توقّع تقرير صادر عن وحدة أبحاث بنك الإستثمار بلتون أن البنك المركزي سيخفّض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس أخرى، بنسبة 1%، وذلك في الربع الأخير من عام 2019، وبنحو 300 نقطة أساس في 2020.
وأشار التقرير إلى أن خفض أسعار الفائدة سيكون على فترات متفرقة على مدار العام بحجم 100 نقطة أساس، وذلك في ضوء النمط الذي يتبعه البنك المركزي والمراجعة ربع السنوية المتوقعة لأسعار الوقود، متوقعًا خفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسة النقدية الذي سيُعقد يوم 14 نوفمبر 2019.
كانت لجنة السياسة النقدية، قد قرّرت، الخميس الماضي، خفض الفائدة على الإيداع والإقراض وسعر العملية الرئيسية بنحو 150 نقطة أساس إلى 14.25% و15.25% و14.75% على الترتيب، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بنحو 150 نقطة أساس ليبلغ 14.75%. يمثل ذلك إزالة 450 نقطة أساس من أصل 700 نقطة أساس رفعها البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة منذ تعويم الجنيه في 2016.
وتوقّع التقرير الصادر عن “بلتون” أن العائد على الإيداع والإقراض سيتراجع بواقع 300 نقطة أساس خلال 2020، متضمنًا العوامل الرئيسية الأخرى من التدفقات الأجنبية في أدوات الدخل الثابت، بعد أثر خفض أسعار الفائدة على العائدات، وأداء صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك والبنك المركزي المصري، واستقرار سعر الجنيه المصري مقابل الدولار في النطاق الذي نتوقعه بين 16 و17.
واستند التقرير في توقعاته على خفض الفائدة لاحتواء الضغوط التضخمية خلال النصف الثاني من 2019، خاصة مع احتواء تداعيات التضخم المصاحبة لتطبيق آلية التسعير التلقائي للوقود وزيادات أسعار الكهرباء في يوليو 2019، وغياب الصدمات السعرية حتى نهاية العام للحفاظ على معدلات التضخم في نطاق مستهدف “المركزي” عند 9% (± 3%) حتى نهاية 2020، إضافة إلى حالة الاقتصاد الكلي المتماسكة.
يُذكر أن أسعار الوقود المحلية ستخضع لمراجعة بنهاية شهر سبتمبر 2019، وتوقّع التقرير أن تستقر الأسعار دون تغيير نتيجة قوة الجنيه، إلى جانب انخفاض أسعار النفط في الفترة الحالية عن السعر المحدد في الموازنة 67 دولارًا للبرميل.
وأكد البنك المركزي المصري، في بيانه، أن سياسات التيسير النقدي أصبحت أسهل مع تسجيل معدلات التضخم أقل مستوياتها منذ ما يقرب من أربع سنوات عند 8.7% في يوليو، في الوقت نفسه فإن بدء التيسير النقدي عالميًّا وانخفاض أسعار النفط يساعدان على احتواء الضغوط التضخمية.
وتابع التقرير الصادر عن “بلتون” أن “القرار جريء يتجاوز حجم خفض أسعار الفائدة الاعتيادي للمركزي، مما يجدد الثقة الإيجابية للاستثمار، ومع ذلك لا نتوقع أن يكون هناك ضغط على فاتورة الواردات قبل خفض أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس أخرى. يؤدي خفض أسعار الفائدة لتحسن مناخ الأعمال، وخاصة على مستوى المستثمرين المحليين، إلا أننا نعتقد أن خفض أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس أخرى سيظل أساسيًّا لتحقيق أثر فعلي على إمكانات استعادة الإنفاق الرأسمالي. لذلك نؤكد رؤيتنا بعدم وجود ضغوط على الميزان التجاري المصري خلال عام 2019 حيث لا يزال التعافي الاستثماري مقيدًا، مما يشير إلى نمو معتدل للوارادات غير البترولية بنحو 8.5% في العام المالي 2019/ 2020 متوقع، مقابل معدل النمو السابق عند 26% حينما كان الاقتصاد يحقق نموًّا بالناتج المحلي الإجمالي +6%.
من جانب آخر قالت رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إن قرار خفض الفائدة على الجنيه خطوة إيجابية، حيث تبعث التفاؤل لمستقبل اتجاه أسعار الفائدة، مؤكدة أن مصر بدأت سياسة التيسير النقدي، وأن خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة بواقع 150 نقطة أساس وهو في نطاق توقعاتنا البالغة 2- 3% خلال 2019، لذا نتوقع تراجع الفائدة 1.5% خلال العام الحالي، مستندة في تحليلها إلي أن التضخم سجّل قراءة أقل من 9% على أساس سنوي، وهو يقلُّ عن المستهدف الذي أعلنه البنك المركزي المصري عند 9% (بزيادة أو نقصان 3%) بنهاية عام 2020، ويَعني ذلك أننا وصلنا إلى المستهدف قبل عام من الجدول الزمني الموضوع لبلوغه، كما قد تبيّن انخفاض متوسط أسعار الخضراوات والفاكهة بنسبة 15- 25% في شهر أغسطس نتيجة إدارة المعروض، مما يعني أن مستويات التضخم في شهر أغسطس قد يتم ترويضها، وقد تأتي أقل من التوقعات.
كما استندت السويفي في استشرافها على تراجع الفائدة مجددًا خلال العام الحالي إلى أن العائد الذي يحصل عليه الأجانب من استثماراتهم في أدوات الخزانة المحلية أصبح جذابًا، في ظل ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار منذ بداية العام حتى تاريخه، فضلًا عن الانخفاض النسبي في مستويات المخاطر المحيطة بالاقتصاد الكلي والدولة المصرية مقارنة مع الأسواق الناشئة الأخرى، يعني ذلك أننا يمكن أن نشهد خفضًا في الفائدة نسبته 2- 3% دون التأثير على شهية الاستثمار في أدوات الخزانة المحلية.
وأشارت السويفي إلى أن خفض الفائدة سيدعّم موازنة الدولة والفجوة التمويلية بصورة قد تقلل الحاجة لطلب قروض جديدة، متوقعة أن يظهر تأثير القرار في النصف الثاني من 2020 بعد أن يصل إجمالي الخفض إلى 3- 5%.