جارديان: بريطانيا لا تملك أموالا لتمويل الخروج من الاتحاد الأوروبي

لا تمتلك بريطانيا أموالا تكفي لزيادة الانفاق بهدف تخفيف التداعيات التي ستنشأ عند خروجها من الاتحاد الأوربي مما يجعلها مضطرة لتمويل عجز ميزانيتها

جارديان: بريطانيا لا تملك أموالا لتمويل الخروج من الاتحاد الأوروبي
أيمن عزام

أيمن عزام

9:04 م, الأثنين, 29 يوليو 19

تحتاج بريطانيا لأموال طائلة لتمكينها من زيادة الانفاق بهدف تخفيف التداعيات التي ستنشأ عندما تتخذ قرار الخروج من الاتحاد الأوربي بحلول 31 اكتوبر القادم، لكنها لا تمتلك أموالا واحتياطيات تكفي لتحقيق هذا الغرض دون مصاعب،  حسب تقرير نشره موقع الجارديان البريطاني.

وزير الخزانة محروم من قضاء الاجازة الصيفية

تتزايد الضغوط والمسئوليات الملقاة على عاتق وزير الخزانة البريطاني ساجد جاويد المعين من قبل رئيس الوزراء بوريس جونسن، حيث تم حرمان جاويد من قضاء الاجازة الصيفية العام الجاري.

وحصل جاويد على تكليف بتنفيذ تعهدات جونسون بتنفيذ حزمة من التدابير التي تشمل تخفيض الضرائب وزيادة الانفاق خلال الخريف الجاري.

وقف التدابير التقشفية أول مهام جاويد

يلتزم جاويد، وفقا لتكليف جونسون، بوقف تم إقرارها العقد الماضي وتوفير قدر كاف من الأموال لاستخدامها في زيادة الانفاق حتى لو تطلب الأمر زيادة الاقتراض العام. وتقول الصحيفة أن التساؤل  المهم هنا هو كيفية وموعد زيادة الانفاق.

جونسون يسير على خطى ماي

فكرة زيادة الانفاق بهدف التغلب على تداعيات الخروج من الاتحاد الأوربي قديمة استخدمتها رئيسة الوزراء السابقة تريزا ماي كوسيلة لإقناع البرلمان البريطاني بتمرير خطة للخروج من الاتحاد الأوربي.

ويقول مراقبون أن جونسون سيحاول  زيادة النمو الاقتصادي حتى يتسنى له نيل الدعم اللازم للسير قدما في خطة الخروج المعروفة باسم ” بريكست.” كما يخطط إلى زيادة الانفاق بغرض تخفيف حدة التداعيات السلبية التي ربما تنشأ جراء تنفيذ ” بريكست” بلا اتفاق مع الاتحاد الأوربي.

بريطانيا تدخل ” العصر الذهبي”

يعلق ماثيو وايتتيكر نائب المدير التنفيذ لمؤسسة ريزولشن فاونديشن على اسلوب جونسون في حث البريطانيين على قبول ” البريكست،” فيشير إلى إطلاقه تصريحات مفعمة بالتفاؤل.
 وتابع:” عندما تقول أن خروجنا من الاتحاد الأوربي سيعني دخولنا  ” عصرا ذهبيا” وسيعني توفير عدد أكبر من المدرسين في المدارس وعدد أكبر من رجال الشرطة في الشوارع فسيسهل عليه أن يقول ” ثقوا بي.”  

خطة جونسون تتشابه مع خطة ترامب

أضاف وايتتكر أن خطة جونسون تتشابه مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قام بتخفيض الضرائب لتعزيز النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة عن طريق شن حرب تجارية شرسة مع العالم.

جونسون أطلق وعوده حتى قبل توليه رئاسة الوزراء

اطلق جونسون سلسلة من التعهدات  أثناء حملته الدعائية التي سبقت توليه منصب رئيس الوزراء. وكانت هذه التعهدات محددة بشكل أكبر مقارنة بسابقيه. و شملت هذه التعهدات انفاق 1 مليار جنيه استرليني لتوظيف نحو 20 ألف شرطي وانفاق 5 مليار جنيه استرليني لزيادة الانفاق على المدارس بما يعني إيقاف العمل بتخفيضات تم إقرارها عام 2015.

وتعهد جونسون كذلك برفع حد الضريبة على الدخل من 50 ألف جنيه استرليني إلى 80 ألف جنيه استرليني. وتعهد كذلك برفع الحد الذي يبدأ العمال عنده بدفع مساهمات التأمين القومي.

