب تقرير لوكالة شينخوا الصينية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي ليلة السبت/الأحد الماضيين أن مقاتلاته أغارت على عدد من الأهداف “الإرهابية” في قرية “عقربا” جنوب شرق العاصمة السورية دمشق ما أدى إلى مقتل اثنين من عناصر حزب الله اللبناني.
غارة ضد نشطاء فيلق القدس
وذكر الجيش الإسرائيلي “أن الغارة تمت ضد نشطاء فيلق القدس الإيراني وميليشيات شيعية حرصت في الأيام الأخيرة على تنفيذ عملية إرهابية ضد أهداف إسرائيلية انطلاقًا من الأراضي السورية”.
وبعد ساعات من ذلك أعلن حزب الله أن الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت المعقل الرئيسي له تعرضت لهجوم من قبل طائرتين مسيرتين مصدرهما إسرائيل حيث تعطلت الأولى فيما انفجرت الثانية.
نشر أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ
وهدد الأمين العام للحزب حسن نصر الله بعد الحادث بأن منظمته ستعمل على إسقاط الطائرات الإسرائيلية المسيرة في سماء لبنان.
في المقابل رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن على نصرالله “الهدوء”، متوعدا بأن إسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها وكيف ترد على أعدائها”.
وعقب هذه التطورات، رفع الجيش الإسرائيلي من مستوى تأهب قواته في شمال إسرائيل حيث تم تقييد حركة المركبات العسكرية على طول الحدود إلى جانب نشره أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ في المنطقة.
إجهاض هجوم بالصواريخ الموجهة بدقة
ووفقا لتقرير نشر في صحيفة تايمز البريطانية، أن هدف الهجوم الإسرائيلي في بيروت استهداف “الصناديق التي يعتقد أنها تحتوي على آلات لخلط الوقود الخاص بالصواريخ الموجهة بدقة”.
وأعادت هذه التطورات والتهديدات المتبادلة، خوض إسرائيل وحزب الله عام 2006 حربا دامية استمرت زهاء شهر ومنذ انتهائها شهدت المنطقة عدة توترات، ضمن عدة حوادث على طول الحدود.
الهجوم تغيير لقواعد اللعبة
ويعتقد مراقبون أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت يعتبر بمثابة تغيير في قواعد اللعبة المتبعة حتى اليوم.
وترى إسرائيل أن حزب الله المدعوم من إيران هو بمثابة العدو ويمثل أكبر التهديدات لها، ويمتلك الحزب مئات الآلاف من الصواريخ التي يمكن أن توجه بدقة لإصابة الأهداف بمختلف أنحاء إسرائيل.
وقال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال عامي درور ” إذا كانت التقارير المنشورة دقيقة فعلا – فإن ما حدث في لبنان هو أكثر أهمية من الهجوم الذي شنته إسرائيل في سوريا”.
وأضاف “نحن على طريق لتدهور الأوضاع الأمنية، إذ أن هناك فرصة أكبر بان يقوم حزب الله بالرد، الأمر الذي سيدفع إلى رد إسرائيلي مضاد”.
الحريري يندد بالهجوم الإسرائيلي
وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إن الهجوم الذي شنته إسرائيل على الضاحية الجنوبية لبيروت يشكل انتهاكا صارخا للسيادة اللبنانية، فيما دعت الأمم المتحدة مرة أخرى جميع الأطراف “لضبط النفس”.
والتزمت إسرائيل على الدوام الصمت حيال هجماتها في سوريا، إلا أن تحذير نتنياهو لحزب الله يعتبر استثناء.
إذ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يخف أبدا سياسته المتمثلة في العمل من أجل “حرمان إيران من قدراتها الهجومية ضد إسرائيل سواء تلك النووية أو غيرها”.
لبنان مصدر تهديد أكبر لإسرائيل
ويرى عيران ليرمان نائب رئيس معهد القدس للاستراتيجيات والأمن والذي شغل منصب ضابط كبير في المخابرات الإسرائيلية في السابق، أن الضربات التي شنتها إسرائيل على لبنان تنطوي على أهمية أقل من تلك التي شنتها على سوريا.
ويقول ليرمان لوكالة أنباء (شينخوا) عن ذلك “ربما كانت المهمة جمع لمعلومات استخباراتية حدث أثنائها ما تطلب تدمير الطائرة المسيرة”.
والهجوم الأخير على سوريا لم يكن الأول الذي تشنه إسرائيل. فقد نشر في السنوات الأخيرة في عدة مناسبات، أن إسرائيل ضربت أهدافا إيرانية لكن معظمها لم يحظ بأي تأكيد إسرائيلي رسمي.
إنهاء سياسة الضبابية
لكن في الآونة الأخيرة، ظهر تغيرا في سياسة الضبابية التي اتبعتها إسرائيل حتى يومنا هذا، وذلك بعد تأكيد نتنياهو أن إسرائيل “استهدفت مئات المرات” أهدافا إيرانية في المنطقة.
كما أشارت تقارير في وسائل الإعلام الأمريكية إلى أن إسرائيل تقف وراء الهجمات الأخيرة للطائرات بدون طيار في العراق والتي استهدفت قواعد لميليشيات الحشد الشعبي المدعومة إيرانيا، وهي معلومات أكدتها مصادر في وزارة الدفاع الأمريكية.
وبغض النظر عن الهدف من الغارات التي شنتها الطائرات الإسرائيلية المسيرة على لبنان، فيبدو بشكل واضح تزايد هجمات إسرائيل ضد ما تقول إنه أذرع إيران وتوسع نطاقها تباعا.
إيران تسعى لرد أقوى على اسرائيل
ويرى ليرمان أن إيران تشعر بالضغط جراء الضغوطات الدولية المتزايدة عليها وبخاصة الأمريكية فيما يتعلق بطموحاتها النووية، وتحاول أن تصرف النظر عنها من خلال فتح جبهات أخرى.
أما المحلل العسكري الإسرائيلي إزيون ، يرى أن في إيران مسئولين رديكاليين يؤمنون بضرورة زيادة النشاط العسكري الإيراني ضد إسرائيل وبوجوب ردود فعل أقوى على النشاطات الإسرائيلية”.
نجاحات إيرانية
ويقول إزيون لوكالة أنباء (شينخوا) إنه “على الرغم من الحملة الإسرائيلية المستمرة ضد أهداف إيرانية في سوريا، فإن الإيرانيين مستمرون في العمل ويسجلون نجاحات، بالتالي فإن توسيع إسرائيل لنطاق الضربات إنما هو نتيجة للضرورات المفروضة”.
وتخيم التطورات الميدانية الحاصلة على الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي تلوح في الأفق المقررة بعد 20 يوما ، حيث يتفق ليرمان وأزيون أن نتنياهو يحاول استغلال هذه الأحداث لكسب الأصوات، إلا أنهما يؤكدان كذلك أن قرار القيام بعمل عسكري ليس قرارا سياسيا.