تعهدات جونسون مكلفة للغاية

يرى معهد الدراسات المالية أن هذه التعهدات ستكلف الخزانة البريطانية الكثير من الأموال. ويقدر المعهد أن تكلفة تلبية  وعود ضريبة الدخل ستصل إلى 9 مليار جنيه استرليني سنويا. كما أن تكلفة تلبية تعهدات مساهمات التأمين القومي تصل إلى 11 مليار جنيه استرليني.

وتقول الجارديان:” جاويد سيعلن افلاسه عندما يقرر تنفيذ هذه التخفيضات مرة واحدة. المرجح أن يقوم بدلا من هذا بتنفيذها على مراحل خلال عدة سنوات على أن يبدأ في الأشهر القادمة.”

جونسون يمويل خط سكة حديد

وخلال الأيام القليلة التي تلت وصوله إلى السلطة نفذ جونسون تعهدات شملت تمويل خط سكة حديد جديد يربط بين مدينتي ليدز ومانشستر وكذلك ضخ تمويل بقيمة 3.6 مليار جنيه استرليني لصالح المدن التي تعاني من الاهمال.

جاويد قادر على اقتراض 26 مليار جنيه استرليني

من المتوقع، حسب الجارديان، أن يقترض جاويد 26 مليار جنيه استرليني دون أن يصطدم مع القواعد المالية التي وضعها سلفه فيليب هاموند. وكان هاموند قد حدد الاقتراض الحكومي بنسبة 2% من اجمالي الناتج المحلي خلال العام المالي 2020-2021.

ويعتبر اقتصاديون أن الاعتقاد بأن  اقتراض هذا المبلغ لن يجلب متاعب للبلاد هو نوع من الوهم. ويرى تومس بيغ الخبير من شركة كابتل ايكونومكس الاستشارية أن اقتراض هذا المبلغ سيؤدي إلى تزايد العجز في الموازنة وإلى زيادة الاقتراض.

الاقتصاد البريطاني سقط في الركود

ويكمن السبب وراء هذا في أن الاقتصاد البريطاني قد تباطأ منذ تقدير هذا المبلغ الذي تقدر بريطانيا على اقتراضه. بل تشير بعض التقديرات إلى أن الاقتصاد البريطاني قد سقط فعليا في الركود.

ويحذر المعهد القومي للاقتصاديات والبحوث الاجتماعية من أن الخروج بلا اتفاق سيجلب ” ركودا حادا” وسيدفع تكاليف الاقتراض العام إلى الارتفاع.

بريطانيا لا تملك احتياطيات مالية

وقال مكتب مسئولية الموازنة البريطاني أن تنفيذ حزم الانفاق التي تعهد بها رئيس الوزراء ” ستؤدي إلى رفع الاقتراض والديون الحكومية إلى مستويات تتجاوز تلك الواردة في تقديراتنا.”

واضاف المكتب أن بريطانيا لا تمتلك احتياطيات مالية تكفي لتنفيذ حزم الانفاق هذه.

ويقدر المكتب أن الخروج من الاتحاد الأوربي دون اتفاق سيدفع بريطانيا إلى إقتراض 30 مليار جنيه استرليني سنويا خلال العام المالي 2020-2021 بينما سيغرق الاقتصاد في الركود.

انتهاء عهد الاقتراض من أجل الاستثمار

اعتادت الحكومات البريطانية المتعاقبة منذ تسعينات القرن الماضي على تطبيق ” قاعدة ذهبية” وضعها رئيس الخزانة السابق جوردن براون تجعل اللجوء للإقتراض مقتصرا على الاستثمار. وتعهد جورج اسبورن بالتخلص من العجز خلال خمس سنوات بداية من عام 2010، لكنه فشل في تحقيق هذا الهدف مما دفعه إلى تعديل المستهدفات.

وتحسن  العجز في الموازنة منذ ارتفاعه عقب الأزمة المالية العالمية. وهبط من 153 مليار جنيه استرليني أو نسبة 9.9% من إجمالي الناتج المحلي عام 2009 – 2020 إلى 23.5 مليار جنيه استرليني أو 1.1% من إجمالي الناتج المحلي عام 2018-2019.

ارتفاع الديون الحكومية كفيل بتعريض بريطانيا لصدمات

يحذر اقتصاديون من ارتفاع الديون الحكومية إلى 1.8 تريليون جنيه استرليني أو 83.1% من اجمالي الناتج المحلي، مشددين على أن ارتفاعها إلى هذا المستوى كفيل بتعريض البلاد لصدمات.

وتقل ديون بريطانيا عن تلك الخاصة باليابان التي تسجل مديونية بنسبة 250% من إجمالي الناتج المحلي.